الحديث القرآني الرمضاني – 14 رمضان 1435هـ / 12 يوليو 2014م
سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم
في إضاءات قرآنية في رحاب (سورة الشورى)
الحلقة الثانية عشر
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
قوله تعالى: “وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ”[1].
مصير أسود كالح مؤلم مقيم يمكن أن يواجه كل إنسان من بعد هذه الحياة، وله مفر وطريق واحد للمفر والنجاة من ذلك المصير الأسود وهو الاستجابة لله عز وجل.
“اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم” أنا مستعد في حياتي أن أستجيب لأحد أم لا؟ وهل أنت مستعد لأن تستجيب لأحد أم لا؟ وهل أنت تأبى كل نصيحة وترد كل قول ولا تستجيب لأحد على الأطلاق؟ أنظر إلى أعقل عاقل، إلى أحكم حكيم وأنصح ناصح وأعلم عليم وأنفع نافع ممن تستجيب لهم من دون الله عز وجل هل يقاس ذلك الإنسان بلله عز وجل في علم في حلم في رحمة في قدرة في نفع وفي ضر، فمن أولى بستجابتك الله أم خلقه؟
دعونا نقف أمام أنفسنا هذه الوقفة…..
أنا أستجيب لزوجتي وأبي وأستجيب لصديقي ولناصحي، وأقف أمام شخصية أكبِرُها وأثق بها وبنصيحتها وبرجحان عقلها فلا أتررد في الاستجابة لها، ولكن هل من أحد يساوي الله عز وجل في شيء ذلك، فما لي أتردد؟ وما لي أرد نداء الله؟ وما لي أستخف بأمره ونهيه؟ أيس هذا جنونا؟ أليس هذا سفها كبيرا؟
أمر من الله لا من منطلق الحاجة “اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم” وإنما من منطلق الرحمة والشفقة والعلم والحكمة والعناية بهذا المخلوق، “اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم” وعلة الاستجابة موجودة، وأنا حين أناديك فلست ربك، وأنت حين تاندي وتأمي فلست ربي، وليس من أحد هو ربك، ولكن الله عز وجل ربك، وربي هو الذي يقوم به وجودي وحياتي، والذي يكون من عنده نفعي، والذي يكون بيده ضري، والذي كانت بيده بدايتي وبيده مساري ومصيري، والذي لا غنا لي عنه طرف عين وأقل من ذلك، والذي بيده أن يطفئ مصباح حياتي، وأن ينهي وجودي حين يقطع عنه مدده، هذا هو ربي، وهذا الرب بهذا المعنى له حق في أن يأمرك وينهاك أم لا؟ وهل لك أن تشك في نصيتحه وكلك من عنده؟ وهل تشك في نصيحته وهو أعلم عالم وأحكم حاكم وأقدر قادر وغني عنك على الإطلاق، فحق ويقين بالصدق ويقين بالرحمة ويقين بالقدرة ويقين بالرأفة، فالوجه والعلة في الاستجابة تامة تماما على العبد.
“اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم” فإذا لم أستجب لربي فلمن استجيب؟ فهل استجيب لمن يجهلني، ولمن لا تتوقف حياتي عليه، ولمن هو محتاج إلى الله حاجتي إلى الله، ولمن لا يملك نفعا ولا ضرا لنفسه ليملك من بعد ذلك نفعا أو ضرا -المتصور فيه أنه يملك نفعا أو ضرا- لي أو لغيري؟
“اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم” وهنا تهديد من العلي القدير وجبار السماوات الأرض وقاهر كل نفس ومالكها، “اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّه” يوم عظيم ونكر هذا اليوم لشدة هوله وشدة ما فيه مما يلاقي العصات لله عز وجل ، يوم عظيم بخيره ويوم عظيم بشره، وهنا صفحة الشر “اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّه” وهذا سياق يفتح لنا صفحة الشر من ذلك اليوم، وصفحة والهول الشديد.
“لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ” ربما يفهم هنا وجهين لتعبير لا مرد له من الله، أنه قضاء حتمي من الله عز وجل أن يكون ذلك اليوم فلا تغيير فيه، والله لا يرده ولا مرجعة له في ذا القدر، ولا تردد له فيه، فقدر ذلك اليوم محتوم، فهو يوم قادم قادم، ووجه آخر “اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّه” بأن لا يملك أحد بأن يرد قضاء الله لذلك اليوم، فلا يؤخر ولا يقدم ولا يعطل ولا يغليه، وكل شيء ملك لله عز وجل، قبل أن نموت ونحن لا نملك شيئا من أمر الله فكيف وقد متنا.
“اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ”[2]، وعقب الآية يرجح الوجه الأول لأن الوجه الثاني يغطيه عقب الآية، لأنه لا دافع لذلك اليوم ولا مانع ولا معطل ولا ملغي، ولأن من ليس له ملجأ من ذلك اليوم ولا يستطيع أن ينكر فلا يستطيع أن يؤخر ذلك اليوم.
“مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ” هنا يترائا لنا أن لنا ملجأ، ملجأ من فقري بسؤالك، وملجأ من خوفي باستنصارك، وملجا من مرضي بطلب علاجك، وملجأ بما يحيط بفلان من الناس المالك بأن يكثر جنده ويبني حصونه، فهذا يصنع قنبلة ذرية وذاك يصنع سلاح كيمائي من أجل أن يحتمي به ويرى فيه ملجأ، فهذا يترائى لنا ونحن مغرورون بالأسباب ومحجوبون عن قدرة الله عز وجل فنظرنا محطه الأسباب القريبة، فلذلك نرى فيها ملجأ وأن كنا واهمين، وأما غدا فالنفس تعلم وحاضر عندها ويقين عندها بأنها لا ملجأ لها من دون الله، فهي تعرف أن لا قوة لأحد من دون الله، فالفرق هذا هو أن لا ملجأ اليوم ولا ملجأ غدا ولكن اليوم يوجد ستار الأسباب الذي نخدع به فنرى أن لنا في الأسباب ملجأ من قدر الله، ولا ملجأ. فليطلب أفضل الدواء وأحسن طبيب، فما قدر له أن كان قدرا حتميا فسيصبه، وأما القدر المشروط فذاك قضاء الله وحسب قوانين الله عز وجل.
“مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ”، وهنا ذكر المفسرين وجهين، أولهما: بمعنى ما لكم إنكار وهنا مصدر، فكيف ينكر منكم ما يفعل الله به يوم القيامة وكل جواحه شاهدة عليه، وسجله الذي لا يستطيع أن ينكر شيء منه بين يديه، فالأرض تشهد، والرجل تشهد، والعين تشهد، وكل شيء يشهد عليّ بالفعل السيء، والملائكة تشهد، وشهادة الله أكبر، فلا توجد قدرة على الإنكار، فلابد أن أبهت أمام سؤال الله عز وجل، فلابد أن أذل وأستكين وأطأطأ برأسي وأخضع بعنقي. وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ” من ينكر فعل الله فيقاومه ويرد عنك، لا يوجد، فمن هو أكبر قدرة؟ فالروح الأمين ضعيف خاضع مستكين ذليل ولا يملك ذرة من وجوده.
“فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا”[3]، وهذا نداء الله وقد يعرضون يا رسول الله، ويأتي النداء على لسان كتاب الله ويأتي النداء من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن الأئمة ومن نصح الناصحين “اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ”[4] فلا نستجيب ونكابر ونعاد ونهمل ونستخف.
“فَإِنْ أَعْرَضُوا” قد يعرضون ويلوون بأعناقهم ويستثنون صدورهم ” فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا”[5]، أن لك مهمة معينة ووظيفتك التبيلغ وإيصال الحجة والدلالة على الطريق الصحيح والموصل لله عز وجل، والتبصير وإيصال أحكام الله عز وجل وشرح العقيدة الشرح الكافي، إما أن تتصرف في القلوب وتدبرها وتملك منها شيئا وتفعل فيها ما تريد من هداية، لا فليس لك فأنت لا تملك، فشيء لا تقدره لا تُكلفُ به، فلست قادرا حتى تكلف بحفظ القلوب عن زيغها وضلالها وعن استجابتها للشيطان، لا فأنت توصل حجة والهداية وتدل على الطريق لا أكثر.
“فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا”[6]، نذيقه الرحمة قد تغمره وقد تملئه وقد تشبعه، وقد يذوقها ذوقا دون الشبع والامتلاء والكافية، ولكن لأول ما يذوق الإنسان من الله رحمة وهذا يأتي من بعد حرمان، فأول ما يذوق النعمة ينسى الله ويتغير طوره، فما الذي حدث؟ يذكر النعمة في ذاتها، وينصب نظره على النعمة في ذاتها وليس بما هي نعمة ويسلخ منها وصف الإنعام وإنها من الله، ولكن تبقى هي كلذة أو كمال أو كصحة أو كمنزل واسع بعد الضيق، فيعري النعمة عن وصفها وعن عنوانها بما هي نعمة، ويبقها مجردة بما هي فرصة حياة ملذة، وبما هي سبب من أسباب القوة، فيعبد النعمة ويلتهي بها وينشد إليها وينسى المنعم ويعرض عن إنعام المنعم وشكره. فالإنسان مملوك لربه وضعيف، يحتاج دائما للاحتماء بالله عز وجل عن ضغط، وسحر الظروف وتأثير الظروف.
“وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً” إنا بغنانا وبحكمتنا وبتقديرنا الدقيق وتسامحنا وبما لله عز وجل من عظمة لا تدرك، “وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا “، هو يفرح بها ليس بما هي نعمة وإنما ينشد إليها فرحا يخرج بها عن سمته، وعن الاستقامة وعن الطريق وعن طاعة الله عز وجل وعن حال الاتزان الانضباط، بالأمس كان يسلم واليوم ليس من هذا شيء.
“وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ”[7]، وأنظر إلى النعمة وأنظر إلى السيئة، النعمة رحمة من نعم الله، عطاء كريم ورحمة من الله، وأما السيئة “فيه بما قدمت أيدهم”[8]، والسيئة هي المصيبة، سميت سيئة لإنها يسوء بها حال من قصدته وأصابته، فيتردى حاله ويسوء وينحط ويتعب وينصب، فهي سوء بالنسبة إليه وبالنسبة لإحساسه وأوضاعه، وهي سيئة من هذه الجهة وليست في صدروها في قدر لله، والسيئة التي تسوء لصاحبها فهي بما كسبت يداه وهي عدل وأدب وكسر غرور، ومواجهة لبداية طاغوتية لهذه النفس أو في وسطها أو في نهايتها أو في أوجها.
“وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ”[9]، هو كفور أمام النعمة، وكفور كذلك في حال النقمة، فالنقمة لابد أن تنبه ويشعر بقدرة الله وأخذه بسلطان الله وبطشه وعظمته فيستكين ويستغفر ويؤب إلى الله ويتوب، فهذا الموقف الصحيح من النقمة ومن السيئة التي أصابته، لكنه يكفر بالله فيمشي بالسيئ ةويتذمر ويقول أنه مظلوم،وأن هذا قدر ظالم. وأما في حال النعمة فيعرض عنها وينشغل بها ملتهيا عن الله عز وجل.
وأنك تستغرب من مصير قوم كافرين وأنه عذاب أليم، وتستغرب من أن يذيق الله الإنسان نعمة ويعطيه الفرج بعد الكرب، وتستغرب أن تصيب السيئة الإنسان بقدر الله عن طريق ما قدمت يدا هذا الإنسان، فكيف تستغرب؟ فـ ” للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ” ومن يقي من مالك السموات الأرض؟ فما عند الآخرين؟ ومن الذي يدفع عن نفسه؟ ومن الذي يدفع عن غيره؟ ومن يستطيع أن يقدر لنفسه حياته وخيره وشره؟ ” للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ”
“للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ” عنده القدرة المطلقة “يَخْلُقُ مَا يَشَاء” أنا أريد ولد، فإن يعطيك ولد أو لا يعطيك فهو الله، أريد بنت فهذا ليس بكيفك، أدعو فإذا وافق دعائك رضا الله عز وجل والمصلحة التي يرها الله لك فيعطيك ما تريد، ولكن القدر بيده، أريد ذكرا فهذا ليس بهواك، فخلق الذكر والاثني قائم وإعطاء الإناث والذكور قائم على علم لا أملكه وعلى حكمه لا يملكها الإنسان وعلى تصميم وهندسة خلق ومعادلات لا يعلمها إلا الله تبارك وتالى وصلاح نفوس أو فسادها، فيمكن أن البنات يحولوا حياتك إلى جحيم ويمكن الأولاد، فأنا لا أدري، فربما يأتي ولد ويكون في مجيئه ناري.
“يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ”[10]، أولاد إناث، وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ”[11]، الإناث منكر ولذكور معرف، هنا الذكور وهناك إناثا، ألتمس بعضهم لذلك وجها وهو أن الذكور كانوا محل اهتمام المخاطبين ومحل توقهم وشوقهم وترقيهم، وهم الذين يسيل لعابهم من أجلهلم.
“أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ”[12]، التزويج هنا بمعنى الجمع وليس اللقاء الجنسي والعلقة الجنسية والعقد الذي تقوم عليه العلقة الجنسية، فالتزويج في اللغة هو الجمع.
“أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا” بمعنى أن يعطيهم ويجمع لهم بين البنين والبنات، بعض الناس لديهم ذكورا فقط ويريد بنتا وينذر لله وقد يحصل وقد لا يحصل، وبعض الناس لديهم بنات فقط ويريد بنت وينذر لله وقد يحصل وقد لا يحصل، وبعض الناس مرة بنت ومرة ولد وقد يأتينا مرة واحدة، فهذا بيد الله وتقديره وتصميمه وهندسته وبعلمه بالمصالح والمفاسد.
” أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا”[13]، وهذه هي الحالة الرابعة، فهنا أربع حالات، ذكور فقط، أو أناث فقط، ذكور وإناث، وحالة عقم وعدم ولادة وعدم إنجاب، وهناك أسباب ترفع فينجب، وهناك أسباب لا يمكن أن ترفع وعوائق وموانع ونقص يمكن أن ترفع، فقد تكون نقص في الخصوبة ويمكن أن يعالج،ويوجد انعدام خصوبة بالكامل لا يوجد لحد الآن لها حلا، وقد تكون موانع أخرى لا يمكن أن رفعها طبيا فيحيى عقيما ويموت عقيما، والعبرة بالعمل الصالح ولا تأسف، وحيث يكون أحدنا عقيما فلا يأسف، فليعلم أن الرب رحيم، فالله ليس محتاجا أن يعنادك ولا أن يعذبك ، ولكن أتعلم أن أي حرمان في الدنيا ومن صبر عليه سره ذلك الحرمان يوم القيامة وأي حرمان من النعم، والصابر عليها هنا يشكر أن حرمه الله عز وجل منها هناك، لأن الجزاء فوق ما يؤمل، فعند الآخرين ولد وأنت أو زوجتك تشتهي الأولاد وليس عندك فمرة يسخط على الله عز وجل فيخسر من الجانبين، ومرة يسلم ويرضى ويشكر وينفتح على أولاد الآخرين ويقيبل ويبتسم ولا يحمل أي حقد ولا أي غضاضة ولا أي كدر فيثيبه الله الثواب العظيم، وما قيمة ولد وما قيمة مال وما قيمة دنيا أمام نعمة وأقل نعمة من نعم الآخرة، لا يوجد شيء، فلنصبر على ما ابتلى الله به عبده.
“أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ”[14]، فهذا تدبير ليس ابتساريا، وليس تدبيرا من غير حكمة، وليس تصرفا عشوائيا أو كيفي، وليس نابعا من هوى وإنما كل هذا تقدير دقيق وموزن ولا يصلح غيره ” إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ”، ، وهذا تعليل لكل ما سبق، عذاب أو نعمة يفرح بها العبد، أو نقمة تحل به، أو إعطاء ذكر أو إعطاء انثا، أو إعطاء ذكور وإناث، أو عقيم “إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ” مما يعطي الوجه الصحيح، ويجعل كل شيء من ذلك حكمة أن الله عليم قدير، فمنعه للولد ليس من عجز ،وحين يعي أولادا ليس محابة ولا غلط في الحساب.
والحمد لله رب العالمين
[1] سورة الشورى، من الآية 46 إلى 47.
[2] سورة الشورى، الآية 47.
[3] سورة الشورى، الآية 48.
[4] سورة الشورى، الآية 47.
[5] سورة الشورى، الآية 48.
[6] سورة الشورى، الآية 49.
[7] سورة الشورى، الآية 48.
[8] سورة الشورى، الآية 48.
[9] سورة الشورى، الآية 48.
[10] سورة الشورى، الآية 49.
[11] سورة الشورى، الآية 49.
[12] سورةالشورى، الآية 50.
[13] سورة الشورى، الآية 50.
[14] سورة الشورى، الآية 50.