كلمة آية الله قاسم في المنبر الموحدة لقادة حركات النضال بيوم القدس 1441هـ
*كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في الحفل الموّحد الذي أقامته اللجنة العالمية لإحياء يوم القدس العالمي تحت عنوان “القدس درب الشهداء” بمشاركة قادة المقاومة – 20 مايو 2020/ 26 رمضان 1441هـ
للمشاهدة :
نص الكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أمّة الإسلام، أمّة الجهاد، أمّة القدس.
السلام على السالكين إلى الله على طريق القدس، طريق التضحية والفداء والشهادة.
للقدس طريقٌ لا يسلُكه إلاّ عُشّاق الشهادة، مَنْ وطَّن نفسه على لقاء الله على طريق الجهاد في سبيله. للقدس طريقٌ وإنْ شاركَ في قطعه الكثير لكنَّ الشرَف الأكبر لقاطع هذا الطريق هو لمن وطَّن نفسه على الشهادة وسلَك مسلكها.
يوم القدس العالمي في نقاطٍ ثلاثٍ موجزة:
1- إعلان يوم القدس العالمي:
يوم القدس العالمي هو يوم المسجد الأقصى، والقدس، وفلسطين والأمّة بأجمعها إلاّ مَن عاداها وتآمر على وجودها.
إعلان أنَّ يوم آخر جمعةٍ مِن شهر رمضان المبارك في كلِّ عامٍ يومُ القدس العالمي كتَبَه وأعلنه وعيٌ إسلاميٌ عميق، ونظرةٌ إسلاميةٌ وموضوعيةٌ واضحة، وبصيرةٌ مستقبليّةٌ نافذة، ورؤيةٌ سياسيةٌ ممتدّة، وفهمٌ فقهيٌ دقيق، وإحساسٌ صادق بثقل التكليف، وواجب حماية الدين والأمّة، وشجاعةٌ قلَّ نظيرها، وعزمٌ لا يشوبه ارتخاء، وتصميمٌ غير مبتلىً بتردُّد، ومبدئيةٌ بالغة الصرامة.
ذلك ما كان وراء إعلان الرجل العظيم، والقائد الإسلامي المُظفَّر، والثائر في سبيل الله، والفقيه المُتضلِّع، والسياسيّ البصير، والمُنقذ الكبير، وهو الإمام الخميني “قدَّس الله سرّه”، لهذا اليوم يوماً عالمياً للقدس والأقصى الشريف.
وكان إعلان اليوم العالمي للقدس ضرورة الأمس، واليومَ صارَ هذا اليوم واحياؤه وصبُّ العناية عليه أشدَّ ضرورة، وأكثرَ الحاحاً للحفاظ على وجود الأمّة ومصيرها، لما حصل مِن تسارع عملية التفعيل لما كانت مهددةً به من تقويض كيان الأمّة ووحدتها والاستيلاء على أراضيها ومصالحها.
اليومَ جَدَّ الاعلان السافر لصفقة القرن المشؤومة، ومؤتمر المنامة لتفعيل الصفقة، وتسارعُ التسابق في التطبيع مع العدوّ الصهيوني المُعلنُ مِن عددٍ مِن الدول العربيّة، والسعيُ في إنشاء تحالفٍ معه، وهو تحالفٌ يطلب ودَّ أمريكا وإسرائيل، فلا يكون إلاّ ضدّ الأمّة ودينها ووحدتها ومصالحها، ولخدمة أعداء وجودها.
اليوم صارت إسرائيل في نظر أنظمةٍ عربية لا تتستّر بموقفها المناقض لمصلحة الأمّة ومقتضيات الدين، صديقةً يُطلب منها الأمن، وبدعمها الحفاظ على الوجود، ويُحتمى بها مِن إيران وغيرها مِن بلاد الإسلام، ومِن كلّ جبهة المقاومة.
اليوم أصبحت الساحة الإسلامية في عددٍ مِن بلاد الإسلام، وتحت رعاية أنظمتها السياسيّة مفتوحةً لأنواع الممارسات الصهيونية التخريبيّة، والإفساد والمؤامرات على وجود الأمّة مِن داخل بلادها مدعومةً مِن القائمين على أنظمتها السياسيّة المُعادية.
هذا مِن جديد اليوم، ومِن جديده كذلك النشاط الإعلامي المُتزايد في المطالبة بعمليّة التطبيع والتسليم للإرادة الأمريكية والصهيونية، الشيء الذي لم يكُن يُجرأ على الاقدام عليه بالأمس، والنشاط المتزايد في التحريض على ما تبقّى مِن وحدة الأمّة ممّا يُهدِّد حصانةَ وعي بعض جماهير الأمّة وحماسَتها لدينها وأمّتها وسلامة أراضيها، وأنْ تُصاب باليأس والاحباط والتخاذل، ويُهدّد بأكبر التمزُّقات والتشظِّيات لكيان الأمّة.
2- شعب البحرين وقضيّة الأمّة:
خيار شعب البحرين هو المقاومة المشتركة مِن كلّ أبناء الأمّة ضدّ العدوان الإسرائيلي، وعار التطبيع، وصفقة القرن ومؤتمر المنامة، وضدّ العمل على انقسام الأمّة، وموقفه وخياره هو التبرؤ كذلك مِن موقف التآمر والتخاذل والاستسلام للإرادة الأمريكية والصهيونية التي تستهدف اجتثاث أمّتنا لأيٍّ كان هذا الموقف، كان مِن فردٍ أو حزبٍ أو نظامٍ سياسيّ. وكلُّ ما كان أو يكون مِن هذه السياسة والسلوك السياسيّ على يد النظام الحاكم في البحرين، فالشعب البحريني يَقِفُ ضدّه، ويرى فيه استخفافاً به وبدينه، وأمّته ومقدساته، ويراه مُنافياً لكرامته، ويُقاومه ما استطاعَ مقاومته.
شعب البحرين في كلّ تاريخه وتاريخ ثورته، موقفه ثابتٌ غير قابلٍ للتغيير، وهو موقف الرفض الجدّيّ الصارم المدعوم بالتضحية والجهاد والمقاومة لأيّ تفريطٍ بشيء مِن كرامة الأمّة واستقلالها ووحدتها ودينها ومصالحها وسلامة أراضيها، والمقاومة العامة لأيّ محاولةٍ مِن محاولات التمزيق للأمّة، والارتماء في أحضان الصهيونية أو أمريكا أو أيّ قوّةٍ عدوانيةٍ غاشمةٍ طامعة.
البحرين الشّعب مع الانتصار والحماية لكلّ ذرّة ترابٍ مِن تراب فلسطين، وأي أرضٍ إسلامية. والمُنطلق لذلك دائماً دينيٌ إيمانيٌ فقهي، ورؤيةٌ إسلاميةٌ صافية، ورؤيةٌ سياسيّةٌ واعية، واحساس عميق وملتهب بالإنتماء للأمّة الإسلامية، والاستهداء بهدي القرآن الكريم والسُنّة المُطَّهرة.
3- الحاج قاسم سليماني ويوم القدس:
في ذِكْر الحاج ذِكرٌ لمحراب الصلاة، وساحة المقاومة والجهاد والفداء. في ذِكره ذِكرُ المسجد الأقصى وقدسيّته، والقدس وأهميّتها، والقضيّة الفلسطينية ومركزّيتها، وواجب الجهاد والوفاء له، وعشق الشهادة والسعي الجادّ على طريقها.
وفي ذِكر كلّ شيءٍ مِن ذلك ذِكرٌ لذلك الرجل المثال في الإيمان والتقوى والعبادة، والجهاد والإقدام، والصبر والبصيرة، والتضحية والشموخ والفداء، والقدرة على تحريك الروح الثوريّة عند الآخرين ووضعها على الطريق الصحيح المُوصل.
نَعَم في ذِكر كلّ شيءٍ مِن ذلك تذكيرٌ به، وهو الحاضر بعد استشهاده، حضوره قبله -إنْ لم يكُن أشدّ- في كلّ ساحات الجهاد دوْراً فعَّالاً، وتحريكاً ودَفْعاً على طريق البسالة والتضحية في سبيل الله، وشحذاً للهِمَم، والهاباً للحماس للقضايا الحقّ، وتشويقاً للشهادة، ورَفْعاً للمعنويّات، وتعزيزاً للثقة بالنصْر وتحقيق الظَفَر.
وشكراً لكلّ رجال المقاومة وبواسلها، ولكلّ المضحّين والعاملين في سبيل انقاذ الأمّة ودينها وكرامتها مِن كلّ أعداء الله والإنسانيّة والحقّ والعَدل والقيَم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.