كلمة سماحة الشيخ (ما بعد المسيرة الكبرى) – كرزكان 13-11-2005م
كانت لكم مسيرة واعية، لها دلالتها الكبيرة
على أن بنيتكم متينة، وأن الصحوة لهذه الامة في تجذرها وفي سموقها وفي قوتها
وصلابتها وفي وضوحها قد تعدت وبإذن الله كثيرا من الإشكالات والإرباكات.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله ربّ العالمين والصلاة والسلام على حبيبنا ونور بصائرنا وقائد مسيرتنا أبي القاسم محمد بن عبدالله خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى جميع أنبياء الله ورسلة وملائكته وأصفيائه وأوليائه.
يسعدني أن ألتقيكم أيها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات.
هذا اللقاء الذي كل ما أرجوه لي ولكم أن يكون ساعة من ساعات الطاعة، وعملا من الأعمال الصالحة وذخرا للآخرة إن شاء الله.
كانت لكم مسيرة واعية، لها دلالتها الكبيرة على أن بنيتكم متينة، وأن الصحوة لهذه الامة في تجذرها وفي سموقها وفي قوتها وصلابتها وفي وضوحها قد تعدت وبإذن الله كثيرا من الإشكالات والإرباكات.
هذا الإعلام المركز ولسنوات، وهذه الملايين التي بذلت والصحافة الكذوب وفن العمل الاجتماعي والفن الاعلامي، كل ذلك لم يستطع أن يحرفكم عن وجهة نظركم الدينية وقراركم في الوقوف مع شريعة الله. هذا شيء ليس بالسهل، هذا مكسب رسالي ضخم.
أنتم بموقفكم الهادف الإيماني الرسالي استطعتم أن تدخلوا اليأس في نفوس كثيرمن الجبهات المعادية لدين الله، ولقد كانوا يتصورون أن هنا شعباً بلا وعي، وشعباً من السهل على الكلمة الكاذبة أن تغزو نفسيته وأن تحرف خطه.
كانت كلمة اليوم قرأتها عن الصحف تصرح بفشل الأساليب التي اتبعت في استغفال هذه الشعب، من أصحاب حملة كبيرة هائلة بذلت من أجلها الملايين، وصار التفكير في تغيير الأساليب، فارتقبوا أن تأتي لغة جديدة وأن تبث فرق جديدة في القرى المدن وفي الحسينيات والمساجد من أجل صناعة قناعات جديدة تصبّ في صالح غير دين الله تبارك وتعالى.
لكن مثل هذه المنابر الحسينية وهذه القلاع الحسينية لقادرة بإذن الله ان تثبت الوعي وأن ترشد الخيارات وأن ترتفع بمستوى النفسية وأن تضعنا دائما على خط الحسين(ع) وأن تضع نسائنا وبناتنا على خط زينب الكبرى وعلى خط فاطمة الصديقة الطاهرة.
خرجت بهم مسيرتكم عن الرزانة وفقدوا صوابية الكلمة بالمرة وإن كانوا لا يعرفون صوابية الكلمة في كثير مما يقولون، تحولت اللغة الى لغة شتم وسباب وإهانة لهذا الشعب واستهتار وقذف، تحولت جماهير هذا الشعب الى جماهير جاهلة، إلى قطعان من الغنم، تقرب بعض تعبيرات من هذا المعنى ومن هذا اللفظ، ثقافة القطيع تجدون في كلمة بعض كتّابهم كلمة “ثقافة القطيع” هذا كله يدل على هزيمة نفسية، يدل على شعور بالإحباط، يدل على يأس قاتل. لو كانت هذه المسيرة تلتقي مع ما يريدون لكنا الواعين المثقفين، لكنا الشرفاء، لكنا الوطنيين الغيورين.
الذين احتشدتهم المسيرة هم الذين صوتوا للميثاق وكانوا يومها على رشد كبير، وكانوا واعيين وكانوا وطنيين، وكانوا شرفاء. وكانت توصف المرأة يومذاك بأنها بطلة وبأنها غيورة على وطنها وبأنها تعيش صحوة كافية وروحا عالية. أما اليوم وقد خرج الناس نصرة لاسلامهم فقد تحولوا الى جهلة وإلى قطعان من الأغنام وإلى نساء عاديات، وعلى نسائنا وبناتنا أن يذهبن إلى أمريكا ليتلقين دورات كما تلقت الأخريات من أجل أن تكون نساؤنا وبناتنا أصحاب وعي، وأصحاب معرفة.
هذا الإعلام الرسمي في موقفه الذي وقفه من قضية المسيرة وهو يختزل المسيرة في عددها إلى العشر ويقول إنها أربعة عشر الفا، ويضرب مسيرة أخرى في عشرة. هذا الإعلام فضح نفسه وكأنه يقول لكم أنا إعلام لا أصدق! أعان الله أهل البيت(ع) من إعلام كان هذا دأبه لقرون ولكن الحق أقوى من أن يقهر.
سأتعرض لشيء يسير من الإشكالات التي قد تؤثر في الساحة وسأهمل الكثير بعد أن كثر تناوله على أني سأتلقى أي سؤال من الأخوة والأخوات الكرام إن شاء الله.
مسألة المرجعية الفقهية في الخارج ولماذا لا يكتفى بعلماء البلد فيما يأتي وعند أي تغيير لقانون أحكام الأسرة في المستقبل؟
بعد سنوات ستخرج الدراسة في الداخل نمطا من الطلبة حين تصل الدراسة إلى مرحلة كلية الشريعة، وستكون كلية شريعة هنا، وستأتي قناعات، وقد أصدر المجلس الأعلى للشئون الاسلامية في حق المجلس العلمائي وأنتم تتذكرون فتوى بأن المجلس غير قانوني وغير شرعي، غير قانوني قبلنا ولكن غير شرعي بالشرعية الإلهية يعني حرام، والمجلس الاعلى للشئون الاسلامية فيه علماء و صدرت هذه الفتوى. الضمانة في المرجعية العليا وحتى لا تختلف الآراء وتدخل مثل هذه الآراء في المسألة.
هناك إشكال عند بعض الأخوة لابدّ من رفع ابهامه، طلب الضمانة بمادة دستورية تمنع تغيير القانون وحرفه عن الشريعة هذا قد يقال فيه أنه يتضمن اعترافا بالدستور الحالي، هذه الإشكالية. لكن هل هذا صحيح؟
نحن نطلب مادة تدخل في الدستور ولم نعيّن أي دستور، دستور2002 أو دستور73، على أنه لو كان الطلب بإدخال مادة دستورية في دستور 2002 بطلب جماهيري، ترفضه الحكومة،هذه إرادة شعبية نفس الإرادة التي تطالب بتغيير الدستور وبدستور جديد تطلب مادة من هذا النوع تضمن لها سلامة دينها في دستور 2002. لو كان في هذا ربح للحكومة لسارعت إليه، لوكان هذا يدعم دستور2002 لسارعت الحكومة إلى قبول هذه المادة، ولكن الحكم أصعب ما يكون عليها أن تقبل هذه المادة، وكل التوقف الآن هو على هذه المادة.
هذه المادة لا تفرضها الإرادة الحكومية، هذه مادة تفرضها الإرادة الجماهيرية، هذا نوع من التعديل على الدستور، نحن نطلب تعديلات وتعديلات على الدستور، إذا لم يكن دستور 73 أو أحسن منهما معاً فلا أقل من تعديلات مجزية، هذا واحد من التعديلات. فحين أطالب بتعديل بالدستور ليس معناه اعترافا بالدستور.
كل القوانين الصادرة الآن وكل الوضع القائم راجع إلى حاكمية الدستور المعاش، الكل يتعامل مع هذا الدستور، هل يتعامل معه اعترافا بشرعيته أو يتعامل معه بما هو واقع فارض نفسه؟ كل القوانين الصادرة وكل التركيبة السياسية قائمة على أساس هذا الدستور، هذا الدستور واقع قائم، غير شرعي، لكنه واقع قائم. هل تعامل كل الجهات معه يعني اعترافا به؟ لا.. ليس كذلك.
تعاملك مع الوضع تعامل مع الدستور، لكن التعامل مع الدستور من باب الاعتراض وليس من باب الاعتراف بشرعيته. ثم أن المؤمن أي شرعية التي يطمئن إليها ويعتمد عليها ويتعامل مع الوضع براحة نفس؟ أي شرعية التي تجعل المؤمن يتعامل معها براحة نفسية وباطمئنان وبرضا وطواعية داخلية، أيّ شرعية؟ هناك شرعية واحدة فقط من هذا النوع عند المؤمن وهي الشرعية الدينية، الشرعية الإلهية، حكم علي بن أبي طالب(ع)، حكم النبي(ص)، الحكم الذي قال به أهل البيت(ع). هذه الشرعية يا أخي. كل الأنظمة الدستورية التي قامت دساتيرها على الوضع البشري هي غير شرعية بالشرعية الدينية، فهل إذا تعاملت معها تعاملك معها اعتراف بالشرعية وأو كواقع يفرض نفسه؟
الشيعة في زمن بني أمية حين يتعاملون مع الحكم الأموي ومع الحكم العباسي في بعض الجهات وبإذن من الحكم الشرعي في حدود معينة يقول لك تعامل، يبيح لك شيئا ويفرض عليك شيئا، يبيح لك أن تتعامل بحسب الظرف الاضطراري ويوجب عليك أن تعمل لتحسين وضعك وتغيير الواقع السيئ. كان الشيعة يتعاملون مع الحكم الأموي بمقدار، مع الحكم العباسي بمقدار ولكن في نفس الوقت لا يعترفون بشرعية الحكم الأموي الشرعية الإلهية أو بالشرعية الإلهية للحكم العباسي.
أعزتي.. اذا صار دستور من دساتير البشر هل سأتعامل مع الوضع براحة نفس وبرضا أم كواقع قائم يفرض نفسه علي؟ طبعا كواقع قائم يفرض نفسه علي وإلا الوضع الذي يتعامل معه المؤمن تعاملا من منطلق القناعة التامة هوالوضع الشرعي بالشرعية الدينية الإلهية. وإلا لو أنا تعاملت مع الحكم الأموي حتى لو جاء معاوية عن طريق الشورى، عن طريق التصويت ووضعنا دستورا بعيداعن دين الله يقرّ مسائل ومواد بعيدة عن دين الله ومخالفة لدين الله، هذا شرعي بالشرعية الوضعية، شرعي بالشرعية الأرضية لكن هل يجوز لي أن اعترف به من داخلي وأن تحتضنه نفسي ويمثل قناعة؟
إذن أنا جاهلي، إذن أنا لا أعترف بالله.
اسلامك يقول لك لا إله إلا الله، ولا دين إلا دين الله، ولا قانون إلا قانون الله، لا شريعة الا شريعة الله. فالشرعية التي تجعل المؤمن مطمئنا وتعطي التعامل المفتوح مع الوضع هي الشرعية الدينية. وإلا كل تعامل حتى لو كان وفق دستور متوافق عليه بين الشعب والحكومة، هذا دستور اضطراري. الدستور الاختياري الذي يجب على المؤمن أن يسعى إليه أي دستور يا اخوان؟ هو تطبيق شريعة الله تبارك وتعالى وليس اي شريعة اخرى.
أنا لو شرع لي أبي، أبي الذي أحترمه وشرع لي دينا وشرع لي قانونا هل يصح لي أن أطيعه مختارا. طاعتك لأبيك بإذن ربك، وإلا إذا أطعت والدك بما هو هو فقط وبغض النظر عن أمر الله سواء وافق الله على ذلك الأمرأو لم يوافق فأنت تعبد أباك.
فأقول.. التعامل مع أي وضع أرضي غير شرعي بالشرعية الإلهية دائما هو من باب الإضطرار، ولو كان هذا التعامل يعني اعترافا بالشرعية لكان تعامل الأئمة(ع) وتعامل الشيعة مع الحكم الأموي والحكم العباسي من باب الاعتراف بالشرعية.
الإمام الحسن(ع) وهو يحاول أن يحسن شروط الصلح بينه وبين معاوية كان يبذل كل جهد في تحسين شروط الصلح، هل كان هذا داعما لحكم معاوية؟ وفيه اعتراف بحكم معاوية؟ وبأنه حكم إلهي؟ أو كانت الظروف ظروفا اضطرارية وكان على الإمام(ع) أن يبقي خط الاسلام الأصيل بمقدار ما يستطيع.
لما جماهيرنا كلها تصر على أن تدخل مادة في هذا الدستور تحفظ دين الله هل معناه أن هنا تسليما بالدستور؟ اعترافا بشرعية الدستور؟ لو وافقنا جميعا على الدستور هل سيتحول شرعيا بالشرعية الإلهية؟ لا أحد يقول بذلك علىالإطلاق.
ثم إن البيان الختامي للمسيرة التي طالبت وطالب البيان معها بالمادة الدستورية الضامنة ذلك البيان نفسه كان يطرح قضية الملف الدستوري ويركز عليها ويطالب بماذا؟ تعليقاتنا علىالمسيرة كانت مصحوبة بالمطالبة بدستور عقدي. فطرح المادة الدستورية مقرونا بالمطالبة بدستور عقدي ينفي جدا جدا أن يكون طلب هذه المادة فيه دعم لهذا الدستور واعتراف بشرعية هذا الدستور القائم.
مسألة أخرى مهمة أيضا.. يحاول البعض أن يقول أن هذه المسودة للأحكام الأسرية مسودة موافق عليها من علماء كثيرين، أنا لا أجادل في ذلك. التركيز على أن هذه المسودة جيدة، على أن هذه المسودة شرعية بالكامل ودقيقة بالكامل يساعد جدا على تمرير القانون بلا ضمانات ويلتقي مع حملة الآخرين. الآخرون ماذا يقولون؟ يقولون قدموا قانونا شرعيا ترضونه، انظروا في القانون واحتاطوا لأنفسكم وضعوا المواد الشرعية الكافية، لن نتدخل في ذلك وسنمضيه، هذا يعطونا إياه، ولكن ماذا يريدون؟ يريدون كما رأيتم في الصحف هذه الأيام، ومن قريب طالعتنا جمعية من الجمعيات في قسمها النسوي بهذا الرأي وإنه لا يوجد قانون أبدي، لا قانون أسرة ولا غير أسرة، لا يوجد قانون قدسي، له قدسية دائمة، لا يوجد قانون ثابت. يعني المطلوب أن يستلموا قانونا شرعيا ليترشح عنه بعد مدة يسيرة أو طويلة نوعا ما قانون غير شرعي.
عزيزي.. لو أن رسول الله(ص) أملى قانونا شرعيا للأحكام الأسرية فكتبه شرعيا من لسان رسول الله(ص) لكن من بعد ذلك سلمه إلى أبي جهل وأعطاه حق التصرف فيه، هل سيبقى شرعيا؟ الآن العلماء قدموا قانونا شرعيا، وافق عليه السيد السيستاني وافق عليه فقهاؤنا كلهم لكن أعطيناه المجلس النيابي بتركيباته المختلفة وقلنا له لك حق النظر فيه – هذه المرة ليس لك حق النظر فيه فقط تمضيه- لكن بعد ذلك أنت جهة شرعية تنظر في القانون، قد تبدل مادة، قد تبدل مادتين، قد تنقص قد تزيد. يعني حفظنا الشريعة اليوم وضيعناها غدا.
الآن في هذه الحملة وهم محتاجون لاستغفال الناس ولاقناع الناس بقبول قانون الاحكام الأسرية بلا ضمانات، وتظهر على ألسنتهم أكثر من فلتة ويصرحون بأنه الضمانة لا يمكن، لا يكون لأن التغيير مقبول. أريد أحسم في معركة يا اخواني، المعركة ليست في مسودة فلان أو علان، وهذا الكلام لو قيل بأن مسودة فلان قرآن لا يفيد ذلك، فلتكن مسودة فلان أوعلان قرآنا، ولكن هذا القرآن هل نعطيه بلا ضمانة البقاء على قرآنيته أو لابد أن نطالب بضمانة بقاءه قرآنا؟ المشكلة هنا، والآن النقطة العالقة هي هذه، هل نحصل على ضمانة، نحن نطالب بضمانة، الآخرون يقولون لا ضمانة. ضمانة على مستوى القانون نعم، نعطيكم نص قانون أنه لايغير إلا تحت نظر العلماء وعلماء البلد، لكن يا أعزائي .. المادة القانونية يسيرة التغيير، وحتى المادة الدستورية التي لا نصّ فيها على أنها ثابتة يسيرة التغيير، فالمطلوب هو مادة دستورية منصوص فيها بأنها لا تغير. وهذا الذي يستكثرونه علينا موجود في الدستور العراقي كما صرحت فيما سبق. الدستور العراقي موجود فيه نص الآن على أن الأحوال الشخصية- وليس الأحكام الأسرية فقط- على أن الأحوال الشخصية، أصحاب الأديان والمذاهب أحرار فيها. وينظم ذلك بقانون يعني من أهل المذهب بحيث يشرف عليه أهل المذهب نفسه، على مستوى الدستور موجود هذا. وكما قلت لا يبعد أن الدستور الأفغاني كما ذكره سماحة آية الله السيد محسن الآصفي فيما أتذكر انه من بين المكاسب التي توفروا عليها هو هذا الى جانب القضاء وما إلى ذلك.
ما بعد المسيرة كيف نكون، هل انتهت المهمة، هل التكليف سقط؟ أنستريح؟ القوم سيواصلون، وسيجددون الأساليب وسترصد ميزانيات والمطلب في الأصل بلحاظ التدخل الأمريكي في شئون المنطقة أصبح مطلب الابتعاد بالقوانين عن حريم الشريعة مطلبا سياسيا. وأمريكا تضايق الأنظمة كل الأنظمة في مثل هذا الامر وتحاول أن تجرجر المنطقة العربية بكاملها إلى مسار غير المسار الاسلامي. والأنظمة مهما قاومت إذا كانت نيتها حسنة لن تستمر في المقاومة لأنها حريصة على مكاسبها، فالمسؤولية مسؤولية الشعوب للحفاظ علىالهوية.
ماذا نفعل؟ المسألة ليست مسألة احكام أسرية فقط، المسألة مسألة غزو ثقافي وغزو تشريعي وغزو في المناهج غزو ساحق يستهدف ديننا ويستهدف هويتنا ويستهدف انتماءنا.
أقول لابدّ من توعية دائمة، يمارسها الشاب والشابة في البيت، وفي المدرسة، وفي السوق، وفي المسجد، لا يصح حصر التوعية في المسجد والحسينية، يجب أن نعيش حالة توعية وحالة تفهم للاسلام في كل زوايا المجتمع، ولن يبقى حماسنا للاسلام قويا وفاعلا ولن تستمر صحوتنا قوية إلا حيث نكتشف عظمة الاسلام وعظمة النعمة التي انعم الله بها علينا في انتمائنا للحق. وأنا كيف استطيع أن اكتشف عظمة الاسلام؟
لا يعفى كبير، لا يعفى صغير، لا يعفى رجل، لا تعفى امرأة من محاولة الاستزادة من فهم الاسلام، كل ما نحتاجه من أجل اكتشاف عظمة الاسلام أن نفهمه، أنا على يقين أنك لو درست الاسلام تلقيته عن درس وعن فهم وقرأت كل ماعدا الاسلام فلن تقدم علىالاسلام رأيا آخر ولن يستهويك في الدنيا غير الاسلام ولن يسكن لك ضمير ولا يهدأ لك قلب ولا تقرّ لك عين إلا بارتباطك بالاسلام. اما ونحن بعيدون عن فهم الاسلام، بعيدون عن اكتشاف عظمةالاسلام فلن نقدره، وستستطيع هذه الأقلام المأجورة أن تحرفنا عن الخط.
نحن عندنا زاد قليل من الاسلام، كبارنا عندهم من الاسلام قليل فضلا عن صغارنا، وثقافة منحرفة تصبّ حممها على رؤوس الناس ليلا ونهارا ولكن قلوبهم تهفوللاسلام، مع ذلك لا يجدون أنفسهم تهدأ لغير الاسلام بزاد بسيط. أما لو فهمنا الاسلام وقرأنا الاسلام واطلعنا على عظمة الاسلام فسنكون شيئا من السيد الخميني أعلى الله مقامه، الذي استصغر حضارة القرن العشرين وحضارة القرن الواحد والعشرين، واستصغر روسيا، وخاطبها بأن تتعلم من إيران، وأنها إذا أرادت أن تنقذ نفسها فعليها أن لا تتوجه للثقافة الأمريكية بل تتوجه إلى الثقافة التي يغنى بها الاسلام، نكون كباراً ونكون صلاباً ونكون على ثقة ضخمة لذواتنا ونرى أنفسنا معلمين للدينا لو اكتشفنا عظمة الاسلام، ولا طريق لاكتشاف عظمة الاسلام إلا بتعلمه.
وأقول… نحن مظلومون ظلما شديدا، نقزم في مؤسساتنا، تمنع علينا الصحافة، كم هو كادر الصحافة الآن؟ ألف ألفان ثلاثة؟ لا يبلغون، الصحافة والاعلام كم ألف؟ لكن هذه المجموعة البسيطة بالقياس للشعب كأنها كل الشعب، وفكرها يكون هو الفكر الحاضر وهو الفكر الذي يملأ الساحة، تقرأ أنت الصحف وتسمع الإذاعة والقنوات الأخرى فيتراءى لك أنك في بلد ذلك الفكر، وأن السلوك هو السلوك الذي يتحدثون عنه، وأن الاماني هي الاماني التي يتحدثون عنها، وان القناعات هي القناعات التي يتحدثون عنها، بينما شعب كبير خرج منه مسيرة أرهبتهم لأنه بلا أعلان وهو شعب مغيّب.
نحن بمئات ألوفنا نعيش حالة تغييب وكأنه لا وجود لنا في الساحة، وكأن البحرين هي ما تنقله الأيام وما تنقله أخبار الخليج وما تنقله الصحيفة الفلانية والفلانية وإن هذه هي صورة البحرين، وأن هذا هو شعب البحرين. إلا أن هذه المسيرة المباركة جعلتهم يتحدثون عن هذه الأكثرية ولكن برميها بالجهل والغباء والتبعية.
هنا نقطة مهمة أذكرها، كيف يكون موقف الشعوب من قضاياها؟ هذه شعوب العالم كلها في تأييداتها في احتجاجاتها في المسألة السياسية، هل كل أفراد امريكا بمستوى واحد من فهم قضية سياسية معينه يخرجون لتأييدها أو شجبها؟ طبعا لا يمكن.. لا يمكن أن يكونوا كلهم بفهم واحد. أي بلد من بلدان العالم ليس كذلك.
عندنا في الاسلام التقليد غير صحيح في العقائد، وأن أكون أمّعه يعني أسير حيث سار الناس وأقف حيث وقف الناس، هذا معيب في الاسلام، ومنهي عنه في الاسلام. لا ادري وأخرج وانا لا أدري، غير صحيح، لكن هل معنى ذلك أنه لا متابعة من أحد لأحد، الطالب يتابع مدرسه، الولد يتابع أباه، الطبيب يتابع الطبيب الأكثر منه خبرة ومراسا في الطب، المهندس، المريض يعرض حياته لعملية خطيرة جدا جدا لانه يثق بطبيب لخبرته وأمانته. الاسلام ماذا قال؟ والعقلاء ماذا قالوا؟ الاسلام يقول أمر العقيدة واضح، على الناس أن يصلوا الى الخطوط العريضة في العقيدة فعليهم أن يجتهدوا، القناعة موجودة داخل النفس، الفطرة موجودة ولكن مع ذلك هناك من يرى يعني أنك لما ترى عليّ بن أبي طالب(ع) تراه بعقله الكبير، لو كنت عايشته تماما ورأيته بعقله الكبير وبعدالته الحدية وعدم مجاملته في الحق تماما، وروحه الشجاعة وقسوته على نفسه في سبيل الله، رأيت منه كل ذلك وأمانته وصدقه ورأيته يصدق رسول الله(ص) يدخل في قلبك اطمئنان كامل. وأنا لا أساوي من علي بن أبي طالب(ع) واحد على المليون في هذه الصفات كلها، يدخل في قلبي اطمئنان كامل بصدق رسول الله(ص) وأنا ما رأيت رسول الله(ص) ولا سمعت منه شيئا. هذا في أمر العقيدة.
أما في أمور الحياة الأخرى فلابد من تابع ومتبوع، في الهندسة موجود تابع ومتبوع، في الطب موجود تابع ومتبوع، في السياسة موجود تابع ومتبوع، حتى في الخبرة البنائية يوجد تابع ومتبوع، في الزراعة هناك تابع ومتبوع، الله اكبر.. هذه القرارات التي تنزل على رأس الناس من خبرائهم يقولون لنا أهل الخبرة، يطالبوننا أن نتبع أهل الخبرة.
نحن ما الذي هو مطلوب في أمر التقليد الديني؟ أن تضمن الخبرة في متبوعك والعلم، ولا يكفي، ولابد من العدالة والأمانة والصدق. ولذلك اشترطوا عندنا في المقلد ان يكون فقهيا مجتهدا وأن يكون عادلا. إذا كان احدهم درس عشرين سنة في مجال الهندسة، وأراه صادقا تماما، وعندي مشروع يكلف الملايين أريد أن أقيمه لو الخارطة فيها أي خلل اخسر ملايين، أأقبل خارطته أم لا؟ أضع الملايين في المشروع الذي خططه وصممه. هذه تبعية وتقليد واستسلام لخبرة الآخر وأمانة الآخر، أي شعب من الشعوب يسعه بكل أفراده أن يطالع كل مسألة من مسائل السياسة مطالعة دقيقة جدا بكل تفاصيلها لا يمكن، المطلوب أهل خبرة وأهل امانة أيضا.
هم يريدوننا أشتاتا، هم لديهم من يقدرونه، الوزير مقدر، رئيس الوزراء مقدر، أمير مقدر، ملك مقدر، رئيس الجمهورية مقدر، إذا قال كلمة فهي كلمة ماضية، أما انتم فابقوا بلا رأس، أنتم ابقوا بلا مشير، أنتم ابقوا أراءا متضاربه، هذا هو المطلوب لديهم، هذا هو مطلوب الإخوان، هذا هو مطلوب الأخوات.
ثم إن نساءنا وأخواتنا عرضوا عليهنّ المسألة أكثر مما عرضناها عليهم نحن، قرأوا في الصحف من آراءهم ، وسمعوا في الإذاعة من آرائهم وحججهم وتزييناتهم اكثر مما سمعوا منا، لكن وعي بناتنا، وعي نسائنا قاد إلى هذا الموقف، إلى موقف أن يقفوا مع اسلامهم، أن يقفوا مع قضيتهم، في الحقيقة وجد شبه اجتهاد عند كل واحد وكل واحدة ممن خرجوا في هذه المسيرة.
السيد السيستاني حفظه الله يقول كلمة في العراق، لوكان على كل عراقي أن يفهم الخلفية السياسية والخلفية الدينية لكلمة السيستاني لما مشى رأي للسيد السيستاني، لا يستطيع كل العراقيين وكل العراقيات أن يفلسفوا وجهة نظر السيد السيستناني ولا وجهة نظر علي بن ابي طالب(ع) ولا وجهة نظر النبي(ص). مالك الأشتر قد تقول لي الامام علي(ع) معصوم، مالك الاشتر ليس معصوما، ولاه أمير المؤمنين(ع) مصر، وكانت كلمة مالك هي كلمة امير المؤمنين لايصح مخالفتها أصلا، يأمر بالحرب وفيها دماء، فتقوم حرب، ويوقف الحرب فيكون سلم. وهل تصلح الدنيا بلا رائد وهل تصلح الدنيا بلا قائد وهل تصلح الدنيا بلا مشير؟ إلا أن القوم يرغبون منا أن لا يطيع ولد والده، وأن لا يسمع لأمه، وأن نكون جماعة فريسة لآرائهم ولقياداتهم. غفر الله لي ولكم وصلى الله على محمد وآل محمد.
– المقدّم
نشكر سماحة الشيخ على ما تقدم من محاضرة قيمة الآن نفتح باب الأسئلة للحاضرين.
مداخلة
كتبت احدى الأخوات في ملتقى البحرين الالكتروني تتساءل، تقول أليس العمل بلا قانون وفق الشريعة هو مساو لوضع قانون مخالف لها في ظل الفساد المستشري في القضاء وتأخير القضايا الى سنوات قد تطول كثيرا لتلقي بأصحابها في دوائر التشرد والعذاب وفي ظل تلك المنقولات التي ينفطر لها قلب كل مؤمن وما نسمعه من تحرشات بعض القضاة للمطلقات.
أين أنتم من الفساد المستشري في المحاكم طوال الاعوام السابقة؟ لماذا لم تخرجوا بالمسيرات ولماذا لم تهددوا أنكم ستطالبون بحكم الله حتى لو استدعى ذلك التضحية. نعم سنحضر المسيرات وسنشارك بقوة فيها لكن نتمنى أن تضاف فقرة للبيان الختامي فيها تطالب بمحاكمة القضاة السابقين على تخلفهم وتحرشهم وتعطيلهم كل القضايا السابقة.
الشيخ عيسى
اعطني امكانيات أحاكم الوزراء، وليس القضاة، مسألة علماء أو مسألة نظام، النظام كله في خطأ، هل العلماء لديهم إشراف على القضاة يا أعزائي؟ العلماء نادوا بقضايا كثيرة وأقل من هذه ولم يسمع لهم شيئا. وعلى كل حال هذه أخطاء قضاة وليس أخطاء أحكام الشرعية، فخطأ القاضي لا يسحب على الحكم الشرعي.
أضيف شيئا أعزائي.. الضوء مسلط جدا على القضاء الشرعي وفضائح القضاء المدني أكبر ولكن لاحاجة لهم في نبش مستورها. هم يريدون التركيز على القضاء الشرعي ويضيفون كل الأخطاء على الأحكام الشرعية. من نصب القاضي؟ هل انا من نصبه؟ هل نصبه العلماء؟ كان في وقت من الأوقات سألوا عن القضاة فذكرت لهم أسماء فتجاوزها وذهبوا إلى أسماء أخرى. وعلى مستوى الأوقاف ذكر في التغيير الإرادي الأخير، طلب وزير بذكر أسماء من سماحة السيد عبدالله الغريفي وكنت على اطلاع بذلك فذكرنا لهم بعض الأسماء عن طريق السيد، شخص لديه خدمة في الإدارة ومشهود له، نحن لا نعرفه، تجاوزوه وذهبوا إلى من أرادوه يا أخي.
على كل هناك أخطاء في القضاء، ولكن أخطاء القضاء مسؤولية حكومة أو مسؤولية علماء؟ من ناحية المطالبة نحن نطالب بتصحيح الوضع بكامله وليس بجزئية من جزئياته، والذي جعلنا نركز على هذه الجزئية هي إثارة خاصة وأن هناك سعيا حثيثا للخروج بالإحكام الأسرية عن شريعة الله تبارك وتعالى.
وهذا أنتم لا تتصورون خطره، هذا آخر ما في يد الشريعة، والآن يريدون أن ينتزعوا من الشريعة هذا الشيء البسيط. ثم هذا أهم من المسألة السياسية، هذا يؤثر على الأعراض وعلى الأنساب بشكل مباشر، ثم أن الوضع السياسي الكامل يحتاج إلى جهود ضخمة جدا حتى تصححه بعكس جزئية معينة لو ركزت عليها على ضرورتها، وكما سبق في حديث سابق بأن هذه لازالت في اليد فالتحرك للحفاظ على مافي اليد أسهل من التحرك على استرجاع ما سلب من اليد.
مداخلة
مداخلتي من نقطتين:
1- شيخنا ماذا تجيبون على هذا التساؤل الذي يردده كثير من الناس، في كثير من الأحيان أن تحركنا دائما يكون عبارة عن ردود فعل، لا يكون مبادرة، مثلا قانون الأحكام الشخصية أو ما يسمى بالأحكام الأسرية، من قبل لم يكن منا إلا رفض القانون ولم تكن في جانب رفض القانون محاولة لاستصدار قانون شرعي كما يريده الشرع، ومؤخرا لما أن روج ان هناك تمريرا لقانون يفرض على الناس تحرك العلماء في هذا الاتجاه، فلماذا لم تكن المبادرة من العلماء من قبل؟ والحال إن الحاجة إلى تقنين هذا القانون لم تكن وليدة هذا الوقت، بل هي حاجة ملحة كانت قديمة.
2- بالنسبة إلى ما نشر عن مسودة القضاة والتي شارك فيها بعض العلماء وتفضلتم بالتعليق عليها الآن، أتصور أن المسألة ينبغي أن لا ننجر إلى إثارة وردها وبالتالي يزداد البعد ويزداد عدم التفاهم بين العلماء. اتصور أنهم عرضوا مسودتهم وادعوا أنهم عرضوها علىالعلماء و لكن لم يغفلوا جانب الضمانات كما صرحوا أمس واليوم وقبل ذلك صرحوا وهم معكم في المطالبة بضمانات تحفظ هذا القانون عن التغيير.
الشيخ عيسى
بالنسبة لمداخلتك الأولى سماحة الشيخ، القانون الشرعي موجود، والخلل ليس بسبب عدم وجود قانون شرعي، الرسائل العملية تمثل قانونا في الحقيقة، وكان يمكن للقضاة أن يجمعوا على رسالة عملية واحدة لتتحد الأحكام هذا إذا كان هناك ضرورة. على أنه في الشريعة طبعا أهل البيت(ع) تعرفون في الأحاديث انهم أرجعوا إلى فقهاء الشيعة في القضاء ولم يرجعوا إلى فقيه واحد، وكان الفقهاء على اختلاف في الرأي، فتوحيد القانون اساسا ليس له الخلفية الشرعية الملزمة، وإذا كانت هناك حاجة عملية لتوحيد القانون فكان يمكن الاعتماد على رسالة عملية محددة، ولحد الآن تكفي مدونة فقهية كالتي ارتضاها الاخوان القضاة بعد عرضها على المرجعية العليا، تكفي ان يعتمدوها داخل المحاكم الشرعية. سميت قانونا أو لم تسم قانونا، التسمية لا تضيف شيئا. المطلوب هو واقع الاحكام الشرعية. فواقع الاحكام الشرعية يمكن لهذه المسودة بأن تكون مدونة فقهية موافقا عليها من قبل المرجعية وأي تغيير فيها يرجع إلى المرجع الأعلى. هذا كافي.
المداخلة الثانية، يمكن انكم توهمتم اني أريد أن أقول شيئا عن الاخوة، أبدا.. أنا حريص جدا عزيزي، وأنتم تقرأون لم تخرج مني كلمة لا في مقالة او خطبة أو صحيفة تتعرض لبعض الأخوة اساسا. وليس في كلامي تعرض للاخوة، هذا مفاد كلامي، وقلته اكثر من مرة، أن معركتنا ليست معركة مسودات، مسودة من المجلس العلمائي ومسودة من سماحة الشيخ حميد مبارك، هذه ليست معركتنا.
وأقول اكثر من مرة أنا ألغي مسودة المجلس العلمائي وأقبل مسودة أي جهة من العالم تأتي موافق عليها شرعا فضلا عن مسودة من عند الاخوة القضاة، لكن ليس الكلام هنا، ليس الكلام في سلامة هذه المسودة أو تلك المسودة ونقائها، الكلام في ضمان بقائها نقية. انا أرى الضمانات الأخرى غير كافية، يعني ضمانة في القانون نفسه غير كافية، مادة دستورية غير منصوص فيها على ثباتها كالمادة الدستورية التي تقول بعدم صحة اقتراح تعديل نظام الحكم في البحرين. هذا الكلام ، كلام عن ماهي الضمانة التي تحفظ، أكثر كلامنا منصب مع الجهات الرسمية التي تقول بأن الضمانة القانونية كافية، أو بأن النص على ان الشريعة الاسلامية كافي، هذا ليس كافيا، وليس كلامنا مع الأخوة القضاة.
مداخلة
اعطاني احد الأخوة الآن ورقة تفيد بتحرك معين مضاد في أحد قرانا الشيعية، نادي باربار هذا حسب نقل الشخص، وأهل باربار أدرى بشعابهم، نادي باربار دعوة لملتقى الثلثاء، أفادني أن هناك خطا علمانيا في نادي باربار يقوم بمساندة حملة المجلس الأعلى للمرأة وأيضا ينظم لقاء الثلثاء، يجدد هذا اللقاء حول قانون الأحوال الشخصية، كما أفادني بأن هؤلاء قاموا بحملة توقيعات مضادة لحملة العلماء الذين قاموا بها حول قانون الأحوال الشخصية. وهذه سماحة الشيخ تجري في أحد قرانا.
الشيخ عيسى
على كل حال انا لا استكثر هذا، هذا النادي معروف بموقفه، وكل الآخرين سيصطفون صفا واحدا في قبال المؤمنين ولكن هذا كله لن يجدي شيئا إذا ثبتم على موقفكم وواصلتم مسيرتكم. هذا لا يهم طبعا. الآن كل الذين يكتبون من علمانيين وحكوميين وما إلى ذلك يركزون على ضمانة قانونية، يركزون على ضمانة ان الشريعة الاسلامية مصدر رئيس وما إلى ذلك.
الضمانة الدستورية يعني مادة دستورية تضمن بقاء أحكام الأسرة على خط الاسلام دائما وفي الدائرة الفقهية الجعفرية وأن تكون هذه المادة ثابتة. هذا الذي لا يقبلون به.
مداخلة
سماحة الشيخ دشتي رولا رئيسة الجمعية الاقتصادية في دولة الكويت وصفت الوعي الديني في البحرين بالتطرف، سمحت الحكومة لناشطات غير بحرينيات المشاركة في الاعتصام المضاد، وهي التي دائما تردد أن الشأن الداخلي يخص المواطنين فقط، ومن بين هؤلاء الناشطات ما ذكرت اسمها والتي ذكرت أن الأسرة تتعرض في كل مكان لتوجهات تطرفية اسلامية بحتة، وقد عانت ولا تزال تعاني المرأة والأسرة ككل من التطرف الاسلامي في بعض دول الجوار بينما انتقلت هذه العدوى- على حدّ تعبيرها- إلى مجتمع البحرين.
الشيخ عيسى
أنا أسأل عن المجتمع الغربي كيف المرأة فيه؟ سعيدة يعني؟ المرأة التي تسمى ملكة جمال؟ اتعرف بعد ان يسموها ملكة جمال ماذا يفعلون بها؟ تستأجرها شركة، تملكها كأمة الى كذا سنة تعاقد، تتصرف في حياتها كما تشاء تقريبا في عروضها التي تستربح بها. المرأة عند هؤلاء الذين يتحدثون كقيمة المرأة في فنادق خمس نجوم. لماذا لا تثأر هؤلاء النسوة وهؤلاء الكتاب لماذا لا يثأرون لشأن المرأة وكرامة المرأة وهي تمرغ في فنادق الخمس نجوم يا اخوان؟ لماذا لا يتحدثون عن الشقق الخاصة عن الجفير؟ هل المرأة سقطت عندما خرجت تطالب بدينها؟
على كل حال فكران لا يلتقيان، ويعجبني هذا الشيء وهو أن حصل مصداق على الأرض وهو المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، وقد طبقت المرأة هذا المفهوم الاسلامي وطبقه الرجل والحمد لله.
بالنسبة للشق الثاني وهو مشاركة النشطاء غير البحرينيين في الاعتصام المضاد فهذا هو العدل الصحيح.
مداخلة
سماحة الشيخ هل تعارضون اقدام الحكومة على اصدار قانون للأحكام الأسرية للطائفة السنية دون الطائفة الشيعية؟
الشيخ عيسى
أنا عندي لا ضير، إذا وافق الإخوان السنة فنحن تكفينا مدونة، أنا في نظري مدونة داخلية ستقوم مقام القانون، ماذا يطلب من القانون؟ القانون هو هذا، أنه تكون هناك أحكام واضحة يرجع إليها القاضي، المدونة تتكفل بهذا الشيء، أنه تكون هناك أحكام واضحة أمام المحامي والمدعي والمدعى عليه والمدونة تتكفل بهذا الشيء، أيضا وحدة الحكم تتكفل بها أيضا المدونة. لديّ الحجج كلها ولكن الوقت لا يكفي. هذه الحجج المطروحة كثير منها مناقش بهذه الجزئيات ولكن مع تسليمها، مع تسليمها كلها إلا إنه المدونة تتكفل بكل ما يتكفل به القانون المضمون والقانون غير المضمون.
ثلاثة طرق :حصلنا على مدونة داخلية تعتمدها المحاكم الشرعية هذا سيكفي، حصلنا على قانون بضمانات كافية أيضا سيغطي هذا الموضوع، سمحنا بقانون بلا ضمانات بيغطي هذه النواحي لكن سيباعدنا عن الشريعة وسيخرب مسألة الاعراض والأنساب وسيوقعنا في مخالفات لله تبارك وتعالى وخروج على دينه هذا هو الفرق.
مداخلة
سماحة الشيخ .. في تغطية صحيفة الأيام لمسيرة الاربعاء خصصت أكثر من نصف الصفحة للمسيرة المضادة وأعطتنا الزاوية المزاحمة باعلان لمسيرة الأربعاء، إلا أن هذه الزاوية أيضا لم تسلم، عبأتها بخبر رسمي، تنويه يقول: رماية حية بمنطقة هير وعمامة وفيه تحذير للمواطنين بأن سلاح البحرين الملكي سيجري رماية بالذخيرة الحية في المنطقة المذكورة.
حسب تحليلي الضمني، الرد الرسمي يقول:
1- ان مستوانا هو الزاوية.
2- ان السلاح الملكي مستعد للردّ. لماذا هذا الخبر في هذا المكان جنب مسيرة الأربعاء؟ هل نفهم منه تهديدا ضمنيا من الحكومة؟
الشيخ عيسى
على كل حال، نحن بلا صحافة بلا أدنى اشكال والصحافة ليست صحافة للشعب وإنما صحافة للوضع الرسمي. هذا كافي.
اتترقب أن تنصفك الصحافة ياعزيزي؟
على كل حال نحن نهتدي في تحركنا بهدى الدين، والدين حريص كل الحرص على سلامة الناس وعلى أمن الناس وما إلى ذلك. وإذا اوجب الدين على الناس التضحية فعليهم أن يضحوا ، هذا إذا أوجب. وله شروطه وله ظروفه وله موازناته الشرعية.
التهديد بالسلاح لا يوقف المؤمن عن طريقه الذي أوجب الله سبحانه وتعالى عليه أن يسلكه. إذا كان هناك حكم شرعي يلزمني بالخروج لأقتل سأقتل.
مداخلة
في مقابلة لرئيسة المجلس الأعلى للمرأة دونت بعض النقاط التي ذكرتها في تلفزيون البحرين، تقول أن الضمانة الدستورية هي بدعة ستجعلنا أضحوكة للعالم، لم نسمع أن دستورا يحوي ضمانات أو يضاف عليه.
النقطة الثانية
أن بنود الدستور تنصّ على الشريعة وهي كافية لحفظ القانون ليظل شرعيا.
الشيخ عيسى
النقطة الأولى، أنه المطالبة بضمانة دستورية بدعة، بغض النظر عن القائل، بدعة يعني معاقب عليها في شريعة الله؟ هل هي بهذا المعنى عندهم؟ بمعنى أننا لو طالبنا بها نكون معاقبين بالنار، أنا لا ادري.
المهم.. الدستور وضع، لا ليثبت إلى الأبد، القرآن وضع ليثبت إلى الأبد. الدستور له آلة تغيير القرآن ليست له آلة تغيير إذا كنّا مؤمنين. نحن نتحدث عن لغة مجتمع مسلم، القرآن لا يزاد فيه حرف ولا ينقص حرف، ولا توجد له آلية تغييرأصلا، الدستور له آلية تغيير هو ينصّ عليها، وأن تغييره يكون عبر المؤسسة التشريعية الوضعية وبموافقة الملك بعد ذلك على طريقة معينة، يصوت الثلثان على اضافة مادة تضاف، على إلغاء مادة تلغى، على تعديل مادة تعدل، هذا هو الدستور، إلا ثلاث مواد: مادة الحكم الوراثي وإن الاقتراح بتغييرها غير صحيح فضلا عن تغييرها، مقدمة التغيير،المطالبة بالتغيير لا يصح. وكون الشريعة مصدرا رئيسا واسلامية وعربية الدولة. هذه المواد الثلاث غير قابلة للاقتراح بالتعديل.
الدستور العراقي أكثر تقدما لا شك، لا أحد يشك بأن الدستور العراقي الجديد أكثر تقدما في ديمقراطيته من دستور البحرين حتى ال73، مسافة شاسعة بينهما، وفيه نص على أن الأحوال الشخصية لأهل الأديان وأهل المذاهب وأهل الآراء هم أحرار فيها. فمن أين تكون مطالبتنا بدعة؟ أنا لا أعرف.
مداخلة
في نقطة ثالثة سماحة الشيخ تقول بأن الملك هوحامي الدين والدولة وهو ضمان.
الشيخ عيسى
مع تقديرنا للملك على كل حال إلا أنه بشر، ويبقى قضية أن الشريعة الاسلامية مصدر رئيس، البحرين دولة اسلامية عربية، الشريعة الاسلامية مصدر رئيس، الخمر موجود، الزنا موجود، الربا موجود، المخالفات الشرعية تملأ الدنيا والبحرين بلد اسلامي والشريعة الاسلامية مصدر رئيس، فلماذا أيضا لا تأتي مخالفة الأحكام الشرعية في أحكام الأسرة؟ كما ارتكبنا كل هذه المخالفات والشريعة الاسلامية مصدر رئيس، أيضا نشرع على خلاف دين الله في هذه المساحة، وكل التشريعات القائمة الان قوانين، هل الاسلام فقط احكام أسرية؟
الاسلام يحكم السياسة من أصل النظام، أصل النظام الاسلام له فيه رأي، الأنظمة الحاكمة في كل العالم، لدى الاسلام نظام خاص، لديه في الاقتصاد في الاجتماع في التربية، مخالفات التربية كم؟ مخالفات الاقتصاد كم؟ كلها مخالفات يا أخي والدولة بحمد الله بلد اسلامي والشريعة الاسلامية مصدر رئيس.
مداخلة
سماحة الشيخ، الحكومة تراهن على التمطيط في الزمن، هي ليست لديها نية ان تستجيب لمطالب العلماء كما صرحت الصحافة بأن الحكومة صبرت ومستعدة ان تصبر طويلا، وعليه ستترك للزمن وستترك الفساد يستشري، ثم ستحرج العلماء وعلى رأسهم المجلس العلمائي بأنه كان السبب في التأخير و في تفشي الفساد وستحرجكم أمام الرأي العام. هل ستكتفون بمطالبة تنفيذ القانون مع الضمانة أو بتعجيل تنفيذ القانون مع الضمانة؟
الشيخ عيسى
على كل حال، طلبنا الآن مطروح، والمطروح قانون بضمانة، وأي خلل يحصل هو من مسؤولية الحكومة. والحكومة تنتظر بلا إشكال، لا تنتظر وهي سلبية، تنتظر مع فعل ايجابي، كل الجهات الأخرى العلمانيين وما إلى ذلك ينتظرون فعلا ايجابيا، هم يحاولون أن يحدثوا خلخلة في صفوف المؤمنين، يحدثوا خلافات يكثفون من الاعلام المضاد، يحاولون نشر فرقا في صفوف المؤمنين وبخاصة في صفوف الشابات لادخال قناعات جديدة مخالفة. كل ذلك سيعملونه، ولذلك أنا أقول مسؤوليتنا أن نواصل عملية التوعية ليس في هذه المسألة بالخصوص وإنما في كل المسائل، وأن نحاول دائما تحصين مواقعنا. تحصين مواقعنا بالوعي الاسلامي بالفهم للاسلام بالاسترشاد بأهل البيت(ع).
يكفي أن تنظروا ذاك المطلب من معه وهذا المطلب من معه، هذا كافي يا أخي، يعني هذه المرأة المتبرجة في جانب وعلماء درسوا الشريعة لعشرين ولخمس وعشرين سنة في جانب آخر، هل هذه التي تعلمنا الاسلام؟ هذا الصف الآخر، هذا الكاتب العلماني، وتلك الكاتبة العلمانية، والأخرى المتبرجة هذا الصف هو ينادي بقانون بلا ضمانات، والصف الآخر فيه العلماء وفيه المؤمنون ينادون بقناعات، لا أدري أين الدين؟ أما أن نكون متدينين ورأي الدين في المسألة واضح، وأما أن نكون غير متدينين لا سمح الله. الانسان من ناحية حركته الخارجية يستطيع أن يرفع يده مع الباطل لكن على أي حال المسألة لم تصبح محل غموض أساسا.
أقول….طبيعة الفريقين تكفي للكشف عن وجهة النظر الدينية عن وجة النظر غير الدينية.
مداخلة
سماحة الشيخ، كشف الشيخ محسن العصفور عن وجود أربع مسودات من بينها مسودة حكومية، وهناك تنسيق بين المجلس الأعلى للمرأة والحكومة في التوافق على المسودة الحكومية. هل لديكم اطلاع على هذه المسودة؟
الشيخ عيسى
الاساس كان الاسترشاد بوثيقة عمان، وهي نظام محل الاسترشاد لدول الخليج بكاملها في هذه المسألة، ووثيقة عمان أكثر موادها تتحرك في اطار المذهب السني ونختلف معها فقهيا في العديد من المواقف. ولكن حتى وثيقة عمان في اطارها السني ليست هي المقصود الأخيرفي الحقيقة، المقصود الأخير هو الاقتراب من التشريع الفرنسي والأمريكي. لم أطلع عليها ولا يهمني الاطلاع عليها، أي مسودة متكاملة نقية تماما حتى مسودة المجلس العلمائي لا قيمة لها بلا ضمانات، بمجرد تسليمها للبرلمان خرجت من يدك، اذا أخرجت الأحكام الشرعية من يد الفقهاء ويد الشريعة الى المجلس النيابي، ستكون وفق طبيعة المجلس النيابي، تحت رحمة المجلس النيابي وهو ذو الطبيعة التي تختلف وأنتم تعرفون كم للحكومة من صوت الآن في هذا المجلس فضلا عن مسجد الشورى.
مشروع قانون الجمعيات مرر بكل راحة، مرر بكل راحة. فقط سنة واحدة يأتي مجلس بهذه الطبيعة أو ما يقرب من هذه الطبيعة يمكن أن تغير الأحكام.
مداخلة
من ضمن الاشكالات التي تؤخذ على المجلس العلمائي أن موقفهم هوردة فعل فقط، هل سيسعى المجلس العلمائي بطريقة ما الى اصدار قانون بضمانات، هل سيسعى المجلس العلمائي إلى تفعيل مسألة اصلاح القضاء؟
الشيخ عيسى
يا إخواني.. المطالبة شيء والفعل على الارض شيء آخر، أنت تطالب ولكن لا تصنع الواقع لأن الآخر هو الذي يملك الإمكانات هو الذي يملك القرار وما إلى ذلك. أنت تطالبني أن أغير البحرين في سنة واحدة، هذا يطالبني أعدل القضاء، وذاك يطالبني أعدل المدارس، وذاك يطالبني انظف الفنادق، ومن أنا؟ أنا وأنت نصرخ وصرنا جهّالا يا أخي، لكن علينا أن نواصل، علينا أن نضغط، مسؤولية العلماء أن يضغطوا ، مسؤولية العلماء أن يوعّوا، العلماء لوحدهم لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئا إلا مع موقف شعبي صلب والتفاف قوي. قضية التغيير لابدّ منها، إذا أصرّ الشعب وواصل مسيرته والتفافه فلابد من تغييرات في المسار السياسي وفي المسار الديني. مطلوب منا جميعا، ليس مطلوبا من العلماء فقط، مطلوب منا جميعا أن نكتب يا اخواني، ان نجهر بالصوت في الاحتفالات وما إلى ذلك، ليس سبا وشتما وإثارة وما إلى ذلك، بعقلانية وعلم، بلغة حقوقية. يجب أن نعي حقوقنا، أما أن تحملوا العلماء حل المشكلات يا أخي فالحاكم هو الذي يملك الامكانات، العلماء عليهم أن يبينوا للناس حقوقهم المهضومة، أن يفتحوا واعية الناس على المطالبة بالحقوق، أن يخاطبوا الحكومة. مخاطبة الحكومة صارت يا اخوان، الاجتماعات معهم صارت في أكثر من أمر.
مداخلة
سماحة الشيخ..هل تطلبون من اللجان التي تكونت- لجان القرى الشعبية- أن تستمر في أدائها المتعلق بأحكام الأسرة؟
الشيخ
كلما اقتضى الأمر أن نواصل حملتنا فعلينا ان نملك النفس الطويل، وهذه ليست معارك يوم أو يومين، الجماعة بدأوا حملتهم منذ بعيد وسيستمرون وهم مقررون أن يقطعوا الطريق الشائك للوصول الى مطلبهم من هذا القانون، وإذا حصلت برودة في الأرض وصار الطريق مفتوحا، بلا أدنى إشكال سينفذون ما يريدون وعلينا أن نكون في موقفنا أقوياء بحيث لا نخسر ديننا وقضيتنا.
مداخلة
تدخل الصحافة هذه الأيام وترى الخلافات بين العلماء، هل هناك مشروع حوار بين العلماء لكي نفوت الفرصة على هؤلاء المغرضين؟
الشيخ
من جانبنا في الحقيقة كمجلس علمائي قررنا مبكرا أن لا ندخل في مواجهة مع بعضنا البعض، كعلماء وكطلاب علوم ما استطعنا، ربما سمعنا كلمات كثيرة إلا أن هناك من ضبط الاعصاب ما يكفي ان شاء الله لعدم الدخول في مهاترات مع بعضنا البعض. وينبغي التوافي على وجهة النظر ما امكن ولكن ليس باليد دائما أن احمل قناعتي وتحمل قناعتك، ليس باليد هذا، لكن اختلاف الرأي ينبغي أن لا يجرنا إلى مهاترات والاشتغال ببعضنا البعض عن مواجهة خطر داهم.
مداخلة
هذا سؤال فيه إثارة، ماذا لو تمّ امضاء القانون بضمانات دستورية وتمّ الانقلاب على هذه المادة بعدها؟
الشيخ
طريق دستوري غير موجود للانقلاب بعد أن ينص على أنها من المواد الثابتة التي لا تغير، هذا يسد الباب على أي تغيير دستوري، أما قضية المخالفات الدستورية يعني نحن ما ندري قد في يوم من الايام أي بلد من البلدان معرض لانقلاب شيوعي أو حكم علماني اوما إلى ذلك، الشعب لابد أن يحضر كما اليوم ويحضر غدا، ولكل مقام مقال. أما الشيء الطبيعي أن المادة الدستورية التي ينص فيها على عدم تغييرها تبقى ثابتة ما بقي النظام.
مداخلة
سؤال تكرر كثيرا وهو لا يتعلق مباشرة بموضوع الندوة، انتم طالبتم الجمعيات السياسية في الخطبة الاخيرة أن تتحرك تحركا جادا للمطالبة بدستور جديد، هل لديكم توجه لمطالبة الأمم المتحدة لكتابة دستورعقد جديد من خلال مجلس تأسيسي منتخب؟ هذا السؤال مأخوذ من كلمة ألقاها سماحة آية الله الشيخ محمد سند ما رأيكم؟
الشيخ عيسى
شكرا..الشيخ له طرح آخر غير هذا الطرح، والمشكلة ليست مشكلة كتابة دستور، المشكلة مشكلة توليد إرادة سياسية عند الطرف الآخر للقبول بدستور عقدي، والأساليب كثر والممارسة الموجودة على الأرض هي نوع من الممارسة على هذا الطريق وليس كل خطوة تأتي في الذهن يبادر إليها بشكل فوري وإنما لا بد من دراسة وتدقيق وتحقيق.
مداخلة
أريد أن أختم هذا اللقاء لهذه الأمسية بكلمة توجهها للأخوات. هناك أخوات حضورهن قوي خارج هذا المكان، كلمة خاصة لهنّ سيما وأنهنّ الآن يستهدفن يوميا من الصحافة ويسخر بهنّ.
الشيخ عيسى
انا أتطلع حقيقة إلى شخصية قوية في الفتاة وفي الفتى، وقوام الشخصية القوية علم وإيمان وقرار مدروس يتعلق بكيف أعيش ولأي شيء أحيا، أي واحد منا لابد أن يسأل عن هدفه الكبير الكبير في هذه الحياة، هناك هدف أن يبني بيت، أن يتزوج، أن يزرع هذه كلها اهداف صغيرة تفصيلية، لكن في النهاية ماذا تريد أن تكون أنت؟ هل تريد أن تخرج من هذه الحياة بجسد يكون قد التهم كل شيء وبروح شريرة لا سمح الله، أو تريد أن تخرج من هذا العالم بالوفاء وقد صرت الانسان الكبير المقبول عند الله سبحانه وتعالى؟ لابد من التركيز على هدف الحياة حتى تأتي تفاصيل الحياة في ضوء الهدف المحدد.
فأنا أرجو من نفسي ومن كل واحد أن لا تشغلنا المسائل الصغيرة والمشكلات الآنية عن التفكير جديا في الهدف من حياتنا، وأن الذي يستحق وجودي مأكلها ومشربها أو أن وجودي أكبر من المأكل والمشرب والمال والملبس؟
الله عزوجل سخر لنا الكون، يقول لك انت أكبرمن الأرض، أكبر من كل الثروات، أكبر من كل المناصب، لا تصغر نفسك، فالفتاة يجب أن يكون لها هدفها الكبير، رؤيتها العميقة، شخصيتها القوية، لا تكن ريشة في مهبّ الريح، حين تقف مع الاسلام يجب أن تقف عن وعي، وحين تقف مع الكفر يجب أن تقف عن وعي. فلابد أن تفكر، أأقف مع الكفر؟ أأقف مع الفسق؟ أأقف مع الدعوات الضالة أم أقف مع اسلامي؟ لماذا اخترت خط أهل البيت(ع)؟ إذا أصبحت قناعة راسخة وهدف واضح، يكون الشخص كالجبل الأشم لا يتزلزل لا يتزلزل.
مطلوب منا شخصيات قوية، والشخصية القوية يبنيها تحديد الهدف والعلم والإيمان. فمطلوب من الفتاة أن تحدد هدفها من الحياة مبكرا، هل تقتنع بأن تعيش في بيت كبير وتنتهي حياتها بهذا، هل تقتنع بأن تركب سيارة فخمة وتتلخص حياتها في ركوب سيارة فخمة؟ هل يقودها عقلها وفطرتها ووجدانها إلى أن تحصل على زوج فقط ممن يعجبها وتتلخص حياتها في معيشة زوجية بعشرين أو أربعين سنة وتنتهي؟ أو تريد أن تخرج من هذه الدنيا وجودا كبيرا مرضيا عند الله سبحانه وتعالى وروحا شفافة تتأهل في هذه الحياة، هذه الدورة هي دورة قصيرة من دورات الوجود، دورة ستين ثمانين سنة مائة سنة لكن من خلالها يتأهل الرجل تتأهل المرأة إلى أن يكونا مع رسول الله(ص).
ماهو الهدف؟ عندما يتحدد الهدف يا أخوتي، ويكون علم ويكون إيمان تكون شخصية متينة قوية جدا فولاذية وتكون مواقف الانسان واضحة، يوم يشرق بالمؤمن ويوم يغرب بالكافر، لا .. إما إيمان عن وعي أو يختار لا سمح الله خط الكفر ويسير في الكفر.
أريد أن أنبه فتياتنا أن لديننا علينا حقا، والحق ليس حق الصلاة والصوم فقط، حق معرفته، لديننا علينا حق عميق جدا وهو حق معرفته، معرفة الدين لابد أن يكون دراسة. اشغلوا المساجد اشغلوا الحسينيات اشغلوا البيوت بدراسة الدين. ليس من الصحيح أن الدراسة المدرسية تأخذ العمر كله فيكون الانسان مهندسا بلا وعي ويكون طبيبا بلا وعي، يكون طفلا في الجوانب الأخرى، في الرؤية للحياة، في تقديره لانسانيته، في معرفته لربه سبحانه وتعالى.
لابد من دراسة ، يا أخوة ويا أخوات، العامي والمتعلم فليطلب المزيد من معرفة دينه.
غفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله.