كلمة آية الله قاسم في الندوة العلمائية حول التطبيع بعنوان : التطبيع مع العدو الإسرائيلي
آية الله قاسم في ندوة علمائية عقدتها 5 منظمات إسلامية حول التطبيع: خيانة وخروجٌ على دين الله.. والأمة مسؤولة عن مقاومة هذا التطبيع حتى إنهائه
قال سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في الندوة التي نظمتها 5 منظمات إسلامية عبر الفضاء الإلكتروني وبمشاركة 14 شخصية علمائية من البلاد الإسلامية عن “التطبيع بين التحريم والتضليل” بأن ما وراء حقيقة التطبيع أمرٌ أدهى وأبعد وأجلى في المصادمة مع ثوابت الإسلام، ذلك لأنّه التحالف إلى أبعد الحدود من دولٍ إسلاميةٍ تُسمّي نفسها بدول الاعتدال مع أكبر قيادةٍ للشرّ في الأرض حكومة أمريكا والغدّة السرطانية الصهيونية في فلسطين، ضد محور الوجود المقاوم في الأمة عن حريمها ووجودها وهويّتها ودينها ومصالحها على الأرض، مشدداً في الوقت نفسه بأنّ التطبيع مع العدو الإسرائيلي جريمةٌ مُحرّمة، وأنّ فتاوى التطبيع خيانةٌ للأمّة وخروجٌ على دين الله وكذبٌ عليه.
ولفت سماحته في الندوة التي أقامتها مؤسسة عاشوراء الدولية، ومركز الأمة الواحدة، مركز الإسلام الأصيل، مجلس علماء فلسطين، وتجمع العلماء المسلمين، بأنّ التطبيع يعجّ بألوان الإثم والتعدّي على حدود الله، والتعاون على أبشع صور الظلم والطغيان، فكيف يتردّد مسلمٌ بأنّه من التعاون على الإثم والعدوان؟
وأكد سماحته خلال مشاركته التي عقدت عبر برنامج الـ”الزوم” 22 أغسطس 2020، بأنّ سكوت الأمّة على هذا التطبيع خيانةٌ أخرى وجريمةٌ أخرى حاشا للأمّة الإسلامية أنْ تقع فيها، مشدداً على أنّ عليها أن تقاوم هذا التطبيع حتى إنهائه.
للمشاهدة :
فيما يلي ننشر لكم نصّ كلمة سماحته:
التطبيع مع العدو الإسرائيلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
الصلاة والسلام على نبيّنا وحبيب قلوبنا النبي الأعظم الأكرم المصطفى محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أيُّها الأخوة الكرام الأفاضل المشاركون في هذه الندوة الشريفة.
التطبيع مع العدو الإسرائيلي جريمةٌ مُحرّمة.
فتاوى التطبيع خيانةٌ للأمّة وخروجٌ على دين الله وكذبٌ عليه.
سكوت الأمّة على هذا التطبيع وعلى هذه الفتاوى خيانةٌ أخرى وجريمةٌ أخرى حاشا للأمّة الإسلامية أنْ تقع فيها.
العدوان الصهيوني على الأمّة باقٍ على ما هو عليه، والاستهداف الصهيوني لهويّة الأمة وإِحكام القبضة التامّة عليها وإذلالها في توسُّعٍ واشتداد.
الأرضُ محتلة، والمقدّسات تدنيسها مستمر، والشعب الفلسطيني يُلاحقه القتل والمجازر والتصفيات، ويُنهب ما تبقّى من أرضٍ يقيم عليها حياته، والأطماع التوسعيّة للعدو الصهيوني في تمدُّد، وعُدوانه على مواقع الصلابة والقوّة في الأمة لا ينقطع.
فإذا كان مثل هذا سبباً شرعيّاً مُلزماً بحدوث المقاومة ووجودها حدوثاً، فهو مع بقائه سببٌ شرعي ملزمٌ ببقائها. كما بدأت المقاومة لهذا السبب، يجب أن تستمرّ ما دام هذا السبب مستمراً.
وللتطبيع من أي بلدٍ عربي أو إسلامي في هذا الوضع دلالاته الخطيرة، ولوازمه المضرّة بالأمّة ودينها، والتي تُمثّل إعلاناً عمليّاً باتخاذ موقفٍ مُعادٍ لها.
هذا التطبيع طريقٌ سالكٌ للقضاء على القضية الفلسطينية والتصفية التامّة لها.
وفي هذا التطبيع المشؤوم اعترافٌ ظالمٌ للكيان الصهيوني الغاصب بالشرعيّة، وشرعنةٌ لبقائه وحتّى توسعه على حساب العالم الإسلامي والعربي. وفيه إدانةٌ لكل الوجود المقاوم للاحتلال الغاشم، وتمكينٌ للدور التخريبي الهَدَّام الذي تلعبه الصهيونية في المنطقة لزعزعة وجود الأمة كلّه من داخل صفوفها، والمواقع المركزية والمتقدمة فيها على مستوى الشعوب والحكومات.
إنّه فتحُ بابٍ للتغلغل في مفاصل هذه الأمة وفي مواقع قرارها؛ لإفساد أمر الأمّة كلّها.
وكأنّ المُطبّعين مع قيام العدوان واستمرار شراسته وغطرسته، يعلنون عن توبتهم عن مقاطعته التي صاروا يرونها أنّها ظلمٌ كبير ارتكبت إثمه الأمّة في مقاطعتها للعدو الصهيوني.
والتطبيع المرفوض من الإرادة الفلسطينية كلّها هو ازدراءٌ وإلغاءٌ لأيّ قيمةٍ لهذه الإرادة بحيث لا يُقيم لها أي شيءٍ من وزن. هكذا يعني التطبيع بالنسبة للإرادة الفلسطينية الرافضة له.
وهو عزلٌ للفلسطينيين عن قضيته أوّل ما أحرقت نارها أرجُلهم وأتت على أمنهم وأكلت الأرواح الغفيرة منهم، وحرمتهم مأواهم وشرّدتهم وسبّبت لهم الضياع في الأرض.
يُنظر إلى الفلسطينيين في هذا التطبيع وكأنّهم صفرٌ على الشمال، بلا إرادة، وبلا وزن، أو أنّهم شعبٌ قاصر في حكم الطفل الذي لا يملك على نفسه ولاية، وأنّ أطراف التطبيع هم أولياؤه الشرعيون المتصرّفون بكل حريةٍ في أمره.
والأقرب في هذا التطبيع أنّه بيعٌ لكلّ مصلحةٍ من مصالح الشعب الفلسطيني، والأمّة العربية والإسلامية، ومُقدّرات الجميع، من أجل نيْل الثقة لِسَيِّدِيّ العملية الخيانيّة الكبرى أمريكا وإسرائيل، عسى أن تأمن كراسي المطبّعين، ويُسدَّ باب التغيير الإيجابي في هذه الأمّة لصالح الدين وشعوبها.
هذا هو التطبيع مع العدو الصهيوني، فهل لمسلمٍ أنْ يتوقف في حكم حرمته؟ وهل من متردّدٍ بحقّ في كونه مصداقاً جليّاً تماماً من مصاديق قوله عزّ وجلّ (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)؟!
والتطبيع يعجّ بألوان الإثم والتعدّي على حدود الله، والتعاون على أبشع صور الظلم والطغيان. هذا شأنه، هل يتردّد مسلمٌ بأنّه من التعاون على الإثم والعدوان؟
أمّا ما وراء حقيقة التطبيع أو مع هذه الحقيقة، فأمرٌ أدهى وأبعد وأجلى في المصادمة مع ثوابت الإسلام، ذلك لأنّه التحالف إلى أبعد الحدود من دولٍ إسلاميةٍ تُسمّي نفسها بدول الاعتدال مع أكبر قيادةٍ للشرّ في الأرض حكومة أمريكا والغدّة السرطانية الصهيونية في فلسطين، ضد محور الوجود المقاوم في الأمة عن حريمها ووجودها وهويّتها ودينها ومصالحها على الأرض. والأمّة بهذا تكون كلها مسؤولة عن مقاومة هذا التطبيع حتّى إنهائه.
إنّكَ بين أنْ تحكم بدخول هذا التطبيع وهذا التحالف تحت قوله تبارك وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ)، أو تحت قوله عزّ وجلّ (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، ولا أراكَ متردّداً في مصداقيّة هذا الفعل البالغ السوء والقبح والحُرمة لأيٍّ من العنوانين. هو بكلّ جزمِ ووضوحٍ وعلى أيّ مقياسٍ من آيةٍ قرآنيةٍ كريمة أو حديثٍ شريف أو سُنّة النبي “صلَّى الله عليه وآله”، هو أمرٌ بالغ القبح، بالغ الخيانة، بالغ السوء، بالغ الضرر، والأمّة كلّها مسؤولةٌ عن ردّه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.