نصّ كلمة سماحة آية الله قاسم عشيّة عيد الغدير الأغرّ 1445هـ

*نصّ كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في صحن الغدير بالعتبة الرضوية المقدسة، عشيّة عيد الغدير الأغرّ الموافق 17 ذو الحجّة 1445هـ / 25 يونيو 2024م، وذلك بحضور جموع الزوّار من مختلف البلدان الإسلامية:  

 

 

السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات

السلام على الأحبة في الله. 

السلام على السالكين طريق الله. 

السلام على أهل الولاء لآل رسول الله وآله الطيبين الطاهرين. 

السلام على الأمة المؤمنة. 

السلام على الأمة المسلمة في كلّ أقطار الأرض ومن كلّ القوميات، وفي الشرق والغرب، في الشمال والجنوب. 

السلام على الأمة الواحدة التي عليها أن تتوحد على طريق الله وأن تسير في مسار القيادة المؤمنة الصالحة الهادية المهدية. 

 

مع الآية الكريمة (يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُيَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْكَٰفِرِينَ)

ماذا أنزل الله على رسول الله (صلّى الله عليه وآلهوسلم)؟

أنزل عليه منهجاً إلهياً لهذه الحياة لا يمسّه باطل. أنزل عليه منهجاً معصوماً، والمنهج المعصوم بلا قيادة المعصوم لا يعودُ معصوما. 

 

أقول المنهج المعصوم، الرسالة المعصومة، لا تبقى معصومةً حقّاً إلا بالقيادة المعصومة، فلابد أن يتزامن في عدل الله، وأن يتقارن في عدل الله أمرُ إنزال الرسالة الإلهية الصادقة المعصومة مع تعيين القيادة الإلهية المعصومة، قيادةٌ بلا منهج المعصوم لا تُجدي، منهجٌ معصوم من غير قيادةٍ معصومة لا يُجدي، المنهج المعصوم تضيع عصمته، تميع عصمته بل تضيع عصمته، نخسر عصمته حينما يتولّى الأمر جاهل، فاسق، غير حكيم، غير دقيق، لا يحمل عقلاً كبيراً، لا يحمل قلباً كبيراً ورحيماً، حين يأتي القائد قاصراً يقصر المنهج من ناحيةٍ عملية بمقدار القصور الذي تعاني منه القيادة، فكلما اخترنا قيادةً أقلّ شأناً كلّما نزلنا بإسلامنا بدرجةٍ وأخرى، يرتفع مستوى القيادة فنجد من الإسلام من الناحية العملية مستوىً عظيماً بقدر هذه القيادة، الإسلام في نفسه عظيمٌ ويبقى عظيماً وإلى آخر الزمن هو عظيم، ولكنّه من ناحيةٍ عملية لا تظهر عظمته إلا من خلال تمكين القيادة المؤمنة الصالحة التي تمثّل خير صورة، تكون هي أقرب صورة لصورة المعصوم عليه السلام، لواقع المعصوم عليه السلام، لعصمة المعصوم عليه السلام.

 

لن نحصل معصوماً في الأرض غير من اختارهم الله عزَّ وجلّ للإمامة بأسمائهم، ولكنّا نحصل على درجاتٍ متفاوتة من العدول، فكلما كان الحاكم أعدل، كلما كان الحاكم أعلم، كلما كان الحاكم أكثر تقوى، كلما كان الحاكم أكثر رشداً، كلما كان أكثر رحمةً ووعياً، كلما كان أكثر خبرة ودقة، وكلما كان منضبطاً أكثر، ضابطاً لنفسه، خاضعاً لأمر ربه تبارك وتعالى، حصلنا من الإسلام بمقدارٍ وافرٍ من حقيقته.

 

اختاروا القيادة العالية تعيشون الإسلام العالي، إذا اخترنا القيادة السافلة سنسفل بالإسلام، سنسقط قدر الإسلام، سنعطي صورةً دنيئة للإسلام، وسنجور على الإسلام ونعتدي على الإسلام. 

لن نكون مسلمين حقّاً، لن نكون مسلمين صالحين، لن نكون مسلمين منتصرين للإسلام حتى نختار القيادة الإلهية الأقرب إلى رضوان الله تبارك وتعالى. 

ما كان للأمة أن تختار الفقيه الأعلى في زمن الإمام المعصوم إماماً، لم يكن بيد الأمة أن تختار أعلى شخصية إسلامية علماً وعدالةً وحكمةً وخبرة في زمن عليٍّ عليه السلام، مديرةً وجهها عن الإمام المعصوم عليه السلام.

 

وإذا عَثَرَتْ الأمة في زمن الغيبة للإمام المعصوم،آخر الأئمة الإمام القائم عليه السلام، إذا عثرت على أفقه الفقهاء، لو حصل هذا، على أخبر الخبراء، فقيهٌ هو الأفقه، هو الأخبر، هو الأكفأ، هو الأشجع، هو الأكثر استجماعاً لصفات الكمال؛ لكان عليها أن تأخذ برأي هذا الفقيه، وأن تتبع هذا الفقيه.

قد لا تحصل على ذلك كلّه، لكن الظنّ والتصويت قادها إلى فقيهٍ كبيرٍ مأمونٍ صالحٍ كفوءٍ أمين شجاع خبير صبور، إلى آخره، يستجمع من صفات الكمال بالقدر الوافر، ولنفرض أننا لا نقطع بأنه ليس القمة في الأمة، -فلنفرض هذا- ولكنه كان القمة التي تعرفنا عليها بحسب ظاهر الأمر، وبحسب ما أدّت إليه الأمور الإجرائية ووسيلة الوصول إلى موقع القيادة والإمامة.

هنا علينا أن نقدّره، أن نتّبعه كما كنّا نتبّع الإمام المعصوم عليه السلام، وأن نأخذ برأيه وكأنه رأي الإمام المعصوم عليه السلام. 

 

دعونا نرجع إلى الآية الكريمة: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ)

أمرٌ حدّي، حكمٌ حدّي صارم لا تسامح فيه (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)

ما هذا الأمر الذي أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بتبليغه، والذي لو تأخر عنه لكان في حكم من لم يبلغ من الرسالة شيئاً؟ ما هو هذا الأمر؟ 

فلنعرف عظمة الإمامة، فلنعرف قدسية الإمامة، فلنعرف ضرورة الإمامة، فلنعرف شاهق الإمامة، (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)، وكأن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لو تأخّر عن تبليغ أمر الإمامة الرشيدة، المعصومة، الإمامة المسددة من الله، الإمامة التي لا خيار لها إلا ما اختار الله، لو لم يبلّغ هذا الأمر فكأنّه لم يبلّغ الصلاة والصوم ولا الحج ولا كلّ العبادات، الإمامة أسُّ الإسلام من ناحيةٍ عملية، التوحيد أشرف ما في الإسلام، ولا شيء من الإسلام إلا في ظلّ التوحيد، ولكن من الناحية العملية التطبيقية حتّى يسلم التوحيد، حتى يصفو التوحيد، حتى لا تشوب التوحيد شائبةٌ من الوهم ومن الهوى البشري ومن القصور البشري ومن التصوّر المنحرف للبشر فلابد من ركن الإمامة. 

إسلامنا من الناحية العملية وليس من ناحية الإسلام في نفسه، إسلامنا بمستوى قيادتنا، ولا قيادة لها شأنٌ يُنظر له إلا بمقدار ما يكون لهذه القيادة من ارتباطٍ، من انصرافٍ، من تعلّقٍ، انشدادٍ، بالإسلام، فهمٍ للإسلام، إخلاصٍ للإسلام، فهناك أمرٌ دقيق لا نجاح للأمة وللحياة إلا بقيادةٍ من صنع الإسلام، وإلا بإسلامٍ صافٍ باقٍ على صفائه الإلهي، وعلى الصورة التي تنزّلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله). 

اعرفوا قدر الإمامة حتى في حيّكم، القيادة حتى في الحيّ، حتى في العشيرة، في الجمعية، في حزب، إلى آخره. 

 

إخوتي الكرام.. 

(وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)

بلّغ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تمام البلاغ، وأدّى رسالة التبليغ بكلّ أمانة وفهمٍ وحكمة، فتوفرت صورة الإسلام بكاملها ودقّتها بإحاطتها في عقل وقلب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، هذا كفى؟ طبعاً لا يكفي. 

هناك تبليغ الإسلام، وهناك تطبيق الإسلام. الأمانة في تبليغ الإسلام، والدقّة في تبليغ الإسلام، والحكمة في تبليغ الإسلام من أجل أن يبقى الإسلام مخزوناً في القلوب، أم من أجل أن يتحوّل إلى واقعٍ عمليٍّ يعمّ حياة الفرد والمجتمع والإنسانية كلّها. 

الرسول أُمر بهذا الأمر الحاسم، (بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ)، الأمة مخاطبة بشيءٍ آخر أو لا؟ هناك خطاب موازٍ لخطاب الآية، موجّه للأمة، طبّقي يا أمة الإسلام التطبيق الصادق الكامل وإلا لم تطبّقي الإسلام، إذا طبقتِ الإسلام في الصلاة وفي الصيام وفي الحج وفي الزكاة، فإنّ هذا التطبيق سيتلاشى وسينتهي وسيُنسى إذا لم يكن هناك التطبيق السياسي للإسلام. 

الإمامة أسُّ الإسلام، إذا لم يطبّق الإسلام سياسياً ضاعت الصلاة والصيام والحج وكلّ العبادات، انظروا إلى الدولة الفاسقة هناك في الأرض، انظروا إلى الدول الفاسقة في الأرض، التي لا تطبّق الإسلام، ماذا يبقى من الإسلام فيها؟ وإلى حدٍّ يُحارب المسجد، وتُحارب الجمعية الإسلامية،ويُحارب المحراب في كلّ أنحاء تلك البلاد؟ تُحارب التقوى، يُحارب الدعاء، يُحارب إحياء ليلة القدر، يُحارب كلّ شيءٍ من العبادة، ذلك أن خطّ السياسة ليس خطّاً إلهياً، ذلك الغياب الإسلامي في البعد السياسي، ذلك لكفر الحكم بسياسة الإسلام، وسعيه لكفران الأمة بالإسلام كفراناً عملياً ونظرياً أو عملياً على الأقل، وصولاً بعد ذلك إلى الكفر النظري. 

السياسة والإمامة، والإمامة سياسة، الإمامة قيادة، كقيادة الطائر القوي الأقوى الأهدى الأعرف بالطريق والأجواء والرحلة الطويلة للطيور، الرحلة الآمنة، الطريق السليم، الطيور تختار لها قائداً هو الأقوى، هو الأوعى، هو الأفهم، هو الأكثر اهتداءً بالطريق والغاية، فكيف بالبشر؟ 

وإذا كانت قيادة الطيور قيادة لمرحلة خاصة وفترة معينة وفي هذه الدنيا ولمدة قصيرة جداً، فقيادة الإنسان قيادةٌ على مستوى امتداد العمر الدنيوي للفرد، للجيل، للإنسانية كلّها، قيادة تمتدّ لليوم الآخر والذي لا نعرف عنه إلا ما جاء عن الله عزَّ وجلّ، وأعرف من يعرف بالدنيا والآخرة هو الإمام المعصوم.

الإمام المعصوم عليه السلام لم يرسل لسعادة الآخرة فقط وإن كانت هي المطلوب الأول، سعى ليريح الناس في الدنيا، إمامته لإراحة الناس في الدنيا، أمنهم في الدنيا، هدايتهم في الدنيا، غناهم في الدنيا، صحتهم في الدنيا، تحاببهم في الدنيا، وللسعادة الأكبر في الآخرة.

الطريق الطويل للدنيا، والطريق والغاية البعيدة للآخرة ليس من يدركها تمام الإدراك، إلا الإمام المعصوم وقبله النبي المعصوم. 

الإمامة أصعب المناصب يا إخوان، الإمامة أكبر من منصب الحاكم. الحاكم يحكم في أوضاعٍ دنيويةٍ محدودة، ويعالج ناحية اقتصادية قد ينجح فيها أو غير ذلك، الإمام المعصوم يقود النفوس لأوضاعٍ سليمةٍ سعيدةٍ في الدنيا، يقود النفوس قيادة سليمة، قيادة مربية، قيادة مهذبة، قيادة واعية، قيادة بصيرة، لتنصع هذا النفوس في ظلّ هداية المعصوم وتربية المعصوم، كلّ أوضاعها في الدنيا على نحوٍ صحيح ورشيد وآمن، ولتبلغ هذه النفوس إلى أعلى درجات السعادة وذلك في الآخرة. 

تمسكوا بالإسلام يا إخوان، وكيف تتمسكون بالإسلام؟ تتعلمونه، تتفهمونه، تتربون عليه،ترتبطون كلّ الارتباط بالقيادة الإسلامية الرشيدة. 

 

على الأمة أن تُتْعب نفسها وإن بلغ بها التعب ما بلغ، وأن تبحث ما بلغ بها البحث وكلّفها عن الإمامة الرشيدة، عن الإمامة القادرة، عن الإمامة الأمينة، أقرب إمامة تمثّل الصورة العملية للإسلام العظيم. 

أوّل النجاح، أوّل الطريق للتغيير الإيجابي، أوّل الإصلاح، أوّل النهضة، أوّل التقدّم، أوّل اكتساب القوة والهيبة وقيادة العالم؛ أنْ نبحث عن القيادة الأكثر رشداً، الأكثر علماً، الأكثر هدايةً، الأكثر شجاعةً، الأكثر اتصافاً بالصفات التي تقرب من هذا القائد بقيادة المعصوم عليه السلام. 

 

الآية الكريمة تقول (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) ويقول لنا الإسلام أيضاً، والآية تشير إلى هذا، أنّ على الأمّة أن تبلّغ الإسلام لكلّ الأمم، لأفرادها هي، ولكلّ الأمم ولكلّ القوميات وأن تطبق الإسلام في حدّ ذاتها التطبيق الأمين، الدقيق، الناجح، الذي يعطي دولةً أكثر نجاحاً من بين كلّ الأمم، يعطي دولةً أكثر تقدماً من بين كلّ الأمم، أهلها أكثر تحابباً ورشداً وانضباطاً وعقلانيةً، تطبّق الإسلام في داخلها من أجل تعطي إسلاماً عملياً، صورة من الإسلام العملي يشعّ بهذه الصورة واقع هذه الدولة الإسلامية، ليكون دعوةً للعالم كلّه، لشعوب العالم، ولكلّ المستضعفين في العالم، بأن اطلبوا النجاة من خلال الالتحاق بهذه الدولة، بأن تصنعوا مثل هذه الدولة، وصورة هذه الدولة في كلّ بقاع العالم.

داعية كبير، رسول كبير في الأرض، أن تقوم دولة إسلامية صادقة صافية، أوضاعها إيجابية في بعدها الديني والعملي، تقدمها مشهود في البعد الديني وفي البعد العملي، فلنتعاون من أهل هذا البلد ومن خارجه على إنجاح هذه الدولة من أجل أن تكون لهم حصناً وهادياً، ولتكون لهم لساناً رسالياً في الأرض كلّها، ومبلغاً عالمياً لكل الدول والعالم بأنْ يا عباد الله التحقوا بدولة الله. 

 

هل شخّص الله عزَّ وجلّ من أمر بتوليته والأخذ بإمامته أو لم يشخّص؟ 

(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) – المائدة 55. 

لم يجد المفسرون الأكثر دقّة والأكثر موضوعية، لم يجد المفسرون من هذا النوع انطباقاً صادقاً لهذه الآية الكريمة غير هذا الانطباق وهو أن المعني في الآية؛ الإمام المعصوم علي عليه السلام، هو المعني في قوله تبارك وتعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)

 

الصلاة بُعد عملي في شخصية الإمام علي عليه السلام، العصمة تعني إقامة الصلاة منه، تعني العصمة العملية في البعد العبادي، وإيتاء الزكاة تشير أيضاً إلى البعد العملي في المعصوم، في شخصية الإمام علي عليه السلام. 

 

تعالوا نقرأ بعض الكلمات من خطبة الغدير لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 

(مَعَاشِرَ النَّاسِ: إِنَّ عَلِيّاً والطَّيِّبِينَ مِن وُلدِي..)

 

الكلام ليس عن علي فقط.

ولده فيهم طيبون وغير طيبين؟ من هم الطيبون؟ 

بصدقٍ كامل: هناك العباس بن علي طيب، ولكن من نضمن فيه الطيب المطلق؟ نضمن فيه الطيب المطلق والمطابقة في الموقف العقلي والموقف القلبي والموقف العملي بين ما عليه هذا الشخص وبين ما يريده الله، وبين الإسلام في صورته الحقيقية، من هو؟ 

لابد أن يكون معصوماً كما هو الإسلام معصوم. 

 

(مَعَاشِرَ النَّاسِ: إِنَّ عَلِيّاً والطَّيِّبِينَ مِن وُلدِي هُمُ الثَّقَلُ الأَصغَرُ والقُرآنُ الثَّقَلُ الأَكبَرُ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مُنبِئٌ عَن صَاحِبِه)

 

إذا فهمنا آيةً من آيات الله على واقعها فلنعلم أن رأي المعصوم هو رأي هذه الآية، لو فهمنا تماماً معنى الآية لكنّا في غنىً عن رأي المعصوم لأنه هذا هو رأي المعصوم، هذا لو قطعنا بفهم مضمون الآية -ونحن لا نقطع ولو قطعنا لا نقطع إلا قليلاً-. 

إذا قال المعصوم رأياً، أنا ما قرأت القرآن، ما وقفتُ على آيةٍ تقول بهذا القول، لكن حينما أتلقى من الإمام عليٍّ عليه السلام رأياً، حكماً شرعياً، مفهوماً إسلامياً، هدفاً إسلامياً، عليَّ أن أتيقن تماماً بأنّ هذا هو من مضامين القرآن، مما هو في القرآن، مما يريده القرآن.

 

فكلٌّ منهما يُنبئ عن الآخر، عن فهم الآخر، عن رأي الآخر، عن خُلق الآخر، وموافق له، (فَكُلُّ وَاحِدٍ مُنبِئٌ عَن صَاحِبِهِ ومُوَافِقٌ لَه)، القرآن والعترة، كلٌّ ينبئ عن الآخر. 

 

حبيبي، يأتي في الخطبة: 

ــ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى عَضُدِهِ فَرَفَعَهُ وكَانَ مُنذُ أَوَّلِ مَا صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله شَالَ عَلِيّاً حَتَّى صَارَت رِجلُهُ مَعَ رُكبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآلهثُمَّ قَالَ ــ

عليٌّ قوي، البطل الذي لا يوجد بطلٌ مثله بعد رسول الله، شال علياً، لماذا هذا الشيء؟ 

يقول، وصلت رجلا علي بن أبي طالب موازية لركبة رسول الله، في هذه الصورة ماذا يحصل؟ يحصل أن علياً مرتفع عن قامة رسول الله، لماذا؟ لتراه الصفوف من بعيد، لترى من يتحدث عنه رسول الله حتى الصفوف البعيدة، لتعريفه، حتى لا يشتبه مشتبه من هو المعني، صوت وصورة، صوت وحقيقة جسدية، وصوت النبي في تنصيبه لعلي عليه السلام، كلّ هذا مشهودٌ للملأ الكبير. 

 

 

(هَذَا عَلِيٌّ أَخِي)

لن أقف على دلالة الكلمات، دلالة (أخي) دلالة كبيرة وعظيمة جداً، طبعاً ليست أخوّة نسبية وليست أخوّة صداقة، أخوّة وكأنه يرتفع به إلى مستوى يكاد يكون أخاً له في النبوة، يكاد وهو ليس نبياً، النبي هو محمد (صلى الله عليه وآله)، ولكن الإمام مرتفعٌ في مستواه حتى لينظر له الناظر وكأنه أخ رسول الله في مقامه. 

 

(مَعَاشِرَ النَّاسِ: هَذَا عَلِيٌّ أَخِي ووَصِيِّي ووَاعِي عِلمِي وخَلِيفَتِي عَلَى أُمَّتِي وعَلَى تَفسِيرِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ والدَّاعِي إِلَيهِ والعَامِلُ بِمَا يَرضَاهُ والمُحَارِبُ لِأَعدَائِهِ والمُوَالِي عَلَى طَاعَتِهِ والنَّاهِي عَن مَعصِيَتِهِ، خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ وأَمِيرُ المُؤمِنِينَ والإِمَامُ الهَادِي وقَاتِلُ النَّاكِثِينَ والقَاسِطِينَ والمَارِقِينَ، بِأَمرِ اللَّهِ أَقُولُ وما يُبَدَّلُ القَولُ لَدَيَ‏ بِأَمرِ رَبِّي.

أَقُولُ اللَّهُمَّ وَالِ مَن وَالاهُ وعَادِ مَن عَادَاهُ والعَن مَن أَنكَرَهُ واغضَب عَلَى مَن جَحَدَ حَقَّهُ.)

 

كان البيت النبوي للنبي (صلى الله عليه وآله)، ولكلّإمامٍ من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، القائد العملي للأمة، القائد على طريق الإسلام، هناك حكّام ولكن القائد القيادة الإسلامية طوال حياة أهل البيت الإحدى عشر بعد رسول الله، لم تكن قيادة إسلامية يُتلقى منها الإسلام تُفهم الناس الإسلام، تحمي الإسلام، تذود عن الإسلام، تعد الحرب في صالح الإسلام؛ غير البيت النبوي. 

 

اليوم كيف؟ 

لا زال البيت النبوي هو قائد الأمة من الناحية الفكرية ومن الناحية العملية، البيت النبوي غنيٌّ بفقهائه الكبار، البيت النبوي غنيٌّ بقياداته العلميةوالعملية. قيادةُ الإمام الخميني “أعلى الله مقامه” قيادةٌ على خط أهل البيت وهو من أهل البيت، قيادةُ الإمام الخامنئي “أعزّه الله وأيده ونصره” قيادةٌ على خط أهل البيت وهو من نوع قيادة أهل البيت “عليهم السلام” التابعة لقيادتهم المُثلى، هي قيادة مُتبّعة، وقيادة مُقتدية، وقيادة مُسترشدة، وقيادة مستلهمة لقيادة أهل البيت.

السيد حسن نصر الله “أيده الله” قائد حزب الله، قيادة هاشمية وقيادة على خط أهل البيت “عليهم السلام”.

ولا تزال القيادات الكبرى في الأمة والمؤثرة خاصة في الزمن الحاضر وفي خوض الحرب مع الكفر الأمريكي والإسرائيلي اليهودي، لا زالت القيادة قيادة أهل البيت “عليهم السلام” وستوصل هذه القيادة إن شاء الله راية الإسلام خفّاقة تسلمها بيد الإمام القائم “عجل الله فرجه وسهل مخرجه”، فمع الانتظار الإيجابي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى