مقال : ذاكرة الأرض
إنَّهُ تاريخٌ يزعجهم، تاريخٌ يحمل محطاتٍ مهمّة ومفصليَّة في البلد، بدءًا بنشأة المجلس التأسيسي والذي كان الشيخ عيسى أحمد قاسم أحد أركانه، مرورًا بالبرلمان – السبعينات – الذي كان فيه الشيخ مَعْلمًا مِن معالم الصدّ فيه.
على مدى أربعة عقود استطاع قاسم ونفر انسجموا معه أن يخلقوا حالةً مناوئة لحالة الحكم العاسف، حالة إسلامية تشكل حائط صدّ دون تجاوز النظام على مقدرات الشعب الدينية والوجودية.
على سبيل التفصيل فإن بداية الحياة الديموقراطية تؤرخ بالعمل الذي قام به الشيخ عيسى قاسم وزملاؤه يوم صاغوا دستور البلاد في المجلس التأسيسي.
وأذكر أنني حررت مقالا يوم أسقَطت السلطة جنسية سماحة الشيخ ولفتُّ إلى أنَّ العَجب: أنّه يوم كان ملك البلاد غير فاعلٍ في شؤون إدارة البلاد كان الشيخ عيسى قاسم وزملاؤه يؤسسون الحالة الدستورية للوطن.
ومن المستغرب أن رجلاً يعود تاريخ وجوده إلى مدى غير مدركٍ وبعيدٍ ومتجذرٍ ويمتلك هذا التاريخ تُسحب منه الجنسية.
بَل إن مثل هؤلاء الأفراد يحتفى بهم في حياتهم وبعد العمر المديد من العطاء يخلدون.
سماحة القائد .. هُم باستهدافهم وجودك إنما ارادوا استهداف الأيقونة المديدة في تاريخ هذه الارض، لأنهم لايشبهونها ويكرهون مرايا الكمال فيها .
لكن هل يقدر من أحرق الكتب وكسر المحابر أن يمحو ذاكرة الأرض التي تنبض بها كل ذات أصيلة تذوب في هذا التراب!؟
إنَّ خُطّتهم طامحةٌ بتغيير معالم الأرض! فكيف تتغير تلك المعالم بعدما ارتوت يمداد العلماء الذين طبقت شهرتهم آفاق العالم؟
بقلم محمد البحراني
