إليك أيها الصامت الناطق
إليك أنت سيدي..
أيها الوتد الشاخص في بقعة الدراز، تقاس بك أوقات صلوات العشق والفداء، فتطوف حولك جماعات الوصل أداءً وقضاء، ويشع ركوعها وسجودها من مفاهيم العزة والأصالة والإباء..
بك أنت -سيدي- تُحفظ أرض البحرين أن تميد، أو تحيد، أو تغور في لجج الغي والعي، أو تغيب بين شفار الأهواء والشقاق، والظُّلْم والنفاق..
🔹أنت أنت، احتارت في شأنك قوى الاستكبار والطغيان، وتكردست في ظُلَم الجهل بك أحلاف الشيطان، وتراشقت من محيط بيتك سهام الرعب منصبّةً على قلوب زمر الكفر والطغيان، فأصابت، وأعابت، وما رميت إذ رميت، ولكن الله رمى.
قل لي..
كيف أذللت رقاب الزيغ بلا سلاح أو مِراس؟! وكيف ألجمت أشداق الطواغيت بلا صراخ أو ضِراس؟!
🔹ما هو سرُّك؟!
مهلا مهلا، لا تقل..
لا حاجة لأن تقول..
فأنت السر المكشوف إلا لمن تلهّى وتعدّى، وتلوث بكنيف الكِبْر فتردّى..
أنت عيسى، أنت قلبٌ عرف الله، فعرَّفه الله بلسمًا لصالح عباده، داءً لأراذل خلقه، فكان سكوتك نطقا نشر الله رسالاتِه البليغةَ حيث يشاء، وكيفما يشاء، وبما يشاء، فأنت الصامت الناطق، البصير الحاذق، لا تزيدك هيبة الصمت إلا علوّا، ولا تضيف إلى طمأنينتك ووقارك إلا سموّا..
🔹سيدي..
حكموا عليك، وما علموا أنهم قد حكموا على أنفسهم لا عليك، وأنى لمن تمرغ أنفه في الصَّغار، أن يحكم على حامي الذمام والذمار؟!
هل أنت جسد ليتمكنوا منك؟! أنت رشحةٌ من خُلُق الله في أرضه، اللهِ القوي، العزيز، الجبار، المنتقم، الناصر لعباده الصادقين..
لقد تجلّت فيك وعود الله تعالى، فشهدناها عيانا، وبيانا، فحجّنا الله بك صامدا صابرا، محتسبا شاكرا، منصورا مؤيدا..
أما أعداؤك الفاسقون الضالون، فقد تجلى فيهم وعيد الله، وسيزيد جلاءً، ولا ينبئك مثل خبير..
أما نحن سيدي، فقد ازدادت قناعتنا فيك، وفي الخيار، والقرار: *لا شيء إلا الدفاع عنك حتى الموت*..
🔹رافَعوا، أجّلوا، مدّوا أجلا، حكموا، استأنفوا..
أدانوا، أم برؤوا، شدّدوا، أم خفّفوا، أقدموا، أم تراجعوا، صعّدوا، أم أنزلوا، لا شيء يعنينا إلا الموت في سبيلك، أو الحياة تحت ظلك..
حاصروا، أم فكوا الحصار، سرّبوا خبرا، أشاعوا كذبة، استدعوا، لاحقوا، حقّقوا، هدّدوا، سجنوا، أسقطوا جنسيةً، أم أرجعوها، لا يعنينا من ذلك شيءٌ في الموقف، ولا يغيّر في وضوح رؤيتنا شيئا، فما ذلك كله منهم إلا خبط عشواء، وخسران غلواء، وحيرة مأفون مخذول، عن نصر الله مُبعَد مفصول..
وسينبئك تقادم الأيام بصدق هذا الحديث عجبا، وسيتبع سببا..
ونحن حول دار الفقيه مرابطون، وعن حريمه مدافعون، فإما النصر أو الشهادة.
بقلم: محسن البحراني