خطبة الجمعة (186) 2 محرم 1426هـ – 11 فبراير 2005م
مواضيع الخطبة:-
مع منظومة مشرقة من النصوص في ظلم النفس + أيام عاشوراء + نحو أسرة حسينية ملتزمة + المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية + الموقف
من المجلس الأعلى + المجلس الإسلامي العلمائي
يرفع المجلسُ الإسلامي العلمائي شعار “نحو أسرة حسينية ملتزمة” ليكون شعاراً مفعّلاً بقوة واهتمام بالغ ما بين هذا المحرم والمحرم القادم على المؤمنين بخير إنشاء الله.
الخطبة الأولى
الحمدلله الذي فطر السماوات والأرض، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك وهو العلي القدير.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وزادهم تحية وبركة وسلاماً.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، والتزيّن بالذكر والوقار. ففي الكلمة عن أمير المؤمنين عليه السلام “كن في الملأ وقوراً، وفي الخلأ ذكوراً”(1) وكم في الوقار وشدته من حفظ للكرامة، وصون للنفس من المهانة؟! وكم في الذكر وكثرته من حياة للقلب، وطرد للشيطان، وأُنس بالله، وتكميل للذات، وتربية لها في ضوء أسمائه الجميلة، وصفاته الجليلة؟!
وإن هذا لمن التقوى فإنها أخذٌ بكل خير، وتحلٍّ بكل جميل، وترك لكل شر، وتخلٍّ عن كل قبيح.
اللهم إنا نعوذ بك من كل ما يباعدنا عنك، ويقربنا للشيطان الرجيم، ومن كل ما يُنسي ذكرك، ويُغفِل عن شكرك، ويصرف عن الأنس بجمالك وجلالك.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وارحم أمواتنا وأحياءنا، وادرأ عنّا كل سوء، وأنلنا كل خير ياكريم.
أما بعد أيّها المؤمنون والمؤمنات فمع منظومة مشرقة من النصوص في ظلم النفس:-
{قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا}(2) كانت لحظة يقظة، ولحظة انكشاف على سوءة، مثّلت في شعور المؤمنين آدم وحواء كارثة.. كانت لحظة ندامة.. وأوبة.. وتوبة من ظلم الإنسان لنفسه.
{… وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}(3). يكون من الله جزاء بالعقوبة، وجزاء بتكليف مضاف، وجزاء في صورة مصيبة، وكل ذلك من ظلم النفس لنفسها لا من ظلم الرب للعبد؛ فإنه لايأتي من الله عزّ وجل جزاء من هذا إلا بذنب من العبد واستحقاق، وإن من العقوبات من الله عز وجل لرحمة، وإن من المصائب التي ترد على الإنسان ما يغسل ذنبه.
تقول الكلمة عن أمير المؤمنين عليه السلام”ظلم نفسه من رضي بدار الفناء عوضا من دار البقاء”.
فظلم النفس أن يشتري بها عبدٌ هذه الدينا، بينما لاثمن لها في ما يرضاه الله عز وجل لعبده إلا الجنة.
نفسك باقية، ودار الدنيا فانية، فحينما تبيع نفسك الباقية بالثمن الفاني فهو ظلم وأيّ ظلم لها. ستبقى في أبدها شقيّة، ستبقى في أبدها خالدة في العذاب، ذلك في قبال أي شيء؛ في قبال متع متقضّية، ولذائذ فانية، وهي في كمّها قليل بالقياس إلى ما في الآخرة، ونوعاً لا تعد شيئاً بازائها.
” ظلم نفسه من عصى الله وأطاع الشيطان”.
هذا المقياس هو المقياس الأول، فطاعة الشيطان تقود إلى أن يغني الإنسان نفسه في متع هذه الحياة، وأن يبيعها بالحياة الدنيا، وطاعة الله عز وجل هو أن لا تتاجر إلا مع الله، وأن تربح الثمن الذي كتبه الله لأوليائه الصالحين وهو ثمن لايمكن أن نبلغ له قدرا، ذلك لأنه من الكريم المطلق، وقد وعد هذا العبد بالعطاء الجزيل، ووعده صادق صادق لا خلف فيه.
“كتب رجل إلى أبي ذر – رضي الله عنه – يا أباذر أطرفني بشيء من العلم. فكتب إليه: إن العلم كثير ولكن إن قدِرت أن لاتسيء إلى من تحبه فافعل. قال: فقال له الرجل: وهل رأيت أحداً يسيء إلى من يحبه؟(4) فقال له: نعم(5)، نفسك أحب الأنفس إليك فإذا أنت عصيت الله فقد أسأت إليها” عن الصادق (ع)
أحدنا لايحب شيئا كما يحب نفسه، وفي نفس الوقت قد لايضر أحدا كما يضر نفسه، ولايشقي أحدا كما يشقي نفسه، وأي إساءة إلى الآخر هي إساءة قبل ذلك للنفس، وأي ضرر للآخر هو ضرر أبلغ بالنفس. والإنسان لايملك مع نفسه شيئاً. فإذا خسر نفسه خسر كل شيء.
فحذار من يوم ندامة ينكشف لي أنه قد خسرت نفسي، فيكون الناس قد خرجوا بأوزان وأقدار رفيعة عند الله، وأكون الوضيع والتراب الذي تدوسه الأقدام ذلك لمن عصى الله، لمن استكبر على الله، لمن أصيب بالغرور في الدنيا.
وفي كل ذنب ظلم للنفس، وخفض لشأنها، ونقص من قدرها، وسقوط لها. في كل ذنب خفة وزن، وفقد للقابلية على الخير، وهبوط في القدرة على المقاومة للشر، وبعد عن الله، وقرب من الشيطان. تقارب من النار، تباعد عن الجنة. في ذنب العين، في ذنب الأذن، في ذنب اللمس، في ذنب كل جارحة، وفي ذنوب الجوانح ما لا يعلمه إلا الله.
وهل من سفه أكبر من أن أسيء إلى نفسي؟! يكون أحدنا الرشيد فيما يختاره من سيارة، وفيما يختاره من زوجة، وفيما يختاره من بيت، وفي شؤون خارجه، ويكون السفيه الجاهل فيما يتعامل به مع نفسه، أترى من هذا كثيراً؟ قد نرى من هذا الكثير، وأول ما أراه من هذا في النفس، فكثيرا ما نضلّ ونجهل.
في الوقت الذي قد ننادي الآخرين أن قوا أنفسكم من النار، وقد نرشد الآخرين وننصح الآخرين بأن يحوطوا أنفسهم عن النار، نحن نلقي بأنفسنا إلى النار، فهل من سفه كهذا السفه؟!
يسيء أحدنا إلى نفسه بأن يتساهل معها في معصية الله، ويسيء إلى ولده وبنته، ويسيء إلى أهله بأن يسايرهم في المعصية، بأن يسكت على معصيتهم، بأن يبتسم لمخالفتهم لله تبارك وتعالى. عيوننا التي لا تسهر على أهالينا، وعلى أولادنا وبناتنا من ناحية أخروية عيون خائنة.
وقد نسيء إلى النفس ونحن نحبها. لاشك أن أحدا لايبغض نفسه، وإنما يحبها، ولكن قد نسيء إلى النفس ونحن نحبها، إما لانقلاب في النظرة إلى الخير والشر. لنِظرة تخرج على الفطرة والعقل والشرع، فترى الخير شرا، وترى الشر خيرا، أو لغلبة الهوى. قد أرى الخير خيرا، ولكن الهوى في نفسي غالب فتقول الكلمة “اللهم أرني الحق حقا فأتبعه، والباطل باطلا فأجتنبه” فقد يحصل أن أرى الحق حقّا ولكن لاارادة لي باتباعه، وأرى والباطل باطلا ولكن إرادتي لا تساعدني على الامتناع عنه.
“قلوبهم معك وسيوفهم عليك”، هوى وشلل في إرادة الخير، وبروز في إرادة الشر.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا، ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولوالدينا وأرحامنا، ومن أحسن إلينا إحسانا خاصا. اللهم اغسل قلوبنا من كل قبيح، وطهرأرواحنا من كل رجس، واصرف همتنا إليك، واجعل إرادتنا من إرادتك، وحبنا من حبك، وبغضنا من بغضك، وارأف بنا في أمر الدنيا والدين برحمتك ياربّ العالمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)}
الخطبة الثانية
الحمدلله الذي لايُضلُّ طالب هدى، ولايتركه لحيرته أبداً، ولايرد من أحسن السؤال، وطلب النوال، ولايقطع رجاء من رجاه الخير، وأمَّل منه الإحسان.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيراً.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله، والانقطاع إليه في طلب الخير، وكفاية الشر، وحسن الحال والمآل، وعدم الانقطاع إلى غيره، والتوكل على من دونه يقول سبحانه {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ}(6)، ويقول عزّ من قائل {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً….}(7).
اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، وقبح النية، وسوء المنقلب. اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وهب لنا من لدنك رحمة، وقنا عذاب النار.
اللهم صل وسلم، وزد وبارك على خاتم أنبيائك ورسلك، الصادق الأمين، محمد وآله الطاهرين. اللهم صل وسلم على محمد عبدك ورسولك، وعلى علي أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة المعصومة.
والأئمة المعصومين الحسن بن علي الزكي، وعلى الحسين بن بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن القائم المنتظر المهدي.
اللهم عجل فرج عبدك ووليك الإمام القائم المنتظر، وحفه بملائتك المقربين، وأيده بروح القدس يارب العالمين. اللهم انصره نصرا عزيزا، وافتح له فتحا مبيناً.
عبدك الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريقك.
أما بعد أيها الأكارم الأعزاء من مؤمنين ومؤمنات فقد هلّ عاشوراء بالحزن والأسى لمصاب أبي عبدالله الحسين عليه السلام وأهل بيته الكرام فعظم الله أجورنا وأجور الأمة المؤمنة جمعاء.
ولتكن أيام عاشوراء أيام ذكر لله، وانقطاع إليه. أيام بذل سخي خالص في سبيله. أيام أخوّة إيمانية صادقة. أيام حبس للنظر عما حرَّم الله. أيام عفة وطهر ونزاهة. أيام ولاء حارّ لقدوة الصالحين رسول الله وآله الطاهرين… ولاءٍ تُعبّرُّ عنه مواقف التقوى والرشد والصلاح.
أيامَ أمر بالمعروف ونهي عن المنكر طلبا لرضوان الله. أيامَ أوبة وتوبة جادّة، وفرار من الشيطان الرجيم. أيام رعاية لمحارم الله ومنها حرمة المؤمنين. أيام اهتمام بالغ بأمر الصلاة وحقها وأدبها ومقتضاها. أيام تطهير للقلب من أمراض الهوى على كثرتها وتنوعها وإنها لتصدُّ عن ذكر الله.
أيام الإرادة الإيمانية القويَّة التي تتجاوز كل مغريات الأرض فتسهل عليها التضحية في سبيل الله.
أيام استمساك أشد وأمتن بحبل الله في المضائق والأزمات والتحديات. أيام رأب الصدع بين فئات الأمة المسلمة والمؤمنة، والالتفاف حول قيادة الحسين عليه السلام.
بعد هذا يكون التناول للموضوعات التالية:
1) نحو أسرة حسينية ملتزمة:
في هذا الموسم الإيماني الكريم، وأجوائه المشبّعة بروح التقوى والإخلاص لله، والتضحيات الطاهرة الهائلة من أجل دينه يرفع المجلسُ الإسلامي العلمائي شعار “نحو أسرة حسينية ملتزمة” ليكون شعاراً مفعّلاً بقوة واهتمام بالغ ما بين هذا المحرم والمحرم القادم على المؤمنين بخير إنشاء الله، ليتبعه شعار إسلامي آخر يلتقي معه ويواصل عطاءه، فالإسلام كله متلاق متشابك يُمهد بعضه لبعضو ويتناصر فيما بين وحداته ومكوِّناته، وكله دعوة إلى الهدى والخير والصلاح.
وهذا الشعار من أجل:
أ. أن نشترك جميعا في الدعوة الحارة لتكوين الأسرة التي يرتضاها الحسين وتسرّ الحسين عليه السلام.
ب. أن نفعل هذه الأسرة، ونخرج بأسرنا من الظلمات إلى النور، ومن الأجواء والأخلاق اليزيدية إلى الأجواء والأخلاق الحسينية.
ج. أن تُساهم كل النشاطات الفكرية والثقافية والمالية في التمهيد والإعداد لهذا النوع من الأسرة.
د. أن تساهم كلُّ حسينية وكل موكب في رفع هذا الشعار وتركيزه وتثبيته بالملصقات واللافتات والنداءات وغيرها.
ه. من أجل أن نواجه حملات التغريب للمرأة – للأسرة – للمجتمع المسلم.
و. من أجل أن نكون على خطِّ ثورة كربلاء بجدّ وحق.
2) المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية:
هو المؤسسة الحكومية المعروفة، وقد طرأ تعديل في مشروع قانون جديد لهذه المؤسسة يجعل من المناسب التحدّث بشأنها:
أ. المجلس قبل التعديل وبعد التعديل:
1. كان مؤسسة من وضع الحكومة وتصميمها ولا زال كذلك.
2. طرأت على نظامه بعض التعديلات:-
– كان النظام ينصُّ على اختصاص المجلس بوضع البرامج والخطط اللازمة لتطوير الأنشطة الإسلامية في المملكة عموماً وعلى كل المستويات، فصار النص بعد التعديل هو اختصاص المجلس بذلك فيما يتعلق بالشأن العام في المملكة، وعلى ذلك لا يدخل في هذا الاختصاص شأن هذه الطائفة وبخصوصها أو تلك، وشأن هذا المسجد أو شأن تلك الحسينية.
– حمل التعديل نصّاً صريحاً بالحفاظ على استقلالية النشاط الأهلي وخصوصيته.
– نص التعديل في مسألة مراقبة الكتب الدينية وهي مراقبة قائمة سارية منذ زمن على هذا القيد “من دون تحكيم رأي مذهبي على آخر”.
– اقتصرت علاقة المجلس بالأوقاف حسب التعديل على إبداء الرأي في خطط وبرامج إدارتي الأوقاف من الناحية الاستثمارية؛ الشيء الذي يعني إبداء وجهة النظر في أن هذه الخطة أو البرنامج متمشٍّ مع قواعد الاستثمار الناجح أولاً وهل هو خال من العيوب الاستثمارية والتحايلات المالية أو لا، فالموضوع الذي يُبدي فيه الرأي هو الخطط والبرامج، والحيثية المنظورة في هذا الموضوع هي الحيثية الاستثمارية لا الحكم الشرعي. والمسألة واضحة كل الوضوح. فليس الموضوع هو الاسثمار، والحيثية المنظور إليه من خلالها الحكم الشرعي، وفرق شاسع بين الأمرين.
– قيَّد التعديل الدعم لطلاب العلوم الدينية بالراغبين حتى لايكون الإطلاق إشارة إلى حق المجلس في ربط الطلاب الدينيين بنظام إلزامي يشرف عليه.
– القانون القديم للمجلس كان يعطيه حق التدخّل في المساجد والحسينيات والحوزات وقد ألغيت هذه المادة نهائياً من مشروع القانون الجديد.
– كان رئيس المجلس في القانون السابق يمتلك صوتا ترجيحياً عند تعادل الأصوات وجاء النص في التعديل بأن صوته لايرجح عند التعادل.
– كانت التركيبة من ستة عشر عضواً ورئيس فصارت حسب التعديل مكونة من أربعة عشر عضواً ورئيس ونائب للرئيس والمجموع ستة عشر شخصاً.
ب. تعديلات لم تمرر:-
– أعضاء المجلس من الطائفتين، والمتفاهم أن يكونوا بالتساوي وهناك ما يدل على هذا أكثر من التفاهم لكن مع ذلك كان لنا تعديل هذا نصه “يتكون المجلس من ستة عشر عضوا ممن يمثلون الطائفتين بالتساوي” كان هذا تعديلنا، وهذا التعديل لم يمرّر.
– تعديل آخر يقول “ويصدر بعد التشاور مع العلماء بتعيينهم أمرٌ ملكي”. فكان قيد التشاور مع العلماء تعديلا مطلوبا لنا، وأن التعيين الملكي للستة عشر يكون بعد التشاور مع العلماء وهذا التعديل لم يمرر.
– والتعديل الثالث يجعل رئاسة المجلس بالتناوب بين الطائفتين. وهو الآخر لم يمرر.
هذه التعديلات لم تمرر، ولازالت لنا محاولة في الاتفاق عليها، ونحن ندعو طرف الحكومة للأخذ بها رفعاً للمحتملات، وتثبيتاً صريحا لما هو الصحيح.
ج. التعبير بإبداء الرأي:
1. ورد التعبير بإبداء الرأي في خمسة موارد من فروع المادة الثالثة من المشروع المعدّل. من هذه الموارد ما يكون إبداء الرأي من المجلس عند الطلب منه – يُطلب منه أن يبدي الرأي فيبدي الرأي – ومنها ما قد يكون إبداء الرأي فيه ابتداء، وأكثر هذه المواضع من طلب الآخر. وهو على التقديرين مجرد إبداء رأي لايعني الإلزام، فالآخر لايطلب إبداء الرأي فارضاً على نفسه ضرورة الالتزام به وسلب اختياره. وإبداء الرأي قد يكون للاستئناس أو الاستنارة وهو تعبير بعيد في كل اللغات عن معنى قوة القرار.
2. طلبات الجمعيات والمراكز والمؤسسات الإسلامية إنما تُقدَّم لوزارة الشؤون الاجتماعية وهي تسترشد بالمجلس في إعطاء الرأي الموضوعي في الطلبات.
والفرع الخامس مفاده هذه القضية وهي أن الطلبات المقدمة يبدي المجلس فيها الرأي. وهذه قضية تختلف تماماً عن قضية أن كل هيئة وكل حوزة يجب أن تقدم طلباً بالترخيص. القضية المطروحة هي الأولى وليست الثانية. وواضح عند المختصين أن القضية الحقيقية لا تُنقِّح موضوعها ولاتتكفل بوجوب إيجاده وإنما تثبت الحكم للموضوع على تقدير الوجود.
والمادة التي تتحدث عن الإجازات موجودة في قانون المؤسسات الأهلية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية.
ووضع الكيان الديني والحوزات العلمية دين على الجميع أن يصون حرمته ويحرص على عدم ربط مصيره بالإجازات الرسمية.
والمؤسسات الداخلة تحت طائلة الإجازة كانت ولازالت وستبقى كذلك سواء ربطت الإجازة بهذه الوزارة أو تلك، وقد يخضع أمر النظر في الإجازة لمن لايقيم للدين حرمة ويعاديه تمام المعاداة ممن يوجد في الوزارات.
4) الموقف من المجلس الأعلى:
– المجلس في نظرنا كما سبق بأقٍ على كونه مؤسسة حكومية بتصميم حكومي.
– وكان المطروح ولازال هو تشكيل مجلس علمائي مشترك من الطائفتين الكريمتين يتمتع بالاستقلالية التّامة ونظامه من وضع العلماء أنفسهم.
– كانت معارضتنا الشديدة للمجلس من بين مؤسسات الدولة الأخرى لكونه يتدخل في النشاط الإسلامي الأهلي ويفرض الوصاية والهيمنة عليه.
والجديد أن هذه المعارضة والمواجهة والتنديد المستمر يتوقف من هذه الجهة كما ذكرته في الإجابة الصحفية.
ويبقى الحكم للمجلس أو عليه من الجهات الأخرى راجع لطبيعة موقفه منها.
ولو عاد المجلس ليفرض وصايته على النشاط الأهلي الإسلامي لعادت معارضته كما كانت.
المفاوضون وهم سماحة السيد عبدالله الغريفي وإن منعه السفر بعد الجلسة الأولى من المواصلة، وسماحة الشيخ علي سلمان وكنت معهما ولم يعطوا ولم يؤخذ عليهم أن يشاركوا في المجلس أو يدعموه.
ولايعني هذا أننا لانثني على الحسن لو وجدناه، ولاننقد السيء لو حدث.
المجلس الإسلامي العلمائي:-
مجلس من ثلة خيرة من الأخوان العلماء وطلاب العلوم الدينية فيه فقه وتقوى وتحرز في أمر الدّين، وحساب دقيق طبق الموازين الشرعيّة، ووضوح رؤية، وتبيُّن طريق، ومحاسبة بالغة للحكم الشرعي، واحترام كامل لضوابط الشريعة ومقرراتها.
فمن وثِق فذلك خير، ومن لم يثق فلا سبيل لنا عليه. وعلى الله توكّلنا وهو الهادي إلى سواء السبيل.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولوالدينا وأرحامنا وجيراننا، ومن أحسن إلينا منهم إحساناً خاصاً.
اللهم اجعل عملنا مخلَصاً لوجهك الكريم، وسعينا لايحيد عن سبيلك، وأملنا في ثوابك، وجزاءنا إحسانا موفورا من عندك، ياأكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
___________________________________
1 – ميزان الحكمة ج10 ص607
2 -23/ الأعراف.
3 – 118/ النحل.
4 – شخص أحبه أسيء إليه؟! الحب مانع من الإساءة.
5 – أبو ذر يقول له نعم رأيت أحدا يسيء إلى من يحبه.
6 – 14/ الرعد.