خطبة الجمعة (184) 17 ذو الحجة 1425هـ – 28 يناير 2005م

مواضيع الخطبة:

حديث عن الهوى +  هنيئاً لأهل الولاية بيوم الولاية+ لعب بالنار + خليج توبلي +  العنف والتمييز ضد المرأة


لإسلام لايحمل حكما واحدا فيه اختلاف بين الرجل والمرأة مما يكون موضوعه هو الإنسان.


الخطبة الأولى

الحمدلله المرهوب عدلُه، المخوفِ عقابُه، المؤمل عفوه، المرجوِّ تجاوزُه، المرضيّ قضاؤه، الجزيل ثوابه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيراً كثيراً.
عباد الله علينا بتقوى الله المكفِّرة للسيئات، المعظّمة للأجر {…وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً}(1) المذهبة للرَّين {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً}(2). وبها تُدرأ الخطايا “ألا بالتقوى تقطع حُمَةُ الخطايا….” والحُمَة إبرة العقرب والزنبور ونحوهما مما تلسع بها. والخطايا لها سطوة على النفس تدمِّرها، والتقوى بكفِّها النفسَ عن الخطايا تحميها.
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم ارزقنا عقلاً راجحاً، وديناً قويماً، وتقوى حاجزة عن السوء، وعاقبةً مفلحة.
أما بعد أيها المؤمنون والمؤمنات الأعزاء فهذا حديث عن الهوى الذي حذَّر القرآن والسنة من الوقوع في حبائله والانقياد له وهو حديث مختصر:
ما الهوى؟
تقول الآية الكريمة{بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ}(3).
فالهوى ميل نفسيٌّ بعيد عن قاعدة العلم، ويترعرع ويزداد ضغطه كلما نُبذ العلم. نفسٌ تهتدي بالعلم، تتمسك به، تستضيء بنوره يقلّ عليها ضغط الهوى. نفس تتخلى عن العلم، تدير بظهرها له، يستحكم فيها الهوى، ويشتدّ نفوذه وطغيانه.
فالهوى طاقة في ذات الإنسان تُقابل العلم والقدرة على التفكّر والتأمّل.
{أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ}(4).
فطريق التبيُّن، وطريق الاستبصار والاهتداء بهدي الله تبارك وتعالى يقابله طريق الهوى. فنفس تستبصر بنور ربها، وتهتدي بهداه، وتستضيء بآياته وبيناته. ونفس أخرى يأخذ بمجامعها الهوى، وتنقاد له، من غير أن تتبصّر، ولا تتفكّر، ولا تستفيد من بيّنة. فنجد أن العلم والتبصّر والاستفادة من البيّنات في جانب، والهوى في جانب آخر.
“الهوى إله معبود، والعقل صديق محمود” الكلمة عن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام.
فالهوى هو تلك الطاقة المقابلة للعقل. فكلما كان الصوت للعقل خفت صوت الهوى، وكلما غاب صوت العقل كلما اشتدّ صوت الهوى.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}(5).
قاعدة هوىً وقاعدة اهتداء بالآيات، استمساك بها. والنفس نفسان، والطاقة طاقتان؛ طاقة هوى، وطاقة استبصار بالآيات البيّنات. نفس تأخذ بالهوى، ونصيب هذه النفس أن يلاحقها الشيطان، أن يلتصق بها. الهوى صديق الشيطان، والشيطان صديق الهوى، والنفس التي تنسلخ من الآيات، تنفصل عن قاعدة التبيُّن، عن قاعدة التأمّل، عن قاعدة الدليل والبرهان، عن قاعدة الاستضاءة بنور القرآن والسنة، بنور الله سبحانه وتعالى نفس يستبد بها الهوى والشيطان.
“الهوى صبوة” كما في الكلمة عن أمير المؤمنين عليه السلام.
الهوى، مجرّد ميل، مجرد رغبة، مجرد قوة ضاغطة بلا دليل، بلا برهان، الهوى ميل نفسي، لايطلب بيّنة، ولايلجأ إلى دليل، وإنما هو طاقة تسوق النفس في اتجاه معيّن، هذا الاتجاه يُعاكس العقل، ويعاكس المصلحة، وينتهي بالنفس إلى الهلاك.
“إنما سمي الهوى لأنه يهوي بصاحبه”(6) عن الرسول (ص).
“الهوى هوى إلى أسفل السافلين” عن علي (ع).
سقوط، الهوى يأخذ بالنفس إلى سفل، إلى انحدار على خلاف ما هو أمر الدين والعقل والرشد.
آثار:
“آفة العقل الهوى” عن علي (ع).
كل لحظة يحكّم فيها الإنسان هواه يخسر فيها من عقله.
“الشهوات سمومات قاتلات” عنه (ع).
الهوى يأخذ بالإنسان على طريق الشهوات، على طريق الرغائب، فهو حالة ضعف في النفس تستجيب من خلالها إلى الشهوة من غير دراسة، من غير تقييم. وهذه المتابعة للشهوات سمومات قاتلات، تقتل الروح، تقتل البعد المعنوي، تطفئ نور الهدى في الذات، تثلم من قابلية الإرادة الخيّرة، من قابلية الصمود، من قابلية المقاومة. تُبعّد عن الله سبحانه وتعالى.
سمومات قاتلات بحيث لاتمرّ أيام بعد أن ترتبط النفس بالهوى ومتابعة الشهوات إلا وقد انطفأ من نورها الكثير، ووجد صاحبها نفسه خاسرا، قد ذهبت منه قدرة المقاومة، وذهبت منه الاستجابة للهدى، وثقل عليه الحق، وبعد عن الله سبحانه وتعالى.
“من تسرع إلى الشهوات تسرَّعت إليه الآفات” عنه (ع).
وليست آفات الروح فقط، ولا آفات العقل، العقل يفقد موضوعيته، والروح تخسر هداها، والجسد تُنهك قواه، وتدخله الأمراض والأسقام. ماذا تفعل الخمرة في صاحبها؟ ماذا يفعل الجنس في صاحبه مع إسرافه؟ ماذا تفعل كل الشهوات في البدن؟ إن الإنسان ليخسر بدنه بسبب الشهوات كما يخسر عقله وروحه.
“حلاوة الشهوة ينغّصها عار الفضيحة” عنه (ع).
ربما أعقبت الشهوة فضيحة أتت على شخصية قوية معروفة مشهورة، ربما خسر الإنسان مستواه الذي انبنى على مدى سنين في لحظة من لحظات صرعة الشهوات. تصرع الشخص شهوتُه فيخسر في لحظة كل شخصيته.
{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ }(7).
يكون الرجل المهتدي، والقاصد إلى الله فتأتي عليه لحظة ضعف فيتبع الهوى، وتعقب لحظتَهُ تلك لحظةٌ أخرى من مثلها حتى يضل عن سبيل الله سبحانه وتعالى.
“قرين الشهوة مريض النفس معلول العقل” عن علي (ع).
مريض النفس بمرض لاتستجيب معه إلى خير، ولاتقوى به على مقاومة. مريض مرضاً يقعد بالنفس عن خيرها، ويفصل النفس عن هداها، وينحدر بالنفس إلى هلاكها. وهو معلول العقل لأنه لايعود يبصر الحقيقة، لايعود يقبل الحق، لايعود يتسجيب للهدى.
“عبد الشهوة أذل من عبد الرِّق” عنه (ع).
أوزان كبيرة هائلة بعلمها، بخبرتها، بإمكانها، ومواهبها، إلا أنَّ أصحابها يطئطئون الرقاب أذلاء حين تكون شهوة لا تتماسك النفس أمامها فيضلّ الشخص ويسقط أمام فرصة مال، أمام فرصة أخرى من فرص يمتلكها الشيطان.
“إياك وطاعة الهوى فإنه يقود إلى كل محنة”(8) عنه (ع). فاحترس.
“من أطاع هواه باع آخرته بدنياه” عنه (ع).
وما أخسره!!
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم اجعل قلوبنا مملوكة لحبِّك، بريئة من الهوى وغوى الشيطان الرجيم، واسلك بنا إليك طريقاً جدداً، وصراطاً قويماً، وأذهب عنا سوء الدارين، واكتب لنا الخير فيهما ياكريم يارحيم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}


الخطبة الثانية

الحمدلله الذي لايخيِّب من دعاه، ولايقطع رجاء من رجاه، ولايرد سائله، ولايؤيس آمله. هو الغنيُّ الحميد، العليُّ المجيد، الفعَّال لما يريد.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وزادهم تحية وبركة وسلاما.
أوصيكم عباد الله ونفسي الأمَّارة بالسوء بتقوى الله فهي حصن حصين من الذنوب وآثارها المقيتة، وفضائحها المخزية، ومن عاقبة السوء في النّار.
وإنّها لترقى بالنفس حتى تبوّئها المنزلة الكريمة، والدَّرجة الرفيعة، والمكان المأمون.
اللهم حصِّنا وإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين بالتقوى، وزيّنا بالطاعة، ولاتخزنا بالمعصية، واغفر لنا ولهم، وتب علينا إنّك أنت التواب الرحيم. اللهم بارك لنا في ديننا ودنيانا، واكفنا الشر كله ياكريم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على خاتم أنبيائك ورسلك محمد الصادق الأمين، النبي الكريم. وصل وسلم على إمام المتقين، علي أمير المؤمنين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة المعصومة، وعلى الحسنين الزكيين، والأئمة الطاهرين علي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم عجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر، وحفه بملائتك المقربين، وأيده بروح القدس يارب العالمين. اللهم انصره نصرا عزيزا، وافتح له فتحا مبينا.
عبدك الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات وفقهم لمراضيك.
أما بعد أيها الأعزاء المؤمنين والمؤمنات فمع هذه الكلمات:
هنيئاً لأهل الولاية بيوم الولاية:-
قبل كل شيء: هنيئاً لكم أهل الولاية بيوم الولاية، يوم الإسلام في كماله وتمامه، وهو يومٌ لو أخذ المسلمون بهداه لنجوا ونجت معهم كل الأمم، ولكن تخلوا عنه فسقطوا وسقطت معهم كل الأمم، حتى عادوا من أكثر الأمم تخلّفاً.
عادت أمة الإسلام بعد أن شطّ بها المدى عن إسلامها العظيم إلى أن تكون تحت إمرة بوش، وأن تكون نصرة دول كثيرة من بين دولها لبوش على الإسلام والمسلمين. خزيٌ ليس بعده خزي، وعار ليس فوقه عار أن تخرج كلمات تنتصر لبوش على دولة وأخرى من الدول الإسلامية، وهذا ما تطالعنا به الصحف يوما بعد يوم.
عيد الغدير له حقوق، وعلينا أن نقترب بمستوانا إلى مستوى تلك الحقوق. حقوق بعضها مظاهر، وبعضها من العمق، وتقصيرنا على المستويين، ونرجو أن نخرج من هذا التقصير.
نحن حتى على مستوى المظاهر لانعطي يوم الغدير حقه، فعلينا أن نعطي الاهتمام الذي لا أقول أنه سيتناسب مع عيد الغدير ولكن يكون فيه أداء بعض ما ينبغي.
أولاً: لعب بالنار:
بوش يلعب في أرض الله بالنار لعب الأطفال الطائشين. يوزّع تصريحاته غير المسؤولة على هذه الدولة وتلك الدولة من دول هذه الأمة العريقة التي لم تعرف قدر نفسها بعد أن تنكّرت لقدر دينها وقرآنها.
كلمات متعجرفة، وتهديد ووعيد لكل من لم يدخل في البيعة، تهديدات تصدر باسم امتلاك السلاح النووي، والتركيز على إيران الإسلامية في هذا الأمر في هذه الأيام، وهي تصريحات لو تمّت، لو جدّت وأخذت موقعها العملي فإنها ستحرق المنطقة، وتحرق إسرائيل، وتحرق أمريكا نفسها.
قد يكون الذي أطمع بوش في مثل هذه التصريحات موقف الفرقة والاستسلام من الكثيرين ولكن في الأمة بقية، والبقية من هذه الأمة ولو كانت قليلة إلا أنها بإيمانها وصمودها والمدد من الله سبحانه وتعالى لن تلين ولن تستكين.
وهذه التصريحات تشجعها كلمات تطالعنا بها بعض الصحف في الساحة الإقليمية وللأسف الشديد.
ثانياً: خليج توبلي:-
احتجاجات مستمرة تتعلّق بالدفن المستمر غير القانوني لخليج توبلي. ونسأل عن القانون الذي يحمي هذا الخليج من الدفن والتملك الشخصي بما يعنيه ذلك من التدمير للبيئة، والتلاعب بالثروة العامة. القانون موجود لكنه مدفون، ومعطّل ومهمل.
سؤال: من يعطل القانون؟ من يكسره؟ من يعلِّقه؟ من يلغيه عمليّاً؟ رغم الصرخات المتوالية، والاحتجاجات المعلنة؟ موظف صغير؟ متسلط كبير؟ يد قصيرة؟ يد طويلة؟ لاندري تفصيلاً ولكن نعلم إجمالاً أن لو كانت اليد قصيرة لمنعت إن لم نقل لقطعت.
عندنا قوانين ولكنها تربُت في الكثير في مرحلة الوضع على كتف الكبار، وتجلد الصغار، وإذا مسَّ منها شيء كبار القوم في مرحلة الوضع، كان نصيبه التعطيل والإلغاء في مرحلة العمل.
ثالثاً: العنف والتمييز ضد المرأة:
انعقد مؤتمر بعنوان مؤتمر العنف والتمييز ضد المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي من 8 – 9/ يناير 2005م في البحرين.
ما هو المعني بالعنف عندهم؟ المعني بالعنف كل لون من ألوان الإيذاء الفعلي والقولي. فالعنف مستعمل عندهم بمعنى الظلم. والتمييز يُعنى به التفريق بين الرجل والمرأة في أي وظيفة، في أي دور، في أي مسؤولية، في أي حق، في أي ممارسة. فالمطلوب أن تُلغى كل الفروق في كل هذه المجالات. فيكون الرجل امرأة في كل وظائفها، والمرأة رجلا في كل وظائفه، أن يكون الرجل والمرأة مشتركين في كل وظيفة من الوظائف وفي كل مسؤولية من المسوؤليات.
ما هو العدل والظلم؟ هل العدل هو المساواة مع الاختلاف؟ أو أن المساواة مع الاختلاف ظلم؟ المساواة مع الاختلاف عدل أو المساواة مع الاختلاف ظلم؟ المساواة مع الاختلاف ظلم، وليست المساواة مع الاختلاف من العدل. العدل هو وضع الشيء في موضعه، وأخذ كل شيء على قدره، وأن يتناسب الحكم والموضوع، وحيث يختلف الموضوعان لايكون تناسب في الحكم مع الموضوع إذا اتّحد الحكم فيهما، فالمطلوب مع اختلاف الموضوعين أن يختلف الحكم.
ونسأل: هل الرجل امرأة تماماً، وهل المرأة رجل تماماً؟ المرأة ليست رجلا تماما، والرجل ليس امرأة تماماً.

الرجل والمرأة بينهما وحدة نوعية هما من نوع واحد، هو نوع الإنسان، وبلحاظ هذا الاتحاد النوعي لابد أن تتحد كل الأحكام بين الرجل والمرأة مما يكون موضوعه هو الإنسان.
الرجل إنسان، المرأة إنسان فإذا كانت هناك أحكام موضوعة على إنسانية الإنسان فلابد أن تتحد كل هذه الأحكام بين الرجل والمرأة، وابحثوا في الإسلام ستجدون أن كل حكم يتصل بإنسانية الإنسان واحد في الرجل والمرأة. الإسلام لايحمل حكما واحدا فيه اختلاف بين الرجل والمرأة مما يكون موضوعه هو الإنسان.
موضوع الإنسانية واحد، وهو بغزارة واحدة في الرجل والمرأة، وكل أحكام هذا الموضوع متحدة بين الرجل والمرأة، لكن مع الوحدة النوعية بينهما يوجد اختلاف صنفي، ويوجد اختلاف فردي. هناك تعددية صنفية، وتعددية فردية بين الرجل والمرأة. والتعدد الصنفي موجود بين الرجال أنفسهم من حيثية أخرى، ومن جهة أخرى، والتعدد الصنفي موجود من جهة أخرى، وحيثية أخرى بين النساء نفسهن. امرأة طويلة، وامرأة قصيرة، امرأة ذكية، وامرأة غبية، رجل ذكي، ورجل غبي، رجل قوي، ورجل ضعيف، إلى آخر القائمة. التعدد الصنفي موجود داخل الصف النسوي، وداخل الصف الرجالي.
والتعدد الفردي داخل كل من الصنفين، فكل فرد له خواصه الشخصية، فتوجد خواص صنفية، تصنف الناس، تقسمهم إلى مجموعات، وتوجد خواص شخصية تجعلك غيري، وتجعلني غيرك.
الإسلام بلحاظ الوحدة النوعية أحكامه متحدة، وبلحاظ التعدد الصنفي أحكامه متعددة، وبلحاظ التعدد الفردي أحكامه متعددة. أنت عليك أن تصوم، وأنا ليس علي أن أصوم، فلأنك تتمتع بالصحة الكافية فعليك أن تصوم، ولأني لا أتمتع بالصحة الكافية فليس علي أن أصوم، أنت عليك أن تجاهد، أخوك ليس عليه أن يجاهد ذلك لفارق الكفاءة المتصلة بهذه الحيثية.
الإسلام دقيق كل الدقة، ولا غرابة لأنه من الله سبحانه وتعالى، لكن يأتي الجاهلون لينتقدوا الإسلام بغير حق.
والموضوع له صلة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولوالدينا وأرحامنا وقراباتنا وجيراننا ومن أحسن إلينا إحسانا خاصا من المؤمنين والمؤمنات أجمعين.
ربنا مكِّن لنا في ديننا، وأعزنا في دنيانا وأخرانا، واكشف كروبنا وغمومنا، واجعلنا من أهل السعادة في الدارين ياأرحم الراحمين.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
ــــــــــــــــ
1 – 5/ الطلاق.
2 – 29/ الأنفال.
3 – 29/ الروم
4 – 14/ محمد.
5 – 175/ الأعراف.
6 – ميزان الحكمة ج10 ص374
7 – 26/ ص.
8 – هذه الكلمات تأتي من الله عزّ وجل مباشرة – يعني في صورة قرآن – أو في تأتي على ألسنة الطاهرين الذين لايأتي على كلامهم مس من الشيطان. نحن في هذه الكلمات أمام مدرسة لا تخطئ ولا تضِل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى