آية الله قاسم : كلمةٌ في الإصلاح – 28 يوليو 2021
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، محمد وآله الطيبين الطاهرين.
-كلمةٌ في الإصلاح-
الإصلاح للأوضاع بين الشعب والحكومة لا يعني مجرَّد رضا الشعب ظاهرًا بحكومته، وتسليمه لها مع بقاء سوء الأوضاع في ذاته، وكونها متصفة بالظلم محكومة له، وهو الشيء الذي قد يحدث اضطرارًا، ولفقد القدرة على التغيير.
وإنّه لواضح جدًّا أنّ العقل والإسلام لا يقدّم شيئًا على العدل، ولا يقيم بناءً مؤسسًا على الظلم. وهذا دون التسامح عن حقّ هذا الطرف أو ذاك للآخر في العلاقات الشخصية بطيب خاطر من دون أن يؤسس ذلك للظلم وتركيزه وانتشاره.
إنّ الإصلاحَ عمليةُ إزاحةٍ للوضع الفاسد، وإقامةُ وضعٍ صالحٍ مقامه، وإحلالُ العدل محلّ الظلم في العلاقة، وإعطاءُ كلّ ذي حقٍّ حقّه، وليس من الإصلاح التهدئة الظاهريّة بين طرفين -كشعب وحكومة وفئة من أمّة وأخرى- على قاعدة بقاء الظالم على ظلمه والمظلوم على مظلوميته.
وهذا أساسٌ في الحديث عن الإصلاح لا مَعْدل عنه، ولا يُقبل أن تدخله المغالطات فتثبت حالة من حالات الظلم باسم التسامح الذي يتطلّبه الإصلاح؛ إذ إنّ حقيقة الإصلاح منافية للظلم، والظلم حقيقة منافية للإصلاح.
الإصلاح يمكن أن يكون جزئيًا، ويمكن أن يكون كليًّا، وفي صورة أن يكون الإصلاح ناقصًا فهو جزئيٌّ، والناقص منه يبقى محل المطالبة، ويبقى باب السّعي إلى استكمال الإصلاح بتمامه مفتوحًا، ولا يغلق قبل أن يحلَّ الصحيحُ محلّ الخطأ في كلّ مساحته، والعقل والدين والمصلحة العامة لا تقبل تضييع شيءٍ من الحقّ وإقرار شيءٍ من الخطأ.
والإنسان دائمًا في استكمال، ومسيرته دائمًا في تنامٍ، وما أمكنه اليوم من تصحيحٍ لوضعه لا مجال لتأخيره، وما تحول الظروف القاهرة بينه وبينه، من تطوّرٍ وتحسّنٍ في الحال؛ لابد من العمل على تذليله حتى يتحقّق الغرض الأكمل.
والحركة المستمرة للكمال على مستوى الفرد والمجتمع والأمَّة وظيفة الحياة عند الإنسان، والعلاقات المحكومة للظلم ولو جزئيًّا ليست طريقًا للكمال.
يا شعوب الأمة الإسلامية اطلبوا الإصلاح إلى آخر مداه، والحياة كلُّها مدىً للإصلاح، ومسيرةُ الكمال لا توقُّف لها في كلّ حياة الإنسان -فرده ومجتمعه- صغيرًا كان أو كبيرًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عيسى أحمد قاسم
٢٨ يوليو ٢٠٢١