لماذا عودة جادة للإسلام ستقصم بشدة ظهر التطبيع؟
*بقلم: سيد أمين الموسوي
اختتم سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم كلمته في اجتماع المجلس الأعلى للصحوة الإسلامية الذي عقد بتاريخ ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٠ كما جاء عن مركز المقاوم على موقعه، بالقول: (ومن أشدّ ما يقصم ظهر التطبيع ومقاصده القاتلة أن تكون ردّة الفعل عند مجتمعاتنا عودةً بالغة الجدّ كلّ الجدّ شديدة العزم والإصرار للإسلام العظيم الحبيب، عودةً لفكر الإسلام، للمنهج الإسلامي العام، للمنهج الإسلامي السياسي، للأخلاقيّة الإسلامية، ولجديّة الإسلام، وروح المقاومة الإسلامية والإرادة الحرّة الكريمة المُخلِصة المُهتدية بهدى الله تبارك وتعالى، والتي لا ترضى أن تركع، أن تسجد، أن تسمع، أن تصغي إلاّ لكلمة الله.
عودةً تتمثّل في زيادة تخندقٍ والتفافٍ ووعيٍ ويقظةٍ وشوقٍ لحاكمية الإسلام وتمهيداً لظهوره الأعظم وهيمنته، والتفافاً بالقيادة التي يرضاها).
وتأتي هذه الكلمة في ظل *رهانات التطبيع* التي يُراد لها أن تؤسس لمرحلة جديد، وهي كما قرأ بعضها سماحة الشيخ نفسه، قائمة على:
١- ذوبان الفواصل الفكرية والنفسية عند المسلمين وشعوب الدول المطبِّعة بالخصوص، وبين الصهاينة، وهو رهان قائم على قدم وساق من أجل إذابة كل الفواصل المعيقة، من خلال إثارة المغالطات والشعارات البراقة الكاذبة.
٢- الحديث عن ما يسمى بـ”الإبراهيمية” كواحدة من مفاهيم التسامح بين الأديان السماوية، بحيث تقبل الشعوب العربية والمسلمة بكون الصهيونية كحركة يهودية واحدة من هذه الأديان، وبالتالي الوصول للرهان الأول.
٣- غياب المقاومة والمقاطعة العملية، بغياب الفكر الإسلامي الأصيل المقاوم، حتى لا ينغّص على الصهاينة والمطبِّعين حفلتهم الخبيثة ومشاريعهم التي تستهدف تدمير الأمّة ودينها وهويتها.
٤- مسخ الهويّة الإسلامية بهويّة لا تحمل من الإسلام إلا اسمه، وتقبل تحت شعارات “الانفتاح والتسامح والرحمانية”، وتحت ضربات “الفقاعات السلوكية والفكرية والثقافية، والشعارات الانهزامية، والعرفانيات والصوفيات المزيفة”، تقبل بالتطبيع الكلّي مع الصهاينة الأشرار، ويكون العدوّ
صديقاً مخلصاً ومعلِّماً قديراً ودليلاً هادياً وسيداً أميناً، كما عن قراءة “مجلة الطليعة” في عددها الثالث لمرحلة ما بعد التطبيع.
* ولقراءة ما وراء النص الذي أورده -سماحة الشيخ- في كلمته، نقف هذه الوقفات السريعة:
يذكر سماحته بأنّ العودة للإسلام هي واحدة من أشد ما يقصم ظهر التطبيع، و (من) حرف جر يفيد التبعيض هنا، فالعودة الجادة للإسلام هي واحدة من ضمن عدة أمور قادرة على أن تقصم ظهر التطبيع، ولكنها الأهم من بين هذه الأمور، لذا اختارها سماحته لتكون مثار كلمته ضمن الضربات الشديدة على ظهر التطبيع، إنْ لم تكن هي الأشد.
ويبدو الأمر هنا، بأنَّ هناك علاقة تلازم بين العودة الجادة للإسلام، -كأشدّ أداة لقصم ظهر التطبيع- وبين مقاومة التطبيع عملياً، لأن هذه العودة تشكّل القاعدة الأساس لأي تحرك ومقاومة عملية على الأرض، فلا مقاومة بلا عودة جادة للإسلام، ولا قدرة على المواجهة بلا هذه العودة، فهي أصل أساس تغذّي بقية الأساليب والطرائق وليس العكس، لذا يصنّفها -سماحة الشيخ- كواحدة من أشد قواصم التطبيع.
وليس بعيداً عن هذا التسلسل، ترنّ كلمة الحاج المقاوم عماد مغنية، وهي التي لابّد أنّها ترنّ في أسماع كلّ المقاومين أشداء البأس الذين يؤسس لهم مغنية في الغرف المغلقة، عندما يكشف عن هذا السرّ الذي لم تعرفه الجيوش النظامية، بأنّ الروح هي التي تقاتل، وليس الطرائق وأساليب العمل، ليعكس بذلك خلفية الجيوش العقائدية الصلبة.
إذن نحن أمام عملية تراتبية واضحة، تبدأ بالعودة الجادة فكراً وشعوراً للإسلام الأصيل، والتشبّع بمفاهيمه لفكر الإسلام، للمنهج الإسلامي العام، للمنهج الإسلامي السياسي، للأخلاقيّة الإسلامية، ولجديّة الإسلام، وروح المقاومة الإسلامية، والإرادة الحرّة الكريمة المُخلِصة المُهتدية بهدى الله، وذلك للتأسيس لما أسماه -سماحة الشيخ- بضربة شديدة سيواجهها التطبيع.
وليس غريباً أن يستجمع -سماحة الشيخ- كل هذه العناصر في جملة واحدة، ليعبّر عن أهميتها وفرادتها في التأسيس لما يطمح سماحته، والذي أكّد في بيان سابق إثر إعلان اتفاق العار والخيانة أنّه يحتاج إلى “جهود مضنية”.