عناوين مكذوبة
بسم الله الرحمن الرحيم
عناوين مكذوبة
الغرب الطاغوتي وسياسته العدوانية مرعوبان من الإسلام والأمة الإسلامية وانبعاث روح النهضة فيها من منطلق الإسلام، لذلك تجد الإسلام وأمّته مستهدفان كلّ الاستهداف للسياسة الغربيّة وجبهات حربها المتعددة المتنوّعة الساخنة والباردة.
والحرب التي لا مهادنة ولا توّقف فيها أبداً هي حرب ثقافته وعلاقاته الثقافية مع الكثير من بلاد الإسلام.
وللغرب -وفي المقدّمة أمريكا وبريطانيا- ثقافة خاصّة مدروسة ومخطّط لها لتصديرها للعالم العربي والإسلامي، من أهم ما تستهدفه حيونة الإنسان المسلم والعربي حتى لا تبقى لهذا الإنسان إنسانية، ولا مقاومة، ولا اعتزاز، ولا إرادة للاستقلال بعدما يتم سقوطه، خاصّة على مستوى الشباب والشابات في مستنقع الرذيلة، وتسلُّم القيادة الفكرية والسلوكية للمجتمع لهذا النوع من الشباب المصنوع خصّيصاً لإحداث تبعيّة الأمة للنمط الحضاري الغربي الساقط وسيادته الشاملة.
ولأنّ من طريقة الغرب أن يُسقط الإنسان من خلال تحريف الوظيفة لدوافع من الدوافع التي تقوم عليها حياة نوعه، ولأنّ العمر الشبابي يقوى فيه دافع الجنس إلى الحدّ الذي يتحدى به بدرجة ضاغطة عالية صبرَه وقدرته على الانضباط الأخلاقي الذي لابد منه لإنسانية الإنسان وسلامة المجتمع؛ وجدنا التركيز المكثف في السياسة الغربية على فئة الشباب والشابات في عمر قوّة هذا الدافع الأشدّ، وعلى الأخذ بمختلف الأساليب الفكرية والنفسية والجسدية لإثارته والبلوغ به إلى حالة الانفلات وفقد السيطرة والانهزام الكامل أمامه.
وأكثر من ذلك وأشدّ خطراً تحويل الاستجابة لهذا الدافع وبصورة مفتوحة وجنونية ومتجاوزة لأدنى درجة من الأخلاق إلى قيمة عالية وهدف كبير في نفس الشاب والشابة حتى تكون الدعوة إلى الانغماس في الرذيلة وفتح الباب على مصراعيه على الجنس المبتذل، والحرية الجسدية والعلاقات الجنسية المحرّمة وظيفة توعوية وتربوية للمجتمع في نظر البعض لابد للتقدّمي وحتى آخر العمر من القيام بها أداءً لحق الإنسان على الإنسان ووفاءً بحقّ الحرية، وإنْ كان أكثر الدعاة لهذا السقوط يعرفون ما يفعلون بمجتمعاتهم من سوء وتدمير وسقوط، ويعرفون دافعهم إلى ذلك، وهو ما يحقّقونه من أهداف دنيوية خسيسة كبرت في صدور من رضا حكومات أجنبية أو محليّة ترى أن عيشها بها، وتعلم باعتمادها على موائدها.
وما أشد محنةَ أمُّتنا، ذلك أنّ مخطط تدميرها العام ومخطط المسخ لإنسانيتها وتمييعها الأخلاقي مخطط مشترك في الكثير الأكثر الأغلب من بلادها والغرب، حيث إن الأنظمة السياسية فيها من الصناعة الغربية هي ورجالها والذين هواهم من هوى الغرب، ويرون بقاءهم السياسي بتنفيذ إرادة السيّد الغربي، وأنّ مصلحتهم في تحطيم الأمة وتخريب إنسانها.
هؤلاء الأتباع للعدو الغربي شركاء حقيقيون في تمييع شباب الأمة وإفساده و إغراقه في مستنقع الجنس الحرام وفصله عن عقيدة دينه وقيمه وأحكام شريعته.
عملية التصدير من الأعداء الخارجيين للأمة فكراً وأخلاقاً ووجوداً لأحطّ القيم وأسفل السلوك، والاستيراد لهذه الصادرات الهدَّامة قائمة ومستمرة على قدم وساق، والغرب السيّد مستعد لأن يقدّم خدماته المجانية لأمّتنا في هذا المجال، والأنظمة العميلة أكثر من كونها مستعدة لأنْ تبذل الكثير في حيونة شبابنا وشاباتنا لإفساد مجتمعات الأمة التي ترى من فسادها شرطاً موضوعيّاً لبقائها في موقع الحكم.
وأول مستهدف من الشباب والشابات من أمّتنا لعملية التخريب الأخلاقي المشترك بين الأنظمة الجاهلية في الغرب والبلاد الإسلامية هم الطلائع الشبابية المتقدّمة في مستواها الذهني وذات المواهب الإدارية والطموح الإجتماعي لتخسر الأمة هذه الطلائع، والدفع بها لكفاءاتها المتميزة لقيادة الأمة حيث الهاوية التي يخطط الغرب لإيصالها لقعرها.
تجري عملية التدمير الأخلاقي لشبابنا وشاباتنا وتحويلهم إلى أعداء فكريين وسلوكيين متمكنين للأمة عن طريق عناوين مخادعة برّاقة منافية تماماً لما وراءها من مضمون جائف، كعنوان التعاون الثقافي، والمرأة لأجل المرأة، حرية المرأة، تمكين المرأة، وما ماثل.
أما المضامين، فما وراء عنوان الثقافة ما هو إلاّ سخافة، وما يعنيه التعاون الثقافي هو التآمر على الثقافة والأصالة والدين والأخلاق وإنسانية الإنسان، وما يعنيه عنوان المرأة لأجل المرأة هو المرأة لهدم المرأة، وحريّة المرأة تعني مضموناً فيما يريدون حيونة المرأة والتجارة بالمرأة، وتمكين المرأة إفساد المرأة وإسقاطها.
ثقافتهم التي يُصدِّرون وتُستورد لشعوب الأمة على يد الحكومات العميلة والجماعات المماثلة لها ثقافة بديلة للقرآن والإسلام ولاستبدال هوية الأمة.
وعلى شعوب الأمّة أن تفيق، وعلى شبابها وشاباتها ألاّ يستسلموا لمخططات الأعداء، وأن يتصدوا على خلاف ما تريد لهم ولأمّتهم هذه المخططات.
وعجيب أن ينخدع منخدع، ولو كان في أوائل سن شبابه بما تدّعيه سياسة الغرب من نصح له أو لأمّته مع كل المواقف المعادية والاستعباد والاستحمار والتآمر والاستغلال ودعم إسرائيل والضربات القاسية التي توجهها هذه السياسة لأمّتنا في حين أنّ شيئاً من ذلك كلّه لم يعد مستورا.
عيسى احمد قاسم
17 أغسطس 2020