التبليغ وبرامج التعليم الصيفي

المحور الثاني: التبليغ وبرامج التعليم الصيفي:

1. نحن مقبلون على العطلة الصيفية والتي تتزامن هذا العام مع الموسم الحسيني، فما هي أفضل طريقة لتعاطي مشاريع التعليم الديني مع الموسم الحسيني؟

الجواب:

أعزائي.. يجب أن لا يُسبق المجتمع، أن لا يسبقه الزمن، ومعنى ذلك أن تكون جلسات دراسية لمدى التزاحم بين الأمرين، تشخيص موضوعي لمدى التزاحم بين الأمرين، التعليم الصيفي والمشاركة في الموسم لإحياء موسم عاشوراء.

1. يمكن نتصور أن المزاحمة واسعة ومُطبقة ومستوعبة، وقد ينكشف لنا بالدراسة والتأمل -دراسة الساحة، دراسة مشاريعنا التعليمية، دراسة الأوقات التي يأتي فيها تزاحم، والأوقات التي لا يأتي فيها تزاحم- طبعاً الموسم العاشورائي ليس يومياً على مدى الشهرين والثلاثة، بعكس الموسم التبليغي القائم على التعليم وحل المشاكل الفكرية المعاشة في المجتمع على مستوى الناشئة وعلى مستوى الشباب الذي سار على طريق الوعي والثقافة. 

2. فبعد أن نعرف مساحة التزاحم وموارده، هذا المورد مورد تزاحم، هذه الأيام العشرة واضحة فيها التزاحم، وربما إلى الخمسة عشر، ليست كلّ المسافة هي مسافة زمنية التي هي شهرين مورد تزاحم، هذا شيء.

3. شيء ثاني، أن ما يقضى يقدم على ما ليس له قضاء، الموسم ليس له قضاء، الموسم ليس له بديلٌ صالحٌ للتفعيل في غير الزمن المحدد له، التبليغ يمكن أن يبحث عن أساليب لا تقوم مقام الأسلوب المعتاد لكن تؤدي بعض وظيفته، هذا يدرك بعضه لا يفوت كلّه، والموسم سيفوت كلّه إذا أهملناه فاتت كلّ فائدته، وتعطُّل موسمٍ حيويٍّ بنّاءٍ صنّاعٍ مولّدٍ لنفسية جديدة  وعطاء فكري ومحرك عملي، هذا لا يصح تضييعه. إذا صار التزاحم إلى حد إما أن يتعطل التبليغ المعتاد في العطلة الصيفية بمقدار أو حتى كلي إذا لم نجد أسلوباً بديلاً يصلح حتى في العشرة، فهنا طبعاً يقدم الموسم العاشورائي.

2. سؤال يقول ما هو نظركم في تخصيص بعض مشاريع التعليم الديني برنامجاً خاصا باعداد خطباء صغار، هل لهذا الأمر آثار سلبية أو إيجابية؟

الجواب:

موسم لإعداد خطباء صغار؟ الخطباء الذين سميتهم صغاراً في السن، هؤلاء محرّم ليس محلّ صنعهم، محرّم محلّ تجربتهم وليس صنعهم. صنعهم يكون طوال السنة، يأتي موسم محرّم ليعيشوا تجربة التطبيق، لكن لا بما يزاحم المجالس الضخمة ولا بصورة يستعاض فيها بالخطيب المبتدئ عن الخطيب المتمكن، لا ليس هذا، ولكن تعقد لهم مجالس لا تزاحم تلك المجالس، ليتزامن وليتساوق عندهم التطبيق مع الدراسة النظرية.

3. سؤال يقول مع غياب المجلس الإسلامي العلمائي العلني والحاجة للعمل التبيلغي المؤسساتي ما هو البرنامج البديل المقترح؟

الجواب:

القوامُ والكيانُ الصُلبي للمجلس موجودٌ، وهمُ العلماءُ الغيارى الوعاة، فما يفوت بإغلاق المجلس ليس أصل وظائف المجلس، يمكن أن تتأثر سلبياً -وهي متأثرة بدرجةٍ ما-، لكن التبليغ والتبصير والتبيين ليس مربوطاً بوجود مجلس علمائي بحيث هناك ملازمة إن تعطل المجلس تعطل التبليغ، 

المجلس العلمائي عاملٌ قويٌّ ومؤثرٌ ومساعدٌ على إنجاح التبليغ وتنشيط عملية التبليغ، لكنَّ عمليّة التبليغ لا تتوقف على وجود المجلس العلمائي، فأقول: 

روحُ المجلس العلمائي والقوّة البشرية للمجلس العلمائي، العقول التي تسيّر وتنفذ وتخطط لوظائف المجلس العلمائي عقولٌ موجودةٌ والحمد لله، وعليها أن تتعاون وهي أهلٌ للتعاون، وهي أهلٌ للاهتمام بموضوع التبليغ، والتبليغ لا يرتبط بمؤسسة رسميّة أو شبه رسمية، مجازة أو غير مجازة أبداً في الإسلام. 

التبليغُ وظيفةٌ تعمّ كلَّ مكلّف، كان زاده من الإسلام كثيراً أو قليلًا، صاحب المسألة الواحدة، صاحب المسألة العقيديّة أو الفقهيّة، هو مسؤولٌ عن تبليغ هذه المسألة، فليكن ليس عندي إلا مسألة فقهية واحدة أفهمها من الإسلام، ذهبتُ إلى قرية ليس فيها من يعرف هذه المسألة فعليَّ أن أبلغها ما دامت محل حاجة، المسافر لأوروبا، لروسيا، للصين، يعرف مسألة أو مسألتين، عليه أن يبلغ المسلمين هناك ما يعرفه من هاتين المسألتين، فعملية التبليغ واجب كواجب الصلاة لا انقطاع له.

ولحد الآن ليست هناك قدرة عند حكومة من الحكومات التي تحكم البلاد الإسلامية على التصريح بمنع التبليغ بلغة صريحة، مصارحة جهرية، مجاهرة بأنّه من بلّغ شيئاً من الإسلام فيُحبس، هذا طبعاً لا يتوافق مع أُمنيات الحكومات في البلاد الإسلاميّة وإنما يفرضه الرأي العام. 

وعلى الرأي العام أن يتمسّك ويشتدّ في تمسُّكه بالتبليغ حتى لاتنهدم هذه القلعة، القلعة التي تعطي حصانة لعملية التبليغ.

4. سؤال يقول هل التبليغ خاص بالأمور العبادية أم يشمل الجانب الاقتصادي والمقاومة للظلم مثلاً؟

الجواب

مَن عرف الإسلامَ -ولو بدرجةٍ ما- عرف أنَّ الجواب هو أنَّ التبليغ عامٌّ لكلّ هذه الموارد، مع قداسة العبادة وأنّها الأساس إلا أنّ فقه المعاملات أوسع، إيمانُ الإسلام بالمعاملات في آياته، في البعد السياسي، البعد الاجتماعي، البعد الاقتصادي أكثر من البعد العبادي، إذا عطلنا التبليغ في غير مورد العبادة فقد عطلنا التبليغ في المساحة الكبرى في الإسلام.

5. سؤال يقول ما هي المرحلة المناسبة لطالب العلوم الدينية للقيام بإمامة الجماعة؟

الجواب

أن يملك: 

1. العدالة. 

2. وأن يجيد الصلاة. 

3. وأن لا يستحي من أن يبدي جهله أمام أي سؤالٍ يجهل جوابه. يعني إذا كان مستعد أن يجيب على أي سؤال عرف إجابته أو لم يعرف فخطير جداً أن يتقدم للجماعة ويتصدى للرد على الأسئلة.

4. وإذا رأى نفسه وظن بنفسه أنه عادل، قبل هذا عليه أن يدرس العدالة المطلوبة، حتى إذا حكم على نفسه أنّه متلبس بها، له ملكة عدالة وظاهره العدالة يكون هذا منه على اطلاع على الرأي الإسلامي الذي يتعبد به.

6. هنا أسئلة تتعلق بالتعليم الديني، منها مثلاً: نلاحظ وجود تساهل في إعداد المعلم علمياً وأخلاقياً، فما هي نصيحتكم لمشاريع التعليم في تقديم المعلم، ومتى يقدم الشاب للتعليم؟

الجواب

كلنا يعرف هذا، ليس من الحاضرين من لا يعرف هذا:

– أن يعلم بما يريد أن يعلمه. 

– أن يرى نفسه أنه أمام مسؤولية خطيرة في الحفاظ على هذه الأمانة بحيث لا يقول شيء عن جهل وهو يدرك أنه جهل، وأن لا يتسرع في إيصال أي فكرة بإسم الإسلام إلى عقول الناس أو قلوبهم قبل أن يتأمل ويتأكد أنها فعلاً إسلامية. 

– أيضاً أن يكون القدوة الصالحة، في ممارسته هذا التعليم، في تعامله مع طلابه، إلى آخره. 

– أن تكون كلمته ما استطاع صادرةً عن إيمان ويقين بقيمتها العالية 

– وأن يراقب الله تبارك وتعالى فيما يقول وفيما يفعل.

7. سؤال آخر، نلاحظ في المرحلة الابتدائية الأعداد المشاركة جداً، ثم تقل الأعداد المشاركة في التعليم كلما تقدموا في المراحل، ما هو المشكلة في نظركم وما هو العلاج؟

الجواب: المشكلةُ واضحةٌ، كلّما تقدَّم عمرُ الطالب:

1. اشتغل بأمورٍ أكثر، 

2. ولاقى ألواناً من العلم، 

3. ولاقى أجواءً مستجدة، واختلط بنماذج بشريّة متعدّدة، نماذج فكريّة، ونماذج أخلاقيّة. 

4. ويحصل أيضاً على من يدعوه لفساده، فئات فاسدة تدعوه لفسادها، ينجذب إلى بعض الفئات الفاسدة حتى لو لم تدعه لذلك، إعجاباً من هواه بما يراه من أمورٍ منها قد يعدّها من سعادة المرء ومن راحته، ويعطيها وزناً كبيراً. كل هذا تدخل تحديات أمام ارتباطه بالمسجد، بدرسه في المسجد والمأتم وما إلى ذلك، كان بلا مزاحمات كثيرة، الآن صارت له مزاحمات كثيرة، 

5. وعلى الأقل، الدراسة تأخذ من وقته، امتحاناته تأخذ من وقته، إلى آخره، وليس هناك طموح بأن يعطي اهتماماً لدرس المسجد -طموح عملي، الطموح الفكري موجود وهو طموح مقدّر- وهو أن يعطي لدرس المسجد نفس الاهتمام الكبير الذي كان يعطيه إياه، لكن هذا من ناحية عملية في الغالب غير ممكن، 

6. يبقى شيء آخر وهو أنّ المشروع يجب أن لا ينسى الملتحقين به بإنتهائهم من المرحلة الابتدائية، أن يخلق صداقة معهم وهم في المشروع، ويبقي على هذه الصداقة بعد إنهائهم الدرس في المرحلة الابتدائية، أن تبقى علاقات مباشرة أو غير مباشرة، أن تكون هناك صلات ولو من ناحية ما يصلهم من فكر المسجد، ما يصل طلاب المسجد أو في الحسينية، ولا تنتهي الصلة الفكرية بهم بمجرد إنتهائهم من هذه المرحلة، يبقى الخطاب يصل إليهم، تبقى صلات بشرية بين طلاب المسجد الجدد، طلاب الحسينية الجدد، وبين الطلاب الذين تخرجوا، كل هذا بشكل إجمالي أن تبقى علاقات بشرية وعلاقات فكرية مع كلّ من تخرج من مدرسة المسجد ومدرسة الحسينية وأن تكون الرعاية مستمرة، والسؤال والتفقد لهؤلاء الطلاب مستمرة. كلما وجد الطالب الذي تخرج  اهتماماً به، وانخلقت علاقة بينه وبين مدرسيه السابقين، ومعه ومع الطلاب الجدد في هذا المشروع، والذي ودع بعضهم وتخرج من صف السادس، كان صديقاً لمن كان في الصف الخامس، كان له أصدقاء في هذا المشروع نفسه، يجب أن يبعث المدرسون هؤلاء الموجودين من الرفقاء السابقين إلى خلق علاقة معهم، تقوية العلاقات، إبقاء العلاقات، تقوية العلاقات النظيفة ومنها العلاقة الفكرية، هذا يساعد على الاستمرار.

8. سؤال شفي في هذا المحور: التعليم الديني حالياً في بعض المناطق يدخل في مسألة أن يدفع أولياء الأمور مبالغ معينة لتسجيل أبنائهم، فمع وجود مسألة الغلاء والضغط الكبير والسعي من بعض الجهات لتقليل شأن التعليم الديني، وهذا الضغط الموجود على أولياء الأمور في كل مكان، هل تشجعون أن يكون هناك رسوم إلى التعليم الديني أو لا؟

الجواب

1. مرّةً الرسوم متوفرة من تاجرٍ أو محسنٍ، من تبرّعات عامّة، فطبعاً يستغنى عن طلب رسوم.

2. ومرّةً لا يوجد دعمٌ من أيّ جهةٍ فيجب أن يتحمل الآباء المشقة وأن يبذلوا هذا الرسوم ليساعدوا على استمرار المشروع، هذا فيه نجاة ولده وبنته، فيه أداء واجبٍ عليه إزاء بنته وولده وإزاء الآخرين ومن أبنائهم، فليعدّه من مصروفاته الضرورية، وليس من الكماليات، من مصروفات حاجته على الأقل، إذا لم يكن من الضرورات فمن المصروفات التي تصرف على الحاجيات المعتبرة والتي تشق الحياة بدونها، لا تتعطل الحياة بدونها ولكن تشق بدونها، فليعد هذه المصاريف من ذاك النوع، ألا يبذل للمدرسة الرسمية وإن لم تبذل للمدرسة ولكن إلحاق ولده بالمدرسة فيه تكلفة، فيه لباس خاص يومية لسد جوعته في المدرسة وما إلى ذلك، ولو تحولت المدارس إلى مدارس تطلب وتفرض رسوماً لحاول الآباء كل المحاولة وعاشوا حال الضيق من أجل إلحاق أبنائهم بالمدارس الرسمية. مدرسة المسجد، مدرسة الحسينية يجب أن لا تكون أقل شئناً من المدرسة الرسمية.

9. من ضمن النقاط في البرامج التي تعطي للطالب حتى يجذب، هناك جهات كثيرة تنافس التعليم الديني في جذب الطالب، فهل يترك مساحة كبيرة والرحلات وكذا، لربما تأخذ نصف الأيام المخصصة للدراسة فهل هذا أمر معقول في نظركم؟

الجواب

1. الهدفُ الأساسّ من الالتحاق بمدرسة المسجد والحسينية عند المشروع نفسه وعند أولياء الأمور يجب أن لا يكون هو الترفيه. الترفيه ممكن في الحقيقة حتى من غير مدرسة، -يعني كنا في الابتدائي كرحلات بسيطة فيها كيكة أم آنتين أو آنة، يعني أشياء بسيطة وكانت مرحة جداً بين الشباب، وكنا في العطلة لم نخطط لهذه الرحلات، يتفق عدد ويمشي-.

2. الهدفُ الرئيس هو بناءُ شخصيّة مرضيّة عند المشروع، مرضيّة عند وليّ الأمر، والطبيعي أن هذه الشخصية في الوسط الإسلاميّ هي شخصية إسلاميّة، فمطلوب بناء شخصيّة إسلاميّة، هذا هو الهدف. 

3. الترفيه هو وسيلةٌ بحيث ترغب هذا الطالب في الاستمرار في هذا المشروع، لا يحسّ بالكلل والملل وما إلى ذلك، فهذا عاملٌ مساعدٌ للوصول للهدف، طبعاً لا يشتغل على الجانب الجانبي عن الصلبي. 

4. الترفيه نفسه يجب أن لا يكون منفصلاً عن خط الهدف وروحية الهدف، الترفيه يجب أن يكون في نفس الوقت مربياً، هناك ترفيه مربي وترفيه مفسد، هناك ترفيه لا مفسد ولا مربي، يُختار الترفيه المربي، كشافة الفساد غير كشافة أهل الصلاح، والرحلة التي تبنى على هدف إسلامي غير الرحلة التي تبنى على هدف ترويحي فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى