آية الله قاسم: لا تكذبوا على الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

لا تكذبوا على الإسلام

من أشد ما يفتري به الظالمون على الإسلام زوراً وخطورةً وافتضاحاً هو ما يروّجون له بشأن هذا الدين الذي لا لدين في الأرض من عظمة كعظمته، ولا اهتمام لأيّ مبدأ فيها كاهتمامه بشأن الإنسان وصلاحه في ذاته وكل أوضاع داخله والخارج من حياته، ولا نظام له من القدرة ما لنظامه من القدرة في النهوض بمستوى نهوضه بالإنسان في كرامته وقوّته واستقامته وعدله ورفاهه ومجده وأمنه وسعادته في هذه الحياة العابرة والأخرى المقيمة أبداً. إنهم ليروّجون زوراً وافتراءً عن عمد وعلم بسوء وضلال ما يروّجون بحق هذا الدين المنقذ من أنّه ينأى بنفسه عن التدخل في السياسة لتفرغ هذه الساحة الأساسيّة في الحياة، ولتفرغ بذلك كل ساحاتها لحاكميّة أهوائهم ومشتهياتهم وجشعهم وظلمهم وفسادهم وفسقهم، وتغيب حاكميّة كلمة الله الحقّ عن كل هذه الساحات، ومن أجل أن يتم لهم الاستعباد لخلق الله بلا مُقاوم.

ومن منكر الظالمين للدين والمؤمنين؛ هذه المساواة التي يريدون ترسيخها في نفوس الناس بين علماء الدين الذين سهروا الليالي وبذلوا أيام أيام عمر طويل في دراسة علومه وبين من لا يكاد يفقه منه شيئاً ولم يعطه اهتماماً طوال ما كان في هذه الحياة، فالسماح لبيان رأي الدين من العلماء لابد معه عندهم من السماح بذلك من الجاهلين به، وكما يصح ذلك من الأمناء على الدين يصح من المناهضين له، وإذا قَبِل هؤلاء أن لا ينطق الجاهل بالدين عنه -وهم لا يقبلون بذلك- كان عندهم أن يُحرَّم على العالم به أن يفصح عما يفهمه منه، وينشر الرأي الذي لا يشك أنه من مسلّماته في السياسة والاجتماع والوضع الصحيح أو السقيم في الأسرة وغير ذلك مما يعطي فهماً أميناً عن الإسلام ليأخذ تأثيره العملي البنّاء في مسارات الحياة.

إنها حرب ضارية شرسة صريحة على الإسلام وإنْ حاولوا أن يلبسوها بلباس ديني كاذب ليغرروا بذلك من هو مهيأ بطبيعته للتغرير.

فكما أنَّ عندهم: حرباً حرباً على الإسلام والإصلاح والفضيلة والكرامة، وطمساً طمساً لكلمة الحق والعدل؛ فعلى المؤمنين أن يقولوا ويُصدقوا القول عملاً حرباً حرباً على الفساد والرذيلة والانحطاط، وحرباً حرباً على كلمة الباطل والظلم والضلال.

احكموا أيّها الناس فيما أقول، ولا تحكموا إلاّ حكماً عدْلاً.

لا معصوم اليوم على ظهر الأرض بصورة ظاهرة ليمارس الدور الأكمل في بيان حقائق الدين وأحكامه، ويبلّغه التبليغ المعصوم الذي لا يتطرق إليه شك في مطابقته الدقيقة لمفادات الدين وشريعته، فلم يبق للتبليغ إلا عالم لا تُدّعى له العصمة، ولكن يتمتع بالعدالة أو الوثاقة أو جاهل وفاسق، والكل يعلم بأن وظيفة تعليم الجاهل بالدين وتبليغ عقيدته وشريعته والدعوة إليه لم يسقط ولا يسقط وجوبهما. فإمّا أن يكون إسناد هذه الوظيفة للعالم العادل أو للجاهل الفاسق، وإمّا أن تكون الحاكميّة في مجال الدعوة إلى الله عزّ وجلّ، وتبليغ دينه، وبيان أحكامه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكلمة من كان عالماً عادلاً على كلمة الآخر، أو كلمة هذا على كلمة العالم العادل، فبم تحكمون في هذا الأمر؟

إذا حكمتم الحكم الموافق للدين والمرضي لله فقولوا ماذا سيَحدث لو صمت العالِم ونطق الجاهل، وأخفى العادل وأظهر الفاسق؟ ألا يحدث هذا انقلاباً هائلاً في الدين، وخروجاً عن حقيقة عقائده وأحكامه، وتحولاً لمعروفه إلى منكر، ومنكره إلى معروف، وصيرورةَ الحاكمية في الأرض للشيطان وغابت عنها حاكميّة الله؟ وماذا لو تمّ الصمت الكامل عن بيان الدين؟ أفلا يلازم ذلك أن يؤول أمره إلى النسيان؟

لينطق العلماء بما أراهم الله من الحق ويدعوا إليه ويفضحوا الباطل، ولتعمر المساجد والحسينيات بذكر الله، والدعوة إلى دينه، والتبليغ لأمره ونهيه، والتأكيد على وجوب حاكميته وألاّ إله غيره، ولا أمر ولا نهي إلا له، وبالتبع لمن أمر هو لا غيره بإتباعه وطاعته حتى تنير الأرض وتعمر العمران الحق، ويظهر العدل ويتوارى الظلم، وتأمن الحياة، وتسعد البشرية يوم دنياها ويوم القيام للجزاء ومن قبله الحساب.

حقوق الناس التي يقتضيها العدل الإلهي، ومحاربة كل ألوان الظلم والفساد، والدعوةِ للترويج والممارسة للمثليّة، والتطبيع مع العدو الصهيوني؛ مواضيع خطيرة اجتثاثيّة هدّامة بقوة للإسلام والإنسانيّة، لا هدنة في محاربتها، ولا وجه أبداً للفتور في مقاومتها.

والسلام على من اتّبع الهدى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عيسى احمد قاسم

٢٣ يونيو ٢٠٢٣

زر الذهاب إلى الأعلى