الحديث القرآني الرمضاني الرابع 1444هـ

الحديث القرآني الرمضاني الرابع لسماحة آية الله الشيخ عيسى احمد قاسم – 9 شهر رمضان 1444هـ / 31 مارس 2023 في قم المقدسة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حيّا الله الأخوة الكرام، هذه الوجوه الطيبة المؤمنة، والقلوب المتجهة إلى الله عزَّ وجلّ، وخاصةً في هذا الشهر الفضيل.

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) – سورة العنكبوت / الآية 7.

عندنا إيمان وعمل للصالحات (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات)، والإيمان في أصله هو عقيدةٌ راسخةٌ في القلب، محتضنٌ لها القلب، راضٍ بها القلب، موقن بها القلب، لكنّ هذا الإيمان وإنْ عَمُق، وإنْ ترسّخ وتثبّت في القلب فإنّه لا يكفي، لابد من (وَعَمِلُوا الصَّالِحَات). 

هذه مرتبةٌ عليا، وهي أن يؤمن القلب وأنْ يستتبع إيمانه عمل الصالحات، بل لا حقيقة للإيمان فيما يريده الإسلام غير هذه، يعني إيمان قلبي فقط ليس كافياً.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ). 

كفرُ الكافر فيه تغطيةٌ للحقيقة، الكفرُ الستر والطمر للشيء، والكافر يحاول بإنكاره للإيمان أن يطمر قضية الإيمان، أما التكفير عن السيئات فهو أيضاً سترٌ وتعفية لكن للسيئات، الكافرُ يُغطّي الإيمان بحيث يمنعه من أن يظهر في الأرض، من أنْ تتنوّر به القلوب، يعمل جاهداً على القضاء على الإيمان، إخفاء الإيمان إلى حدّ أن لا يبقى له أثر، وأن لا تبقى له إضاءةٌ في قلب، هذا هو جهد الكافر، في مقابل ذلك تكفير الله للسيئات، هذه القبائح، أيضاً يعفّيها، يُذهبها وكأنّها لم تحدث، مرّةً على مستوى الجزاء، ومرّةً على مستوى الجزاء الذي يطال النفس في دُنياها، بأنْ يُذهب الله عزَّ وجلّ آثار المعاصي التي ارتكبتها أو التي ارتكبها غيري، والسيئات وهي آثار مميتة للنفس، مؤثرة سلباً بقوّة على الإيمان، مانعة من القيام بالوظائف الإيمانية، ملوِّثة للذات الإنسانية، هذه آثار المعاصي؛ يكفِّر الله هذه المعاصي وعلى هذا المستوى بأنْ يُذهِب آثارها من النفس، آثارها السلبية التي تُعيق حركة الإيمان الصاعدة، إذا بقيت هذه الآثام لا تسمح للإيمان أن ينمو، أن يتحرّك إلى صعود، أن يحلّق إلى آفاقٍ بعيدة، دائماً يحصل مانع في النفس من احتضان القضية الإيمانية احتضاناً يصل إلى حدّ السلوك العملي والمقاومة والمجاهدة في سبيل الله تبارك وتعالى حتى ينفتح الطريق إلى النفس أن تتصاعد، وأن تقوى، وتنهض بالدور المقاوم والجهادي؛ لابد من أن تتخلّص من رواسب المعاصي وآثارها المميتة، من تكفير الله للسيئات أنْ يطهّر النفس بقدرته تبارك وتعالى من تلك الآثار، ويأتي الإنسان يوم القيامة فلا يمرُّ بالحساب عن هذه السيئات، لا يأتي في محاسبته ذكرُ هذه السيئات، وأيضاً لا يشعر بقذارته وحقارته التي كان يشعر بها يوم كانت هذه السيئات موجودةً في نفسه. 

لو دخلنا الجنة وبقيت ذكرى السيئات عندنا، والالتفات إلى سيئاتنا في الماضي، بأنْ تكون آثارها في النفس فجنّتنا تكون ناقصة ومنغّصة، مناظر جميلة جذّابة في الدنيا مع نفس مرهقة من خلال حكمها على ذاتها بالقصور، بالتفاهة، بالدونية، هذا لا يعطينا سعادة، كذلك هي الجنّة لو كانت على ما هي عليه، جنّة حور وعين، وبساتين، وكلّ اللذائد المتصوَّرَة وغير المتصوَّرَة، لو كانت الجنّة هذه فقط، والتي تعيش هذه الجنّة ذات حقيرة تشعر بحقارتها، ذات ملوّثة تشعر بتلوّثها، ذات مجرمة تشعر بجريمتها، هل ترانا نسعد في الجنّة؟ لا، لا نسعد في الجنة، حين أحكم على حديقة بأنّها ناظرة، وأنّها فوّاحة بالروائح الكريمة والعطِرة، وبالمرائي الأخّاذة، ولكن أنا في هذا الحال أشعر بصغارة نفسي، أشعر بحقارة نفسي، هل تراني أسعد؟ طبيعي لا. 

فجنّة الآخرة حتى تكون هنيئةً لعبيد الله لابد من أن يُخلّصهم الله عزَّ وجلّ من آثار الذنوب حتّى يرون أنفسهم طاهرة، وتكون أنفسهم راضية ومرضية. 

فالآية الكريمة تقول (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ) 

يأتي جميل في نفسك، كما أنت جميلٌ عند الله عزَّ وجلّ، ولا نكون جميلين عند الله ما لم نُخلَّص من هذه الآثام، من آثار معاصينا وسيئاتنا، فتكون جميلاً عند الله شاعراً بجمالك في حكم ذاتك، وتشعر بأنّك جميلٌ عند الله، وهذه أكبر نعمة. 

وأنت في مجلس أتقى الأتقياء في الأرض، وأعلم العلماء، مرّة تشعر برضاه عنك ولكن ترى نفسك غير مرضيٍّ عنها عندك، أنا جالس مع هذا العالم الكبير الفقيه العظيم الذي يُقدِّره كلّ الفقهاء، هذا عنده ظنٌّ حسنٌ بي، فأشعر بأنّه راضٍ عنّي، ولكن في قرارة نفسي، وما أعرف من نفسي أنا لا أرضى بهذه النفس، أشعر بنفس تعبانة، هل تراني أسعد؟ 

غبي جدّاً إذا كنت أسعد بحكم هذا الفقيه التقي الكبير بأنّي محلُّ رضاه، دعني أكون محلّ رضاه وأنا “خايس”، هل يفيدني شيء؟ لا يفيدني شيء!. 

 

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)

الآية الكريمة تقول (لنكفرن) وليس “لأكفّرن”، لإظهار قدرة الله وعظمته التي لا يمتنع إليها شيء. 

(وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ)، مرّة يقول لي “لأجزينّهم” وهذا شيء كبير، ومرّة يقول (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) فيطمئني على القدرة عل قدرته بأن لا يأتي وعده خائباً أبداً، لأنّه المالك لكل شيء، وإنّه العظيم ولا يعظم شيءٌ إلا به، فماذا يمنعه من أن يجزينا خير الجزاء؟ لا مانع منه. 

هو الغني، هو الكريم، هو الصادق، هو الجواد الذي لا ينتهي جوده، هذا كلّه يتضمنه الإشارة باستعمال ضمير المتكلمين من المتكلّم الواحد، الله عزَّ وجلّ وهو الواحد الأحد الذي يؤكد على وحدانيته وتؤكد العقول على وحدانيته، يأتي في مواضع فيستعمل ضمير المتكلمين وكأنّه جماعة، هذا ليس إشارة إلى أن المتكلمين جمع، وإنّما إشارة إلى عظمة هذا المتكلّم، كما في أصحاب الإدّعاء بأنّهم عظماء، كأنْ يقول “نحن الملك”، “نحن الأمير”، يريد أن يقول أنّني عظيم. 

 

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ). 

عندهم أكثر من تفسير، من هذه التفسيرات، صلّيتُ ألف صلاة في حياتي، عشرة آلاف صلاة في حياتي، أين أحسن صلاة من هذه الصلوات؟ كلّ الصلوات التي عندنا تُرفع إلى مستواها في الجزاء، يأتي الجزاء طبقاً للصلاة الأعلى قيمة، وأكثر إتقاناً وتوجُّهاً لله تبارك وتعالى وإخلاصاً، ومرّة يكون تفسيره أن يأتي الجزاء لأعلى صلاةٍ قيمةً من بين نوع الصلوات، الصلواتُ نوعٌ من العبادة، في قباله نوع آخر وهو الصوم، الحج، إلى آخره، أيّ أكبر قيمة من نوع الصلوات؟ صلوات المعصومين. لو أعطيتَ هذا، يعني صلاة واحدة بقيمة صلاة الرسول “صلَّى الله عليه وآله” -لو صحَّ هذا التفسير- يعني أنا في خير كثير كثير كثير، وفي نجاة مضمونة.

 

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ).

تفسير آخر، هو أنّ الصلاة في أصل مكافئتها الحسنة بالحسنة، وعد الله عزَّ وجلّ أن يكافئ العمل بأكثر من حسنة، عشر حسنات، الحسنة من العبد تقابل بعشر حسنات ثواباً من الله عز وجل، وأكثر من ذلك، لا يعطينا جزاء صلاة يساوي هذه الصلاة، يعطينا جزاء مضاعف إلى عشر مرات أو أكثر من ذلك، إلى ما شاء الله (أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُون). 

كلّها تفاسير تُغري، وتسيل لعاب المؤمنين، وتستحثّ العقول، وتجتذب النفوس لمزيدٍ من طاعة الله تبارك وتعالى والجهاد في سبيله.

هنا ننتقل إلى آياتٍ أخرى. 

(وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَآ ۚ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) – سورة العنكبوت / الآية 8. 

(وَوَصَّيْنَا) أيضاً مستعمل فيها ضمير الجمع من المتكلّم الواحد الأحد، هذا أمرٌ ليس من صغير، وليس من متوسّط، وليس من كامل على المستوى البشري، من الكامل المطلق، من الصادق المطلق، من القويّ المطلق، القادر المطلق، مالك كلّ شيءٍ في الكون، هذا أمر احترامه غير احترام أمر من فقيه،أمر من فقيه محترم جداً جداً، الفقيه العدل التقي الورع، الفقيه الحاكم محترم جداً، أمر الإمام أكثر احتراماً، أمر النبي “صلَّى الله عليه وآله” احترامه على المستوى البشري فوق كلّ احترام، لكن كلّ هذا متجاوز ومسبوق ولا يلحق أمر الله عزَّ وجلّ بشكل مباشر.

(وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ)

والوصية هنا هي العهد، وفي الآية -كلّ الذين قرأت لهم يقولون أنها للأمر هنا- وصية بمعنى الأمر. 

ليس حجي فلان بن حجي فلان،بل النوع الإنساني، ووصينا نوع الإنسان، يعني كافر أو غيره، بغض النظر عمّن كان، الكل داخل تحت هذه الوصية.

(وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًا) 

(حُسْنًا) مصدر، فيكون في فهم المعنى نحتاج إلى مُقدَّر، “ووصينا الإنسان بوالديه إيصاءاً حسنا”، يعني قُل لهم قولاً حسناً، (وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًا) أي إيصاءاً ذا حُسن، بمعنى إيصاءاً حسناً. 

فنحن موصيّون من الله تبارك وتعالى مالك العبيد وكلّ ما في الكون بهذه الوصية المباشرة من الله بأنْ نحسن إلى الوالدين، نبرّهما، لا أن نقول لهما أفٍّ، يزجرانا ننكّس رؤوسنا، يُغيضانا فلا نغيضهما، يُعرضا عنّا فلا نُعرض عنهما، لا ندّخر شيئاً، لا نبخل بشيءٍ في إعطائه لهما مسرّة.

(وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَآ)

طبعاً الإحسان للوالدين حقّ على الإبن للوالدين، يقرّر الله عزَّ وجلّ هذا الحقّ. 

ماذا بذلا؟ ما أكثر ما بذلا، ماذا ارتكبا من التعب؟ ما أشد ما ارتكباه من تعب. 

يقدِّمان شبعك على شبعهما، يقدِّمان راحتك على راحتهما، تسهر الأم طوال الليل ليهدأ بكاء ولدها، طفلها، رضيعها.

الوالد يشقى، يجاهد طوال نهاره، وإنْ فكّر في لقمته -إنْ كان هذا الجهاد الكسبي لإكتساب المعاش فيه خاطر سدّ جوعته، فلا أظنّ أنّه ينسى أن يسدّ جوعة ولده، وأن يحمل هذا الهمّ، وأن ينشط في العمل، وينطلق في العمل، ويبذل الجهد الكبير في العمل من أجل أن لا يجوع له طفلٌ من أطفاله-. 

هذان هما الأبوان. ولا يدري هل أعيش إلى مدىً يريانيأكسب شيئاً أو لا يعيش، أو أن يعيشا هما إلى وقت أن أكبر وأكسب أو لا يعيشان، مدفوعان بعاطفة الحبّ والحنان والشفقة والرحمة التي غرسها الله سبحانه وتعالى في ذاتهما قبل أن يتطلّع إلى عطائك، هؤلاء في علم الله، وفي عدل الله، وفي حكم الله ورحمته؛ أن يوصي ببرّهما، والإحسان إليهما وفاءً لحقّهما على الولد.

(وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَآ)

هؤلاء الشفيقان، العطوفان، الحدبان، اللذان لو أرادت النارأن تلتهم الولد لتقدّمت الأمّ غير آبهةٍ لإنقاذه. 

هؤلاء الناس من الآباء والأمهات الذين لا يحلُّ أحدٌ بعد الله ورسوله والأئمة “عليهم السلام” أيُّ أحدٍ من الناس المحلّ الذي يحلّه الولد في قلبيهما، نعم هذان الأبوان إذا وصلا إلى الخطّ الأحمر الذي لا يسمح بالعبور أبداً، وهو أن يطلبا من ولدهما الشرك بالله، يبكيان، يألمان – ستذهب للجهاد أو ستتبع محمداً “صلَّى الله عليه وآله” وفي إتّباعه ضرر كبير، هذا خاصّةً في مكّة مثلاً، ولحدّ الآن إتّباعك لمحمدٍ وآل محمد قد يكون فيه ضيق رزقك، قد يكون فيه سجنك، قد يكون فيه حتى قتلك-، هؤلاء الأبوان من باب الشفقة ولأنّهما ليسوا أهل إيمانٍ كامل -سواء كانا كافريْن أو كانا ضعيفي الإيمان- قد يحثّان الولد ويدفعانه دفعاً عنيفاً من أجل التخلّي عن اتّباع رسول الله “صلَّى الله عليه وآله” والبقاء في جماعة الإيمان. 

لكن هنا يأتي، هذان الأبوان اللذان أوصى الله بتشديدٍ (وَصَّيْنَا) ببرّهما، والوفاء بحقّهما، في نفس الآية يقول (وإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِه عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَآ) توقّف، قلبك يوجعك، عواطفك لا تسمح لك مفارقة الأبوين، ترى أمّك تبكي وتبكي من أجل فراقك، لأنّها ترى أنّ هذه مفارقة، وقد طلبت بعض الأمهات من أولادهن أن يفارقن رسول الله وإلا فإنّهن سيقدمن على الموت -سبق الكلام في هذا-. 

 

فالآية الكريمة تقول (وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)، الله أكبر كم يهتمّ الإسلام بقضية العلم والجهل، يحرم عليك أن تتبع موقفاً عن جهل، فيه ضياعك دنياً وديناً، يجب عليك أن لا تتخلف عن موقفٍ لك به علم. 

كل الناس يقولون للإمام الحسن “عليه السلام” لا تصالح، وعلمه المعصوميّ يقول له صالح، مصلحة الإسلام تقول له صالح، وصيّة رسول الله “صلَّى عليه وآله” تقول له مثلاً صالح، الأصحاب الخُلَّص المؤمنون يتألّمون لمصالحة الإمام الحسن “عليه السلام”، هو هو مفجوعٌ بهذا الصلح على المستوى الدنيوي، لأنّ الصلح عنده فجيعة، ولكن إذا جاء الأمر الإسلامي بأن يصالح ماذا يكون عليه؟ إن كان مؤمناً حقّاً وهو المؤمن الحقّ فما كان يسعه أن يتخلّف. 

الإمام الحسين على العكس، الصحابة المخلصون وغير المخلصون، الأقرباء كلّهم يتعلّقون بذيل ثيابه: لا تخرج إلى العراق، لا تدخل في حربٍ مع بني أميّة، هل سمع لأحد؟ لم يسمع لأحد. لأنّ الأمر الإلهي حسب فهمه المعصوم يقول له أنّ عليك أن تُجاهد، ولو وصل إلى حدّ المجاهدة بالسيف وحدّ الشهادة، ولو يئست من الإنتصار العسكري وعرفت أنّ متاعب كثيرة ستلمّ بأهلك، وستلمّ وقتيّاً بأمّتك.

غَفَرَ الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

 

زر الذهاب إلى الأعلى