كلمة آية الله قاسم بمناسبة انتصار المقاومة الفلسطينية على الكيان الصهيوني – 24 يونيو 2021

كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في الملتقى الدولي بمناسبة انتصار المقاومة الفلسطينية على الكيان الصهيوني الغاصب، والذي أقيم تحت عنوان “معركة سيف القدس.. محور المقاومة والدفاع عن الأقصى، الإنجازات والرؤى المستقبلية” بتنظيم عدد من المؤسسات الإسلامية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بمشاركة: حجة الإسلام السيدعبدالفتّاح نوّاب ممثّل الولي الفقيه في الحجّ والعُمرة، الدكتور حسين أمير عبداللهيان المساعد الخاص لرئيس البرلمان الإيراني، الدكتور خالد القدومي ممثّل حركة حماس، الدكتور ناصر أبوشريف ممثّل حركة الجهاد الإسلامي، حجة الإسلام السيّد هاشم صفيّ الدين رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله – 24 يونيو 2021م:

*فيديو الكلمة:

*صوت الكلمة:

*نص الكلمة:

مكانة العلماء في الدفاع عن المقدسات

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم أيُّها الأخوة الأعزّاء في هذا الملتقى الكريم.. السلام على رجال المقاومة.. السلام على الأمة الإسلامية المباركة..

بسم الله الرحمن الرحيم

(يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (1).

التقدّس هو التطهّر المعنوي من النواقص والعيوب والتنزّه عن كل ذلك والبراءة منه في واقع الذات. والقدّوس للمبالغة في الاتصاف بالقداسة.

ولا قدّوس بحقٍّ وعلى نحو الاطلاق والكمال إلاّ الله عزّ وجلّ. ولا قداسة في الأصل وبالذات إلاّ قداسته سبحانه وتعالى.

وما لأحدٍ ولا شيءٍ من تقدّس إلاّ بالتَّبع والانتساب المشرّف له إلى الله سبحانه كانتساب النبي والكتاب له، وبيت التوحيد كالكعبة والمسجد الحرام والمسجد الأقصى، وعموم بيوت العبادة له وهي المساجد التي بنيت على التقوى في الإسلام.

ومن حقّ المقدّسات أن تُعظّم وترعى حرماتها الخاصة وتُحمى من أي لونٍ من ألوان الإهانة، ولا تقرب منها مظاهر الجاهلية وممارساتها، ويُنأى بها عن أي شركٍ وقذارةٍ أخلاقية وسفه ورجس.

وكل ذلك تعظيمًا لله لنسبتها إليه بنسبةٍ تشريفيّة تُعطيها مكانتها المتميزة.

ومسُّ المقدّسات الدينية بسوء مسٌّ للدين نفسه، ومَن تطاول على دين الله فقد تطاول على الله عزّ وجلّ. ولا تغمض عين مؤمنٍ تُمسُّ كرامة دينه، ويتعرّض متعرّضٌ لجلال وجمال ربّه. ولا تترك أمّةٌ آمنت بالله حقّ الإيمان ليدٍ كافرةٍ أو مسلمة أن تعبث بحرمةٍ من حرمات الله، أو تُدنّس بباطل مقدّسًا من مقدّساته.

هذا عن مقدّسات الدين الحقّ، أما عن العلماء في الإسلام فلا يصدق فيه العالم على حاطب بليل، ولا متعدٍّ للدليل، أو مخالفٍ لعلمه، أو بائعٍ لدينه بدنياه، ككلاب وقطط موائد السلاطين، ممّن يسمون أنفسهم بالعلماء، ويعيشون على هذه الموائد بثمنٍ باهظٍ من دين الله، تثبيتًا لسلطان السلاطين وظلم الظالمين، وإعانةً على الدين والمستضعفين.

وهذه صورة عن العلماء بالحقّ في الإسلام -الذين يستحقّون هذا الوصف حسب نصوصه الكريمة الوافرة-:

1- هم آباء الأمة، والأمة في غيبتهم أيتام. (2)، (3).

2- علمهم حياة الإسلام وعماد الدّين. وعماد الإيمان. (4)، (5).

3- أقرب الناس من درجة النبوّة. (6).

4- كأنبياء بني إسرائيل. (7).

5- ورثة الأنبياء. (8).

6- مصابيح الأرض، وخلفاء الأنبياء، وورثة الرسول “صلّى الله عليه وآله”، وورثة الأنبياء. (9).

7- مدادهم يرجح على دماء الشهداء. (10).

8- عالم أفضل من ألف عابد وزاهد. (11).

هؤلاء العلماء هم ممّن ائتمنهم الله على دينه وعباده، وأوكل إليهم القيادة الفكرية لحركة الأرض والمسيرة البشرية، وحراسة رسالات الله والذود عن دينه. (12).

وهم الذين يجب على الأمة المؤمنة أن تقدّمهم على من سواهم ولا تُقدِّم أحدًا عليهم أبدا.

وفي قِبال هذا النوع من العلماء علماءٌ أشرار، علماءُ سوءٍ فاسدون مفسدون في الأرض. علماءُ بالاسم لا الحقيقة.

1- عن الرسول “صلّى الله عليه وآله”: ألا إنّ شرّ الشرّ شِرار العلماء، وإنّ خير الخير خِيار العلماء. (13).

2- عن الإمام العسكري “عليه السلام”، قيل لأمير المؤمنين “عليه السلام”: مَن خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى؟ قال: العلماء إذا صلحوا، قيل: فمن شِرار خلق الله بعد ابليس وفرعون ونمرود وبعد المتسمّين بأسمائكم؟ قال: العلماء إذا فسدوا، هم المُظهِرون للأباطيل، الكاتمون للحقائق. (14).

هذا النوع المعدود عند البعض من العلماء تُخرجِهم النصوص من مقام العلم الصِدق المشرّف لأصحابه. إنّهم أهل جهل، إنّهم أهل ضلال، إنّهم أهل سفاهة، إنّهم خونة دين الله.

1- عن النبي عيسى “عليه السلام”، كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر من آخرته وهو مقبلٌ على دنياه. وما يضرّه أحبُّ إليه مما ينفعه؟ (15)، (16).

2- عن النبي محمد “صلّى الله عليه وآله”: الفقهاء أمناءُ الرُسل مالم يدخلوا في الدنيا ويتّبعوا السلطان، فإذا فعلوا ذلك فأحذروهم. (17)، (18).

3- وقد قسّم الحديث عنه “صلّى الله عليه وآله” العلم إلى قسمين، علمٌ في القلب وذلك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان فذلك حجّة الله على ابن آدم.

ونَجِدُ اليوم في طليعة العلماء الأشرار من دعاة السوء والضلال علماء التطبيع الذي تقود حركته أمريكا وإسرائيل وتتبعهُما بقيّة دول محور الذل والخزي والعار من دول عربية.

هذه الأنظمة تقوم بالوكالة للحرب على الإسلام في داخل بلادها ومع الأسف الشديد.

الصف الجهادي الأمامي:

يخوض الكفر اليوم معركةً ضارية مع مقدّساتنا الإسلامية وحرمات الأمة، وتظهر هذه المعركة على أشدّها في المسجد الأقصى وفلسطين على يد الصهيونية والغطرسة والتعصّب اليهودي، كما يخوضها عنه بالوكالة في أكثر من بلدٍ من بلاد المسلمين، من البلاد العربية على يد الأنظمة الحاكمة مع المسجد وصلاة الجمعة والجماعة وشعائر أخرى من شعائر الدين. (19).

وهي معركةٌ تعني الأمة كلَّها، ونتحمّل مشتركين جميعًا مسؤوليتها أينما كانت لها من بداية في أي بلدِ مسلمِ أو يقطنها مسلمون.

إلاّ أنّ العلماء بالإسلام يُمثّلون، هم والصفوف القتالية في جبهات المقاومة، الصف الأمامي الجهادي الأوّل في حماية المقدّسات وحرمات الإسلام والمسلمين.

ويبتدئ جهاد العلماء من الفهم الدقيق المأمون للإسلام، والتسلّح بنور هدى الإسلام المُجهِض لكلّ شبهة، المُسقط لكل خرافة، الرادّ على كلّ تشكيك، المُبطل لكل بدعة، المُفشل لكل مغالطة، آخذًا على نفسه بذل كلّ الجهد في ابلاغ كلمة الله لعباده، لتنير العقول والقلوب وتقوّم السلوك وترقى بالحياة، وتحقق غاية الخلق.

ومن جهاد العلماء أن يخوضوا كلّ معتركٍ من أجل سلامة الإسلام وأمنه، وسعادة أمته، وأن تجد القادرين منهم في مقدّمة الزاحفين للشهادة في سبيل الله، ناسين كلّ أمنيةٍ من دونها، لا يلفتهم شيءٍ عنها طلبًا للقاء الله ونيل رضوانه.

والجهاد في سبيل الله والدفاع عن المقدّسات لا يُستغنَى فيه بالدور الكبير، والبطولة النادرة، والتضحيات الكبرى عمّا دونها، وهو أكرم ميدان سباقٍ يتنافس فيه المتنافسون، وتشترك فيه كلّ الأمة بما يصل إلى حدّ الكفاية.

واليوم يوم معركة كلّ غيورٍ من الأمة وراء فقهائها وعلمائها، وأبطال المقاومة من أحزابها وتشكيلاتها الثورية، وعلى طريق النصر بلا تردّدٍ حتى تسقط الغطرسة الاستكبارية وتأمن المقدّسات والقيم الإلهية وتأمن السُبُل.

الهوامش:

(1): الآية 1 / سورة الجمعة.

(2): بحار الأنوار – م2/ج1/ص2

(3): فلا يكون العالم عالماً في الإسلام إلاّ بأن يكون أباً من آباء الأمة.

(4): ميزان الحكمة – ج6/ص148

(5): العالم الذي يتصّف من خلاله الإنسان المسلم بأنّه عالم هو علمٌ به حياة الإسلام، وعلمه عماد الدين والإيمان.

(6): ميزان الحكمة – ج6/ص151

(7): ميزان الحكمة

(8): ميزان الحكمة

(9): ميزان الحكمة

(10): ميزان الحكمة

(11): ميزان الحكمة

(12): فأنظر وزن من يُطلق عليه العالم بحقٍّ في الإسلام.

(13): ميزان الحكمة – ج6/ص193، ج2/ص141

(14): ميزان الحكمة

(15): ميزان الحكمة

(16): أي عقلٍ يحكم على مثل هذا الشخص بأنّه عالم، وهو مقبلٌ على ما يضرّه تاركٌ لما ينفعه، وهو يعلم الحقيقة ويخالفها، وهو يختار النار على الجنة، وهو يختار عبادة العباد على عباد الله تبارك وتعالى، يبلغ بالنبي عيسى “عليه السلام” العجب كلّ العجب أن يُسمّى مثل هذا الشخص عالما.

(17): ميزان الحكمة

(18): لا أمناء ولا يستحقّون تقديراً، ولا يجوز إتّباعهم، وليس لهم إلا الاحتقار.

(19): يعملون على تغريب الأمة، على الابتعاد بها شاسعًا عن دينها، يُنسونها أصالتها، يُلحقونها بأخلاق الكفر، وسفه الكفر، وضلال الكفر، وثقافة الكفر، ويفتحون الساحة الإسلامية للثقافة الأمريكية والأوروبية المدمرة.

زر الذهاب إلى الأعلى