كلمة آية الله قاسم ليلة المولد النبوي الشريف 2 نوفمبر 2020م

كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم ليلة المولد النبوي الشريف في الحسينية البحرانية بمدينة قم المقدسة – 2 نوفمبر 2020م

فيديو الكلمة :

نص الكلمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم أمّة الإسلام المباركة.

تحت عنوان دينٌ رحمة ورسولٌ رحمة يجري الحديث.

دينُ رحمةٍ ورسولٌ رحمة (1):

محمد بن عبد الله “صلَّى الله عليه وآله” رسولُ رحمةٍ للعالمين (2)، لأنّه علمٌ صائبٌ بلا خطأ، ويقينٌ صادقٌ بالله، وإيمانٌ حقّ، وهدىً منير، وهو عدلٌ وإحسانٌ وخلقٌ عظيم (3)، وكلمته كلمة الوحي التي لا ثلمة فيها ولا وهن، ودليله القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وكيف لا يكون مليئاً بالرحمة والرأفة، وهو رسول الرّحمان الرحيم برسالة الرحمة؟! (4)، (5).

وهو رحمةٌ للعالمين في لينه وشدّته، وفي سلمه وحربه، وفي كلّ أقواله وأفعاله ما كان منها عن غضبٍ أو رضا، ومن ثورةٍ أو هدوء، لأنّه لا مجانبة له أبداً عن الحقّ والعدل (6).

وهو منطلق الصلاح للعالم ورشده وهدايته، في قيادته واتّباع العالم لتربيته الصِّدق، ورحمته الحقّ، وتدبيره الذي هو أرحم تدبير وأحكمه وأنجحه وأهداه. (7).

نعم هو رحمةٌ للعالمين إلاّ أن يكفر به كافر، ويردَّ عليه رادّ، أو يدخل في محاربته محارب، يقول سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (8).

إنّه ورسالَتَه رحمةٌ للعالمين بلا عدوانٍ على فرد أو قومٍ أو أمّة، ولا شقٍّ للصف الإنساني، ولا طمعٍ دنيوي، ولا رغبةٍ في سلطان إلاّ ما كان قد أمر الله تبارك وتعالى به ممّا لا صلاح للناس من دونه.

فهو من ناحيةٍ شأنيّة رحمةٌ للعالمين، أما رحمته الفعليّة فإنّما تتجلّى وتتمّ للمؤمنين بالخصوص (9)، (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (10).

المؤمنون بالله ورسوله، والموقنون والمحسنون، الرسولُ رحمةٌ لهم لأنّهم يقيمون حياتهم على هدى نوره وضياء رسالته وشريعته، ويستقيم بهم ذلك على صراط الله فيَجِدون آثار رحمة الله في قلوبهم وبصيرتهم وأوضاع حياتهم (11)، وأنّهم الأقوياء في حال الشدّة، المطمئنون في ظروف الخوف، الصابرون على البلاء، الأغنياء بالله عن المخلوقين (12).

واقرأ معي (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ*هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ) (13)، (14).

(هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (15)، (16)، (17).

نعم إنّ الرّحمة التّامّة والهُدى التّام والبركاتِ الغامرةَ من آثار الرّسالة والرَّسول “صلَّى الله عليه وآله”، وفي ما يتناسب وحجم عطائهما (18)، إنما يظهر في حياة المؤمنين والمحسنين والموقنين الذين ليس لهم اتّباعٌ إلاّ للرسول والرسالة (19).

على أنّ شيئاً من آثار هذه الرحمة والهدى يشارك في انقاذ حياة المجتمع البشري من السقوط في الفوضى ومستنقع الهلاك في كل ساحة وصل إليها شعاع الإسلام. ومعروفٌ ما أعطاه الإسلام لحياة المجتمع المسيحي في أوروبا وغيره من اضاءاتٍ شاركت في تطويرها بصورةٍ إيجابيّة (20)، ودفعت بها إلى الأمام في الجوانب التي استفادت فيها من هدى الإسلام وأحكامه وخلقه (21)، وهذه رحمةٌ فعليّةٌ من رحمة الرسالة والرسول “صلَّى الله عليه وآله” تعمّ غير المؤمنين (22).

ورحمة الرسالة والرسول “صلَّى الله عليه وآله” تؤول شقاءً وعذاباً على مَن كابر الحقَّ، وضلَّ عن السبيل، وكان سعيُه بالباطل، مُتخذاً دليله من هوى النفس، وإملاء الشيطان.

تقول الآية الكريمة (… قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (23)، (24).

والرّسول الرَّحيم شديدٌ من منطلق الرحمة ومن أجلها، ولا تنافي بين شدّته ورحمته، وكلُّ شدّةٍ منه هي عين الرحمة (25)، والمؤمنون به لا يكون خُلُقهم إلا من خلقه، وهدفهم من هدفه.

(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ..) (26)، (27).

(.. فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ…) (28)، (29).

إنّها قلوبٌ مليئةٌ من منطلق إيمانها وتربيتها الإيمانية برحمة الإنسان. ومن أحبَّ الإنسان ورحمه كان عملُه لهداه واستقامته وخيره وانقاذه وفوزه، وهذا لا يحصل للقسم الأعظم من أيّ مجتمعٍ يسوده الكفر، ويحكمه الفكر الكافر، والأخلاقيّة الكافرة، والطاغوتيّة المُلازمة للكفر (30)، (31).

وعليه فالقلوب الرحيمة المهتدية الواعية تلازم رحمتها بالمؤمني، والإنسان عموماً، شدةٌ على الكافرين (32)، (33) من منطلق الشدّة على كفرهم وأخلاقيتهم ورجس سيرتهم وسوء هدفهم، ودورهم التخريبي، ومقاومتهم للحق وأخذهم بالباطل، ومناهضتهم للعدل ومناصرتهم للظلم، ومناصبتهم العداء للإسلام ومحاربته، وليست الشدّة في هذه القلوب للكافر من حيث هو إنسان. ولذلك فَهُم وأيُّ مؤمن يكونون سواءً (34) لو آمنوا في أخوّة الإيمان.

وهذا قوله تعالى في المشركين (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ)، (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ…) (35)، (36).

فبالإسلام الذي هو رحمةٌ للعالمين تذوب كلّ الفواصل الأرضية، وتنتهي أسباب النزاع التي تُدخِلُ الأقوام، والأقطار، والأمم في ألوان الصراع، وأشدّ البغضاء والاقتتال. وبالإسلام الحقيقي تقوم الأخوّة الحقيقية الصُلبة بين النّاس (37).

وعزّة المؤمنين على الكافرين عزّة حقٍّ بالله لا تحمِلُ على ظلم ولا فرعونية ولا طغيان ولا تعدٍّ ولا أطماعٍ من مطامع الحيوان.

وذلّتهم على المؤمنين ذِلةُ تواضعٍ لله، ورحمةٍ بهم، ومن خلقٍ كريم، ولبناء المجتمع الصالح المتماسك الناهض القويّ.

القطيعة والاتصال في فكر الرسول (ص) وسيرته:

لا فكر للرسول “صلَّى الله عليه وآله” غير الفكر القرآني. وإذا كان الإسلام لجمع الإنسانية كلّها على طريق التوحيد لله الذي يبني المجتمع الواحد لكلّ النّاس، ويسلك بهم إلى كمالهم وسعادة أولاهم وأخراهم، فإنّ هدف الرسول “صلَّى الله عليه وآله” وأئمة الهدى من بعده لا يكون إلاّ كذلك، ولا شذوذ له عنه على الاطلاق.

فالأصل في ما يستهدفه الرسول “صلَّى الله عليه وآله” أن يجمع الناس كلّ الناس على طريق الهدى، وأن يُوجد منهم أسرةً عالمية كبيرةً واحدة يجمعها الإيمان بالربّ الواحد، والأصلُ الواحد، والمنهج الربّاني الواحد، على التواصل بالخير، والمحبة والتعاون لبناء مجتمعِ الحقّ والعدل، والهدى والصلاح، والنجاة، والنجاح.

وإذا كان من النّاس مَن لا يريد إلاّ أن يكون ربًّا وهو العبد، ومن لا يعشق إلاّ الظلم والطغيان والشرّ والفساد والسعي بالسوء في النّاس؛ فإنّ وضعه يُحَتِّم على الرسالة والرسول مقاطعته، ومكافحة باطله وظلمه وفساده وطغيانه، وإلا لم يبقَ حقٌّ ولا عدلٌ ولا خيرٌ في الأرض، ولا هدىً ولا نور، وعَمَّت الخسارة كلّ الناس (38).

فالرسالة والرسول “صلَّى الله عليه وآله” وإن كان لا هدف لهما في الأصل إلا جَمعَ المجتمع الإنساني كلّه على هدى ربّهم لانقاذ الجميع ونجاحهم، إلاّ أنّ تمسُّك الأشرار بأهدافهم الساقطة الجاهلية الفتّاكة بالإنسانية يفرض أن تكون هناك لهذا السقوط والعدوان مقاطعة ومواجهة ومقاومة.

ولِنعرف أنّ ما ذُكِرَ هنا هو من الفهم المأخوذ من القرآن الكريم، ونقرأ من أجل ذلك هذه الآيات الكريمة (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ…) (39).

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) (40).

جاء الإسلام والقرآن والرسول “صلَّى الله عليه وآله” رحمةً من الله سبحانه للنّاس كلِّ النّاس ورعايةً لهم وتحقيقاً لخيرهم، لا يُفرَّق بينهم في هذه الغاية بين قومٍ وقوم، ولا عنصرٍ وعنصر، ولا قِطرٍ وقِطر، ولا لسانٍ ولسان، فالكلُّ سواءٌ في هدف الرحمة والهدى والبصيرة والاستقامة التي يتحقق بها الخيرُ للجميع.

فالأصلُ هو التواصل والوحدة الاجتماعية العالمية، والسعي لخير الجميع. وتفرض ضرورة الواقع المناقضة من أشرار الناس لهذه الغاية أن تكون المقاطعة والمقاومة للاتجاه المفسد لغاية الرسالة والحياة.

يقول سبحانه في الذكر الحكيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (41).

وعِلّة النهي ليست هي التصديق بالنبيّ موسى أو عيسى “عليهما السلام” (42)، وإنّما الأخذ باليهودية والنصرانية المحرّفتين، والظلم ومناقضة العدل. انظُر آخر الآية (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (43).

ونقرأ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ*بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) (44)، (45).

كفرُ الآخر وخروجه على الحق الذي لا خير بدونه وظلمه وعدوانيته يخرج بالعلاقة من الاجتماع إلى الافتراق (46)، ومن التواصل إلى القطيعة، ومن التعاون إلى التنافر، ومن الولاية إلى البراءة.

وكيف يكون لذي الباطل وهو يصرُّ على باطله، ولذي الحقّ وهو يتمسّك كلَّ التمسُك بالحقّ أن يلتقيا ويتعاونا ويتناصرا فيما هما مختلفان فيه؟! (47).

وما أعظم المفارقة للإيمان أن يدّعي أحدٌ الإيمان ويتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، بل يُعاديهم ويُحاربهم جنباً إلى جنب مع الكافرين (48).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا) (49)، (50)، (51).

إنّه واضحٌ كلَّ الوضوح، وجليٌّ كلَّ الجلاء أنَّ الإسلام ورسول الإسلام “صلَّى الله عليه وآله” لوحدة البشرية لا لتمزّقها، ولتعاونها لا لتحاربها، وللمجتمع الإنساني الواحد المتناصر لا للجماعات الصغيرة المتناثرة المتصارعة، ولكنَّها الوحدة على الحقّ، والتعاون في العدل، والتلاقي في الهدى، لا الوحدة ولا التعاون ولا التلاقي ولا الولاء ولا التحالف ولا التطبيع مع الصهاينة المعتدين الغاصبين المُضلِّين المُفسدين في الأرض الذي يترصّدون بالإسلام والأمة كلَّ مَرصَد.

ووصف القرآن لليهود بما هم كيانٌ في تعاملهم مع الرسالات والرسل والأمم والأقوام الأخرى من الناس، وما هو الموقف الصحيح منهم في ظلمهم وبغيهم معلومٌ لا غبار عليه (52).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأعاد الله الأمة الإسلامية جمعاء على هذه الذكرى المباركة العَطِرة المُنقِذة في خطّها الكريم، وأعاد الله الجميع عليها في أحسن حالٍ وفي نصرٍ وعزٍّ وبركات وأخوّة إيمانية صادقة، وأن تكون في عداءها عداءٌ من أجل الله، وصداقتها صداقةٌ من أجل الله، حربها حربٌ من أجل الله، وسلمها سلمٌ من أجل الله، وغَفَر الله لي ولكم.

________

الهوامش:

(1) نحن أمام رسالةٍ شاهدةٌ بكلّ ما فيها أنّها من الله، ورسولٌ شاهدٌ بواقعه وظاهره بأنه رسول الله، والله هو الرحمن الرحيم، وهو العليم الخبير الذي لا يصطفي عن خطأ، عن جهل، عن إضرار، رسالته للرحمة بالعباد، لانقاذهم، لهدايتهم ونجاحهم، فلا يصطفي إلاّ الرسول الكفؤ الأمين الرحيم، ولا يصطفي إلاّ الرسالة التي هي كذلك.

(2) لماذا؟

(3) كما وصفه الله عزّ وجلّ (وإنّك لعلى خلق عظيم)

(4) يحمل رسالة الرحمة والرأفة والهداية والنجاة والنجاح.

(5) هو رحمةٌ للعالمين، ما اتّبعته أمةٌ إلاّ وأصابت طريق الهدى والنجاة والنجاح، وتحقق لها خير الدنيا والآخرة وتمّ لها الظهور المجيد العظيم في الأرض، وهي الأعلى يوم القيامة، ولم يصدر منها إلاّ الحقّ والعدل والصلاح.

(6) ولا يغلبه شيءٌ على الحق، ولا ينفصل به شيءٌ لحظةً عن الحق.

(7) في ذلك سموّ العالم، نجاة العالم، نجاح العالم، ترابط العالم، وحدة العالم.

(8) الأنبياء، الآية 107.

(9) جاء رحمة للعالمين والمستفيد من هذه الرحمة بالفعل هم المؤمنون.

(10) التوبة، الآية 6.

(11) وينظرون إلى أنفسهم نظرة حقّ.

(12) حتّى يكون الإنسان مهتدياً، صالحاً، حتى يكون في أعلى درجات السمو لابد له من رسولٍ رحمة ومن تفاعلٍ معه، مع كلمة الرسول، وهدى الرسول، واقتداءٍ به، فحتّى تتفعّل الغاية الكبرى من رسالة الرسول، وهو هادٍ لها، وقائدٍ على طريقها، لابد للإنسان الفردي والإنسان الأمة من التفاعل بهذه الرسالة وبهذا الرسول.

(13) لقمان، الآية 2،3.

(14) فبِيَد الإنسان أن يُسيء ولا يجد من الرحمة رحمة، ولا يصل له أثرٌ منها، وبارادته أن يُحسن بأن يأخذ بهذه الرحمة، وبما تشترطه الوصول إلى هذه الرحمة فعند ذلك تكون الرحمة الشأنيّة رحمةً فعليةً في حقّه.

(15) الجاثية، الآية 2.

(16) القرآن بصيرةٌ لكل من اتّبعه، والنور هدىً لكلّ من توجه إليه، أما من أدبر عن النور، ومن انحرف عن القرآن، فكيف يكون القرآن هدىً له؟ وكيف يكون النور طريقاً لابصاره؟

(17) النفس غير المستعدّة لأن توقن بما يجب الإيقان به، وبما يلزم عقلنا الإيقان به، النفس التي تصدّ عن ذكر الله، التي تصرّ على الجحود، على إنكار الحقيقة، القرآنُ لا يكون بصائر لها، ولا هدىً ولا رحمة. هذه هي القاعدة في الأمر.

(18) الهائل العظيم.

(19) ولكن هنا سؤال، هل العالم الآخر لا يصله شيءٌ من آثار رحمة القرآن والرسالة والرسول؟ جواباً على هذا السؤال أقول:

(20) الغربي وغيره.

(21) وإن لم تؤمن به الإيمان المطلوب.

(22) نعم الرحمة الكاملة الشاملة المنقذة دنياً وآخرة رحمةٌ يقتصر عليها المؤمنون المحسنون الموقنون.

(23) التوبة، الآية 61.

(24) هؤلاء هم المعاندون المكابرون الذين لا هَمَّ لهم أكبر من همّ تحطيم سمعة الرسول والرسالة، ولا همّ لهم أكبر من صدِّهم الناس عن ذكر الله.

(25) هي تلك حقيقة الرسول.

(26) الفتح، الآية 29.

(27) المؤمنون على طريقه فيهم رحمةٌ وشدّة، وكلٌّ من الرحمة والشدّة لصالح الإنسان، لتقويمه، لهدايته، لسوقه إلى الخير، لدرء الشرّ عنه.

(28) المائدة، الآية 54.

(29) لا في صداقةٍ ولا في عدواة، لا في مودّةٍ ولا بغضاء، منظورهم الله وحده في كلّ مواقفهم والله رحمانٌ رحيمٌ شديد العقاب.

(30) الله يريد بالإنسانية الرحمة، الرسول يريد بالإنسانية الرحمة، الكفر يفصل الإنسان فرداً وأمّةً عن طريق الرحمة وعن خير الرحمة، فماذا يكون موقف الله عزَّ وجلّ من الكفر؟ وماذا يكون موقف الرسالة والرسول من الكفر؟ لابد أن تكون مُضّادّة ومواجهة وطردٍ لحالة الكفر من الأرض، وإلاّ فلا رحمة.

(31) قد يتفلَّت أفرادٌ وجماعاتٌ صغيرة من تأثيرات الجو الكافر الطاغي الظالم المُفسد فيكون لهم صلاح، لكنّ الأعمّ الأغلب من الناس يهزمون أمام إضلال الكفر وبطش الكفر وطاغوتية الكفر ويضلّون عن السبيل.

(32) والشدّة على الكافر رحمةٌ به لعلّه يهتدي، وإذا لم يقبل الرحمة كان في تأديبه، في مواجهته، في كفّه، في محاربته ردعٌ للآخرين عن الكفر ورحمةٌ بهم

(33) إنها ليست الشدّة على الإنسان، وإنما هي الشدّة على إنحراف الإنسان وضلال الإنسان وتيه الإنسان.

(34) يكون لهم كل الحقوق الثابتة للمؤمنين.

(35) التوبة، الآية 11.

(36) كل ذلك التاريخ الأسود، وكل تلك العدوانية على المسلمين، وكل تلك المحاربة يغسلها إيمانهم، إظهارُ كلمة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ما لم يكن دليلٌ من سيرتهم على كذبهم في هذه الكلمة.

(37) على مستوى النفس وعلى مستوى الخارج.

(38) وهذا ما لا يليق بدين الله، ولا برسول الله “صلى الله عليه وآله”.

(39) النساء، الآية 170.

(40) النساء، الآية 174.

(41) المائدة، الآية 51.

(42) وهما رسولا هدىً ورحمة ونورٍ من الله عزّ وجلّ كسائر الأنبياء “صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين”.

(43) لمَ عدم اتخاذهم أولياء؟ لظلمهم فيما هم ظالمون فيه، لا يُتخذون أولياء، فإذا ظلموا في قسمٍ من الدين فلا يُؤخذ بولايتهم فيما انحرفوا فيه عن الله عزّ وجلّ، ورسالة الله ورسوله.

(44) آل عمران، الآية 149، 150.

(45) وكيف يأذن الله عزّ وجلّ بولايةٍ تخرج عن ولايته، وبعبادةٍ تنافي عبادته، وكيف يأمر الله بولاية ظالم؟ والله عزّ وجلّ يُحرِّم الظلم ويعاقب عليه، فلا ولاية لظالمٍ في ظلمه، ولا لكافرٍ في كفره، ولا لفاسقٍ في فسقه، ولا لمفسدٍ في إفساده.

(46) كانت العلاقة المأمور بها مع هذا الفرد، مع هذه الجماعة، مع هذا الحزب، مع هذه الأمة، هي علاقة اجتماع، علاقة المودّة والأخوة الإنسانية الإيمانية، أمّا وقد كفر، وقد فسد، وقد ضلّ، وقد وقد، وقد ابتعد عن الله عزّ وجلّ، فلابد أن يحلّ محل الأمر بالاجتماع الأمرُ بالافتراق، لا يجتمع خيرٌ وشرّ، وظلامٌ ونور.

(47) أنا مختلفٌ معهم في القضية فكيف أتعاون معهم فيها؟

(48) كيف لولاية مثل هذا وهو يضم القوة التي يملك إلى قوة الكافرين ليكون في ذلك عونٌ للكافرين على المؤمنين والمعتدين على المُعتدى عليهم؟

(49) النساء، الآية 144.

(50) وعلينا أن نقول لبيك اللهم لبيك إذا كنّا مؤمنين حقّاً، نقولها قبل أن نعرف متعلّق النداء ممّا ترضاه نفوسنا أو مما لا ترضاه، ممّا نحبّ أو نستثقل.

(51) تقيمون برهاناً عملياً قويّاً لا يُكذَّب على معاداتكم لله، مكابرتكم لله، على الاضرار بمن يحب الله للمؤمنين؟

(52) واضحٌ من كتاب الله تعالى كلَّ الوضوح.

زر الذهاب إلى الأعلى