آية الله قاسم بمأتم الهجير : لو أحسن علماء الأمة اختيار المرجعيات لتقاربت المذاهب

خلال كلمة سماحته في مهرجان “أنت أخي” بمأتم الهجير
آية الله قاسم: لو أحسن علماء الأمة اختيار المرجعيات لتقاربت المذاهب

مقتطفات فيديو من المهرجان:

الهجير :

قال آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم: “لو أن جماهير الأمة بكل مذاهبها وطوائفها أحسنت اختيار المفتي.. وكان المفتي من اختيار علماء الأمة.. ولو أن علماء الأمة أخلصوا وأرجعوا الأمة إلى أكبر فقهائها (في كل المذاهب) وأتقاهم وأورعهم وأحرصهم على دماء المسلمين – إذ إن التقوى تنافي العصبية، وتنافي حقد المسلم على أخيه المسلم، وتنافي أن تشتريه الدنيا ليهدم وحدة الأمة – فلو أن علماء الأمة (من المستوى الثاني والثالث) أحسنوا اختيار المرجعيات لتقارب الفهم الإسلامي وتقاربت المذاهب”.

واستدرك سماحته “تبقى الاختلافات في الفروع، لا مشكلة أنا أصلي كاتفًا، وأنت تصلي مسبول اليد، ليست هناك مشكلة، ليس هذا الذي يفرقنا”.

جاء ذلك خلال مشاركة سماحته في مهرجان “الوحدة الإسلامية.. خط الدفاع الأول عن رسول الله (ص)”، الذي كان تحت عنوان “أنت أخي”، وأقيم يوم السبت 14 ربيع الأول 1434 هـ بمأتم أهالي الهجير في قرية توبلي بالتعاون مع المجلس العلمائي الإسلامي وجمعية التوعية الإسلامية.

وأشار آية الله قاسم إلى أن “القيادة على خط الرسالة وفهم الرسالة والتقيد بالرسالة أوجد الله من أجله المعصوم، فكلما تنزّلنا عن هذا المستوى كلما بعدنا عن فهم الإسلام وخسرنا من أصالة الفهم للإسلام الكثير الذي يدخل على الإسلام بالتشويه والتزييف”.

كما شدد على ضرورة احتياج المجتمع للقيادة الربانية المعصومة والحكيمة بجانب المنهج الإلهي المتمثلان في كتاب الله والسنة المطهرة إلى جانب نبوة محمد (ص)، واللذان أخرجا الأمة من الظلمات إلى النور يوم أن أرسل الله عز وجل محمداً (ص) ليكون رسولاً ونبياً ورحمة للعالمين.

ودعا قاسم إلى أن يحذو المجتمع إلى تحقيق مبدأ الوحدة الإسلامية التي تتطلب بالدرجة أولى تحقيق حالة الفهم والنضج حول الإسلام، وتبني دور اتباع القيادة الربانية التي لا تحدها رقعة جغرافية ولا مرحلة فكرية أو زمنية معينة بل تمتد منذ تكليفها من قبل الله (عز وجل) وحتى يومنا هذا والمتمثلة في الامام الحجة المنتظر (عج).

وأوضح سماحته أنه وبقدر ما تلتزم الأمة بما جاء في الكتاب المنزل على النبي المرسل محمد (ص) بقدر ما تهتدي، وتبني امرها على أمر ما أنزل فيه، فإنها لا شك في أن تكون قوية مهتدية، تمد الأرض بالهدى لتطلقه نحو عنان السماء، وتحقق غاية الاتجاه الفكري والنفسي نحو الله (سبحانه وتعالى)، ليؤسس الإنسان له حالة من الهدى والنور، تحقق له الوحدة الإسلامية، مدللاً ذلك بقوله “لا أقوى ولا أطهر ولا أثبت ولا أصدق من أمة ووحدة تقوم على الإسلام”.

وأضاف “يأتي في مصداق حديثنا أن كل الاطروحات والمحاولات باءت بالفشل في تحقيق وحدة اسلامية؛ كونها خرجت في إطار ضيق ووفق أساس غير ذي حق، دون فهم الإسلام والتمسك به، فالاعتراف بعبودية الله والأخذ بمنهجه والاقتفاء بقيادته التي دعا لها هي من تحقق الوحدة الإسلامية، وأننا كمسلمين متعددي المذاهب والجماعات لنا العديد من المرتكزات والثوابت التي يأتي في مقدمتها الإيمان بالله الواحد الحق لا شريك له، وبأن محمد (ص) عبده ورسوله، وأن كلمته فيها الحسم والحزم، وأنها من عند الله دون تحريف أو تشويش، وأن قرآننا واحد وقبلتنا واحدة، وبيننا أحكام مشتركة وأسس لقواعد وحدود لا يختلف عليها اثنان، وأننا إذا ما أعطينا التعدد في الآراء بين فرق المسلمين ومذاهبها أن يمزقنا فإننا لن نجد اتفاقا بين جماعتين مسلمتين على أقل التقديرات، بل لن نجد جماعة من خمسة أفراد بينها اتفاق في الرأي”.

وشدد آية الله قاسم على ضرورة التصدي لخطورة الاطروحات الاجتهادية لعلماء المسلمين، وفي إطار متصل، تمنى سماحته أن الشعور بالأمة الواحدة والشعب الواحد لا يغير في اتجاهاتنا وآرائنا حول اختياراتنا لقياداتنا السياسية في موقع الحكم والمعارضة، وخصوصاً أن هذا الشعور يولد حالة من اعتماد بعض القوى السياسية على الفتوى الدينية الداعمة لسياستها الأمر الذي يخلق أسسًا سياسية على وضع أرضي، إذ يسري العالم وفتواه في ما يأتمر به الحكم وينتهي بما تنتهي به سياسته، مما يساهم في تمزيق الأمة عوضاً عن ممارستها دوراً جماهيرياً من خلال الترويج والحشد لهذه الفتوى التي تنضوي تحت مظلة الإساءة للرسول الأعظم (ص).

واعتبر سماحته أن المسلمين هم أول مسيء و أول محسن للرسول (ص)، غير أن إساءتهم تتقدم كل إساءة وتعطي العذر لكل اساءة، وأننا كمسلمين لو أحسنا التعامل مع الإسلام وفق مفاهيمه الحقيقة والبسيطة لدفعنا الإساءة عن رسولنا في كثير من المواقف، واجتذبنا شعوب العالم والأمم دون مشقة وعناء، وحققنا وحدة عجزت عن تحقيقها المصالح والأطروحات.

وفي ختام حديثه، أكد سماحته أن تحقيق فهم الاسلام والوحدة الاسلامية يتطلب طرح هذه النقطة بموضوعية علمية ونزاهة توفر رؤية نظرية مقاربة لواقع الإسلام تجعله يتحدث بإسهاب عن نفسه وكيانه، إلى جانب اتخاذ جماهير الأمة من الإسلام خطاً تنفيذياً عملياً ينسجم مع واقع الاسلام وهدفه، وفكره وعدله لتعكس لنا المرآة إسلامًا مقْنِعًا يجتمع فيه أفراده ومجتمعاته على الخير والمحبة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى