كلمة آية الله قاسم بمأتم المرخ بعنوان “شهر الله .. ربيع الروح” 05 يونيو 2016

المرخ – تغطيات المقاوم للثقافة والإعلام

كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله) بمأتم قرية المرخ بعنوان “شهر الله .. ربيع الروح”– ليلة الاثنين 05 يونيو 2016م

للإستماع :

اضغط على الصورة لمشاهدة الألبوم :

IMG_3442

للمشاهد :

نص الكلمة :

شهر الله ….. ربيع الروح

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم من بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

هو ربيع بيقظتها ونضجها وقوتها وحضورها وفاعليتها وازدهارها وأنسها، وقيمتك وقيمتي من حضور جانب الروح في تفكيري وفي كلمتي وفي موقفي وفي كلمتك وفي تفكيرك وموقفك وإلا ففي غياب الروح فإني حيوان فليس فوق حضور الروح أهمية لشيء آخر بقدر ما لحضور الروح وشهر رمضان المبارك موسم أعده الله لأن تحضر روح الإنسان في فكرع وفي كلمته وفي قراره.

لابد وأن شهر رمضان شهر التزكية بمعنى نمو الذات الإنسانية والتزكية الصالحة ولابد وأن شهر رمضان شهر التزكية الصالحة من استعداد له واستعداد لهذه التزكية للتزكي بشهر رمضان وبمحتويات شهر رمضان والتزكي بالتقوى التي يستهدفها شهر رمضان، والاستعداد يتكون من عناصر:

– أن أتعرف على أهمية الشهر وكفى صورة مشعة عن أهمية الشهر ما تعطيه كلمات الرسول صلى الله عليه وآله من خطبة تتعلق بشهر رمضان للرسول صلى الله عليه وآله نفسه، فأنت لا تجد شهرا بهذه الأهمية الكبرى وهي ليست أهمية نابعة من تجارة دنيوية أو من ربح دنيوي بقدر ما هي أهمية راجعة إلى تجارة تثري إنسانية الإنسان وتثري وجودا بكامل مساحة هذا الوجود على مستوى الدنيا وعلى مستوى الآخرة، وفي حياتنا على الأرض وفي قبورنا وفي برزخنا وبعثنا ونشورنا ومنتهنا ومآلنا، تريد ذات كبيرة عملاقة حية نابضة نابهة سعيدة خذ من شهر رمضان ما يجعلك بهذا المستوى.

– نحتاج على التعرف على المحتويات التربوية لهذا الشهر فعرفنا الصوم فماذا مع الصوم؟ مع الصوم تلاوة ومع الصوم دعاء ومع الصوم مراقبة للذات في كل حركة وسكون وفيما أقول وفيما أنطق وفيما أصادق وأعادي وفي كل أمر من أمور الحياة، في شهر رمضان مجالس الذكر ومجالس الصالحين وعمل الخيرات وانفتاح على حاجات الفقراء والأيتام والمساكين وعلى حاجات المجتمع والسعي لإصلاح المجتمع وخدمة الأمة كل ذلك في شهر رمضان ومن محتوياته وبرامجه.

– تفهم الهدف النهائي لشهر رمضان وهذا ما تصرح به الآيات الكريمة “لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ“، مطلوب التقوى ولا جزم بحصول التقوى بمجرد صومنا المألوف بل أن صوم البدن كما هو معروف لا يوصل إلى التقوى، والتقوى هي أن أخشى الله في تعظيم وخشيتي من الله ليست خشيتي من الأسد المفترس وليست خشيتي من طاغوت ظالم في الأرض وليست خشية من شرير لا يمسك لسانه ويده عن العدوان وإنما خشيتي من الله لعظمته ولنعمته ولجلاله ولجماله ولكماله وخشية من عدله. خشيتي من ظالم تسقط بي وتدخل في نفسي الرعب والكف عن الخير -إذا استجبت لهذه الخشية- وأقبلت على الشر وخوفي من الكافر تجعلني أكفر وهو طريق إلى الكفر إن لم اواجه بشيء آخر وبرصيد إيماني وبالتوكل على الله.

التقوى ليست خوفا من قوة باطشة بهمية وأنت تخشى أن تأتيك كلمة قاسية من أكبر رمز في الأمة من أكبر فقهائها العظماء مثلا وليست فيها حبس ولا قتل ولكن فيها حكم عليَّ أنا المخاطب بأني ساقط وبأني مخطئ ويعز عليَّ لأني شريفا أن يحكم عليَّ الشرفاء الحق بسقوط الشرف. ولكن تأتيك كلمة من أبي سفيان من شأنها أن تغيظك فلا تهتز لها أبدا، ولكن تأتيك كلمة من علي بن أبي طالب عليه السلام أقل وأقل قسوة من كلمة أبي سفيان فكيف تكون هنا؟ وتعرف أن علي بن أبي طالب عليه السلام ليس ظالما وهي كلمة مؤدبة أو ملاحظة عليَّ بسلبية معينة فكم أقيم له ذ الكلمة من وزن وكم أخشى أن تصدر من علي عليه السلام بالنسبة لي، ويمكن لأحدنا أن يفزع أن يجد في نومه عليا عليه السلام مؤنبا له، ويؤنبك الظالم الحي لا تنقص في نفسك لتأنبيك ولا تشعر بالنقص في نفسك لأنه أنبك.

خشية الله خشية من الطرد من الرحمة الحقيقة ومن الحكم على النفس بالحقارة ولا تملك نفس بعد حكم الله عليها بالحقارة إذا يقظت إلا أن تحتقر نفسها، فكلمة علي عليه السلام تحقرني وتجعلني أشعر بالحقارة فكيف بتحقر الله عز وجل للعبد. التقوى إرتداع ونهي عن لمعصية وإقبال على الطاعة وكل ذلك خشية من غضب من له الجمال كله ومن له الكمال كله والقدرة كلها والعلم كله ومن بيده الرحمة ولا رحمة بيد غيره.

مطلوب التركيز على هدف التقوى طوال الشهر وفي كل ممارسة وفي كل نشاط أءتي به في هذا الشهر وأن أستهدف أن أكتسب التقوى وأن أصل إلى مرتبة التقوى وأن تتشبع نفسي بالتقوى فيما آكل وفيما أشرب وكل معاملاتي في اليوم وطوال الشهر أستحضر فيها شهر رمضان وهو بناء التقوى للنفس، فيكون مطلوبي في كل فعل وما استحضره هدفا من كل فعل ومن كل ترك هو أن أربي التقوى داخل نفسي حتى لا تكون لي تقوى على خلاف تقوى الله تبارك وتعالى.

نحتاج في الاستعداد للتقوى لاستفادة من مؤائد الضيافة الإلهية في شهر رمضان المبارك إلى تصفية القلب من أقذاره وأدرانه حتى يقبل امتصاص المادة المفيدة، فالأرض السبخة تسقى وتسمد ولا تنبت بل نحتاج إلى تربة نظيفة حتى ينبت النبات الذي نريده وحتى يثمر الثمر المشتهى، قلوب نريد لها أن تزدهر مستفيدة من موائد شهر رمضان لابد أن نؤهلها لذلك بتنقيتها من السبخ ومن الملوحات ومن القذارت ومن الأوساخ والأدران. ومن أكثر ما يزيل عنها هذا هو أن نُصدِقَ التوبة إلى الله عز وجل ونحن نستشرف هذا الشهر الكريم والإنسان على نفسه بصيرة.

شهر رمضان تتوفرت فيه عوامل إيجابية تهيئ لكسب التقوى وللإقبال على الطاعة ومفارقة المعصية وانفتاح النفس على احترام أوامر الله ونواهيه والاستفادة من موائد هذا الشهر الكريم وأولها وأهماها ما طفحت به الأحاديث من كون هذا الشهر شهر الرحمة وشهر تغل فيه الشيطان وغير ذلك والأحاديث موجودة وهي مليئة ببيان أوصاف خاصة وأجواء خاصة مهيئة للنفوس وفاتحة للأبواب النفوس على طاعة الله عز وجل ومجانبة معصيته وهذا عامل إيجابي كبير لا يتوفر مثله لكن فيما يبدوا من الأحاديث أن هذا جو خاص لا يتوفر مثله في سائر الشهور فهي أجواء مهيئة إلهية ومن صنع الله عز وجل ولا تظن فيها إلا الكمال وليس النقص ففيه تهيئة أجواء الطاعة ورفع العوائق والأغلال.

مسؤولية الإنسان المؤمن ومسؤولية الأفراد المؤمنين والمؤسسات الإيمانية أن تعد برامج مما يعد الإنسان المسلم إلى الطاعة وينئا به عن المعصية وهذه البرامج تفتخ أفاق الإيمان أمام القلوب وتوقظ النفوس على ما فيه خيرها وهداها ولا شك هو الطاعة الله عز وجل والإكثار من طاعته والإخلاص في طاعته وتأخذ بالنفوس بعيدا بعيدا عن الموبقات وعن الجرائم وعن الخمول وعن الكسل في طاعة الله وعن الشبهات فضلا عن المحرمات.

برامج طاهرة نقية نظيفة وليس فيها حظ للشيطان وموائدة ومما دخل في المؤسسات حتى الإيمانية بدرجة وأخرى وكما أن هناك أجواء إيجاية مهيئة تساعد على الطاعة في هذا الشهر الكريم وكما أن هناك مؤسسات إيمانية مخلصة تقوم بدور التهيئة ليس أمام شهر رمضان فقط وإنما في كل يوم من شهر رمضان ومن كل ليلة، وهناك عوامل مضادة ومعادية وتخريبة وصارفة عن طاعة الله ومعكرة لأجواء الطهر الإيماني في شهر رمضان وتحاول أن تستحوذ على عقلية الإنسان المسلم وتجتذبه إليها وتفسد عليه قلب:

أولا: وهي برامج اللهو وما أكثرها ومجالس غيبة، مسابقات صارفه عن الجانب الروحي وتجعل لها جوائز كبيرة وهي مسابقة تافهة ولمعرفة اسم معرفة لأسم مغنية أو أسم واحد كافر وخذ جائزة كبيرة.

ثانيا: الجدال بغير حق ودخولك في جدل مع صاحبك بغير حق والإيغال فيه وهذا عامل مضاد إلى تربية التقوى والإقبال على الله عز وجل وإللى التفاعل مع الطاعة حتى لو أقبلت عليها فقد أقبل على الطاعة ولكن من غير تفاعل ومن غير قدرة على التمثل المادي والمادة الروحي التي تقدمها الطاعة.

ثالثا: السهر الفارع وموائدة المادية المسرفة من أكلات من كل نوع وساعتين وثلاث ساعات قهقات وضحك فهذا عامل مضاد وهذا لا يسرق من وقت العبادة فقط وإنما يسرق من روح الشهر ومن صفاء الشهر ومن استعداد الروح بالإستفادة.

رابعا: البرامج الرياضية المكثفة في ليالي الشهر الكريم وهي ذات هدف معروف وهو انصرف عن المسجد وعن المأتم وانصرف عن مجالس الذكر والساحة تستقبلك بكل ترحاب -فلتفت- والمقاهي وموائدها وقهقهاتها وحتى إلى قرب الصباح ودور السينمات وغيره. كما أن هناك أجواء مهيئة تساعد على طاعة الله وتحصيل التقوى هناك أيضا أجواء تهدم التقى وتصرف عن طاعة الله عز وجل  وتسرق قلب الإنسان المسلم وتبعد به عن ساحة الرحمن إلى ساحة الشيطان.

كلنا يعرف أن الصوم يبتدأ من الصبر على الجوع والعطش ومن الاستعداد للجوع والعطش وهذه مرتبة من الصوم ويدخل فيها الكف عن عدد من المباحات كمقاربة الزوجة وكالارتماس في الماء وهذا معروف أنه أدنى درجات الصوم وهذه فائدته إذا لم يحصل ما يفسده هو إسقاط التكليف ولا تطالب بصوم هذا اليوم الذي كففت فيه عن المفطرات ولا تطالب بإعادة صوم هذا اليوم قضاء ولكن أن تحصل منه شيء في الآخرة فذاك أمر آخر غير القبول.

لدينا صوم الجوارح وذاك صوم البطن فقط فلديك يد ورجل وسمع وبصر ولمس ولديك هذه الجوارح لها صومها الخاص وصومها عن كل ما حرم الله عز وجل فكلمة غيبة أسمعها لم تصم أذني أو أمرة أجنبية أتعمد النظر المحرم إليها لم يصم بصري أو ألمس نعومة محرم عليَّ لمسها لم تصم حاسة اللمس عندي وهكذا ، هنا أقف فلدينا صوم عن مباحات وعن بعض المحرمات مثل الكذب على الله ورسوله وهو محرم وهذا يجب الصوم عنه حتى يصح الصوم، ولكن الصوم عن الأكل والشرب وهو مباح وعن الإرتماس في الماء وهو مباح هذا صوم مؤقت لشهر رمضان وبما تصومه من صوم منذور ولكن لدينا صوم عن الغيبة ليس في موسم أو يوم معين وإنما صوم واجب طول العمر والصوم عن الأكل والشرب لن يأخذ عند الله عز وجل وهما مباحان أهمية أكبر من الصوم عن الغيبة وعن الإضرار بالمسلمين وعن السعي في أي محرم، الغيبة لو اغتبت لا توجب عليك غيبتك للآخر الذي اغتتبت أن تعيد اليوم الذي اغتبت فيه وهنا ذنب كبير وصوم لا ينفع وإن سقط التكليف وسلب ثوابه.

فصوم الجواراح عما كل ما حرم الله سبحانه وتعالى وهذه مرتبة ثانية -كما يقولون- وهناك صوم القلوب عن التفكير في الذنب وعن التطلع للحرام وصوم عن الحسد وعن الحقد وعن الغِش وصوم عن كل خاطرة يكرهها الله في قلب المؤمن وأي خاطرة وصوم عن الاشتغال بالتفكير المضر وصوم عن هيبة العباد وصوم عن إكبار النفس لمن لا يكبره الله وعن استصغار النفس لمن يكبره الله تبارك وتعالى وهذا صوم قلب وهو أعلى مرتبة من المرتبتين السابقتين.

شهر رمضان الكريم والقرآن العظيم

أمران قرنت بينهما العناية الإلهية “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ“، وهي في شهر رمضان “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ“، وباقي ليالي شهر رمضان لها فضل ولها وزن عند الله ولكن أضف ألف شهر وهذا عمر وحسابه أكثر من ثمانين سنة وهو خير من ألف شهر وهل بمرة أو مرتين وماذا عن بقية الليالي وهذه ليلة واحدة فقط فأضف بقية الليالي كذلك فشهر رمضان أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وهذا الشهر أختير لنزول لقرآن الكريم.

القرآن الكريم يجد له ربيعا له في شهر رمضان من الجواء المهيئة له إلاهيا للانفتاح القلوب على الطاعة وعلى تلاوة القرآن الكريم والكثير يجد من نفسه أن رغبته في قراءة القرآن في شهر رمضان تختلف عن رغبته عن تلاوة القرآن في غير أيام هذا الشهر، والقرآن يدفع بقوة في اتجاه هدف شهر رمضان وهو التقوى ويربي على التقوى وكل آياته وكل مضامينه تأخذ بك إلى التقوى وتفتح لك الشهية الروحية والقلبيلة على مؤائد شهر رمضان المبارك.

كيف نتعامل مع القرآن الكريم

حتى نعرف كيف نتعامل مع القرآن ولو بصورة إجمالية وليس بصورة تفصيلية دقيقة علمية دارسة للقرآن وهذا خاص بنفر معين وعلى مراتب متفاوته والذي يعرف أن يقدر القرآن هو رسول الله صلى الله عليه وآله ومن يقارب رسول الله صلى الله عليه وآله والباقي لا يعرفون القرآن ولكن بعضهم يعرفون على مراتب مختلفة ولا يعرف قيمته الحقيقة ولكن يعرف قيمة للقرآن تجعله ينشد إليه ولا يعطي كتابا آخر منزلة القرآن وأنا أريد قدر القرآن حتى أهتم به فإذا لم تعرف قدر الآخر لن تهتم به.

القرآن كتابا ليس مثله كتاب لأنه من رب العباد، وهل أتوقع كتابا نم أحد بمرتبة ودقة ونزاهة وحقانية وضرورة كتاب من الله وهل أتوقع كتاب آخر بمثل هذه المنزلة فنحن نتعامل مع كتاب ليس مثله كتاب من هذه الجهة، وكل كتاب من كتابه فيقولون هذا كتاب ألفه تلميذ في المستوى الإبتدائي الكتاب في تخصص الطب ويقولون لك هذل كتاب ألفه أكبر طبيب في العالم في الطب فهل وزنهما واحد عندك؟ قبل أن تقرأ الكتابين تعرف أي الكتابين الأعلى والأحق بالقراءة والذي يقدم لك فوائد أكبر وهكذا في كل علم والله بكل شيء عليم.

فلئن كل كتاب من مستوى كاتبه وأن أعرف أن القرآن أنزله العليم الحكيم والعليم الخبير ورب العباد فلن أعطي كتابا أخر وزن هذا الكتاب، وعلم هذا الكتاب وهو من الله فوق كل علم وأنا أقدم على كتاب أعرف أنه خالص من شائبة الجهل، كتاب يكتبه فقية كبيرة لا أضمن أن ليس فيه قصور وذهنية بشر وأعظم فيلسوف أحتمل فيه جهل وأعظم طبيب أحتمل فيه جهل وأما كتاب من الله فلا أحتمل فيه ذلك وإنما هو كتاب خاص متميز.

أهميته بلاحظ أنه خطاب من الخالق إلى المخلوقين وأنه كتاب المهمين وليس من احد لا علاقة لك به ولا يهمك أمره وهذا من خالقك فإن عاديته ذهبت إلى جهنم وإن لم تكترث بكتابه فقد أهنته ومن أهان الله فلا يستطيع أن يعلم ما يترقب من عقوبة الله له ومن خالق لمخلوقين وأنا مخلوق لهذا الخالق ويعلم عني ويعرف خصائصي وتكويني ولا يجهلني أبدا، وهذه نقطة ثانية تجعل القرآن مهما في نظري وحتى لو لم أعرف مضامينه بالدقة.

هناك لحاظ آخر يعطي هذا الكتاب الكريم الوزن الذي لا يملكه كتاب آخر أنه يرتبط به مصير الإنسانية دنيا وآخرة وهذا ليس معالجة صحية إذا أهملتها تأثرت صحتي وليس الكلام عن ناحية ربح تجاري ويرتبط عن أن يكون دخلي ألف دينار أو عشرة آلاف دينار وذلك له أهمية ولكن أين أهمية ذاك من أهمية هذا، ويكتسب أهمية خاصة لكونه ملزما للعقيدة وأحكامها التشريعة والقرآن لا يقول لي كما تشاء ولكن من ناحية تكوينة يقول كما تشاء وتقدر ولديك لقوة على أن تتمرد على القرآن أز تستجب له ولكن من ناحية تشريعية ومن ناحية احترام أمر الله ونهية لا يجوز لك أن تخالف عقيدة من عقائد القرآن ولا لا واجبا من واجباته ولا محرما من محرماته ولا نظاما تشريعا من نظمه وهو كتاب ملزم والشيء الملزم ليس كالشيء الحر وأنت لديك سطيرة عليَّ وتعطيني كتاب وتطالبني أن أقراءه في يوم واحد أو لابد من أن تقراءه في مدة معينة ومرة تقول لي بكيفك ستقرأه أم لا الأمر يعود لك؟ فهل سأتعامل مع كتاب بنفس التعامل فإن كنت ألزمتني وستحاسبني غدا على قراءته؟ كتاب الله ما فيه من عقائد وما فيه من أحكام ملزمة.

يأخذ القرآن اهميته الخاصة وأعرف أني أتعامل مع أي كتاب من كونه كتاب لا بديل له وليس من المرتقب أن يكون له بديل على الإطلاق وليس هناك كتاب جديد من عند الله عز وجل وإنما هذا هو الكتاب الأخير من عند الله عز وجل وهذا آخر ما نزل من الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله في صورة نص مضبوط لم يُترَك لرسول الله صلى الله عليه وآله الله أن يغير فيه كلمة ولا حرفا ولا نبي بعده صلى الله عليه وآله ولا كتاب بعد القرآن الكريم.

تلتفت أن عظماء الأمة وأكابر مفكريها وفلاسفتها المحسوبين على الأمة الإسلامية وليس الكفار لم يكن لهم اهتمام بكتاب آخر كاهتمامهم بالقرآن الكريم غير الكتاب العظيم، وأنا الذي لا أعرف شيء وأرى العظماء عندهم كل هذا الاهتمام بالقرآن الكريم فهنا أقرأ أهمية هذا الكتاب وأعرف أن هذا الكتاب ليس مثله كتاب ويوجود الفقهاء والأدباء وغيرهم ويخرج الكتاب البشري للعالم العملاق وقد لا يقرأه الجميع وهم عظماء وقد يقرأه أهل هذا الاختصاص وقد لا يقرأه أهل الاختصاص الآخر، الفيلسوف المسلم والفقيه المسلم والعارف المسلم والسياسي المسلم من العظماء يجد أنه لابد أن يقرأ القرآن الكريم ويتتلمذ عليه وهذا كله يعطني صورة عن أهمية القرآن الكريم وإذا عرفت أن للقرآن أهمية ليست لكتاب آهر مهما رقى فيلزم عليَّ أن أتلو القرآن وأن أتعب نفسي وأسهر من أجل معرفة القرآن.

كيف نقرأ القرآن

القرآن يقرأ بثلاث قراءات:

– قراءة اللسان: وهي طريقية وليست الهدف ووسيلة لتوصيلك الغاية.

– قراءة الفكر: وهي أن تقرأ القرآن بفكرك وكل ما جمعت من الفكر ما هو أرقى وما هو أصح وكلما توفرت على خبرة أكبر وكلما صدقت التفكير وكنت موضوعيا في تفكيرك كلما كنت أليق بقراءة القرآن القراءة الفكرية المتفقهة التي تحاول أن تفقهم كل ما تستطيع من مداليل القرآن وآياته وهذه لا يكتفى فيها بقراءة القرآن فقط وأننا قرئنا جزئين في الليلة وإنما هذه القراءة تحتاج تدراس وتحتاج لاستعداد علمي وأنا أربي نفسي علميا وأن نربي أولادنا علميا وأن نربطهم بالدرسات القرآنية وأن نكون حلقات قرآنية ودروسا قرآنية؛ حتى نقرأ القرآن القراءة الفكرية، القرآن لا يغير حياتنا بمجرد أن نتلوه ذلك لا يغير أي شيء ولا يصوغ النفس ولا يوقظ الفكر.

– قراءة قلب وروح: ففكرك يتطلع إلى أن يعرف الحقائق والواقع. فتعرف أن إثنين ومعها إثنين النتيجة أربعة وفكرك يهتم بهذا وأنَّ المعادىة الرياضية حلها هكذا وأن المرض الفلاني يكون علاجه هذا وهذا هو التعرف على الواقع وعلى الحقائق وهذا فكرك.

وأما القلب فيتطلع إلى ما وراء الحقيقة القريبة وإلى الارتباط بالحقيقة الكبرى وبسر هذا الكون ويتطلب القلب أن تطهر مشاعره وأن تصح طموحاته وأن تصح اختياراته ويريد القلب أن يمتلك القدرة على الأخذ بالصحيح وقد أعرف الصحيح ولكن ليس لدي القلب الطاهر النظيف القوي الذي يأخذ بما عرفت صحته فبعد معرفتي للصحيح أحتاج إلى ما يدفعني للأخذ بالصحيح.

القلب يريد أن يشعر بأني كإنسان لي قيمة وأني على الخط الصحيح والقلب الذي يعبر عالم الأرض السماء المادي لمدبر السماء والأرض ومدبرهما والذي يريد أن يتعرف على صفات الجمال والكمال وهذا أمر مهم بالنسبة له فتقراء القرآن باحثا عن عن الجمال وكمال فترأه بقلبك، وإذا قرأت القرآن تبحث فيه وفي آياته وبين طياته عن صفات الجمال والكمال وما يجعلك كاملا وما يجعلك جميلا وما يجعل نفسك طاهرة راقيا وما يجعل نفسك مسرورة بإنسانيتها الكريمة وما يجعلك في هذه الحياة واثقا قويا في نفسك، فإذا أقبلت على القرآن تبحث عن هذا فلابد أن تقبل عليه بقراءة من قلبك وليست بفكرك فقط.

الفكر يجعلني أفهم البرهان القرآني حينما أقام برهانا على التوحيد وأقام براهنا على العدل وبرهانا على رسالة الرسول صلى الله عليه وآله فالفكر يجعلني أفهمه ولكن ما يجعلني أتفاعل مع مقتضى هذا البرهان وما يستهدف هذا القرآن من زرع الحمال في روحي ونفسي والرقي بروحي أحتاج إلى قراءة روح وقلب.

فعلي حتى استفيد من القرآن وهكذا جاء القرآن فعليَّ أن أقراءه بلساني وأٌقراءه بفكري وأقرءه بقلبي وروحي وأقراءه بضميري الإنساني وهذا الضمير ما يريحه وما يؤنسه وما يوحشه هو على ما يقبل ومما ينفر وهذه القوة التي عندك ونسميها الضمير الإنساني تقرأ بها القرآن الكريم.

شهر رمضان شديد الهادفية

كل الشهور وكل العمر يجب أن يكون هادفا وكل البرامج الإسلامية هادفة لصناعة الروح وصناعة الإنسان هي هادفية وصناعة داخل الإنسان قبل خارجه وقبل أوضاعه الاقتصادية والإسلام يهتم كثيرا بوضعك الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وهو مهتم بكل هذا ومخطط له وهو وناجح في تخطيطه ولكن تركيزه الأول على الداخل وصلاحك أولى من صلاح مالك وأولى من صلاح بيتك وسيارتك ومن صلاح حقلك فقيمتك الداخلية تسرك عند الالتفات أكثر من زينة أبنائك.

شهر رمضان شديد الهادفية وهدفه هادف فما يكون عند المسلم المؤمن هو أن يأتي سهره هادفا فعليه أن يلتفت لماذا يسهر وهل هذا السهر يدخل في مصلحة الروح وفي مصلحة بنائي أم في مصلحة هدمي الداخلي وآكل ولكن آكل هادفا ولا آكل من أجل نفخ بطني أو لأبطش  ولا ليجعلني الشبع ملازما للفراش أو آكل لأتقوى على طاعة الله وأكون هادفا وهنا يتربى التقوى وأنا أنام ليس عبثا ولا استرخاء لوإنما أنام لحاجة بدني للنوم والله يريد صحتي لا يريد مرضي وأنام لأتقوى على الصوم وعلى سائر الطاعات ولأستعيد نشاط البدن لما يجعلني أوظفه في طاعة الله تبارك وتعالى، فنوم هادف وصمت هادف ونطق هادف وحركة هادف وسكون هادف وكل شيء فيه هادف، استحضر الهدف واستحضر تقوى الله في كل صغير وكبير مما تعمل أو

تترك.

والحمد لله رب العالمين

زر الذهاب إلى الأعلى