كلمة مسيرة الاعتداء على مرقد العسكرين 25 محرم 1427هـ

إن الاعتداء على مرقد الهاديين العسكريين
الإمامين المعصومين سبطي رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم لجريمة نكراء همجية
جاهلية لا يرتكبها ضمير يخفق بتعظيم الله وأوليائه، ويقيم لرسول الله(ص) وأهل بيته
الكرام وزنا، أو يعرف لهذه الامة الاسلامية المؤمنة حرمة.





أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي لا إله غيره، ولا معبود بالحق سواه، السلام عليى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى حبيب الله وحبيب قلوب المؤمنين، السلام عليكم يا آل رسول الله، ياحملة علم الكتاب، يا خزنة الوحي، يا محيي السنة.
السلام عليكم أيها المؤمنون والمؤمنات ورحمة الله وبركاته، إنكم وقد جئتم لآل بيت نبيكم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فقد جئتم لنصرة اسلامكم، لعزة دينكم، لوحدة ومصلحة أمتكم. جئتم انتصارا لكلمة الله واستقامة على خط الله، جئتم لتنكروا منكرا وأنتم لا تقرون الا بالمعروف.
إن الاعتداء على مرقد الهاديين العسكريين الإمامين المعصومين سبطي رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم لجريمة نكراء همجية جاهلية لا يرتكبها ضمير يخفق بتعظيم الله وأوليائه، ويقيم لرسول الله(ص) وأهل بيته الكرام وزنا، أو يعرف لهذه الامة الاسلامية المؤمنة حرمة.
إنه ما ضار القبة النوراء ان يهدم لها بناء وشعاعها موصول بالسماء، ما ضارها أن يحرق ذهبها وهي تنير الدرب للسائرين على خط الأجيال كل الاجيال. ما ضار القبة النوراء أن يصيبها هذا العدوان الكبير والساقط والسافل وهي تؤدي دورها بإرسال اشعاعاتها النورانيةالإلهية الى قلوب المؤمنين والمسلمين في كل مكان.
إنها ليست قبة ذهب، إنما هي قبة دين، قبة ولاء لله، قبة نداء إلهي لا يمكن ان يسكته شيطان.
جئنا جميعا منكرين للعمل الاجرامي النابع من قلوب جاهلية حقودة لا تفقه الاسلام ولا تتقي الله، ولا ينبض قلبها بشفقة على أمة القرآن والسنة، جئنا جميعا لنعلن على مسامع الأمة الاسلامية تمسكنا التام الثابت بهذه الحقيقة البديهية في دين محمد(ص) وهي أن المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. وهي حقيقة لم يفقهها المفسدون، ولم تدخل إليهم في قلب، ولم يتشرب بها منهم ضمير، وإذا كانت حرمة المسلم على المسلم ثابتة فكيف بحرمة سبط رسول الله، إمام المسلمين، الولي ابن الأولياء، نور الله في الأرض وحجته على الخلق؟!
والبديهية الأخرى التي جئتم تؤكدونها هي أنَّه لا يؤخذ برئ بسقيم. آخذ البرئ بالسقيم، كلمة يمكن أن تجدها الأمة على لسان الحجاج، يمكن أن تعثر عليها على لسان عبيد الله بن زياد، لكن كلمة من هذا النوع لايمكن أن تأتي على لسان أقل الناس وزنا ممن يوالون أهل البيت(ع).
جئنا جميعا لنعلن للعالم كله أننا بريئون من الاتجاه التكفيري الارهابي المنفصل عن قواعد الاسلام وثوابته وبديهياته ومسلماته. إن مدرسة أهل البيت(ع) وهي مدرسة القرآن لترفض كل الرفض ولتتبرأ كل التبرؤ من إسالة قطرة دم واحدة في الأرض من غير حق، وإن لنا لموازيننا الشرعية، وضوابطنا الدينية الثابتة التي تبسط يدنا بالحق وتقبضها عن الباطل. إن دمنا لمبذول وإن أرواحنا لرخيصة لنداء الحق في الوقت الذي نحن أحرص الناس فيه على حرمة الدم المسلم ونقدّر فيه انسانية الانسان.
جئنا معلنين أشد السخط على إهانة المقدسات التي ارتكبتها حماقة الجهلة من أبناء هذه الامة بإيعاز من الاستكبارالعالمي وبتنسيق منهم معه.
إن القلوب التي ربتها مدرسة أهل البيت(ع)، إن الضمير الذي رعته دروس هذه المدرسة، إن الفكرالصلب المتين الحي القوي الوقاد المستقيم الذي أفرزته هذه المدرسة إنما يقف بكل قواه وبكل استعداداته وبكل عزيمته وبكل ارادته وبقوة وشموخ مع الاسلام الواعي، مع الوحدة الاسلامية، مع المصلحة الاسلامية في وجوه أعداء الاسلام، ثم إنه ليربأ بنفسه، ويتنزه كل التنزه عن أن ينال قطرة دم في الارض بغير حق.
حين يصمت أبناء هذه المدرسة، وحين يصبرون على الأذى وحين تذهب الارواح البريئة من صفوفهم ضحية الجهل وضحية السفه وضحية الضلال فإن هذا لا يعني شيئا من فقدان الغيرة ولا يعني شيئا من التلكؤ والتردد في روح التضحية والبذل أو شيئا من الهوان وإنما ينطلق كل ذلك من الحرص على الوحدة الاسلامية، على بناء صف اسلامي متين، على أن لا يسمح لجهالة الجاهلين أن تفرق صفوف هذه الأمة. ونرجو أن لا تخرج الأحداث بإخواننا المؤمنين في العراق بعد أن تتضخم وبعد أن يسكت سائر المسلمين على منكرات المفسدين عن صوابيتهم وعن رزانتهم وعن حرصهم الشديد على الدم المسلم من أي مذهب كان.
إن لنا لنداء لإخوتنا المسلمين في العراق شيعة وسنة ولكل العراقيين من مختلف اتجاهاتهم ومذاهبهم بأن يستذكروا الله عزوجل في هذه اللحظات الحرجة التي تهدد مصير العراق ومصير الأمة كلها، وتنذر بفتنة كبرى قد تحرق الأخضر واليابس، وتأتي على وحدة هذه الأمة الوسط المرشحة لقيادة العالم وريادة المسيرة البشرية. عليهم ان يستذكروا الله ويستذكروا حرمة الدم المسلم وأن لا ينال أحدهم الآخر من أي مذهب كان بأذى آثماً، منقلباً الى النار.
أيها المسلمون في كل مكان قولوا للتكفيريين، إذا كان الاسلام ليس إلا ما يفهمونه، وان ما عداه ليس باسلام، وأن رقاب كل الآخرين من مسلمين وغير مسلمين حلال في نظرهم فعليهم أن يقضوا على مليارات الناس في هذا العالم حتى لا تبقى الا الجماعة التكفيرية لتقتتل بينها بعد ذلك لأنها لم تعد تعرف شيئا في الأرض إلا لغة الدم، ولا تحمل الدين الا على هتك الأنفس، وسفح الدماء، واستباحة الحريات والمقدّسات.
أيها المسلمون في كل مكان، قولوا لأقلام الفتنة في أي أرض من أرض الاسلام أن تتوقف، ولألسنة الشقاق أن تخرس، ولباعة الضمير على الحكومات أن يكفوا الشعوب شرهم, ولا تزرع اقلامهم بذور الفتنة في صفوف المسلمين. وقولوا لكل الحكومات أن لا تحتمي بالطائفية،ولا تلعب بنارها الحارقة فإن اللعب بهذه النار ربما أحرق أول ما يحرق هذه الحكومات التي تكيد بالأمة.
قولوا لكل أولئك أن لا يثيروا نار الحقد والفتنة والصراع المرير وروح القتل والقتال بين أبناء الاسلام، أصحاب أخوة الدين والوطن والحاضر والمصير.
ولتتعلم الأمة من الامام زين العابدين(ع) صاحب ذكرى هذا اليوم من دعائه لأهل الثغور دروسا تحتاجها لوحدتها. زين العابدين(ع) وخط الحكم لم يكن خط أهل البيت(ع) والسلطة القائمة كانت تكيد بخط الامامة، وكانت تتتبع أهل البيت(ع) وأنصارهم بالأذى,كان يدعو لجيوش المسلمين ويطلب وحدتهم، ويضرع الى الله عزوجل لتوحيد صفوفهم, وتحقيق عزتهم وكرامتهم. الامام زين العابدين(ع)،ومدرسة أهل البيت(ع) لو التحق بها المسلمون كل المسلمين لوجدوها المظلة التي لا يعرف الناس تحتها إلا الرأفة والرحمة والخير والصلاح والأخَّوة الايمانية.
أهل البيت(ع) مدرسة منفتحة على العالم كلّه, فضلا على انفتاحها على كل المسلمين، أئمة أهل البيت(ع) أئمة بحق لكل المسلمين,وعلى المسلمين أن يعرفوا أن أئمة أهل البيت(ع) هم أئمتهم وأولى الأئمة في المسلمين بالامامة.
الامام زين العابدين(ع) يدعم الحكم الأموي القاتل لأبيه وأحبته في وجه الكفر، والأمة اليوم في أنظمتها الرسمية تتعاون مع أمريكا يوما ضد أفغانستان,ويوما ضد العراق,ويوما ضد سوريا وإيران، وتضع يدها بيد أمريكا وتجند إعلامها ضد تهمة السلاح النووي في إيران.
ورسالة اخرى الى العالم كله ودرس كبير آخر يعلمه الامام السجاد لشيعته ثم للعالم اكمل، اسمعوه (ع) ماذا يقول:
“اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره” أي مظلوم؟ من مدرسة أهل البيت(ع)؟ مسلم وبهذا الشرط؟ لا.. بل كل مظلوم، لو أن مظلوما ظلم بحضرة زين العابدين(ع) وكان ذلك المظلوم نصرانيا، أو يهوديا أو مجوسيا أو وثنيا، ما كان زين العابدين(ع) ليسكت على ظلامته. وإنه وحاشاه التقصير ليستغفر الله عزوجل أن لو كان مظلوم ظلم بحضرته فلم يلتفت له فمضت ظلامته من غير نصرة من زين العابدين(ع).
نحن أنصار المظلوم في كل مكان، نحن مع مستضعفي العالم في كل مكان، نحن أتباع مدرسة أهل البيت(ع) مع نداءات المستضعفين والمحرومين في كل مكان، وليكن العالم كله مع نداءات المستضعفين من أبناء الأمة الاسلامية الخالدة.
وليسمع العالم كله ماذا يقول امامنا السجاد أيضا والذي لا نحيد عن طريقه” اللهم وأسألك في مظالم عبادك عندي” وتقول الفقرة التي تتناول كل التجاوزات وكل الظلامات وكل التعديات التي تتصور أن ينال انسان بها انسانا آخر في نهايتها “وأن ترضيه عني بما شئت”.
ثقيل على المرء المؤمن أن يخرج من هذه الدنيا وفي ذمته ظلامة وإن صغرت في أعين الناس لأحد من خلق الله، هذا هو دين اهل البيت(ع)، هذا هو مذهبهم، هذه هي مدرستهم، فليقارن الناس كل الناس، ليقارن المسلمون كل المسلمين، ليقارن العالم كل العالم بين هذه المدرسة وبين ما يذهب إليه التكفيريون.
فقهاء النجف الاشرف من تلامذة مدرسة اهل البيت(ع)، حين يجتمعون عندما تشتدّ الفتنة ويتفاقم الخطب، وتطغى الاحداث في العراق او في إطارالأمة، فإنهم لا يحتاجون الى مناظرة ولا إلى بحث او تنظر في حرمة دم الانسان المسلم وعرضه وماله، فإنها بديهية من بديهيات هذا المذهب، وبديهية من بديهيات الاسلام التي لا تحتاج الى بحث.
إنهم يجتمعون ليفكروا كيف يعيدون للأمة لحمتها، وكيف يعالجون جراحاتها، وكيف يحافظون على حرمة الدم في إطارها. إنهم لا يجتمعون الا لسلام هذه الامة، لا يجتمعون الا لسلام هذا العالم، إنهم لا يجتمعون الا لمصلحة الدين، إنهم لا يجتمعون إلا لمصلحة الانسان كل انسان. هذه هي مدرستنا، هذا هو فهمنا، هذه هي عطاءاتنا وكل ذلك لا يمنع هذه المدرسة ان تكون في مقدمة كل الناس لتقارع الظلم وتقارع الاستكبار وتجاهد الطغيان وتعمل بقوة على استرداد الحقوق والكرامة والوزن الإيماني الكبير.
أيها المؤمنون والمؤمنات، كونوا سندا لوحدة أمتكم الاسلامية الواحدة، ونصرها وعزتها وعظمتها، ولا تصغوا لأي نداء بالفرقة والتبعثر، ولا تعطوا لأعداء الامة أن يحققوا أمنيتهم في تمزقها وتشظيها.
كونوا مع الله، يكن الله معكم، والمجد والنصر والعزة والسؤدد والعظمة للاسلام والايمان، للمسلمين والمؤمنين والحمدلله رب العالمين.

زر الذهاب إلى الأعلى