كلمة آية الله قاسم بمركز المعارض – 23 محرم 1427هـ _ 22 فبراير 2006م

السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات المؤمنون
والمؤمنات.

هنا قلوب عاشقة للحسين من عشقها لله، هنا قلوب مؤمنة بخط الحسين من إيمانها بالله،
هنا قلوب مضحّية على خط الحسين عليه السلام وبين يدي الحسين عليه السلام ولنداء
الإمام الحسين عليه السلام لإيمانها بالتضحية في سبيل الله. هنا قلوب ملؤها هذا
النداء، هذا الجواب لبيك ياحسين(1).

هنا قلوب لغتها دائما لبيك ياحسين لأنها قلوب ملبّية لله.

نص الكلمة التي ألقاها سماحة الشيخ بمركز المعارض  ليلة الخميس 23 محرم 1427هـ – 22 فبراير 2006م

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى، وعلى آله أهل الإخلاص والوفاء، وعلى جميع أنبياء الله ورسله وملائكته وأصفيائه وأوليائه.
السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات المؤمنون والمؤمنات.
هنا قلوب عاشقة للحسين من عشقها لله، هنا قلوب مؤمنة بخط الحسين من إيمانها بالله، هنا قلوب مضحّية على خط الحسين عليه السلام وبين يدي الحسين عليه السلام ولنداء الإمام الحسين عليه السلام لإيمانها بالتضحية في سبيل الله. هنا قلوب ملؤها هذا النداء، هذا الجواب لبيك ياحسين(1).
هنا قلوب لغتها دائما لبيك ياحسين لأنها قلوب ملبّية لله.
أيها الأخوة الكرام..
من عرف الله سبحانه، وأنه الحق، العليم الخبير الحكيم اللطيف القدير آمن بأن الإمامة في الناس للمعصوم، وإيماني بالكامل أننا لا نحتاج أكثر من القرآن لإثبات إمامة أهل البيت عليهم السلام.
القرآن يقود إلى إمامة أهل البيت عليهم السلام بلا أدنى ريب، من فهم القرآن فهم أن الإمامة أمر عظيم، وأنها تمثيل لإرادة الله الحق في الأرض. الإمامة في القرآن إمامة العلم، إمامة التقوى، إمامة الإرادة المتحرّرة من ضغوطات الأرض والعدو والصديق، إمامة إرادة هي دائما من إرادة الله.
الله عزّ وجل لا يحكم الأرض بإرادة من غير إرادته، لها منبت وأصل غير إرادته، لا يحكم الأرض بإرادة تختلف في خطّها قيد شعرة عن خطّه، لا يحكم الأرض بقيادة يختلسها الهوى، أو تختلسها الغفلة، أو يختلسها الجهل عن خطّه.
إنه جاء بالدين للأرض ليحكم الأرض، فلا بد أن يوفّر للأرض الحاكم بالدين، وابحثوا ما شئتم أن تبحثوا في كل بيوتات الإسلام وأسره فإنكم لن تجدوا بيتاً مرشّحاً من خلال ما برهنته مواقفه، وما دلّ عليه علمه، ما أثبتته كل تجاربه بأن يمثّل إرادة الله في الأرض أولى من هذا البيت، أو بيتا يساوي هذا البيت. إنهم الأئمة القادة الهداة الذين يهدون الناس بأمر الله في عقولهم، بأمر الله في قلوبهم، بأمر الله في إرادتهم، بأمر الله في وجدانهم، بأمر الله الذي وضعهم تكويناً ومن خلال خط الطاعة على الخط.
إنهم الإثنا عشر الذين تحتاجهم الأرض ما بقيت الأرض، ويحتاجهم الإنسان ما بقي الإنسان، وها هي الأرض تضل، وتزداد ضلالاً، وقد بدأ ضلالها من اليوم الذي بدأت فيه تنفصل عن بيت النبوة والرسالة، بيت القرآن، بيت الكلمة الإلهية الصادقة، بيت الوحي الذي لا غبار عليه.
ومن عرف أهل البيت عليهم السلام، وقرأهم بإمعان، أعطى كل عقله لفهمهم، تتبع منهم الكلمة والموقف والإشارة والنطق والصمت وجدهم أئمة بلا جدال، أئمة إلهيين… وجدهم قرآنا ناطقاً، وجدهم قرآنا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
نحن هكذا نفهم الأئمة عليهم السلام، وكلنا قناعة عقلية بهذا الأمر.
الحسين عليه السلام إمام من الله، إرادة من إرادة الله، ليست له إشارة ولا موقف ولا كلمة ولا إمضاء ولا إنكار إلا وهو موافق للإرادة الإلهية المتعالية، إذاً لبيك يا حسين، إذاً لبيك ياحسين(2)، لبيك يا هادي، لبيك يا هادي، لبيك يا هادي(3).
نعم أولهم إمام معصوم، وآخرهم إمام معصوم، وكل واحد من السلالة الطاهرة الميمونة المباركة إمام معصوم.
أنا حين أقول لبيك ياحسين مطمئن تمام الاطمئنان، بل متيقنٌ كامل اليقين بأني أقول لبيك يالله، لماذا؟ لأن ليس للحسين عليه السلام كلمة لا تختلف قيد شعرة عن إرادة الله، ليس له أمر ولا نهي إلا من أمر الله ونهيه، ومن منّا ليس بمستعد أن يقول لبيك يالله!!
نعم، لبيك ياحسين لبيك يا هادي.
لبيك يا حسين في كل مساحة الحياة، في معترك القلب، في ساحة الصراع في النفس، في معركة البيت، في معركة المجتمع المحلي، في معركة المجتمع الإقليمي، في معركة المجتمع العالمي، لبيك يا حسين..

تصطرع في النفس فكرتان: فكرة خير، وفكرة شر. ويقتتل في النفس شعوران: شعور بالخير وللخير، وشعور بالشر وللشر. وينقسم المنزل رأيين، وتنقسم القرية رأيين، وينقسم المجتمع رأيين، وينقسم العالم رأيين: رأي هو من رأي الحسين عليه السلام، ورأي هو من رأي يزيد، فإما أن أقول لبيك يايزيد، وإما أن أقول لبيك يا حسين، فاختاروا(4).. لبيك يا حسين، لبيك يا حسين، لبيك يا حسين، لبيك لبيك لبيك يا حسين..
ربما كان في قلبي – والعياذ بالله – نصيب ليزيد، وفي قلبي نصيب للحسين عليه السلام، وإما أن يكون موقفي مع النصيب الذي ليزيد في قلبي، أو أن يكون موقفي للنصيب الذي للحسين عليه السلام، فمن تريدني أن أكون، سأبقى دائما – إن شاء الله – مع الحسين.
أيها الأخوة..
لو قامت معركة كربلاء من جديد، طرف فيها الحسين عليه السلام بشخصه، والطرف الآخر يزيد بشخصه، فمن سيقف مع الحسين عليه السلام، ومن سيقف مع يزيد؟
الذين أسرتهم الدنيا، طلاب الهوى، الباحثون عن الجاه من أين أتى، الباحثون عن السلطان، على أي طريق، وبأي ثمن، سمّهم شيعة، سمّهم سنة، سمّهم ما شئت، فإنهم سيكونون مع يزيد.
أما الباحثون عن الحقيقة، الباحثون عن الدين، العاشقون لله، سمّهم شيعة، سمّهم سنة، سمهم أيّاً شئت فإنهم مع الحسين عليه السلام(5)..
معسكر الحسين عليه السلام ليس هو الشيعة بالإسم، أنا على يقين بأن في معسكر الحسين عليه السلام، في معسكر المهدي عليه السلام نصرانيٌّ يبحث عن الحقيقة، يهوديٌّ يبحث عن الحقيقة، ناصبيٌّ مخطئٌ فكرا. زهير بن القين كان عثماني الهوى قريباً إلى الأمويين لا يحتمل حتى الاجتماع مع الحسين عليه السلام، إلا أنّ موقفه عند البصيرة كان مع الحسين عليه السلام.
المسألة مسألة دنيا وآخرة، هوى ودين، فمن كان من الأخوة السنة يتمسك بالدين حقا فهو بالقطع من معسكر الحسين عليه السلام، ومن كان من الشيعة بالإسم يتمسّك بالهوى فإنما هو مع يزيد بلا أدنى إشكال.

هناك تفجير جاهلي شهدته سامراء هذا اليوم، إنه ليس تفجيراً لقبّة من ذهب، بقدر ما هو تفجيرٌ لقبّة تظلِّل المسلمين كل المسلمين، قبة من إيمان، قبة من هدى، قبة من تقى، قبة نداء إلهي أن توحّدوا أيها المسلمون على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله، أن توحّدوا يا أيها المسلمون في وجه الغطرسة الأمريكية، في وجه الغزو الأمريكي، في وجه الثقافة الأمريكية، بكل مؤسساتها، بكل ذيولها، بكل نداءاتها..
إنها قبة إلهية في الأرض لتشيع الهدى، لتشيع الإيمان، لتعطي النور، لتهدي السالكين إلى الله، إلى الطريق القويم..
إننا لا نبكي ذهبا، إننا لا نبكي حجرا، إننا لا نبكي إلا القيم، لا نبكي إلا لهذه الأمة التي وقعت في الحضيض حتى صارت تغتال هويتها، وهويتها الكاملة التامة الناضجة، والله العظيم لن تجدها كما هي أتمُّ وأكمل وأصفى وأنقى وأصدق كما هي في أهل البيت عليهم السلام..

إن الأمة لتستنكر إهانة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وحقّ لها أن تبذل الدم رخيصا، وأن تحمل الأرواح على الأكف دفاعا عن حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله، إنه عزُّها، إنه كرامتها، إنه حياتها، إنه دنياها، إنه آخرتها، إنه معناها، إنه أمنها، إنه كل شيء بعد الله في وجودها، إنه كل شيء بعد الله في حياتها..
وإهانة الهادي عليه السلام إهانة لرسول الله صلَّى الله عليه وآله. فليعلم الذين أرادوا أن يوجّهوا الإهانة للإمام الهادي عليه السلام وهو فوق كل الإهانات أنهم قصدوا بالإهانة فاطمة عليها السلام، أنهم قصدوا بالإهانة أمير المؤمنين عليه السلام، أنهم قصدوا بالإهانة خديجة الكبرى، أنهم قصدوا بالإهانة أعظم إنسان في دنيا الإسلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل إنهم إنما تعدّوا على الله تبارك وتعالى، واستخفوا بوليِّه، إنما استخفوا بالقرآن، إنما استخفوا بالسنة.
الإمام الهادي عليه السلام مجمع علوم الأنبياء، مجمع علوم المرسلين، مجمع علوم الكتاب الكريم، مجمع علوم السنة المطهّرة، فممن أرادوا أن ينالوا؟ وسيبقى الإمام الهادي عليه السلام فوق كل المحاولات، وسيبقى خط أهل البيت عليهم السلام هو المؤهّل حقا وهو القائد فعلا لهذه الأمة على خط الصعود، وخط الكرامة، وخط استرداد العزة والشرف والهوية الأصيلة، لن تجد هذه الأمة ملاذا في كلّ الأيام السلام في الأرض وبعد عناية الله تبارك وتعالى كملاذ أهل البيت عليهم.
سلام الله عليكم أهل البيت، آية الله العظمى السيستاني تلميذ من تلامذتكم؟! آية الله العظمى محمد سعيد الحكيم تلميذ من تلامذتكم؟! آية الله العظمى الشيخ بشير تلميذ من تلامذتكم؟! آية الله العظمى إسحاق الفياض تلميذ من تلامذتكم؟! حدث يستخف الكبار، يثير الدم، يحرق القلب، لا يبقي رزانة للرزين، وإذا بالوصية الحكيمة الإسلامية التي تأتي من منبت أهل البيت عليهم السلام، من شفقة أهل البيت على هذه الأمة، من الوعي الرسالي لأهل البيت عليهم السلام، من صدق الكلمة لأهل البيت عليهم السلام، من هادفية الكلمة لأهل البيت عليهم السلام، من رحمة الكلمة لأهل البيت عليهم السلام يا شيعة لا تحركوا ساكناً، ولا يأتي على يدكم ضرر لأي مصلحة من مصالح المسلمين، ألسنا الجسم الواحد؟! ألسنا الوجود الواحد؟! ألسنا الأمة الواحدة؟ نحن نفهم هذا الفهم، إيماننا هذا الإيمان، وللآخرين أن يؤمنوا بأي شيء آخر، ولكننا سنبقى نؤمن بأن الأمة ليست هي الشيعة فقط، وإنما الأمة كل من وحّد الله تبارك وتعالى، واتجه إلى القبلة، وقصد وجه الله تبارك وتعالى. وإن أخطأ أحدٌ الاجتهاد، وإن تعددت الآراء ولكننا في واقع هذه الأرض، ومن حيث المسؤولية لحماية الإسلام، والحفاظ على الوحدة الإسلامية، وعلى المصلحة الإسلامية الكبرى، فنحن كما نفهم بلا أدنى إشكال من أهل البيت عليهم السلام أمة واحدة قائدة ورائدة.
موعدكم مع يوم الجمعة، وأطلب من الأخوة الكرام المؤمنين في مختلف المناطق أن يعطّلوا عزاء المناطق عصر الجمعة ليعزّوا النبي الأعظم صلى الله عليه وآله في فاجعة سامراء، في المسيرة التي الكبرى دعا إليه أخوتكم المؤمنون.
غفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – هتاف سماحة الشيخ والجماهير بـ(لبيك ياحسين).
2 -هتاف سماحة الشيخ والجماهير بـ(لبيك ياحسين).
3 – هتاف سماحة الشيخ والجماهير بـ(لبيك ياهادي).
4 – هتاف سماحة الشيخ والجماهير بـ(لبيك ياحسين).
5 – هتاف الجماهير بـ(لبيك ياحسين).

 

زر الذهاب إلى الأعلى