كلمة وحوار بعنوان ”العلاقات العلمائية“

العالم الكفؤ والفقيه الكبير إذا لم يخلق من علاقاته ـ مع سائر العلماء بمختلف
الأوزان ـ علاقات تفاهم وعلاقات مودة وعلاقات تعاون لن يأتي على يديه نفع كبير
للمجتمع ، ولن يستطيع إنقاذ مجتمعه . فستكون الأوزان الأخرى التي يمكن أن ينهض
بالتعاون معها وبالتعاون معه بعبئ الدعوة والتبليغ والإصلاح اعداءًا له

 

العلماء يقعون موقعا ملحوظا في نظر جماهير الأمة بصورة اشد لأنهم ارتقبوا منهم أن يكونوا خطوة للإنسان المسلم وهم يعكسون صورة عن الإسلام ولنفوذ كلمتهم في كثير من قطاعات المجتمع فكل ذلك يمثل درجة أكبر من الخطورة للعلاقات في هذا الصف ، للقاء هذا الصف . ومن هنا إذا كان همّ الطالب أو العالم خدمة الإسلام والعمل على إنجاحه المشروع الإسلامي في صفوف المسلمين يتحتم عليه أن يهتم بعلاقاته مع سائر العلماء وأن يحاول بناء علاقات ايجابية صادقة مع كل المخلصين من العلماء ، وعلاقات حسنة وأخلاقية يرضاها الإسلام مع كل الأطراف .

وعلاقاتٍ بين العلماء في حالتها السلبية تحطّم المجتمع في العمل . والعلاقات الايجابية بينهم حين توظف من أجل الإسلام تنشئ مجتمعا قويا بعد ضعف ، ومتماسكا بعد تفكك .

العالم الكفؤ والفقيه الكبير إذا لم يخلق من علاقاته ـ مع سائر العلماء بمختلف الأوزان ـ علاقات تفاهم وعلاقات مودة وعلاقات تعاون لن يأتي على يديه نفع كبير للمجتمع ، ولن يستطيع إنقاذ مجتمعه . فستكون الأوزان الأخرى التي يمكن أن ينهض بالتعاون معها وبالتعاون معه بعبئ الدعوة والتبليغ والإصلاح اعداءًا له ، سيكون العلماء بالأوزان الأخرى اعداءًا له ، وهنا سيدخل معهم طائعا أو مكرها في الكثير في معركة تضر بالإسلام ، وتعطي للإطراف الأخرى جواً ملائما لتحطيم الصف العلمائي بكامله .

لا شك تعامل العلماء مع بعضهم البعض يشكل صعوبات ؛ لأنه قد يرى البعض في البعض الآخر أنه مؤمن مخلص ذو كفاءات ، ولكن له من الخصائص ومن المزاج ، وله من وجهة النظر الموضوعية ما يعيق دون تشكيل فريق واحد يكون في هذا البعض ضلعاً مؤثراً بقوة ، فهو بين احترام إخوانه العلماء واحترام كفاءاتهم وهم ذو كفاءات ، وأوزانهم وهم ذو أوزان ، والحرص على المصلحة الإسلامية وتراص الصف ، وظل هذا كله ، وبين أن يتشكل فريق يُعرف بتشخيصه أن قدرته على الانسجام ليست بالقدر المطلوب ، وليست إلى الحد الذي يسمح باستمرار التشكيلة ، فهو يقدّر مع ذلك أن نشوء تشكيلة من هذا النوع ثم تبعثرها أخطر على الصف وأخطر على الإسلام من أن تنشأ .. وهنا يفتّش عما يوفق ما بين المطلبين ، وقد يوفّق بأن ن يعثر على حلّ ، وقد لا يوفّق . وحين ذا يوفّق للعثور على حل يكون أمام حالة من التزاحم التي قد تفرض عليه أن يعمل على تشكيلة من هذا النوع ، وإن توقع لها أن تتوقف ، أو تختلف .. لا لنقص في علم أحد ولا لفتور في إيمان طرف ، ولا لتشكيك في إخلاص جهة ، ولكن لأن لون التفكير والتقدير الموضوعي ومكتسبات الدرب الطويل ، الدرب الثقافي الطويل الخاص ، وإن كانت كل التحصيلات ضمن مدرسة واحدة ، ولكن مع ذلك معايشة نوع خاص من الثقافة ونوع خاص من المطالعة ، معايشة أساليب عمل معينة لمدة طويلة ، دائرة خاصة من العلاقات ، تمكّن رؤية موضوعية داخل النفس ، كل ذلك قد يخلق من الخصائص الفكرية والنفسية ما يجعل تبايناً يكاد يستحيل معه الوفاق في كثير من التفاصيل على وجهة نظر واحدة .. قد يقف المرء لهذه الحالة من حالة التزاحم ، يترجح حالته تقديم تشكيل ، إنشاء لتشكيلة أو عدم إنشاء التشكيلة ..

يتعيّن مبكراً على الإخوة الطلاب من سنّ واحد وفي مراحل دراسية متقاربة وهم يمثلون كادر العمل المستقبلي ، ورجال الساحة في الأيام المقبلة أن يفكروا جداً كثيراً في التخلص وتلافي مثل هذه الحالة .

ستستطيعون أن تشكلوا فريق عمل مستقبلي متجانس لو تفاهمتم بهدوء على نقاط الاختلاف ، ودخلتم في المناقشات القاصدة الهادفة الهادئة المخلصة فيما تختلفون فيه ، وأن تحتكموا دائما إلى كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وآله ) فيما هو من موارد الاختلاف .

ولكم بل عليكم أن تراجعوا الشخصيات العملاقة في ساحتكم هنا ممن عُرفوا بالرأي الصائب ووجهة النظر الدقيقة ونقاء المفهوم والإخلاص الإيماني لتتقارب وجهات نظركم في المسائل محل الاختلاف ، فإنه حين تأتون البحرين بوجهات نظر متباينة ستخلقون فئات متباينة ، ولن يسعكم مع إيمانكم وإخلاصكم وفهمكم أن تشكلوا فريق عمل واحد يمكن أن يستمر وأن تتطور الساحة على يديه التطور المطلوب ، وسيستحيل عليكم أن تبلغوا بالمجتمع نضجاً يتطلبه ، وستكون سبب انقسامات خطيرة تنزل بالإسلام هزائم وخسائر أكثر مما ستقدموه للإسلام من مكاسب وأرباح ، والبحرين عانت وغير البحرين عانت كثيراً من هذا الأمر !!

وتعلموا إخوتي .. من الآن ، أنّ عليكم أن تتعرفوا على مواقعكم الطبيعية ، وعلى أوزانكم الحقيقية ، وأنه من منكم من حقه أن يكون المقدّم في هذا الموقع ؟ وليس في كل المواقع . لكل موقع رجل ، ولكل وظيفة إنسان ، فحين تتعرفون على المواقع وعلى الشخص المناسب لهذا الموقع أو ذاك وتحاولوا أن تكتشفوا في صفكم الأنسب لكل موقع موقع ، ستستريحون غداً عن حالات هذه الاختلاف والتوتر .

وروّضوا النفس على أن تقدروا لصاحب القدرة قدرته ، ولصاحب الشأن شأنه ، فإنكم لن تفيدوا الدين ما لم تتفوقوا على النفس لتعترف لكل حقٍ حق . ومن أصعب الاعتراف بالحقوق هو الاعتراف بالحق المعنوي لفرد أو أكثر من بين أفراد الجماعة الأنداد، وويل لبلد كل رجالاتها أنداد .. إذا لم يكن مع الندية درجة أكبر من التعقل ودرجة أكبر من التقوى ودرجة أكبر من تقدير المصلحة ، ومن الشعور العميق لأن الصف الواحد في هذه الدنيا إما أن يتحد فيقف علي قدم ، واما أن يختلف فينهار، وفي ظل هذا الفهم سيضطر كل ندٍّ أن ينسى من وزنه شيئا ليتعايش مع نده ، الحالة اما أن تكون محكومة لقدرة متميزه ذاتية أو اكتسابية ، والاكتساب قد يكون علما وقد يكون شهرة اجتماعية والتفافا من الرأي العام ، وقد يكون مالا وقد يكون غير ذلك فالحالة حالة الساحة التي تكون قدرة متميزة ، وزن متميز ، تجد نوعا من الراحة إذا كان المتميز قريبا إلي الله لا تقوم فيه في داخله روح طاغوتية … وأنانية طاغية . أما لو حصل ذلك ، فسيترحم على هذه الساحة وستكون الساحة محتاجة إلي الترحّم ومصيرها مصير سوء.

والحالة التي لا تكون هناك في الساحة قدرة متميزة ، وكل الأشخاص وكل الرموز وكل القوى تلال متقاربة ، هذه الحالة لا يعالجها غير كثير من التقوى ، وكثير من وعي المصلحة وتقدير المصلحة وذلك الشعور الذي عنيت وهو الشعور بأن الصف الواحد في هذه الدنيا إما أن يتماسك فيعترف به الآخرون . وإما أن يتبعثر فيسحقه الآخرون ، وأنّ هذا الذي يترائى له أنه أكبر من إخوانه في شئ .. لن يكون شيئاً لو تخلت عنه أيدي إخوانه وآل الصف إلى الشتات ، وستبقى المسألة العملية صعبة جداً أيها الإخوة في حالات تقارب الأوزان وفي حالات اختلاف الوعي وفي حالات هبوط الوعي الاجتماعي ، ويكون أحياناً من الضروري جداً المخاطبة بحالة الاستقراب الوقتي الآني لتجاوز نوع من إشكالات المسألة . وسأجمل هنا لتجاوز نوع من إشكالات المسألة لسلامة مصلحة الإسلام .. غفر الله لي ولكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مقطع الحوارات والأسئلة :

سؤال (1) : ما هي البرامج التي يوصى بها والتي تمكن من خلق هذا التقارب بين الطلبة ؟ 

أجاب سماحته :
في سبيل خلق حالة تقارب بين الطلبة على خطورة موقعهم ، وخطورة دورهم المستقبلي كما سبق ، وما تتحمله أمتهم من مسؤولية ثقيلة أمام الله سبحانه وتعالى ..

بالنسبة لبناء الصف الإيماني عندنا ، الحفاظ على الإسلام أو تضييعه ؟!

قد يخطر ببالي الآن التخلص من الشوائب المضرة .. الصف الطلابي لابد أن يتخلص من الشوائب المضرة ، وأن يقرر مواجهة مبدأ السعاية بين الأفراد ، بحيث لا تجد السعاية بين الأفراد لها موقعاً في الصف الطلابي إلا ما كان علماً ، وكان من رفع العلم إلى من يستطيع الاستفادة منه ، الاستفادة الاجتماعية العامة ..

هذه الجلسات منضماً إليها شئ .. بعد التعرف على الأرجحية في الرأي ، يُمكَّن صاحب الرأي في الجلسة من قول كلمة في كل مرة ـ في كل جلسة ـ وقد تحتاج بعض الجلسات إلى استيفاد ـ كما سبق الإشارة إليه ـ إلى استيفاد عالم من العلماء من النوع المتميّز .. من النوع المتميّز .. المتوفّر على صفاء المفهوم والقدرة التشخيصية للساحة والحاجة . حضور هذا المرشد الموجه الفطن قد يكون من الضروري ، وإلا قد تخرج الجلسة على اختلافٍ في الرأي وتشتت ..

لا نريد دائماً اتفاقاً في التفاصيل وفي كل الجزئيات ، لكن نريد اشتراكاً في الرؤية وفي الخطوط العريضة ، وللمسائل الكلية ، ونريد تقارباً في القدرة الموضوعية على التشخيص .. عدم الإهمال لمن يتغيب عن الجلسة وعدم قطع الصلة به وعدم السماح لتكون آراء ووجهة نظر في … تختلف أو نختلف معها كثيراً .

في زوايا البيوت ، في المجتمعات المصغرة نحاول أن نكتشف ما عند الآخرين لعلنا نستفيد مما عندهم ولعلهم يقتنعون بأن عندنا شيئا يستحق أن يستفيدوا منه ، ولا نقتسم إلي أصدقاء هم الذين يحضرون الحسينية ، والي أعداء فكريين وأعداء في وجهة النظر وهم من لا يحضرون هذه الحسينية .. لا، علينا أن نشعر بأننا صف واحد ، علينا ان نشعر أنفسنا ونقنع أنفسنا بأننا صف واحد يحتمل فيه أن تنشأ فيه وجهات نظر مختلفة تضر بالصف وتضرّ بالساحة من بعد حين ، ومن أجل هذا الاحتمال .. من اجل ذلك الأيمان بوحدة الصف ومن أجل هذا الاحتمال علينا أن نطلب الآخر ، نطلب الاقتراب من الآخر ، التحدث للآخر ، إعطاء فرصة للآخر أن ينفتح علينا بالحديث من أجل خلق حالة التفاهم .

شئ آخر يخطر ببالي الآن هو : ألا نكون اختصاصيين في الثقافة التي نقرأها أو نلتصق بها ، اختصاصيين في العلم الذي نلتصق به ، ولكن لا نكون اختصاصيين في الثقافة التي نقرأها . أنت حين تقرأ عن الأخلاق فقط ، وأنا لما أقرأ عن السياسة فقط وذاك يقرأ عن الاقتصاد فقط ورابع يقرأ عن النفس فقط سنكون وجهات نظر متباينة .

دعونا ننفتح بمقدار ما تستطيع ، وفي الحدود التي لا تضر بتقوية الاختصاص العلمي كما سبق . دعونا ننفتح على الثقافة في آفاقها وفي أبعادها المختلفة حتى نضمن ومن خلال القراءة ومن خلال الحوار أن تتخلق في داخلنا وجهات نظر متقاربة ..

علينا أن لا نغيب عن أخبار الساحة العملية ، غيابنا عن أخبار الساحة العملية وعن هموم الساحة العملية ، يخلق منا في (قم) جماعة ذات توجه ، ومنا في البحرين جماعة ذات توجه آخر .. الصف الطلابي في ( قم) لما ينفتح بعضه علي معايشة الساحة في أخبارها ، في مشاكلها وأحداثها ، ويدخل في عملية تأمل وعملية تحليل تنشأ عنده هموم وتنشأ عنده رؤى وتوجهات وميولات .. البعض الآخر من الصف الطلابي حين ينفصل عن الساحة انفصالا كاملا لاشك أنه ستتكون عنده نفسية مختلفة ، وتقديس استرجازـ وتقديس للانفرادية والانكباب على العلم التخصصي ـ واسترجاز الحديث عن الساحة ، واستهجان لمن يحمل ثقافة واسعة في الساحة ، ولايجد نفسه محتاجا له أصلا. بينما في ظل الاشتراك الإجمالي في العلم وفي المطالعة الثقافية وفي معايشة أحداث الساحة لاشك ستشترك الهموم وتتقارب الهموم وستتقارب التوجهات ، سيكون تقدير لما عندك مما ليس عندي ، وسيكون تقدير مني لما عندك مما ليس عندي . أنا أعرف قيمة الأخبار ، أعرف قيمة التحليل لأخبار الساحة ، لما أقرأ، لما أعايش ، أعرف أن هذا علماً ، وأعرف أن هذا الاستقراء يمثل رصيدا ، وأعرف أن التحليل السياسي يمثل سلاحا ، وأنت من جهة أخرى تعرف أن ما عند صاحبك الآخر من فقه ومن فلسفة وما إلى ذلك، له قيمته العالية التي لايستغني عنها .. هنا ستقدره ويقدرك ، وستطلبه وسيطلبك ، في حين أن في الفرض الآخر يجعل كل منهما بعيدا من الآخر ومستغنيا عن الآخر…

سؤال (2) : أشرتم للرجوع الى العلماء الصالحين لتشخيص الرأي الصائب عند الاختلاف ، فهل يمكن أن ترشدونا الى بعض هؤلاء الموجّهين بذكر اسمائهم هذا أولا .. ثانيا: كيف يوفق الطالب بين قوة تحصيله وانكبابه على درسه ، وبين الاتصال بمجتمعه من أجل خدمته عند رجوعه الى بلده ؟

أجاب سماحته:
بالنسبة الى النقطة الأولى : أنتم أوفر خبرة مني ، والتصاقا بمختلف العلماء ، اتصالا أشد ، وتعرفون لا شك أن أناسا مشاهيرهنا تعرفون قيمتهم وتعرفون دقتهم ووزنهم ، لا أريد أن أذكر أسماء بالتحديد.

النقطة الثانية : أنا في ما توفر لي من حديث سابق هنا كنت حريصا على أن ألفت نظر اخواني الأعزاء الى أنهم جاءوا هنا ابتداء ، جاءوا هنا أولا وبالذات ليبنوا أنفسهم علميا ، وهذا يتطلب أن لا تشغلهم أخبار الساحة واهتماماتها اليومية عن طلب الدرس والايغال فيه ، لكن ليس الى الحد الذي يجعلهم وراء جدران المجتمع لا يسمعون ولايرون ولايحسون بمعاناة المجتمع ، بأحداثه وبتشابكاته ، وبمدارسه وخطوطه ، فان ذلك تضحيل ، تجهيل .. تضحيل للطالب ، فحيث لا يكون رجل واقعي لن يستطيع أن يكون رجل واقعه ، وسيحمل علما من غير أن يعرف زمانه ، ومن غير أن يعرف مكانه ، وهذا طبعا لا يحسنه ، فتوجد نصف ساعة لقراءة الاقتصاد ، في أخبار الساحة العالمية ، الساحة المحلية التي سنتعامل معها بدرجة أكبر، معرفة أمهات المسائل ، أمهات الخطوط ، أمهات المشاكل، الوقوف في المعترك بالمقدار المستطاع ، المشاركة في معركة الأحوال الشخصية – مثلا – في معركة رواتب أئمة الجماعة والجمعة ، وما الى ذلك من أحداث مؤثرة تأثيرا كبيرا على حاضر الساحة ومستقبلها ؛ بهذا المقدار طبعا سيتركز الهم العملي والهم الرسالي ، وستزداد رقعة الوعي في داخل نفس الطالب من غير أن يتخلى عن درسه أو يخفف من سيرته العلمية .


سؤال (3) : سماحة الشيخ .. من خلال تجاربكم الشخصية : ماهي أهم العقبات التي واجهتكم في سبيل بناء علاقات طيبة مع بقية العلماء ؟!

فأجاب سماحته :
طبيعي ، العلاقات مع العلماء سواءاً كان طرف آخر ، أو من طرف المتحدث أو ما الى ذلك ، لا يفكر بأطارها بأن تأتي على درجة واحدة وبقوة واحدة ، لاشك أن كلا منا هو صناعة تاريخ معين ، ومعايشة معينة ، ومزاج طبعي ، وطبيعة خاصة وما الى ذلك ، فكلما صار تقارب في مجموع الذات الفطري والاكتسابي كلما كان التفاهم طبعا أكثر وكلما كان اللقاء أسهل .

وقد تلقى صاحبك الذي تنشده خمسين سنة .. قد تلقاه في عشرة أيام يعني : عشرة ، عشرة أيام قد تكتشف لك أن هذا هو صاحبك ، وقد يطول العمر مع شخص لا تستطيع أن تؤمن بأنه رفيقك لتقف على طول الخط .. فلا يطلب علاقة طبعا متينة وشديدة وبدرجة واحدة . قناعات مشتركة ، ورؤى مشتركة ، وتقديرات شبه مشتركة . طبعا ، ما في شخصية تكون طبق الأصل ومساوية للشخصية الأخرى . هذا – طبعا – ما موجود . ولكن ، تفاوتات … أدنى طبعا ، تبعد جدا ، ومرة تضيق شقتها . هذا طبعاً انشاء علاقات من هذا النوع سهل بنائه في العلاقات مع المباين بدرجة ملحوظة .. هو أكبر مني ، هو أعلم مني ، وأجرأ مني والى آخره . انا في بناء علاقة معه يعني ـ طبعا – أحتاج الى مقاومة نفسية وتجربة نفسية .

هذا فلان ـ دعونا نتكلم عن الطبيعة البشرية ـ فلان ما تتصادم مصالحه الشخصية مع مصالحي الشخصية ، لايهمني ، ممكن أن يظهر…. قبل أن أكون متدينا ، وقبل أن أحس بمسؤولية الانسان المسلم ، فلان لو نمى وعلا وما الى ذلك .. مصالحه ما تتعارض مع مصلحة طبيب ، لا تجدون حزازات كبيرة بين طبيب وعالم ، وبين طبيب ومهندس ، لكن يمكن أن تجدوا منا فسة شديدة بين طبيب وطبيب ، وتصغير هذا الطبيب لذاك الطبيب .. وتصغير ذاك الطبيب لهذا الطبيب. مشكلة عمل العالم ، مشكلة أن نتصارع – انني الآن لا أتكلم عن شخصية ، فقط أنا بشر لكن فرض سؤال ـ أتصارع مع من ؟؟!! أتصارع على العيادة أو أتصارع مع المسجد ؟ مع العلماء ؟ مع حرب عيادات أم مع حرب مساجد ؟؟؟!!!

طبعا أتصارع مع أصحاب المساجد ، علماء ، وخاصة اذا كنت أرى من نفسي أني أستطيع أن أنافسهم ، هؤلاء أحد الأشخاص ، طبيعي أن يعني قد تجد تحديات في هذا المجال . كم تملك نفسك ؟

يمكن تكون الطرف المنافس (بكسر الفاء) ويمكن أن تكون الطرف المنافس (بفتح الفاء) يمكن أن تكون النافس ـ بالكسر- .. كم تعتز أنت بهذا المسجد ؟ ومن أي منطلق أنت تعتز به ؟! وكم تملك ثقة في الله عزوجل ؟ وهل الارتباط بهذا المسجد للدنيا والآخرة ؟ فيكون هنا تأتي مسألة من يملك نفسه أو لا يملك نفسه ؟!

التنازل .. يعني مطلوب مني أن أتنازل لخلق علاقة ، لكن لازم أن أدخل في حساباتك ان كنت مؤمنا .. ان كنتُ دنيويا فسأدخل في حسابات ، وان كنت أخرويا فسأدخل في حسابات أيضا . ان كنت دنيويا سأحسب .. العلاقة هذه تنفعني في دنياي ، لو ما تنفعني ؟ على الأقل تضرني أو ما تضرني ؟! ان لم تضرني فسأدخل.

أيضا ان كنت أحمل شيئا من حس الآخرة ، ومن حس مصلحة الدين سأدخل في حسابات أيضا..!!

كم سيربح الدين من علاقة مع العالم الفلاني ، ومن تنازلي للعالم الفلاني . وهذه محنة ، أن النفس دائما تري أن التنازل ليس في مصلحة الدين ، فكم عندك من دقة في النظر؟ وكم عندك من ضبط النفس؟ وكم عندك من دقة المفهوم؟
على كل حال هذا وزن يختلف ، ولكن فقط مطلوب مني حتى أتنازل للعالم الثاني، أن أؤمن عدم ردي على شتمه ، لأن عدم ردي على تسقيطه ، لأن عدم ردي على مهاتراته فيه مصلحة. علينا أن نحاول دائما أن نصل الى رؤية موضوعية في هذا المجال ، والله العاصم .

نقطة أتعرض اليها هنا : وهوالضغط الاجتماعي ، الضغط الاجتماعي دائما يأخذ في وحدة الطلاب والعلماء .. الموجود أربعمائة عالم وطالب .. خمسمائة ألف .. لابد أن يكونوا صفا واحدا ولابد أن يُدعَوا الى كل اجتماع ، ولابد أن يُشرَكوا في كل مسألة ، ولابد أن ينصهروا في عمل واحد !!

أريد أن أنبه .. أن هذا ليس عمليا مطلقا ، ليس عمليا مطلقا ، اختلاف تجارب ، قوة التجارب ،الخبرة تختلف ، المستوى العلمي يختلف ، الاهتمام يختلف ، كل هذا لا يسمح يا أخي لخلق تجمع علمائي بهذا المقدار ، لتكون كل الأراء فيه على صعيد واحد ، وليس لأحد من هؤلاء بمختلف أوزانهم تقدم رأي..!!

هذا ما سلكه أي عقلاء .. في أيّ بلد من البلدان .. في تاريخ من التواريخ ، كل الدنيا لم تصل الى هذا الحد..!!

ثم أن من طلب الدنيا في الصف العلمائي ، في الصف الطلابي ، في أي مكان هم ، صف من صفوف المجتمع فيهم من يطلب الدنيا ، فيهم من يطلب الآخرة ، فيهم من يبيح هذا الأمر يلتمس الأعذار ، ومنهم من لا يرى التماس الأعذار بكثرة لحالة التعامل مع أي مطلب من المطالب ، هذه الوضع عند الله..!!
كيف تستطيع يا أخي أن تجمع كل هذه التوجهات أو هذه التباينات وتخدم المصلحة الاسلامية ؟! غير ممكن..!!

سؤال (4) : في ظل وجود التوجهات المختلفة بين العلماء وطلبة العلوم الدينية والتي قد تصل الى درجة التباين ، وطبيعة العلاقة مع السلطان الجائر ـ مثلا ـ هل ترون أيضا ضرورة التعامل مع هؤلاء العلماء الذين يتعاطون مع السلطان الجائر؟

أجاب سماحته :
التعاطي مع الوضع الرسمي في أي بلد من البلدان ليس محظورا على الاطلاق . يعني : ليس هناك عندنا اطلاق حظر في التعامل مع الوضع الرسمي ، وقد نحتاج الى التعامل مع الوضع الرسمي ، وقد لايخدم البلد ولا استقراره ولا أمنه ولا مصلحته الدنيوية والدينية إلا لون من التعامل مع الوضع الرسمي . لكن الكلام في نوع التعامل ، ليس الكلام دائما في أصل التعامل مع الأوضاع الرسمية ، ولكن الكلام في نوع التعامل مع الأطرا ف الرسمية . وهذا التعامل يجب أن يكون دائما من خلا ل رؤية مدروسة للوضع ، وتقييمه تقييما دقيقا . ولتأتي المصيبة هنا يا أخي كثير ، وقد يكون من اشتغل لم يشتغل في يوم من الأيام إلا في الدرس والتدريس لا يقبل أن يحتكم الا الى تشخيصه المرتجل للحالة الموضوعية ، وهنا تكون كارثة ، طبيعي يعني لا شك أن تشخيصه المرتجل خالي من الخلفية الممدودة بالتجارب الحية والخبرة الميدانية ، هذا التشخيص سيأتي فجّاً ، وسيأتي منقوصا وبعبدا عن الواقعية حين يصرّ طرف من الأطراف من هذا النوع لوجهة نظره فلا تستطيع أن تتعامل معه. فعلى كل حال التعامل في بعض الأوضاع مفتوح ، ولكن يجب أن يكون من التعامل المدروس…..

حاجة الساحة أكبر من الطاقات ، حاجات الساحة متقدمة جدا ، والمنافس قوي وممدود بالطاقة البشرية ، والطاقات الأخرى ، والصف الديني من أجل أن ينهض بواجبه يحتاج الى درجة عالية من التطوير..

سؤال (5) : سماحة الشيخ .. مع موجة الفكر الحداثي ووبائه على الأمة ، مما له من مادة الانحراف على الفكرالأصيل .. هل تتصورون أن الطالب لابد له من ولوج مواجهة هذا الفكر الانحرافي ، أم عدم الدخول لما له من سلبيات كثيرة أهمها التأثير من حيث لا يشعر ، والانشغال عن طلب العلم ، فما موقفنا من مواجهة هذا الفكر سلبيا وايجابيا ، خصوصا عند رجوعنا الى البلد وانتشار هذا الفكر المنحرف ؟!

أجاب سماحته :
السباحة الذاتية مع عدم القدرة الكافية ، في بحر الفلسفة نظر .. في بحر السياسة نظر.. في بحر الثقافة الوافدة نظر . اذا لم أستطع أن أسبح سباحة ذاتية فلابد أن أسبح مستعينا ، وهذا متحتم .. لابد على الأقل فريق من الطلاب يكون تحت رعاية أستاذ قدير في استيعاب هذا اللون من الثقافة ، وهذا النوع من المطروح وذو قدرة عالية جيدة في المواجهة.. أما القراءات الشخصية فقط فقد تنجح وقد لا تنجح وقد تنفع وقد تضر.

سؤال (6) : ركزتم في الحديث عن العلاقات على مستوى أبناء البلد الواحد ، فما رأيكم في تشكيل علاقات لطلبة العلوم حديثي العهد مع غير طلبة البلد ، الطلبة من الجاليات الأخرى ؟!

أجاب سماحته :
مطلوب علاقات مع الجميع ، ولكن لاتتساوى أهمية العلاقة مع الأخوة الكرام من الأفارقة مع أهمية العلاقة بالبحرانيين ، مع أهمية العلاقة مع أخوانه البحرانيين ؛ لأن الفريق الذي سيدخل فيه عضوا عاملا ، والمؤسسة الدينية التي سيعمل من خلالها هي المؤسسة الدينية المتألفة من أعضاء بحرانيين . في الاخير فلن تغنيه علاقاته مع الأخوة اللبنانيين ، أو مع الأخوة الأفارقة ، أو قطاع من أي جالية عن علاقات متينة وتفاهم كبير مع أخوته من الطلاب البحرانين .

وجميل جدا أن نستطيع .. أن يتوفر على الوقت الكافي ، والحيوية الكافية لفتح علاقات مع مختلف الجاليات ، وهذا ممكن يكون من خلال الاشتراك في حفل من الاحتفالات .. الاشتراك في لقاءات محدودة مثلا ، في الشهر الواحد لقاء مع الجالية الفلانية .. لقاء ثاني مع جالية أخر ى ، هذا تستطيع أن تكون .. ولكن في اللقاءات المكثفة والمركزة يجب أن تكون في اطار الأخوة الذين سيعملون في المستقبل في البلد الواحد . طبيعي يختلف ، يعني الآن موجود الأخوة من الطلاب الأفارقة وموجود أخوة من طلاب من المنطقة الشرقية ، من الخليج .. وأيضا تختلف هنا الدرجة . نحتاج الى علاقات مع طلاب خليجيين أكثر من حاجتنا الى علاقات مع طلاب من الأفارقة .

سؤال (7) : سماحة الشيخ .. ماهو تقييمكم لعلاقة العلماء حاليا في بلدنا البحرين ؟ واذا لم تكن بالشكل المطلوب .. ما هو السبيل الى ايجاد حالة أحسن وعلاقة أقوى ، وهل ذلك ممكن أولا ؟

أجاب سماحته :
ممكن .. والممكن بّينتهُ الى أي حد ممكن ، والى أي حد غير ممكن .. يعتمد على درجة العلاقة والمسؤول عنه . مرة العلاقة علاقة مودة عامة والحفاظ على الروح الأخلاقية بين العلماء ، وحسن الظن وما الى ذلك ، هذه علاقة تتسع للكثير .. علاقة العمل المتحد ، علاقة الفريق الواحد الذي يريد أن يرسم الدرب مستقبلا ، هذا طبعا يحتاج الى خصوصيات مشتركة أفضل .

وأما .. ما هو السبيل الى ايجاد حالة أحسن وعلاقة أقوى ؟

واضح هذا كلما ارتفعنا علما واعيا ، وبنينا أنفسنا ايمانيا فتقاربنا وعايشنا المجتمع ، وخلصنا من الأنانيات كلما طبعا أمكن خلق علاقات . الوقت قد…. هو جميل جدا أن تكون زيارات متبادلة بين العلماء داخل اطارهم الواحد ، وبين العلماء الأخرين من أجل أن تتمتّن العلاقات . لكن قد يشحّ الوقت وتشحّ الفرص الزمنية بالنسبة الى ما تؤمن به من لقاءات تخدم المصلحة الاسلامية .

سؤال (8) : عندما يتحول النقد الى مؤسسات الحركات الاسلامية .. الى نقد أصل الجمعية والهيئة مما يضعف . والسؤال : تحديد مساحة الانحراف – ان وجد- كيف يتم تحديده ؟

أجاب سماحته :
واضح ، ننظر دائما الى المقاس والى المقاس عليه ، وضع المقاس ما هو؟ والمقاس عليه الذي هو الاسلام ، والمقاس عليه ما تشخصه المصلحة العامة للاسلام والمسلمين .. والمقاس هو الجمعية بمختلف أوضاعها ، قربها من المصلحة أو عدم قربها ، قربها من الاسلام أو عدم قربها ، قد تختلف فيه الأنظار طبيعي .

سؤال (9) : شيخنا الجليل .. اننا نرى أن هناك دعوات ملحة بل عمل دؤوب على توحيد الساحة على مستوى الطوائف الاسلامية ولم شمل المسلمين لمواجهة التحديات المختلفة ، لكن في المقابل ان هناك تجاهل كبير وقطيعة كبيرة في صفنا الواحد نحن أبناء الطائفة الواحدة ! وفي ساحتنا البحرانية .. أليس الأولى والأجدر توحيد صفوفنا الداخلية ولملمة شملها لكي تثمر الوحدة على مستوى الطوائف الاسلامية ؟

أجاب سماحته :
هناك ممكن وطموح .. أو طموح ممكن .. وطموح غير ممكن . هناك شيئ ممكن ،، وموجود أمنية . الأمنية أن يتوحّد المسلمون من أقصاها الى أدناها ، من أقصى الأرض الى أقصى …. هذه الأمور طموح ، ولكن هل ممكن ؟ !

اذن له شروطه وأساسياته المفهومة ، هناك طموح أن علماء أي بلد يتحدون اتحادا كاملا ويتلاقوا ويتصافحوا .. عطني أي بلد من البلدان في سابق الدنيا وفي حاضرها أن اتحدت أي فئة من فئاتها الاتحاد الكامل بلا تباينات واختلاف وجهات نظر ، بلا تنافسات ، ليس موجود..!!

نحن علينا ان لا نطلب المستحيل ، علينا أن نطلب الممكن ، علينا ان نطلب بناء صف علمائي بأكبر درجة ممكنة ، وخلق تيار علمائي متجه الى الله سبحانه و تعالى . هذا التيار العلمائي نعمل على ألا يهمل أي عالم ممكن أن يدخل في هذا التيار .. وأما علينا أن نلتقط كل ساقط ، وكل كفوء وغيركفؤ ، وكل مخلص وغير مخلص ، هذا غير ممكن ..!!

سؤال (10) : ماهي نظرتكم الى طلبة العلوم الدينية في البحرين على مستوى الكم والكيف . بمعنى : هل هناك كم فائض من الطلبة ؟

أجاب سماحته :
قبل أن انظر الى الكم ، يعني : فائض أو غير فائض .. وهو في نظري لو وجدت المشاريع الاسلامية في البلد على الأرض وانتظم أمر الطلاب وعلماء البلد وكان هؤلاء الطلاب أصحاب كفاءة ولو على اختلاف الكفاءات انا أجد لحد الآن العدد غير متجاوز .. نحتاج الى الكاتب في الصحيفة ، الى الأستاذ الكفوء ، الى مدير الصحيفة ، الى أستاذ في الجامعة ، الى معلم الصلاة ، معلم الرسالة العملية ، نحتاج الي طالب يعلم الرسالة العملية ولايبقي لنا امرأة تجهل باب الحيض ، ولا يبقي لنا رجلا لا يعرف كيف يتوضأ ، كيف لنا أن نهمل الوضوء الصحيح ؟ والحاجة الى الوضوء الصحيح ؟! كيف لنا أن نهمل الحاجة الى الصلاة الصحيحة ؟ ومن هو الذي يقوم بهذا العمل ؟

يعني : اذا استطعنا أن ننظم أمرنا ، بمعنى أن نجمع هذه الباقات ، ونوفر لها الفرص الكافية والامداد الكافي ، نطلب الاخلاص في الحقيقة . ولا أطلب شخصيا ـ في ما أراه ـ أطلب وأكتفي بشخص متوفر على فهم الرسالة العملية ولو نصفها ، وملتزم يوميا بأداء دور في هذا المجال ، يدرّس في مسجد ‘ مسجدين ، ثلاثة مساجد في قريته.. يدرس ، تدريس الفقه ، يصحح الأعمال العبادية ، وسيربط الناس بالدين والاهتمام الديني ..

نحن مصيبتنا هو هذا الآن ، مصيبتنا أننا تخلينا عن السؤال عن الحلال والحرام ، ما يجوز وما لا يجوز، لو رُبط المجتمع المسلم بسؤال : هذا حلال أو حرام ؟ هذا جائز أو غير جائز ؟ لكفينا شرا عظيما .. ومعركتنا مع الغرب هي هذه . ولو عرف أن هذا جائزٌ فعل ، واذا عرف أن هذا حرام لم يفعل .. سيكتفي .

لا أ قول ، العدد هذا ـ يعني لو حصلنا على الوضع المناسب ، وبنينا أنفسنا ونظمنا أمرنا ، العدد المخلص من هذا العدد الذي يحمل بعض الكفاءة ، الذي يستطيع أن يسدّ ثغرة من ثغرات الساحة ـ من هذا العدد كله نحتاجه ، كله نحتاجه .

الذي مستعد أن يتعلم صحافة ، مستعد أن يقبل وظيفة من الوظائف الدينية ويمارسها بكفائة ويستطيع أن يمارس بكفائة جيد . لكن قبل النظر الى العدد ، أنني أنظر التدفق الكيفي اللامسؤول على الحوزات ، وكون الحوزة مفتوحة بلا حدود وبلا قيود في قم ، في النجف ، وفي البحرين .. هذا مضر جداً .. هذا مضر جداً يا أخي يكلف الطالب غير الكفؤ طبيعياً الذي لا يمتلك قدرة طبيعية للدراسة من ناحية نفسية ، من ناحية فكرية ، الى أي ناحية من النواحي ..

على الاقل يتطلب ويتطلع اليه من يتوفر على أكبر الكفاءات . والفلس الواحد من حق الإمام لابد أن يقسمّ بين الاثنين بين من ينفع الإسلام وبين من لا ينفع الإسلام ، وبين من ينفع الإسلام ويضره .. اذا لازم العمامة يطالب أن ينتفع بحق الإمام ( عليه السلام ) وهو مضر بالإسلام . هو يطالب ، كما يطالب أن يساوى بينه وبين الطالب الذي يعطي كل عمره .. أنا كيف أتخلص من هذا المأزق ؟ بأن أفرض رقابة خلقية نفسية ، يعني يُدرس خلقياً نفسياً .. فيه كفاءات الطالب .
أنت تريد تحمّل أمانة الدين ، أمانة صناعة مجتمع ، أمانة ، تريد تحمله أن يكون قدوة ، هو في بيته ما يستطيع أن يكون قدوة !! يهدم بيت ، تريد طالب هو أسقط عنصر في بيته يسمح لدخول الحوزة يا إخوان ؟! أسقط واحد في صفه تخليه يدخل الحوزة يا إخوان ؟! أطمع من في الدنيا ، في مال ، تخليه يدخل الحوزة يا إخوان ؟! هذا تخليه فقيه في الركن الأول ؟! هذا سيهدم دين ، هذا تشتريه أمريكا أو ما تشتريه ؟؟ المأساة عندنا في فتح أبواب الحوزات على مصراعيها ، مايصير.

سؤال (11) : هل تؤيدون دخول زي العمامة الى الجامعة . دراسة أو تدريساً في المواد الاسلامية أو غيرها ؟

أجاب سماحته :
الجامعات تختلف ، اذا دخول المدرس سيهتك ، بمعنى العمامة سيهتكها .. طبعاً حرام . وإذا كان لا يهتك ، فهو ينفع . وهذا التشخيص طبعاً يرجع الى دراسة الحالة الموضوعية ، وحين يكون جو الجامعة جواً متفسخاً وجواً متساهلاً يتعرض فيه المدرس الى ارتكاب محرمات .. للعين زناها ، أليس للعين زنا ؟ أليس للأذن زنا ؟ كما العين والاذن تزني واليد تزني ، هذا ما يصير كلنا نسقط من الحساب ! فإذا كان في جامعة من الجامعات افرض فيما كان في الوضع السابق لا أدري موجود لو لا ، اذا كان نصف الفخد بارز ، بنات نصف الفخد بارز ، ونصف الصدر بارز ، وهذه عمامة ، ماذا ترى في هذا ؟ فيه هتك للعمامة أم لا ؟! شخصي . اذا وجدت حالة من هذا النوع يختلف .

سؤال (12) : سماحة الشيخ ، هل تؤيدون فكرة التبليغ الى الدول النائية والمحتاجة الى المبلغين بعد توفر الشروط على حساب التبليغ في البلد . وبعبارة أخرى هل أهمية التبليغ في البلد أهم من غيرها من البلدان . فإن كان نعم فلا نرى الدعوة الى ذلك ؟

أجاب سماحته :
في الوضع الحالي ، في العدد الموجود في البحرين ، قلت لكم لو انتظم الأمر، البحرين يمكن أن تستوعب ثلاثمائة على صغرها ، تستوعب ويدخل في الهم كمسلمين ، ويدخل في المصلحة للإسلام أن تشارك البحرين ، وتشارك القطيف ، وتشارك البلدان الأخرى في التبليغ عالمياً على المستوى العالمي . وتعطي إسهاما ملحوظاً في هذا الجانب . وهذا حل من حلول كثرة الطلاب ـ اذا سلمنا بها الآن وأن الطلاب أكثر من الحاجة ـ هذا حل من حلول هذه الكثرة .. بدل التنافس على مسجد صغير في قرية معينة .

ان وجدت الامكانات ووجدت الظروف وليس كل الظروف باليد دائماً ، ممكن طبعاً أن تُرسل أعداد تبليغية الى الخارج ، تُبعث أعداد تبليغية الى الخارج من طلاب البحرين .


سؤال (13) : ان الاطروحة التي طرحتموها من أهم الأمور، لكن المشكلة في مرحلة التفعيل العملي .. أرجو منكم الطلب من بعض الشخصيات التي تتصل بنا للعمل على تفعيل هذا الأمر ..
والسؤال : هاهو يقبل علينا شهر رمضان المبارك فما هي نصيحتكم لطلبة العلم في مسألة البرنامج في هذا الشهر الكريم ؟

أجاب سماحته :
في قم طبعاً عندكم البرنامج السنوي وكل ما عليكم أن تعملوا ـ بلا وصية ـ ومشروع انتم مدفوعون في هذا الاتجاه ، اتجاه التطوير الذاتي .
طبيعي ، التطوير الذاتي والتنقية الدائمة والعمل على التوفر على رؤية مدروسة في المسائل العملية المطروحة ، خلافات الساحة ، وما الى ذلك .. تمتلكون فيها رؤية مدروسة وموضوعية ويمكن أن تنفعوا بها الآخرين في الداخل .

سؤال (14) : سماحة الشيخ .. ماهي التحديات التي ترونها في الساحة والتي يجب على عاتق العلماء مواجهتها في المستقبل ؟

أجاب سماحته :
تحديات محسوسة ، ملموسة ، صارخة تدل على نفسها .. الفكر الإسلامي متحدى ، المصلحة الاسلامية متحداة ، الأخلاقية الاسلامية متحداة ، وحدة الصف الداخلي متحداة ، وحدة الصف الإسلامي أقصد بها الداخلي السني الشيعي متحداة.. كل هذه تحديات .

طبعا في الموضات الوافدة الواردة تحدي ، الموضات .. هذه موضات لباس ، موضات عادات . بمختلف المناهج .. في الأعراس ، في الأفراح ، في الأحزان في كل شيئ .

طبعا في حالة تغريب ثقافي مصممة ومخطط لها وتملك من الطاقات ما تمتلك . كل هذه تحديات يا أخي ، في بيتك لا تحتاج أن تنفتح .. قبل أن تنفتح على تحديات المجتمع الواسع .. في داخل بيتك تحدي .. ستجد التحدي الغربي ، والتحدي الجاهلي واصل الى بنتك ، واصل الى زوجتك ، واصل الى ترتيبات بيتك ، وأثاث بيتك .. هذا التحدي واصل الى كل هذا الحد .. الى نفسك ، الى ما يتطلبه عائلتك من نوع مطعم ومشرب ، ومن نوع ملبس ، ومن تعامل مع تلفزيون مفتوح أو غير مفتوح ، أو ما الى ذلك ، هذه كلها تحديات وتحتاج الى علاج .

سؤال (15) : يتلقى بعض الطلبة في البحرين دعوات للمشاركة للإلقاء والمحاضرات في مدارس البنات الإعدادية والثانوية والمعاهد ، مع ما هنالك من سفور وبعض التفسخ . فما هي توجيهاتكم الى هؤلاء الطلبة خصوصا مع تحرك الجانب الوهابي في هذا المجال ؟

أجاب سماحته :
بعد التخلص من ألوان الهتك الذي مر ، يبقى الشخص وتقليده ، يراجع تقليده ومقلده في ما يجوز فيه مطالعة وجوه النساء وما الى ذلك.

وقلت لكم قصة قضية الهتك بالعنوان الثاني ، وتشخيصه ، يمكن مدرسة تختلف عن مدرسة ، جو مدرسة يختلف عن جو مدرسة ، مدرسة – مثلا ـ في مكان معين من البحرين تختلف عن مدرسة في مكان آخر ، يبقى قضية رؤية الوجه وبعض . هذا راجع طبعا الى التقليد ، يستطيع أن يغض بصره ، يكتفي بغض الطرف .

سؤال (16) : سماحة الشيخ ..ما هو تقييمكم لحال النساء في البحرين بشكل عام . وبشكل خاص .. فعلى المستوى العام مدى إطلاع شاباتنا على الثقافة الاسلامية الصحيحة والأصيلة ، وعلى المستوى الخاص ، العاملات في الساحة الاسلامية والمتصديات في هذا الشأن ..
ماهو تقييمكم لشاباتنا ونسائنا بشكل عام على المستوى الفكري والأخلاقي ، لا سيما وكما هو معروف أنه اذا صلحت النساء في أي أمة صلحت الأمة وإذا فسدت فسدت الأمة ؟!

أجاب سماحته :
طبعا في المجتمع النسوي العام لا يختلف عن المجتمع الرجالي العام ، ما غزى المجتمع الرجالي يطرأ على المجتمع النسوي على اختلاف طبيعة الفئتين . فما أصابنا من وعي وما أصابنا من طارئ على الإسلام ، وضرر الإسلام في الصف الرجالي طبعا أصاب الصف النسائي وبشكل ملحوظ جدا ، واضح لكن توجد طبعا شريحة إسلامية ذات وعي إسلامي وهي شريحة واعية ونامية وصار من همها أن تشارك في صناعة الحدث وفي صياغة الفكر العام والوضع الاجتماعي . وهذا طبعا أمر جديد في حياة المرأة في البحرين ونأمل أن يتطور ويتقدم مع الأيام ان شاء الله ..!!


سؤال (17) : ماهي الأمور التي من شأنها أن تمنح الطالب دقة في تشخيص الموضوعات الخارجية ، هلا أرشدتمونا الى بعض الآليات التي تعطي الطالب قوة في تشخيص الوضع بدقة ؟!

أجاب سماحته :
طبعا العنصر الأول هو موهبة الله سبحانه وتعالى ، كلٌ موهوب طاقة معينة ، وأنت تتوفر على طاقات موهوبة ، وأخوك يتوفر على طاقات موهوبة ، هو يحتاج الى طاقاتك أن تسنده بطاقاتك ، وأنت تحتاج أن يسندك بطاقته ، ولن تجد كل الناس قادرين على تشخيص موضوعي واحد ودقيق ، غير ممكن .. في البيت الواحد ، حتى في الأشياء الصغيرة فضلا عن الأمور الاجتماعية ذات التعقيد والسياسية ذات التعقيد الكبير .. والمرء يكتشف ذاته طبعا ويكتشفه الآخرون .. قد يكتشف ذاته وقد يكتشفه الآخرون وهذا من خلال ـ طبعاـ من خلال معايشة الآخرين ، والاحتكاك مع الفكر الأخر ودخول الحوارات ، والإطلاع على الخلاف ، والوقوف عنده بالتأمل وبالتحديد .. قد يقوم بهذه الممارسة لا يكتشف أنه قدر على لا يأخذ ولا يكتشف الآخرون مشروع إنسان قادر على التحليل الدقيق ، وقد يكتشف فيه مبكرا ، يكتشف فيه الآخرون أو يكتشف من نفسه هو بشكل مبكر أن له هذه القدرة .. وقد يبتدأ من أوضاع بيته ، ومن أوضاع محلته ، ثم يتسع أفقه الى أوضاع مجتمعه المحلي أو المجتمع الأوسط .

زر الذهاب إلى الأعلى