الامام القائم ودعوى السفارات الباطلة (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه مجموعةٌ من الأسئلة حول ما يُدَّعى من سفارة هذا الشخص أو ذاك في هذا الزمن عن الإمام القائم (عج)، أو تلقِّي الأحكام، والأوامر من إمامٍ من أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) ممن انتقلوا إلى جوار الله ورضوانه، ومن ذلك ما جرى من هذه الدعاوى في البحرين ويجري، مع الإجابة المختصرة عليها:

  1. ما هو المضمون لهذه السَّفارات؟

ملخَّص مضمونها على لسان من يدَّعيها: أنَّ هذا المدَّعي أو ذاك يتلقَّى الأحكام والأوامر من الإمام (عليه السلام) مباشرةً أو عبر النائب الثالث –وهو الحسين بن روح- بعد التقائه بالإمام القائم (عجَّل الله فرجه)، وتقليده إياه موقع النيابة الخاصَّة عنه في نقل الأحكام الشرعية، والأوامر الحكوميّة التنفيذية لشيعته، وإجراء هذه الأوامر فيهم بحكم نيابة النائب عن الإمام (عليه السلام)، وشرعية هذا الحكم التابعة لشرعية حكم الإمام (عليه السلام) نفسه.

وتجمع هذه الدعاوى لأصحابها على أن ما يأتي به النائب، أو باب المولى من حكم، أو أمر حكومي تنفيذي لا قيمة لأيِّ حكمٍ شرعيٍّ أو أمرٍ تنفيذيٍّ يأتي معارِضًا له من أيِّ فقيهٍ ومرجعٍ وحاكمٍ شرعيٍّ -كان من كان- من فقهاء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).
وكلّ الحقوق الثابتة لفقهاء الغيبة والوظائف المناطة بهم، الصلاحيات المعطاة لهم هو أولى بها ولا لأحد شيء من ذلك إلا بإذنه. ولا موقع لاجتهاد المجتهدين في مجال الشريعة، بينما الرأي الفقهي الواقعي يصلهم من الإمام المعصوم (عليه السلام) عن طريق باب المولى الذي أقامه حجةً بينه وبين شيعته، وأرجعهم إليه، فلا حجّة بعد هذا لأحدٍ في التخلُّف عنه، والتساهل في طاعته. وما كان نصبُه حجّة له على عموم الشيعة ليتخلّف عن الأخذ بكلامه متخلِّف.
والفقهاءُ وكلاءٌ عامُّون لا يأتي دورهم إلا حين لا يكون الإمام ظاهرًا، ولا يوجد مكانه نائب خاص نصَّ عليه بنفسه واختاره عينًا بشخصه.

وهذا المدَّعي للنيابة قد حَظي بالتعيين لهذا المنصب من الإمام عليه السلام بصورة مباشرة، وباسمه الخاص؛ لامتيازات يعلمها الإمام، واختيار الإمام لا يُخطئ.
والنيابة بهذه السعة والقدسيّة تطلق يد النائب في أمر الدِّين والدنيا للناس.
ولا يرتفع شيء من صلاحياته الواسعة، وليس لأحدٍ الاعتراض عليه إلا أن يثبت عزله من قبل الإمام نفسه.
ومن أين للناس أن يصلوا إلى عزل الإمام عليه السلام لهذا النائب إلا أن يخبرهم هذا النائب نفسه عن عزله من قبل الإمام عليه السلام لكنّ بُعد ما بين النائب المدَّعي وبين هذا الاعتراف منه أبعد مما بين السماء والأرض، وخاصة بعد كثرة الأتباع وتحقق الأماني الدنيوية العريضة من عطاءات هذا المنصب.

وأمرٌ بهذا الحجم من النتائج التخريبية خطير كل الخطر وأوسع الخطر على الإسلام والمؤمنين، ويحوّل أمر الدين وأهله إلى ألعوبة بيد من لا يتّقى الله، ولا يرعى حرمة من حرماته لو لم يكن من إليه ليس بحجمه.

إنّها نيابة لو كانت لمن ليس بوزنها فهمًا وعلمًا وتقوىً وحكمةً وسدادًا لكانت أبطش بالدِّين والأمة من داعش لمكان قداستها المتميِّزة التي يدَّعيها صاحبها لنفسه وفي ذلك الطامة الكبرى.

ويأتي إن شاء الله السؤال الثاني وجوابه.

5 مارس 2020م

زر الذهاب إلى الأعلى