آية الله قاسم يُشيِّد مباني “المنهج الأساس” للإسلامِ المقاومِ في البحرين: الإسلامُ يعني المقاومةَ وبناءَ الاقتدار
* للطليعة : أحمد العصفور
تَزيدُ القناعةُ سنةً بعد سنة، وتُثْبِتُ التطوراتُ السياسيَّةُ المتلاحقةُ حاجةَ شعبِ البحرين إلى إسلامه الأصيل، مثل متراسٍ لابد أن يقف من خلفه، ليحميَ نفسَه ودينَه وقيمَه من الموت تحت ضربات العدوّ، التي ما فتئت توجّه رصاصها بشكلٍ متوالٍ، حتى عندما تطفو على السطح دعوات التهدئة، التي تقرأها بشكلٍ متعجرفٍ كالمعتاد، على أنّها دعوات ضعف، وتباشير ترنُّح الجبهة المُستهدَفة!
وإلى ما قبل تطبيع نظام البحرين مع الكيان الصهيونيّ في العام 2020، فإنّ قناعة المواجهة والرفض، لم تكن قد تشكّلت لدى البعض، ممن لم يحسموا قراءاتهم السياسية بعد، لكنّها اليوم بلا سند سياسيٍّ معتبرٍ، أمام ارتماء السلطة في أحضان الصهاينة، واشتداد ضرباتها السياسيّة، الثقافيّة، والاقتصاديّة لشعب البحرين المؤمن.
وقد يكثرُ الجدلُ حول مسوّغات المقاومة، إلا أنّها اليوم، وفي ظل ظروف معروفة للقاصي والداني، أكثر بكثير من مسوّغات التراجع والانهزام، لأنّ العدوّ لم يترك مبرراً للنوايا الحسنة، والتي هي أقرب إلى السذاجة السياسية، فكلّ ما يجري على الساحة المحلية، هو مبررٌ كافٍ للانطلاق في المزيد من التدافع مع السلطة.
لذلك، وفي ظلّ تحديات ضخمة، ومسؤوليات كبرى، يضعُ سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم لبنات الإسلام المقاوِم في البحرين، ويبلور للحالة الإسلاميَّة في البلاد متطلبات المرحلة، وأنّ هذا الوقت هو وقت العمل لا الاسترخاء، البناء لا التوقّف، التضحية لا الاستسلام، الفداء لا التواري، وأنّ الشعور بالأمان في الوقت الذي تتحرك فيه الجبهة المعادية من أجل الإجهاز على الوجود الإسلامي بدعمٍ من أعداء الأمة والاستكبار العالمي هو شعورٌ كاذبٌ، ونوعٌ من الغفلة والبلاهة التي تورث الندامة والخسارة للدين والدنيا.
ولا تأتي هذه المنظومة الفكريّة للإسلام المقاوم في البحرين من طارئ على الساحة، أو قليل خبرة، أو لشخصٍ كثيراً ما تأخذه الحماسة، إنما من أحد مؤسسي الحركة الإسلامية المعاصرة في البلاد، وقد خَبِر الساحة لأكثر من نصف قرن، وعرف دهاليز العمل الإسلامي والسياسي طوال هذه الفترة.
“منهجٌ أساس”
وفي ذكرى لا تخفى على أحدٍ في دلالاتها وسياقاتها المحليَّة، -ذكرى انطلاق الحراك العام في البحرين-، يرسم آية الله قاسم معالمَ الإسلامِ المقاومِ، ويوضّح الطريق الطويل لقواعد المواجهة الدائمة بين الحقّ والباطل.
وتحت عنوان لا يترك مجالاً للالتواء، يؤكد الشيخ أن هذا هو “المنهج الأساس”.
الإسلامُ يعني المقاومة
وفي تركيب مفاهيمي لا يقبل الانفصال، يضع آية الله قاسم في كلمته بمناسبة ثورة فبراير “الإسلام” في ترادف مع “المقاومة” ليشير إلى أهداف الإسلام البديهية في صراعه مع الباطل/المنكر/الكفر/الشرك.
ولأنّ الإنسان جاء إلى هذه الأرض بـ”دورٍ خلافيٍّ إعماريٍّ من أجل التغيير الإيجابي”، وهو “لا يملك أن يتخلى عن مسؤوليته هذه تحت أيّ ظرفٍ من الظروف” فإنّ عليه أن يقاوم “أنْ أُسلِم أنْ أقاوم كلّ شرّ. ما دمتُ أنتمي وأخضع للكامل، الكامل لا يرضى النقص الذي يمكن سدّه، فإذن عليَّ أن أقاوم، أنا مسلم يعني أنا مقاوم” يقول الشيخ قاسم.
لا مقاومة بلا بناء
وكمن يزيح عن المفهوم سؤال الكيف، يضيء آية الله قاسم للمقاومة طريقها، “أنتَ تُقاوِمُ بقَدَر ما عندك من قدرةٍ، قوَّةِ علم،ٍ حكمةٍ، إرادةٍ، قوّةٍ بدنيّةٍ، قوّةٍ ماليّةٍ، قوّةِ سلاحٍ، إلى آخره. القوَّةُ الشاملةُ”.
ولذلك، يدعو سماحة الشيخ، مستظلّاً بمناسبةٍ سياسيةٍ مهمةٍ في تاريخ البحرين، إلى بناءِ الاقتدار أولاً، والقوّة -سواء كانت قليلة أو شاملة كما يؤكد- تحتاج إلى بناء الذات، سواء من ناحية بدنيّة أو صحيّة، أو على مستوى القوّة في الخارج، بامتلاك السّلاح والقدرة السياسيّة والحكمة والعلم.