آية الله قاسم وإيقاف التجمعات الدينية

بقلم: سماحة الشيخ غازي السماك

المتأمل في بيان سماحة آية الله قاسم المتعلق (بفايروس كورونا) يرى فيه ملامحا عامة ترسخ البعد القيادي الواعي لدى سماحته في نفوس المؤمنين وتزيدهم قناعة على قناعتهم في عمق البصيرة ووضوح الرؤية وبعد النظر والقدرة على استشراف المستقبل وقراءته بشكل يمتزج فيه الاتزان والحزم والحسم والشجاعة وبقية المميزات التي يتمتع بها آية الله قاسم.

قد يعترض البعض( بحسن نية ومن منطلق غيرته على الدين) على خيار إيقاف الفعاليات الدينية المقامة في المساجد والحسينيات، بحجة التنافي مع وجوب إقامة الصلاة وإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام.

وقد فات هذا البعض (الغيور على الدين ) بأن إيقاف التجمعات الدينية -التي تتمثل في صلوات الجماعة وإحياء مناسبات أهل البيت بشكلها الجماعي المألوف والخروج في مواكب العزاء الحاشدة- لا يعني إيقافا للصلاة الواجبة، بل هو إيقاف لأمر مستحب ( صلاة الجماعة ) في المسجد حتى لا ينتشر الفايروس السريع العدوى في ظل الانتشار العالمي لهذا الوباء، وقدرته على اختراق الحدود بين الدول البعيدة، فضلا عن المناطق القريبة في الدولة الواحدة والبلد الواحد.

وهو – أي خيار إيقاف التجمعات الدينية – لا يعني إيقاف إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام، حيث إن الدعوة لإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام لا تنحصر في الاجتماع في المآتم الحسينية المباركة ( وإن كان ذلك من أوضح مظاهر الإحياء بل أصبح شعارًا للمنتمين لمدرسة أهل البيت عليهم السلام)، إلا أن خوف الضرر المحتمل المعتد به عقلائيا على نفوس المؤمنين، وفي هذا الظرف العصيب، يحتم على العلماء ترك المستحب ( كإقامة صلاة الجماعة في المسجد أو إحياء أمر أهل البيت في المآتم والحسينيات) منعا لمحرم ( وهو تلف النفوس وتضررها) وإن كان على سبيل الاحتمال لا اليقين، حيث إن هذا الاحتمال بملاحظة المحتمل ( تلف النفوس وتضررها) يحسن عند العقلاء العمل به.

وهذا ما يحتم علينا الإصرار في المحافظة على إقامة الصلاة وإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام من خلال إيجاد بدائل (( مؤقتة)) لملئ الفراغ على مستوى التبليغ الديني من خلال عالم الفضاء الإلكتروني.

وما الخطوة التي أقدم عليها سماحة العلامة الغريفي ( حفظه الله ورعاه ) بكلمته الهادفة في الاحتفال بمولد أمير المؤمنين عليه السلام مستفيدا من الفضاء الإلكتروني، وكذا مجلس العزاء للخطيب الهادف سماحة الشيخ علي الجفيري والرادود سماحة الشيخ حسين الأكرف إلا خطوة في الاتجاه الصحيح لإيجاد بدائل مؤقتة ترتفع بارتفاع هذا الوباء عن العباد والبلاد.

حتى نعود إلى مساجدنا ومآتمنا التي ما هجرناها (( مؤقتا )) إلا من أجل العودة لها حفاظًا على نفوس المؤمنين.

حفظ الله المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها من كل سوء وبلاء.
والحمد لله رب العالمين

زر الذهاب إلى الأعلى