خطبة الجمعة (452) 16 جمادى الثاني 1432هـ – 20 مايو 2011م

مواضيع الخطبة:

الخطبة الأولى: حفظ القرآن عن التحريف

الخطبة الثانية: خطاب ثابت.

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي نزّل الذّكرَ الحكيم، وجَعَلَه هُدى للمهتدين، ورحمة للعالمين، ومِعراجاً للطالبين، وفوزاً للمتّقين، وصانه من كلّ شيطان رجيم، ومن أيدي العابثين، وهوى المبطلين، وضلال الضّالّين، وقَرَنَه بأئمةِ هدىً عالِمين، خبيرين بكنوزه، مطّلعين على أسراره، أُمناء على أحكامه، لا يُخطِئهم فهمُه، ولا يُفارقون حكمَه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا شبيه يشاكله أو يقاربه، ولا ظهير يُعاضده، وهو الغنيّ الحميد، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله جاهد في الله حقّ الجهاد، وصَدَقَ في طاعته، وأخلص في العبودية له، وما تَبَاطَأَ عن أمره استثقالاً، وما توانى إهمالاً. اللهم صلّ عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي المقصّرة بتقوى الله، وأن نطلب الرّشد من دينه، والسّداد باتباع رسله وأوليائه، وأن لا نتّخذ من دون أوليائه أولياء، ولا من دون كتابه مرجِعا، ولا من دون منهجه منهجاً. ولا يكن لنا ميزانٌ غير ميزان عدله، ولا مقياس غير مقياس شريعته، ولا مبتغىً لا يكون فيه رضاه.
اللهم صلّ على البشير النذير حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم، وأعذنا من أن يكون لنا مَيلٌ عمّا فيه رضاك، أو رغبةٌ في ما فيه سخطك، واجعل قلوبنا موقوفة على حبّك، وحبّ من تُحبّ، مُبغِضَة لمن تبغض، لا تستوحش في طريقك من قِلّة، ولا تأنس من كثرة، ولا يعتريها فتور، ولا يمسُّها لغوب.
أما بعد أيها الإخوة المؤمنون والمؤمنات الأعزَّاء فهذا حديث في حفظ القرآن الكريم عن التحريف:
ما سَبَقَ القرآن الكريم من كتب سماوية إمَّا أنّه صار إلى تَلَفِ، ولفّه الضياع، أو أُصيب بتحريف واسع خرج به عن حقيقته، وبقي القرآن الكريم، وهو معجزة الإسلام الكبرى الخالدة، مُثبِتاً لصدق نبوّة الرسول الخاتم ورسالته وعظمة الإسلام، ومثبتاً كذلك لكل النبوّات التي اعترف بها وأشار إليها بالرضا قبله، والتي لم يبق ما هو مثبت لصدقها دونه. وهناك قضية مسلّمة بين أهل هذا الدّين وغيرهم وهي أنَّ القرآن لم يُستبدل في أصله إلى كتاب آخر سماوي أو من وضع البشر، ولم يجر عليه تحريف أخرجه من أصل حقيقته إلى حقيقة أخرى مباينة(1).
وهناك أمر آخر من الزيادة أو النقيصة على مستوى الجملة أو الآية، أو التغيير فيهما أو في كلمة أو إعراب مما لا يقلب حقائق الكتاب، ولا يطمس معالمه، ولا يؤثِّر على هداه، ويُبدِّل موازينه، ويُشوِّه مؤدّاه.
وهذا ما يلازم شيء منه القول باختلاف القراءات، ولا يضرُّ بمرجعية الكتاب، وحقّانيّته وقيادته، ولا يمسّ هداه ولا نورانيته.
وهناك أحاديث ورواياتٌ عند أكثر من مذهب قد تُحمل على ضياع شيء من نصوص الكتاب أو تغيير يُغيّب بعض الحقائق، ويؤثّر على بعض السّياقات مما يضطرب معه فهمُ شيء من القرآن. ولا قول عندنا بأيّ زيادة مؤثِّرة في كتاب الله العظيم.
وهذه الرّوايات صحيحها قليل، ومفاد هذا الصحيح منها بعيد في مضمونه عن مسألة التحريف في نصّ الكتاب، وإنما يتناول شرحاً للمُراد على مستوى التفسير أو التأويل، أو سبباً من أسباب النزول لهذه أو تلك الآية.
ولماذا تكثر المراسيل والأخبار الضعيفة، ولماذا يخصُّ المعصومون عليهم السّلام، والمصادر الرئيسة في المذاهب الأخرى خصوص الضُّعفاء والمجهولين وغير الموثوقين بالأخبار في هذه القضية المهمة؟!(2).
إنَّ تراكم الروايات الضعيفة في قضية مهمة دون مشاركة الموثوقين والعدول مع تساوي الفرص لتلقّي هذه الأخبار من مصادرها الأصلية بَدَلَ أن يرفع من قيمة هذه الأخبار يُضعِفها في النظر الدقيق(3). وهل يعقل أن تخص المصادر الإسلامية المأمونة بإخباراتها في قضية من قضايا الدين المهمة الكبرى خصوص الضعفاء والمجهولين والمتّهمين؟!.
ويدلُّ على صون الكتاب الكريم من التحريف عدد من الأمور:.
1. أن التحدّي بكلِّ سورة من سور القرآن الكريم لا زال قائماً ومُفحِماً لكل من يريد أن يواجه هذا التحدّي بالتحدّي.
2. عدم التخلف في الصدق لقوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(4) فالقرآن الكريم محتفظ تماماً بكونه ذِكْراً لله سبحانه بما يليق به من ذِكْر، وكونه كتاب توحيد خالص(5)، وعدل تام، وهدى كامل، ونور جليّ، ورحمة واسعة، وصدقٍ وجدٍّ، وبناء صالح، وإعمار للعقول والأرواح والنفوس والحياة، وخُلُقٍ رفيع عظيم، وقيم إلاهية عالية، وفِكْرِ نيّر لا خلل فيه، وحكمة بالغة لا قصور فيها.
وكذلك لا تخلُّف في قوله تعالى {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ …}(6) فقد بقي القرآن ذِكْراً خالصاً حقّاً، وكتاب حقٍّ لا يُشركه باطل أبداً.
بقي القرآن الكريم كما هو من أوّل يوم لا يخالط عدلَه ظلم(7)، ولا علمَه جهل، ولا توحيدَه شِرك(8)، ولا نزاهته عصبية أرضية، ولا أثر فيه للطاغوتية، ولا تجد فيه شيئاً من الانحدار الخُلُقي، ولا مكان فيه لهوى، ولا إساءةٍ لنبيٍّ من أنبياء الله، ولا تمسُّه خرافة، ولا وَهْمٌ ولا خيال. فكلُّ ذلك من الباطل وأيّ باطل لا تعثر على شيء منه في كتاب الله.
والكتاب الخالي من الاختلاف كتاب سماويٌّ خالٍ من التحريف، فالطبيعة البشرية لها انعكاسُها الواضح من خلال عملية التحريف التي يمارسها الإنسان بمحدوديّته وقصوره وتقلُّب نفسيّته، وما يعتريه من تحوّل المشاعر {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}(9).
إن لم يكن اختلافاً بالتهافت والتعارض والتكاذب، كان اختلافاً في مستوى الفِكر، وعُمْق النظرة، وصِدْق الرؤية، واختلافاً في المشاعر حسب المقتضيات المختلفة، والظروف المتقلّبة، التي تستتبع حالاتٍ متباينة من الانفعال، وتُثير في الإنسان اليأس والأمل، والأمن والخوف، والرضا والغضب، والعصبيةَ والميل إلى النّظرة المعتدلة، وثورة النفس وهدوءها.
لكنّك لا تجد أثراً للإنسان المتدرِّج في نُضجه الفكري، والمحكوم لمشاعره المتحوّلة في الكتاب الكريم اليوم كما كان لا يجد فيه المسلمون الأوائل هذا الإنسان. وقد دلَّت السنّة المطهّرة الثابتة على حفظ القرآن الكريم من التحريف ومرجعيّته المأمونة، وحقّانيته الدائمة بما يأتي:
1) الأوامر المتكثّرة برجوع الأُمّة إلى الكتاب الكريم في كُلّ الفِتن العارضة للتعرُّف على الحق والالتزام به، وهذا لا يتمُّ مع ممازجة الباطل لحقِّ القرآن الكريم.
2) الأوامر الواضحة بِعَرْض الأخبار الواردة عن المعصومين عليهم السلام على مُحكَم الكتاب وبيِّنه وضرب ما تعارض معه بعرض الحائط، وعدّه من الزخرف والباطل. ولا يكون الكتاب مرجعاً يُعرف به الحقّ لموافقته له، من الباطل لمخالفته معه إلا بأن يكون من الحقّ الخالص.
3) حديث الثّقلين الثابت القائل:”ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا”(10)، فلا يصون من الضلال إلا ما كان هدى خالصاً، ومن الباطل إلا ما كان حقّاً مَحضاً، ولا يطرد الظّلامَ إلاّ النور.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اهدنا بهدى القرآن، وأنقِذنا من كلّ ضلالة، وارزقنا إيماناً كاملاً صادقاً راسخاً ثابتاً دائماً بدينك وكتابك، ولا تُزِلّ لنا قدماً عن صراطك، واجعل لنا أُنساً بكتابك الكريم، ورِفقة له دائمة رِفقةَ علم وعمل ويقين برحمتك يا أرحم الراحمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}(11). 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي لم يخلُق شيئاً افتقاراً إلى خلقه، ولم يرزق أحداً طلباً لنفعه، ولم يعفُ عمّن عفى عنه رجاءً لمودّته، ولم يُمهِل من أمهل غفلة عن جرمه، أو عجزاً عن عقوبته، ولم يدعُ أحداً للإيمان استقواءاً به، أو استئناساً بإيمانه. وكيف يحتاج إلى شيء من ذلك وهو الغنيُّ وحده، والذي لا غنى، ولا قوّة، ولا خير إلا من عنده، وهو الذي لا تسكن القلوب إلا إليه، ولا تطمئنُّ النفوس إلا به؟!.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وزادهم تحية وبركة وسلاماً.
عباد الله علينا بتقوى الله، وأن لا نرجع إلى غيره في أمرٍ ولا نهي، وفي أخذٍ أو رد، أو محبّة أو بغضاء، أو رضىً أو سُخط، فلا رجوع من مسلم حقٍّ في كل أموره إلا لله وحده، وأمّا الرجوع لمن أذن الله بالرجوع إليه فهو من الرجوع إلى الله سبحانه. ولا تُنجي أحداً طاعةٌ إلا من أطاع الله، وكلّ طاعة لأحد من دونه على خلاف طاعته فهي سبيل إلى النّار.
وإنَّه لمن سوء التدبير، وسُخف العقل، وسَفَه الرّأي أن يُذلّ المرء نفسه، ويتّخذ من ذُلّه هذا طريقاً إلى النّار.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم اغفر لوالدينا وأرحامنا وقرابتنا وأزواجنا ومن أحسن إلينا من مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة.
اللهم اجعل طاعتنا خالصة لك، وعبادتنا موقوفة عليك، ومتابعتنا لأمرك ونهيك، وأخذنا بدينك وشريعتك، ومحبّتنا فيك، وبغضنا من أجلك فإنّك أنت المنّان الحنّان الكريم.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى الصادق الأمين خاتم النبيين والمرسلين، وصلّ وسلّم على وليّك الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجِّل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحفّه بملائكتك المقرّبين، وأيّده بروح القدس ياربّ العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهِّد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين، وفِّقهم لمراضيك، وسدِّد خطاهم على طريقك.
أما بعد أيها الإخوة والأخوات المؤمنون والمؤمنات فإلى هذه الكلمة:br> خطاب ثابت:
منذ سنوات والخطاب السياسي في هذا الجامع ثابت في أُسسه، واضح في معالمه، غير متردّد، وجاءت أحداث العالم العربي، وشعوبه من خلال معاناتها المرّة، وكان ما كان من ثورات وانتفاضات وتحرُّكات، وسقوط بعض الأنظمة وارتفاع حرارة الأحداث، والخطابُ هنا لم يتغيّر، وبقي الخطاب في أُسسه ومعالمه واحداً قبل الرابع عشر من فبراير وبعده، وأيام الدوار وبعدها وكانت المناداة ثابتة بإصلاح جدّي قادر على إيجاد مناخٍ من الرضى والتوافق المنقذ للوطن، والأخذ بالأسلوب السلمي في المطالبة لا غير.
ولكن صدر السياسة أضيق من أن يحتمل أهدأ الأساليب السلمية، ولم يعد أي أسلوب سلمي قابلاً للاعتراف أو معفوّاً من العقوبة.
ومع تأكيدنا على السلمية وتشديدنا عليها نطرح هذا السؤال على العقليّة العالميّة، والضّمير العالمي، وعلى عقل كلّ عاقل، وضمير كل ذي ضمير، ودين كل ذي دين، وإنسانية كلّ ذي إنسانية: هل السّلمية ليست مطلوبة إلاَّ من الشعوب فحسب، أمّا الحكومات فلها أن تفعل ما تشاء؟ وتظلم ما تشاء؟ وتفتك وتبطش كيف تشاء، وتُرعب وترهب كيفما ترى؟!
إنها قسمة ضيزى، وظلم من الظلم الفظيع.
ثمَّ إنَّ طريق الإصلاح الذي اختاره هذا الخطاب دائماً هو الطريق الذي تُنادي به كلّ الدنيا اليوم وهو طريق الديموقراطية التي لا تُهمل رأيَ الشعب ولا تُهمّشه، ولا تلتفُ عليه، ولا تدير بظهرها له، ولا تسكتُه بالقوَّة، وتشتيت الرّأي، وإيجاد الفتن في صفوف المجتمع وطوائفه، وشرائحه.
ومُحالٌ أن يستغنيَ وطن عن الإصلاح، ويتعذّر أن يسلم مجتمع من الفتن الحارقة، أو ينأى عن حرائق الداخل، ونزاعات الخارج، أو أن تكون له قدمُ رقيٍّ وتقدّم، وأن يهنأ بالأمن والاستقرار وهو يرفض حركة الإصلاح، ويستبدل حماته عنها بالعنف والبطش والإرهاب والتنكيل.
وساحتنا العربية كلّها تجارب حيَّة تفيد بأنَّ سياسة العنف لا تُولِّد إلا عنفاً، وتزايدَ البطش لا يدفع بأوضاع الأوطان الملتهِبة إلاّ إلى تصاعد، حتى يكاد الوطن يحترق كلّه، وهذا مع ما تفتحه الصِّراعات العنيفة المنفلتة من أبوابٍ على مصراعيها لتدخّل أجنبي أكبر(12)، وما تخلقه من الأرضية المناسبة لتمكين التدخل الأجنبي لما تُلِحُّ الحاجة إلى الاحتماء به من طرف أو أكثر(13).
ولو استطاع العنف والقتل بالمئات والألوف مع التعدّيات المروّعة الأخرى التي يُمارسها النظام الرسمي (أ)، أو (ب) في ساحتنا العالمية أن يُسكت شعبه إلى وقت فإنّه لا بُدّ أن يتوقّع الانفجار بدرجة أقوى في كلّ لحظة من لحظات المستقبل. وعليه في ظلّ هذا الترقُّب الدائم، أن يضعّ كلّ ثروة الشعب، وكل الوقت، وكل الجهد وإمكانات الوطن في حراسة أمنه وإضرار الشعب وإضعافه وتفريقه وإخافته بدل أن يعيش معه في أمن مشترك، وثِقة متبادلة، وتعاون مثمر يصبُّ في صالح الوطن كلّه وبنائه، وعزّه، وهيبته.
أسلوب البطش الذي يستخدمه عدد من الأنظمة لئن سكتت عليه الحكومات القويّة رعاية لمصالحها المادية التي لا تُساوي كلّ القيم المعنوية والدينية والأخلاق الإنسانية بإزائها شيئاً، فإنَّ الشّعوب المحايدة في كلّ العالم وإنْ كانت بعيدة ترى فيه ما يُنقص من قيمتها، ويُهدِّد مصيرها، ولذلك لابُدّ أن تدينه بقوّة من منطلق هذه الرؤية، وضميرها الإنساني.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعلنا لا نستبدل عن دينك، ولا نرضى غير ما يُرضيك، ولا نغضبُ إلاَّ لما يغضبك، ولا نأخُذ بغير الحقّ، ولا ندعو لغير العدل، ولا نطلب غير الإصلاح، ولا نقصد ما دون النّصيحة.
اللهم انصر الحقَّ وأهله، واخذل الباطِلَ وأهله.
اللهم ارحم الشّهداء والموتى المؤمنين والمؤمنات، واشفِ المعلولين والمرضى، وأطلق سراحَ السُّجناء والأسرى من أهل طاعتك وأصلح أمور المسلمين جميعاً برحمتك يا أرحم الراحمين.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(14).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إذا كان هناك بحث في التحريف فهو في درجة دون هذه.
2- غريبٌ هذا الأمر!! الثّقاة موجودن كما هم الضعفاء والمجهولون، وطائفة الأخبار في التحريف كبيرة، كيف يُعقل أن ينصبّ اهتمام المعصومين عليهم السلام في إيصال هذه الأخبار لخصوص الضعفاء والمجهولين مع إهمال الطائفة الكبرى من الموثوقين؟! هذا سؤال يُلقي بظلّ الشك الكبير في هذه الأحاديث، ويُسقط قيمتها.
3- هنا لا تأتي مسألة التواتر، هذه القضية المذكورة تُفسد التراكم الذي يفيده التواتر مما يؤدّي إلى درجة من الاطمئنان أو اليقين.
4- 9/ الحجر.
أنا لا أستشهد بالآية الكريمة هنا، وإنما أستشهد بصدقها العملي في الخارج. وعدم الاستشهاد بالآية لا لمحذور في الاستشهاد.
5-راقب هذا الكتاب هل فيه شيء من الخروج على هويّته السماوية وعلى شيء من حقيقته؟ لن تجد.
6- 42/ فصّلت.
7- لن تستطيع أن تعثر على شعرة من ظلم فيما يفيده الكتاب الكريم.
8- وانظر في الكتب السماوية الأخرى تجدها مليئة من هذا.
9- 82/ النساء.
10- بحار الأنوار ج 36 ص331 ط3.
11- سورة القدر.
12- وهو أكثر ما يضرّ بالأوطان.
13- وفي هذا أكبر الخطورة التي ينبغي أن يدرأ كل مواطن وطنه عنها.
14- 90/ النحل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى