خطبة الجمعة (421) 14 شوال 1431هـ – 24 سبتمر 2010م

مواضيع الخطبة:
*حديث في الفرائض *وضعنا المحلّي الحاضر *كلمة محرّمة وفتنة محرّمة
إن أيَّ كلمة تستهدف إحداث الفتنة بين المسلمين من هذا الطرف أو ذاك، ومن أيّ شخصية كانت تمثل جريمة شنيعة وضرباً للمصلحة الإسلامية العامة، ووحدة المسلمين التي يحرم المساس بها والنيل منها، فإن في ذلك كيداً بالإسلام، ونيلاً من عزته وعزة المسلمين.
الخطبة الأولى

الحمد لله على ما وهب من معرفته، وأذن من مناجاته ومسألته، ووفّق إليه من طاعته وعبادته، ومتابعة أوليائه، والاقتداء بأهل الكرامة لديه. الحمد لله حمداً لا انقضاء له، ولا فتور فيه، ولا يعُدُّه العادّون، ولا يُحصيه المحصُون.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أرسله بالدين الحقّ لهداية النّاس أجمعين. صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله؛ فإنّها غاية العبادة، ودليل صدقها، فما صدقت العبادة إلاَّ وأورثت التقوى، ومن اتّقى أخذ بالعبادة، وما تخلّى عن عبادة الله إلا من خسر تقواه. وما تثمر التقوى إلا الصلاح؛ لأنها لا تفترق بصاحبها عن رضى الله عز وجل، ولا مرضاة لله إلا في الخير.
اللهم اجعلنا والمؤمنين والمؤمنات حامدين شاكرين مسبّحين بحمدك، غير ناسين نعمك، ولا متساهلين في طاعتك، ولا ساهين عن عبادتك، ولا مخالفين لأمرك، ولا مواقعين لنهيك، واجعلنا ممن أطمعهم وعدك، وأدّبهم وعيدك، واغفر لنا ولكل أهل الإيمان والإسلام برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلّ على محمد وآله الطاهرين.
أما بعد فهذا حديث في الفرائض:
لا دين بلا تكليف، ودينٌ بلا تكليف إنّما هو أشبه بالمزْح، ولا تشعُّ به الشخصية بنور الإيمان، ولا تكونُ لها سيماؤه.
والتكليف إنما يستهدف بناء الإنسان وتقويمَه، والاستقامةَ بأوضاع الحياة، وتصحيحَ مسارها، ويأخذُ بها إلى الغاية التي يهدي إليها العقل ما لم يُخدع، والقلب إذا لم يُلوَّث، ويرتضيها علم الله وحكمته.
ولا تكليف في الدّين القويم فوق الطاقة، وقد يُسِّر التكليف فلم يُبَلغ به حدُّ ما عليه قدرة الإنسان {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا…}(1)، {… وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ….}(2).
وفي الدّين فرائض ونوافل؛ ولا يجوز التساهل أو الاستخفاف بشيء مما شرَّع الله؛ فكلّ ما شرّع حقٌّ وجِدٌّ وبنّاء، ولكن ما يسع في النافلة لا يسع في الفريضة، والمؤاخذة إنما هي على ترك الفرائض، وصلب الدين بعد عقيدته بها، وإن كان في كلٍّ فضلٌ، وفي كلٍّ أجرٌ وثواب.
والفروض والحدود تعمُّ حياة الفرد والمجتمع؛ فلئن كانت الصلاة والحج من وظيفة الفرد وإن أخذت حالة اجتماعية، فإن إقامة القسط في النّاس، وتطبيق الحدود بمعناها الفقهيّ من وظائف المجتمعات.
ولنمرَّ بطائفة من الأحاديث في هذا الموضوع.
عن علي عليه السلام:”الفرائض الفرائض أدّوها إلى الله تؤدِكُم إلى الجنّة”(3).
فالفرائض طريق سالك إلى الجنَّة، ومنتهٍ إليها. ولا يسع طالبَ الجنّة أن يُهمل هذا الطريق، والجنّة إنّما تُطلب بالعمل، ولا يُتوسّل لها بالأماني.
وعنه عليه السلام:”إنّ الله افترض عليكم فرائض فلا تضيّعوها، وحدّ لكم حدوداً فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها”(4).
وأوّل ما يتطلبه الأخذ بهذا الأمر الحازم تعلُّم الفرائض والحدود، وما حرّم الله، والتمييز بينه وبين ما أحلّ. فما جَهِلنا من الدين لا نكون على طريقه، وأول التضييع لدين الله أن نجهله، ولا يدخلَ العلم به في اهتمامنا، وأوّل حياة الدين أن نتعلمه ونُعلّمه، وننشر العلم به في النّاس.
والنّصيحة الملزمة لعلي عليه السلام بالجدّ في الدين والتزامه نصيحة بما لا صلاح للحياة إلا به، وما لا نجاة في الآخرة إلا بالتزامه به. فما دخل نقص على دين النّاس إلا وانفتح عليهم باب من أبواب الضّرر في الدنيا، وباب شقاء، وأكثر من باب، وأكثر من بلاء وعذاب. وما استخفّوا بأمر الدين إلاّ وابتعدوا عن رحمة الله وتعرَّضوا لعقابه.
وما الدين بفرائضه وحدوده وأحكامه إلا لصنع هذا الإنسان تربويّاً صُنعاً راقياً تستقيم به حياته وتنعم، وتسْعَد به آخرته وتهنأ، ولا طريق آخر لهذه الصناعة غيرُ الدّين القويم.
وللفرائض سعيُها، وللرزق سعيه على فرق واسع بينهما. الفرائض أمور كُلّف بها، وتحقيقها من مسؤولية الإنسان وإن كان بعون الله. والرزق مضمون، وإن وجب السعي إليه، لكن الإنسان قد يحترق للرزق، ويهلع من أجله، ويتكلّف كثيراً من السعي في سبيله، ويقلق له، وكأنه لا ضمان له به حتى لو سعى إليه السعي المعقول، وقد لا تراه يحمل همَّ العبادة، ولا يسعى إليها سعيها، ولا يشعر بالضيق في تقصيره بها. وفي هذا تقول الكلمة عن علي عليه السلام:”والله لقد اعترض الشك، ودخل اليقين؛ حتى كأن الذي ضُمن لكم قد فُرض عليكم، وكأن الذي قد فُرض عليكم قد وُضع عنكم”(5).
وبهذا الشكّ والفهم السّيء تتحوّل الحياة عند كثير من الناس عن وظيفة العبادة وبناء الذات وإعمارها إلى وظيفة الجمع لمتاع الدُّنيا بما يزيد أضعافاً وأضعافاً عن حاجتها لتخلوَ حياة هذا البعض من هدفها، وتضطرب أوضاع المجتمعات.
وقد أعطت النصوص أهمية كبرى للفرائض، ولم تساوِ بها شيئا، ومن هذه النصوص:
ما عن رسول الله صلّى الله عليه وآله:”اعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس”(6).
وعن الصادق عليه السلام:”قال الله تبارك وتعالى: ما تحبّب إلي عبدي بأحبّ مما افترضت عليه”(7).
وعن علي عليه السلام:”لا عبادة كأداء الفرائض”(8).
ولولا ما وراء الفرائض من مصالح لابد منها، ولا يصلح تفويتها، ولا يستقيم أمر الإنسان بدونها لما جعلها الله العليم الحكيم الرؤوف الرَّحيم فرائض، وحاسب عليها، وعاقب على التفريط بها، فإنَّ فعل الله وتشريعه وأمره ونهيه كلُّ ذلك منزّه عن الجزاف والخطأ في التقدير.
ومن أتى بنافلة كان له أجرها، لكن لا تُغني نافلة عن فريضة، ولا تقوم مقامها ففي الحديث عن علي عليه السلام:”إنك إن اشتغلت بفضائل النوافل عن أداء الفرائض، فلن يقوم فضل تكسِبه بفرض تضيّعه”(9).
على أن ملازمة النوافل من كمال الإيمان، والجِدّ في الدّين، ومن محبوب الشريعة وما حثّت عليه.
تقول الكلمة عن الإمام علي عليه السلام:”جرّب نفسك في طاعة الله بالصبر على أداء الفرائض، والدؤوب(10) في إقامة النوافل والوظائف”(11).
وما أجمل هذا الحديث الجامع عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله، وما أجمعه: قال النبي صلّى الله عليه وآله:”يا علي تريد ستمائة ألف شاةٍ، أو ستمائة ألف دينار، أو ستمائة ألف كلمة؟
قال: يا رسول الله ستمائة ألف كلمة.
فقال صلّى الله عليه وآله: أجمعُ ستمائة ألف كلمة في ست كلمات: يا علي: إذا رأيت النّاس يشتغلون بالفضائل فاشتغل أنت بإتمام الفرائض(12)، وإذا رأيت النّاس يشتغلون بعمل الدنيا فاشتغل أنت بعمل الآخرة، وإذا رأيت النّاس يشتغلون بعيوب النّاس فاشتغل أنت بعيوب نفسك، وإذا رأيت النّاس يشتغلون بتزيين الدنيا فاشتغل أنت بتزيين الآخرة(13)، وإذا رأيت النّاس يشتغلون بكثرة العمل فاشتغل أنت بصفوة العمل(14)، وإذا رأيت النّاس يتوسلون بالخلق فتوسّل أنت بالخالق…..”(15).
إنّه لعلم مربح يخسر من فاته الكثير، ذلك أن يعرف المرء المهم من غير المهم، والأهم من غيره، وإنه لخيار رشيد أن يصرف المرء همّته إلى ما هو مهم، وأن يُقدّم عليه ما هو أهم. وكثير من النّاس يخطئون التشخيص والمقارنة، وكثير منهم يخطئ الخيار، وبذلك تفوت الفرص، وتعظم الخسائر وتكثر المنزلقات.
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعلنا ممن اخترته لإقامة الدين، وإحياء السنّة، وإماتة البدعة، ونشر الهدى، والانتصار للحقّ، ومحاربة الضّلال، وأمددنا بعونك، وتأييدك، ونصرك يا قويّ يا متين، يا عليُّ يا عظيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}

الخطبة الثانية

الحمد لله واجب الحمد والشكر، قديم الإحسان، كثير الامتنان، واسع المغفرة، الرؤوف الرّحيم، الجواد الكريم الذي لا تُحصى مننه، ولا تُعدّ نعمه ولو اجتمع الخلائق على عدّها أجمعون.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيرا.
علينا عباد الله بتقوى الله قضاء لشيء من حقّه، وإنفاذاً لأمره، وطلبا لرحمته، ودفعا لنقمته، ونيلا لرضاه، وتحقيقا لمثوبته. وما إثابة اللهِ العبدَ على تقواه إلا فضلا وتكرماً؛ فإن الله لغنيٌّ عن طاعة العباد، ولا تضرّه معصيتهم، وإنما التقوى في أصلهاا خير للعبد إذ تُحقِّق إنسانيته، وتستقيم به، وترفع منزلته.
اللهم إنّا نسألك ما نستوجب معه بفضلك رحمتك، وتنجو به من نقمتك، وتنال عنده رضوانك وكرامتك. اللهم ألزمنا تقواك، ولا تفرّق بيننا وبين طاعتك، وارزقنا محبّتك ومحبة أهل ولايتك، ولا تجعل لنا عدولاً عن رضاك، ولا غفلة عن عبادتك. اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم، وصلّ على محمد وآله الطاهرين.
اللهم صلّ على محمد خاتم النبيين والمرسلين الصادق الأمين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين؛ حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر، وحفه بملائكتك المقربين، وأيده بروح القدس يارب العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين، وفقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصرا عزيزا مبينا ثابتا مقيما.
أما بعد فهذه بعض كلمات:
وضعنا المحلّي الحاضر:
الوضع المحلِّي الأمني والسياسي الحاضر محلٌّ لشكوى الجميع، وهو مفزع، ومنذر، وإنذاره للجميع، وعلى الجميع أن يخشاه، ويتوقّف عن تغذيته، وزيادة تسميمه، والدفع به إلى الهاوية، ويعمل على تراجعه لا لعين غيره إذا كان لا يحسب لغيره حساباً، ولا يهمّه أمر غيره، وإنما لسلامته ومصلحته. هذا فهمي وللآخرين أن يخالفوني هذا الفهم.
ولا يُنكَر أن ولادة الخلاف بدأت سياسية بعد مرحلة الميثاق. والميثاق هو أول وثيقة في العلاقة السياسية الداخلية العامَّة تنال توافقاً عريضاً وبحجم كبير.
وفي الميثاق مواد لا يُختلف عليها، وموادّ اختُلف على فهمها لصدور الدستور بطريقته الخاصّة المعيّنة.
ولا تزال هذه الوثيقة هي الوثيقة الأم المتوافق عليها بما فيها من مواد هي أقرب إلى الإحكام والتفسير المحدّد، والتي لا يعترض أحد على الاحتكام إليها.
ومن غير هذا الاحتكام، ومن غير الخروج بصيغة عملية يُتوافق عليها لإنقاذ الوضع من عنق الزجاجة يمكن أن تؤول الأمور إلى الأسوأ، وتتصدع البنية الاجتماعية بدرجة أكبر، ويخسر الوطن كلَّ ما بناه على مدى طويل من مصالح مادية ومعنوية هي لكل أبنائه، وتخرج العلاقات العامّة فيه من حدّها الشرعي والقانوني والعقلي والعقلائي إلى ما عليه لغة الغاب والحيوانات الشرسة كما حصل في بعض البلدان.
هذه ليست لغة تشاؤمية ولا مبالغاً فيها، وإنما هي اللغة التي يتحدث بها الواقع المتصاعد المتفاقم، وتؤكدها تجارب أقطار أخرى ليست قليلة.
بلا حلٍّ يتفاهم عليه الأطراف، ويرضونه أخيراً، ومع بقاء مادّة الخلاف، ومنطلق التنازع والاحتجاجات الساخطة والقبضة الحديدية، وتبادل الأخطاء والتجاوزات لا تنفرج الأزمة إلا لتضيق، ولا تتوقف الأحداث إلا لتعود، ولا يهدأ الوضع إلا لتعقُب هدوءَه العاصفة.
جرت اعتقالات كثيرة وإفراجات مثلها، وتكرر العفو الملكي ولكن لم يتمّ الحلّ، أذلك أن العفو لا تقدّره الأكثرية؟ لا، ولكن لأن ذلك التفاهم والحل المتوافق عليه لأساس المشكل لم يُنجز، ولو أُنجز لانتهى كل شيء مما يزعج الجميع، ولاستراحت البلد ومن عليها(16).
رأيي أن تقبل كل الأطراف بالتفاهم، وتحرص على التوصل إلى توافق تضع معه الحرب أوزارها، ويتجه النّاس كل الناس في هذه الأرض الطيّبة لبناء وطنهم ورعاية أمنه ومصالحه.
أما مواصلة الصراع فإنها ستشطّ به عن كل الموازين، وستضاعف من الأخطاء والتجاوزات عند هذا الطرف وذاك، وتخرج بالجميع عن حدود المعقول.
أما عن سحب جنسية سماحة شيخنا العزيز شيخنا الشيخ حسين النجاتي فكان نبأه صاعقا بالنسبة للعلماء ولعموم الشعب. وما كان ينبغي أن يكون على الإطلاق، ولا ينبغي أبداً أن يبقى. ودلالته خطيرة، ولا يمتلك تبريراً، ولا يتناسب في شيء مع علمية الشيخ، ودوره الإيجابي، ومقامه الكبير، ووزنه الاجتماعي، واعتزاز هذا الوطن الكريم بمثل شخصيته المتعقِّلة المخلصة النافعة.
ولابد أن نتوقّع تدارك هذا الأمر بسرعة.
كلمة محرَّمة وفتنة محرّمة:
أي كلمة تمسُّ عِرضاً لزوج من أزواج الرسول صلّى الله عليه وآله وهنّ أمهات المؤمنين ولو لم تستتبع أي ضرر على أحد غير إثم قائلها حرام شرعا، وفيها تجاوز على حرمة النبي صلّى الله عليه وآله وقدسيته، وهي قول باطل زور.
وهي تجاوز عن الثابت القطعي من مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وما عليه إجماع الطائفة.
ثم إن أيَّ كلمة تستهدف إحداث الفتنة بين المسلمين من هذا الطرف أو ذاك، ومن أيّ شخصية كانت تمثل جريمة شنيعة وضرباً للمصلحة الإسلامية العامة، ووحدة المسلمين التي يحرم المساس بها والنيل منها، فإن في ذلك كيداً بالإسلام، ونيلاً من عزته وعزة المسلمين.
وإننا لندين بكلّ قوة وشدَّة الكلمة المتعدّية التي مسَّت العرض الطاهر لأم المؤمنين عائشة بالجرح والإساءة.
ونطالب كلّ طرف بتقوى الله، وتقدير ما تؤدي إليه كلمات التكفير والإساءة والجرح لمشاعر الطرف الآخر خارج الموازين العلمية والدينية من أحقاد وأضغان وفرقة وشتات وإشغال للأمة بما يضر، وإضعاف لكيان الإسلام والمسلمين، والكف عن ذلك كلّه.
ونطالب ألا يُحمّل وزر أي كلمة أو موقف من أي طائفة إلا صاحبهما، وأن لا يستغل شيء من ذلك للتعميمات الظالمة.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم ردّ كيد أعداء المسلمين في نحورهم، وادرأ عن هذه الأمة شرّ الفتن، وأبعدها عن التيه والضلال، وأنقذها من واقع الفُرقة والشتات، ولا تجعل بعضها على بعض عوناً، ولا أحداً منها للكافرين يداً وعيناً، واهدها إلى سواء السبيل برحمتك يا أرحم الراحمين.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(17).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- 286/ البقرة.
2- 78/ الحج.
3- بحار الأنوار ج65، ص290، ط 3.
4- المصدر السابق ج2 ص260 ط2.
5- نهج البلاغة ج1 ص225، ط 1.
6- الكافي ج 2 ص82، ط 4.
7- شرح أصول الكافي ج8، ص258، ط1.
8- بحار الأنوار ج68، ص208، ط3.
أهمية وأثراً.
9- ميزان الحكمة ج3 ص2403، ط1.
10- الاستمرار.
11- ميزان الحكمة ج3 ص2403، ط1.
12- عدد من الناس يخطئ في تقييم الحكم الشرعي؛ يشتغل بالنوافل وعليه فرائض يجب عليه قضاؤها. هذا مثال، وإلا فالأمثلة كثيرة، فنحن كثيرا ما نشتغل بأمور يحبّها الله عز وجل، لكن نترك صلب الدين.
13- فعلينا أن، وعلينا أن نطلب المزيد من خير الآخرة.
14- الإجادة، الإخلاص أهم من الكثرة.
15- ميزان الحكمة ج3 ص2403، ط1.
وكثيراً ما ننسى الله في وقت الأزمات، ويقوم توسلنا بالخلق دون الخالق.
قوّة الخلق مرئية بحسّنا، فإذا غاب العقل ولم ير قدرة الله، وحاكميته، ألهتنا قوّة الخلق عن قوّة الخالق.
16- هناك شيء ناقص، العفو جميل، ومؤثر، ولكن الحل الجذري في التفاهم للوصول إلى صيغة عملية متوافق عليها للحل.
17- 90/ النحل.

زر الذهاب إلى الأعلى