خطبة الجمعة (362) 29 ربيع الأول 1430هـ – 27 مارس 2009م

مواضيع الخطبة:

*الإنسان والدنيا *موقف من الأوضاع المحلية

أخطر خطر أن يصل تبادل التحدّي إلى الحدّ الذي يغلب فوران النفوس كلّ الضوابط، وتحترق عند بعض الفئات في هذا الطرف أو ذاك الطرف كل القيم، وتسقط حرمة الدين وفاعليته.

الخطبة الأولى

الحمد لله ظاهر القدرة، واسع الرحمة، مسبغ النعم، عظيم الكرم، خفيّ الكنه، متعالي الذات، متنزّه الصفات.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله؛ لأنه المالك الذي لا مفرّ من الوقوف بين يديه للسؤال والحساب. ومما يوجب تقواه جميل إحسانه، وواجب شكره، والافتقار إليه، وعظيم جلاله وجماله وكماله، ولا جمال لنفس إلا بالتعلّق به، والانشداد إليه.
اللهم صلّ وسلّم على عبدك المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعل عقولنا واعية، وأرواحنا زاهرة، وقلوبنا ذاكرة، ونفوسنا خاشعة، واجعل إرادتنا وتعلّقنا بطاعتك، ولا تجعل لنا إرادة ولا ميلاً في معصيتك برحمتك يا أرحم الراحمين.
الإنسان والدنيا:
أما بعد فإن حياتنا التي نقضيها على الأرض مرتبطة بها وبما فيها وما عليها من زينة، وما لها من جواذب، وما تزخر به من إغراءات على صلة طبيعية شديدة بغرائزنا ودوافعنا وضروراتنا، ومختلف مستوى حاجاتنا وشهواتنا ورغباتنا الجسدية.
ومدة حياتنا على الأرض، بما لها من طرف النفس من شهوات ورغبات وتطلعات في عالم المادة، وبما لها من طرف الزينة والإغراء وأسباب اللذة في الخارج هي الدنيا التي تتحدى إنسانية الإنسان، وقد تسلبها منه، ويخسرها تحت وطأتها.
وقد اهتمّت الرسالات الإلهية بمعالجة العلاقة بين الإنسان والدّنيا بهذا المعنى من أجل أن يكون الإنسان هو الطرف الأقوى في هذه العلاقة، ولا يخسر إرادته وإنسانيته أمام دنياه، ويتخذ حياته على الأرض فرصة لبناء ذاته ورفعته وسموّه وكماله بصوغ نفسه على ضوء الدّين المتنزّل من ربّه على أنبيائه ورسله لتربية هذا الإنسان، وإحياء روحه، والبلوغ به إلى أقصى درجات نضجه وكماله وسعادته.
فنحن في صراع بين أن تغلبنا الدنيا أو أن تغلبها، فإن غلبتنا فهي الخسارة الفادحة، وإن غلبناها ووظفناها لصالح إنسانيتنا فهو الفوز العظيم.
وقد حرص الدين على إبقاء يقظة الإنسان على أشدّها حيوية وتنبّهاً أمام سحر الدنيا، حتى لا تصرفه عن إنسانيته وهدفه ودوره وقيمته وعاقبته، وتدخله في غيبوبة عن نفسه بالاغترار بها.
للدنيا سطوة، للدنيا سلطان، للدنيا سحر، للدنيا قوة هائلة على النفس، فنحتاج إلى مقاومة ومواجهة وطلب أسباب الانتصار.
والنّاس من الدنيا على أصنافٍ؛ منهم المخدوع بها والذي كبرت في نفسه أضعافاً(1)، ورآها متوهّماً أنها دائمة له، ورأى من هولها أنه دائم، ورأى من خيرها أنه الخير كلّه، ومن شرّها أنّه الشرّ كله. يعيش هذا الوهمَ حالة نفسية ثابتة أو تكاد تكون كذلك وإن كان معدوداً من أهل الإسلام والإيمان ويقول كلمتهما.
وهذا الانخداع للدنيا والاغترار بها انهزام كبير من النفس، ومن انهزم في معركته مع الدنيا والنفس انهزم في كل معاركه في ساحات الحياة، وهو سقوط ذريع في الغفلة، يغيب معه الأثر الكبير، والدور المنقذ للعقل والضمير، وحقائق الموت والحياة والآيات والدروس المربّية. وينتهي دور الدين في توجيه الإنسان.
عندما ينبهر إنسان بالدنيا، ويذوب أمام سحرها، وتغرر به كما يغرّر بالطفل الصغير(2)، وتفقده التوازن، ويهون عليه أمر نفسه، وأمر كلّ شيء في سبيلها، ولا ينتفع بعقل ولا دين ولا آية ولا برهان، ويستخفّ بكل حق، ويهزأ بكل هدى، وتستكبر نفسه على كلّ دليل.
يقول سبحانه في كتابه المجيد:{ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}(3) غرور الدنيا يؤول بالإنسان إلى أن يتخذ آيات الله الساطعات البينات هزوا، ويقف أمام حدث الموت موقف المستهزئ، لا يقدِّر حدث موت، ولا حدث مرض، ولا تحوّل حالات الدنيا من غنى إلى فقر، ومن فقر إلى غنى، ومن ملك إلى أضعف المواقع، ومن أضعف المواقع إلى الحكم. كلّ ذلك لا يقدِّره، وليس له في نفسه اعتبار.
وفي آية أخرى:{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا…}(4) إذا غرّت أحدنا دنياه اتخذ دين الله هزوا، لعبا، لهوا.
{الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا…}(5) الغرور قبل اتخاذ الدين هزوا، اتخاذ الدين لهوا هزوا لعبا نتيجة الغرور بالدنيا. إنّ أحدنا لينهزم أمام مال الدنيا، وآخر ينهزم أمام جاهها، وثالث ينهزم أمام ما فيها من قضايا جنس، وهكذا تجد الصرعى أمام الدنيا على أصناف. وكلّ من غرَّرت به دنياه خسر دينه.
فالإنسان قد يأخذ الدّين جدّاً لا هزل فيه، ويعيشه قضيَته الكبرى الأولى، ويراه مقياسه في كلّ مسائل الحياة، ويعطيه كل شيء في وجوده، ويسترخص كلّ شيء من أجله، وإذا دخله حبّ الدنيا واستعسلها، وتنفّذت في قلبه رأيته قد صغر في نفسه كل شيء دونها، وتنكّب كل طريق لا يوصل إليها وإن كان مما يوصل إلى الله تبارك وتعالى، وعمي عن كل ما لا يلتقي وهوى النفس والدنيا.
فعند حب الدنيا وتغلغله في النفس تسقط فاعلية الدّين وقيمتُه، وينفتح الباب للاستخفاف به ومعاداته ومحاربته والكفر به، كيف لا وهو يقف في وجه الدّنيا من الحرام(6)، ويضع القيود على طلب اللذة المادية فيها، وهي معشوق هذا الإنسان الكبيرُ الذي يذوب فيه، ولا يساوي به شيئا؟!
وقد جاء عن الإمام علي عليه السلام:”غرور الدّنيا يَصرع، غرور الهوى يخدع، غرور الشيطان يسوّل أو يُطمِع”(7).
نعم إن غرور الدنيا وهواها وبدعم من الشيطان يصرع خلقاً كثيراً من النّاس في عقولهم ودينهم وشرفهم وحاضرهم ومصيرهم، ويجدون أنفسهم أضعف من أن يقاوموا، أو أن يأخذوا بمسلك آخر غير ما تتطلبه الدنيا، ويستجيب للهوى، ويمليه الشيطان.
وربما أفاق مفيق من غفلته، وقام قائم من عثرته، ونهض ناهض من صرعته، وربما استمر بالكثيرين ما هم عليه من الغفلة، وما استولى عليهم من السبات، وكانوا صرعى العمر كلّه، والمغلوبين على عقلهم ودينهم ونور الفطرة ما عاشوا، بلا عذر يقبل عند الله، ولا حجة تسمع بعد أن كان المصرع عن تقصير، والسقوط بدايته الاختيار.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم لا تجعل للشيطان والهوى والدّنيا علينا سلطانا، واجعل لنا من فتنة الثلاثة أماناً، واهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولّنا برعايتك فيمن تولّيت، وقنا شر ما قضيت، واجعل حبّنا لك، وسعينا إليك.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي لا مثيل له ولا نظير، ولا يحتاج إلى وزيرأو ظهير، كل جلال محدود دون جلاله، وكل جمال متناهٍ منزّه عنه جماله، وكل كمال متصوَّرٍِ فوقه كماله. كلّ جبروت مندكّ لجبروته، وكل سلطان محكومٌ لسلطانه، وكل ذي قدرة من صنع قدرته، ولا قيام لشيء إلا به.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
عباد الله علينا بتقوى الله المولى الحقّ الذي لا مولى لنا غيره، ولا يكون المنتهى إلا إليه، ولا مفرّ من الحساب بين يديه، ولا يُحتمل سخطه، ولا يُطاق عذابه، ولا يردّ قضاؤه، وما أجدر بالمرء أن لا يُصرف عن الموت الذي يتربّص به كلّ حين، والآخرة التي لا يدري متى يوافيها، فقد يكون ذلك غير بعيد… أن لا يصرف عنهما لمشاغل دنيا، وتلهٍّ بها، وسباق وراء السراب.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. وأرنا الدّنيا كما أريتها أنبيائك ورسلك وأوصياءهم وأوليائك وأمنائك في بلادك وعبادك، واجعل موقفنا منها موقفهم، وتعاملنا معها تعاملهم، وزادنا منها زادهم، ولا تجعلنا عبيداً لها ولا صرعى من صرعاها يا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين الصادق الأمين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك، والسبل السالكة إليك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر، وحفه بملائكتك المقربين، وأيده بروح القدس ياربّ العالمين. اللهم عجّل لنا ظهوره المبارك الميمون.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصرا عزيزا مبينا مقيما.
موقف من الأوضاع المحلية:
أما بعد فلقد صار الوضع العامّ في هذا البلد إلى حالة سيّئة ومخيفة، وصار التوتّر يتّجه إلى منحى من الغليان والتأزُّم الخطير، وكلّ هذا وهو بداية الطريق وليس منتهاه. فما يُتوقّع للمستقبل مع تصاعد الأوضاع هو أسوأ وأسوأ، وأكثر بشاعة ومرارة.
ومن لم تَصِلْ إليه النار اليوم تصل إليه غداً، فما من أحد على ظهر هذه الأرض إلا وهو معنيّ بصلاح الأوضاع وفسادها، وهدوئها وفورانها، وما تؤول إليه من خير أو شرّ.
وقد حدث أن رُفع شعار الإصلاح وأُعلن عن مرحلة إصلاحية لتعيشها الساحة واقعاً وعملاً، وقد أُصيب الشعار بنكسة عملية مبكّرة على مستوى التطبيق بدأت بولادة الدستور التي خيّبت آمال الكثيرين ومثّلت انطلاقة الخلاف والنزاع المستمر والمتصاعد.
وجاءت خطوات ومشاريع عملية، وخطط وسياسات تتصادم وشعار الإصلاح، وكلّ هذا كان ولا يزال وهو مما يصبّ الزيت على النار.
وكلّ الدعوات والنداءات المخلصة لتفعيل شعار الإصلاح والتي استمرت طويلا لم تلقَ أُذناً صاغية، وهذا ما أدّى إلى الواقع المعاش، وهو واقع خطير كل الخطورة على هذا البلد وأهله.
وعلينا أن نقول بأن التعامل مع المطالب الشعبية بالإهمال فضلاً عن التنكيل واقتراف الظلم في حقّ المطالبين بالحقوق، والإثراء الفاحش على حساب الشعب، والتمييز بين أبنائه من غير وجه حقّ، والتجنيس للإضرار به، وإنزال العقوبات العنيفة القاسية والجماعية المسرفة بالمواطنين، والتعذيب الجائر للموقوفين حرام.
وأن التعدّي من أي مواطن على مواطن آخر أو على أجنبي حرام.
وأنّ إتلاف أموال الناس الخاصة والعامة حرام.
وأن لا وجه لإكراه الناس والضغط عليهم بالتهديد لإغلاق محّالِهم التجارية كلما ارتأى أحدنا ذلك.
ثم إن المطالبة بالحقوق المشروعة أمر لابد منه، مع استبعاد أسلوب العنف الذي يدخل البلد في متاهات صعبة وقاضية.
وأن بقاء أسباب الأزمة المتمثّلة في الملفات والقضايا المختلف عليها بلا حلّ يُبقي الأزمة، ويخرج بها عن مساراتها وآثارها المتوقَّعة إلى ما هو أكثر إيلاماً، وإلى ما تعمّ خسائره الجميع.
إنني هنا أقف موقف المشفق على بلد لا أجد لي بلدا غيره، وأقف موقف المشفق على أهله وكلّكم أهل في الإيمان، والمسؤولية التي تتحملها الحكومة أعرف أنها هي المسؤولية الأولى والأكبر، وأن الحكومة وقفت منّا موقفا ظالما ولا زالت. أعرف كل هذا، ولكن أحذّر من حالات الانفلات، وأن يتحوّل حكم طائفة بكاملها إلى من هو في سنّ العاشرة والثانية عشرة.
وأخطر خطر أن يصل تبادل التحدّي إلى الحدّ الذي يغلب فوران النفوس كلّ الضوابط، وتحترق عند بعض الفئات في هذا الطرف أو ذاك الطرف كل القيم، وتسقط حرمة الدين وفاعليته، وهكذا يحدث في كثير من الساحات عند اشتداد الصراع(8) وعندئذ تكون في غابة أهون عليك من أن تكون في بلد يعيش هذه الحالة من الانفلات التي تُستخدم فيها القدرة على التفكير، وكل الوسائل المتاحة للتدمير والفتك.
الحكومة من جانبها تفتك بلا حساب، والشعب أيضا قادر على الفتك، ويفتك من غير حساب.
وهذا الوضع ليس في صالح حكومة، وليس في صالح شعب، وخطابي هنا موجّهٌ للطرفين؛ للشعب الذي أنا منه، وللحكومة التي تظلمني فيمن تظلمه من أبناء الشعب.
لابد من طلب مخرج يُسارع إليه قبل فوات الأوان لإنقاذ البلد من مستقبل مخيف، وأيام سوداء يتنكّر فيها كل طرف لحرمة الطرف الآخر، وحقّه في الدين والإنسانية كحقّ الحياة وغيره من الحقوق، ومن فتنة متسعّرة، ومعركة دامية تحرق يابس هذا البلد العزيز وأخضره.
والمخرج الحوار العاجل بنية الخروج من خطّ الحريق إلى الخطّ الآمن، ولن يكون كذلك إلا بأن يكون الحوار جادّاً، ومؤدّياً إلى أوضاع سليمة عادلة.
وإذا كان الحوار من هذا النوع حسنا فإن الأحسن منه عودة عملية للإصلاح تدشّن بتفريغ السجون من كل الموقوفين، والمسجونين السياسيين، والمحسوبين على قضايا أمنية كما في نظر الدولة، وسدّ باب التجنيس كليّاً حتى يصدر بشأنه قانون واضح يخضع في مرحلة تطبيقه للرقابة من المجلس النيابي، وما هذا بكثير. وهو بداية الإصلاح.
ولمتابعة الإصلاح، ولاستقرار الوضع على المدى الطويل لابد من صيغة توافق مشترك على القضايا الرئيسة التي صار مختلفاً عليها بين الحكومة والشعب، وصارت سبباً لسلسلة التأزمات.
الإصلاح العملي هو الثمرة والحوار طريق، ولا قيمة للطريق إلا بالإيصال للثمرة، والإصلاح لا يحتمل التأويل، بينما الحوار يحتمل الدخول في دهاليز المخاتلة والمخادعة والتسويف وما إلى ذلك، والإصلاح أدلّ على الجديّة، وأسرع إلى إطفاء النار، وإيقاف التداعيات.
وإذا كان للحوار الجادّ المخلص نتائجه الإيجابية، فإن الحوار للاستهلاك، ولتخطّي واقع معيّن، وعلى مستوى التسلية، ولغرض خلق وجهات نظر متعارضة تضعف الحالة المطلبية فهذا الحوار له مخاطر كبيرة، وآثار سيئة جدا على واقع الساحة بكاملها، وهو زيادة في تأزيم الأوضاع، ومبعِّد بمسافات عن يوم الحلّ لما يسبّبه من زيادة في فقد الثقة، وما يركّزه من مشاعر سلبية اتجاه الآخر.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيب قلوب المؤمنين عبدك المصطفى محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اهدنا لما اختُلف فيه من الحق، ولا تجعل منّا تخلّفا عن أمرك، ولا ميلاً عن شريعتك، ولا عدولاً عن صراطك، ولا هوى في ما خالف دينك.
اللهم انصر الإسلام وأهله، وأذلّ من عاداه وناوأه، وسعى في حربه، واقمع الظالمين وطغاة الأرض المستكبرين يا من لا يُنقض حكمه، ولا يرد قضاؤه يا قوي يا عزيز.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – الدنيا لها وزن، ولكن وزنها في الخارج ليس من الضروري أن يكون هو وزنها في النفس، فقد تكبر الدنيا في النفس أضعاف ما هي عليه في الخارج.
2 – وأكبر المستويات إلا من عصم الله يمكن أن يسقط في غرور الدنيا، الدنيا تغلب العلم، وتغلب الخبرة، وتغلب العقل، إلا من عصم الله تبارك وتعالى، تغلب علماً من علم الدين، أما علم الدنيا فلا قيمة له، وتغلب تاريخاً مع الالتزام، فلابد من الانتصار بالله سبحانه وتعالى في أكبر المعارك وهي معركة الإنسان مع نفسه.
3 – 35/ الجاثية.
4 – 70/ الأنعام.
5 – 51/ الأعراف.
6 – أحببت الدنيا، سلّمت نفسي للدنيا، الدين يقف في طريقي، هنا أحبّه أو أبغضه؟ لابد أن أبغضه، لابد أن أحاربه.
7 – ميزان الحكمة ج2 ص904.
8 – حدث هذا في العراق، في أفغانستان، في لبنان، في الصومال، في كل مكان ترتفع موجة الصراع يضيع الدين، وينتهي الخلق، وتسقط القيم، وترخص النفوس، وهذا أثر حتميّ يترتّب على عدم الانضباط في أي بلد من البلدان. (هتاف جموع المصلين بـ معكم معكم يا علماء).

زر الذهاب إلى الأعلى