خطبة الجمعة (42) 4 ذو القعدة 1422هـ – 18-1-2002م

مواضيع الخطبة:

الاسرة في الإسلام..الجوار( 4 )
– ومشكلات الحج
– علاقة الحكومات الإسلامية وشعوبها –
الموقف من الجمعيات

لا بد من العمل على استقرار العلاقة الإيجابية بين الشعوب والحكومات وثباتها من خلال أوضاع دستورية واضحة تستكمل بيان الحقوق والواجبات بصورة صريحة تأخذ بموازين الحق والعدل، وتكون مرجعاً للعلاقة بين الطرفين ؛ مصحوباً ذلك بحسن النبية في التفسير والتضبيق.

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي لا يبلغ كنه ذاته العليا وأسمائه الحسنى وصف الواصفين ولا نعت الناعتين، تعالى أن تحيط به الممكنات، فكل ممكن محدود، وليس لمحدود أن يحيط بالمطلق الذي تضيق عنه الحدود، وتنقطع دونه النهايات. نشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له. حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم. ونشهد ان محمداً عبده ورسوله، لا رسول بعده، ولا تالي لدينه، ولا ناسخ لشريعته. صلى الله عليه وآله وزادهم جميعاً تحيةً وسلاماً .
ألا فاتقوا الله عباد الله، ومن أولى من الله أن يُتًّقَى ؟! بل مَن مِن دونه حقيقٌ بذاته أن يُرهب اويُخشى ؟! خالق لا خالق معه، رازق لا رازق سواه، مدبِّر ليس غيره من مدبر. ناصية الخلائق بيده، ومقادير الأمور في تصرفه .
أما بعد فغن العلاقات الإجتماعية في الإسلام قد خُطط لها أن تمتد وتتسع، لا أن تضيق وتتقلص، وهذا الإمتداد والتوسع في هذه العلاقات ينطلق من رؤية محددة ثابتة للكون والإنسان، وإرادة تشريعية واضحة من ربّ الكون والإنسان والحياة، كما يرتبط بأهداف كبيرة عليا تبلغ ذروتها في مساعدة الإنسان من خلال أجواء الوئام والمحبة والتواصل والتعاون على الخير على تحقيق أكبر درجة من النضج الإنساني، وبلغ أعلى مرتية من الرقي والكمال الذي تطيقه إنسانية على طريق الله، وفي ضوء هداه وتعاليم دينه .
فالإسلام لا يرتك علاقة من علاقات الإنسان بأخيه الإنسان لأي سبب كانت هذه العلاقة من الأسباب الواقعية مما لا يتنافى مع الخلق القويم، والتربية الصالحة، ولا يحط من كرامة الإنسان ولا يهدم إنسانيته، وكانت مما يوظف لصلاحه، وبناء ذاته إلا وعمل على تمتين تلك العلاقة وتقويتها وترشيدها والسمو بها، واتخاذها جسراً لتلك لعلاقات أخرى أوسع أفقاً على طريق معالجة مشكلات الإنسان، والتقدم بحياته، والرقي بذاته .
فمن التشديد على تركيز وتقدير العلاقة الزوجية، إلى الإهتمام الكبير بعلاقة الأبوة، والأمومة والبنّوة، إلى العناية بالعلاقات الرحمّية عامةً، وعلاقات الجوار والصداقة، وما يقوم من العلاقة على عضويةالعشيرة، والسبب القومي، والأصل الإنساني.
أما قاعدة الإيمان فالعلاقة الإجتماعية التي تنطلق منها تمتلك تقدّماً مطلقاً على كثير من العلاقات، وعلى أمتنها وأشدها قرباً كعلاقة الأبّوة والبنوّة في بعض الموارد فقد يقف الإب في جبهة الإيمان محارباً بأمر الله ولده في جبهة الكفر والإلحاد .
والحديث الآن في علاقة الجوار :
إحتفاء بالجوار :
– (( وأعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاًَ وبالوالدين احساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجارالجُُنُب والصاحب بالجنب .. ))36 النساء .
الجار سواء كان ذا قربى ومن الرحم، أو كان ليست بينك وبينه صلة رحمية مطلقاً وضعا في النص تحت أمر واحد، وتحت وصية واحدة وهي الوصية بالإحسان .
ويتجاوز النص من ذلك إلى الصاحب بالجنب ممن كان لك صديقاً في سفرٍ أو غير سفر، هذا الصاحب أيضاً يدخل بمستوىٍ واحد مع أخويه من الجار ذي القربى والجار الجنب في أمرٍ واحد، يدخل معهما تحت ألأمرالواحد .
نجد إحتفاءً كبيراً من الإسلام بعلافة الجوار وعملاً منه على تمتينها و تقويتها، الجوار علاقةٌ واقعية يعيشها الإنسان على الأرض، هذا السبب الواقعي الذي قد يأخذ طريقاً غير الطريق الصحيح تأتي تشريعات الإسلام ووصاياه لتضعه على الطريق السوي ولتستفيد منه في بناء علاقات إنسانية علاقات التعاون على الخير وتنمي من خلاله المحبة والمودة، ليكون ذلك سبيل تفاهم وسبيل تبادل في الرأي، وسبيل تعاون في الحياة .
– (( أحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمناً )) عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فالجوارهنا ربط بكمال الإيمان، لا يكمل لك إيمانك ما لم تحسن مجاورة الجار .
– (( الله الله في جيرانكم فإنه وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيوّرثهم )) عن أمير المؤمنين عليه السلام عند وفاته .
– (( حرمة الجار على الإنسان كحرمة أمّه ))
إلى أي حد يبلغ من الإنحطاط ذلك الذي يتعدّى على حرمة أمه، من أساء جوار جاره، واقترف الذنب في حقه، وأدخل الأذى عليه فليس له مثل اوقل لا يشبّه به إلا كإنسانٍ نسي كل الحدود وكل القيود، وإنسلخ من إنسانيته حتى دعته حيوانيته وبهيمته إلى مسّ كرامة أمّه، كفى .. وأظن أقل من هذا يكفي لضمير المؤمن ووعيه. (( حرمة الجار على الإنسان كحرمة أمّه )) عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
– عن الرضا عليه السلام: (( ليس منّا من لم يأمن جارهُ بوائقه ))
هذا الذي يترقب منه جاره الأذى والسوء ليس من أهل البيت عليهم السلام، ليس تلميذ مدرستهم، ليس على خط أدبهم وخلقهم وليس معهم، إنه شيعي ولكنه دون الشيعي المطلوب بدرجات، وهو ليس بشيعي في هذه الجزئية، غريبٌ كل الغرابة .. بعيدٌ كل البعد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في هذا المورد، أهل البيت عليهم السلام في السماء وهو في الأرض من هذه الناحية .
كيف نُحسنُ الجوار ؟ :
– (( من حُسن الجوار تفقّدُ الجار )) الإمام عليٌ عليه السلام .
ليس التجسس، وإنما محاولة التعرف على حاجاته وعلى مواضع شكواه فقد تكون شكواه من مال، وقد تكون شكواه من أذىً ياتيه من أحد أو من مورد ثالث أو رابع، أن تتفقد أحوال جارك لتتحمل معه ثقل المشكلة وتسعى معه من أجل حلها (( ليس حُسن الجوار كف الأذى ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى )) الإمام الكاظم عليه السلام .
متى يُعد الشخص محسناً لجوار جاره ؟ .. إذا كففت الأذى فهو شيءٌ مطلوب ومحبوب، ولكن لا تبلغ بكفك الأذى عن جارك درجة حسن الجوار، لا تكون ممن أحسن الجوار حتى تصبر على أذى جارك، كفّ الأذى درجة لكنها دون درجة حسن الجوار، حسن الجوار لا يتم إلا بأن تصبر على أذى الجار .
– (( أما حقُّ جارك فحفظه غائباً … )) لا يكون محل التلذذ في غيبتك، ولا تجري كلمة سوء على لسانك عنه، تحفظ سره وعيبه ..
((أما حقُّ جارك فحفظه غائباً، وإكرامه شاهداً، ونصرته إذا كان مظلوماً، و لا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءاًَ سترته عليه … )) وافق أن إنكشف لك عيبه، وسوء فعل من فعله، من دون أن تطلب ذلك بفحصٍ أو تفتيش، هذا الذي إنكشف إليك من سوء خلق جارك مسؤول أنت لتودي حق الجار .. أن تستره عليه، أرأيت كيف يغطي ثوبك عورتك فلتكن ثوب عورة جارك، كما يكون ثوبك غطاء عورتك .
(( … وإن علمت أنه يقبل نصحيتك، نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة .. )) إنظروا إلى مجتمعٍ كل جار لا يسلم جاره عند شديده، والجوار كما يأتي يمتد إلى أربعين داراً من جميع الأطراف، هذا المجتمع كيف تجدونه، إنه مجتمع التماسك، مجتمع التعاون، مجتمعٌ لا ياتي خطرٌ إلا وهبّ هبّةً واحدة في وجه الخطر لا يألم منه عضوٌ حتى يتداعى سائر أعضاء الجسد لدفع حمّاه وأذاه .
(( …..ولا تسلمه عند شديدة، وتقبل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرةً كريمة )) ين .ع
جِوارٌ عذابٌُ :
هناك من الجوار ما هو عذاب ..
– (( يا عليُ اربع من قواصم الظهر – وعد منها الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وجار سوء في دارُ مقام ))
مرةً يكون جوار السوء في دار سفر وفيه أذى، إلا أن الأذى يبلغ حدّ العذاب حين يكون جار السوء في دار مقام .
– (( اعوذ بالله من جار سوء في دار إقامه: تراك عيناه – تراقبك، تتفحص كل شؤونك، تدخل عليك بيتك، تهجم عليك دارك لتعرف منك ومن بيتك كل شيء – ويرعاك قلبه – يراقبك ويتابعك، يتتبعك – إن رآك بخير ساءه، وإن رآك بشرٍ سرّه )) الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم .
– (( جار السوء أعظم الضراء وأشد البلاء ))
الحديث يبالغ لعظمة هذا السوء، ليدل على عظمة هذا السوء والضراء .
الجوار وإمتداده :
– (( حريم المسجد أربعون ذراعاً، والجوار اربعون داراً من أربعة جوانبها )) أمير المؤمنين عليه السلام.
والدار التي تقع هى الاربعين من الدار الأولى المقاس إليها ايضاً يمتد جوارها أربعون داراً، وهكذا تنصنع شبكة من علاقات الجوار تربط كل أعضاء المجتمع، إذا رعا كل جارٍ حق جاره الذي يبعد عنه الذي تقع داره الدار الأربعين من داره، لم يبق عضو خارج رعاية علاقات الجوار وشبكتها .
إلى الذين يطمحون في بناء مجتمع قوي متماسك متناصر بجميع أفراده وفئاته من أجل الخير العام يقال لهم: من الوهم الجمع بين هذا الطموح طموح أن نصنع مجتمع متماسكاً متناصراً متعاوناً، والقفز على هذه العلاقات التي يشرع لها الإسلام ويحث عليها، الإسلام رعى العلاقات داخل الأسرة والعلاقات في محيط الجوار وعلاقات الصداقه، وعلاقات القومية، وعلاقات التعامل، وعلاقة ما بين الحاكم والمحكوم، وأكبر علاقة وهي علاقة الإيمان، رعى كل هذه العلاقات ولا يوجد سبيل آخر ينبني من خلاله سلوكه مجتمع قوي متماسك متناصر يعيش المودة والمحبة ويشارك بعضه بعضاً في السراء والضراء إلا هذا السبيل الذي اختاره الإسلام، هذا السبيل الذي اختاره الإسلام هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يقدم لك صناعة مجتمع قوي متماسك متناصر متعاون على الخير، تجاوز كل هذا البناء، تجاوز توصيات الإسلام وتشريعات الإسلام في كل هذه الداوئر، معناه رفع اليد عن طلب مجتمع إنساني يعيش إنسانيته ويتمع بعلاقات مستقره وتتعاون ايدي الخير فيه كلها على بناء حياة قويمة هانئة سعيدة .
إلى الذين يطمحون في بناء مجتمع قوي متماسك متناصر بجميع أفراده وفئاته من أجل الخير العام يقال لهم: من الوهم الجمع بين هذا الطموح والقفز على هذه العلاقات التي يشرع لها الإسلام ويحث عليها، ويربي ابناءه على إحترامها في محيط الأسرة والجوار ودائرة الروابط الأخرى.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على أهل الوفاء والزمرة الشرفاء والقادة لسعادة الآخرة والأولى محمد المصطفى وآله الأتقياء. ربنا هب لنا من لدنك رحمة وقنا عذاب النار واغفر لنا ما سبق واعصمنا فيما يأتي وأغفر لآبائنا وأمهاتنا وذوي قرابتنا وجيراننا وأهل مودتنا و من كان له حق علينا من المؤمنين والمؤمنات ولجميع أهل الإيمان والإسلام يا أرحم من استرحم و أكرم من سئل. يا عطوف يا حّنان ياذا المن والإحسان .

بسم الله الرحمن الرحيم

(قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد)

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق الخلائق وهو غنيُّ عنها، وأجرى عليها أرزاقها بلاجزاء منها. عليم لا يغيب شئ عن علمه، قدير لا يخرج شئ عن قدرته، حكيم لا تخلف في حكمته، مدبّر كلّ شئٍ قائمُُ بتدبيره، مهيمن كل شئ داخل في هيمنته. لا تملك الخلائق من دونه تصَرفاً، ولا ترى الممكنات بغير اذنه للوجود نوراً، ولا تفرض لنفسها استمراراً، ولا تملك تحويلاً ولا تبديلاً. نشهد أن لا اله إلاّ الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله جاء بالدين من عنده هاديا، وبالخير في الناس ساعيا، وعلى الصراط دليلا، وإلى النجاة قائداً. صلَّى الله عليه وآله الميامين النجباء.
عباد الله اتقوا الله وأمسوا وأصبحوا لنعمه شاكرين، وآلائه ذاكرين، وفي عطائه راغبين، ومن سخطه خائفين، وليكن من ذكرنا أن لاّ نعمة إلاّ من عنده، فلا نستعمل النعم إلا في رضاه، وأن لا دافع لنقمه إلا هو، فلا نطلب درءها إلاّ منه، وأن لا رجاء إلاّ في كرمه. وعند أذن لا يصح أن نشتغل عن رجاءه برجاء من سواه، ولنراقب النفس في ذلك كله، فأن الغفلة عليها غالبة، والسهو منها كثير، والشطط بالغ.
اللّهم صلِّ وسلم على البشير النذير والسراج المنير، بشارة الأنبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطاهرين، الّلّهم صلِّ وسلم على عبدك الزاهد، أخي رسولك المجاهد، ابن عمه علي بن أبي طالب. اللّهم صلِّ وسلم على ملتقى النورين، والصديقة في العالمين، فاطمة الزهراء أم الحسن والحيسن. اللّهم صلِّ وسلم على الامامين المطلومين، سبطي رسولك المجاهدين، والامامين الهادين، أبي محمد الحسن بن علي، وأبي عبدالله الحسين. اللّهم صلِّ وسلِّم على خلفاء رسولك في العالمين، والسلالة الطاهرة للانبياء والمرسلين، والامناء على أمر الدنياء والدين علي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسوى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري الائمة الميامين. اللّهم صلِّ وسلم على بقية الله الأعظم، ونور الدين الأتم من آل طه القِمم، الامام المنتظر محمد بن الحسن الآشم. اللّهم قرِّب ظهوره. ويسِّر أمره، وعجّل نصره، وانصره نصراً عزيزا، وافتح له فتحاً مبينا، وأمت به الباطل وأحي به الحق يا قوي ياعزيز. اللّهم انصر ناصره وأيده وسدّد خطاه، وأتمم له هداه، وبلّغه مناه مما ينتصر به لدينك، ويبلّغه بفضلك رضوانك، ويبوئه مقاماً كريما في جنانك يارحيم ياكريم. اللّهم اهدنا سواء السبيل وجنبنا مضِّلات الفتن، وباعدنا عن المحن، واكتبنا من أهل طاعتك، واجعلنا من أهل سعادتك في الدنيا والآخرة فإنك أكرم من أعطى وخيُر من سُئل.
أيه المؤمنون والمؤمنات. أتناول بالحديث هنا ثلاث قضايا: الموقف من مشكلات الحجيج، العلاقة بين الحكومات الأسلامية وشعوبها، الموقف من الجمعيات الأسلامية والإنسانية في البلد.

أولا: الموقف من مشكلات الحجيج: –

المتناول تحت هذا العنوان هو بعض هذه المشكلات لا جميعها:
من هذه المشكلات النقص في الإرشاد، والتسيّب في الأخلاق، وضعف الإستعدادات عند المتعهدِّين.
أ – النقص في الارشاد: وواضح أنه عند البعض هو ليس عند الكل، ولكن ذلك البعض كثير فيما ينقل وفيما قد يُظَّن. والارشاد ينبغي أن ينظر اليه وظيفةً دينيةً لا مهنة دنيويَّة – وينم البعض في مواقفه عن أخذِ هذه الوظيفة الكريمة شبيها بالمهنة الدنيوية وهو أمرا يأسف له – وأمانة ثقيلة لا شئ آخر. ويمكن أن يعالج النقص في مورد الارشاد بعد توفيق الله بمعونة التالي: –
1- أختيار بعثة علمية منتقاة من قبل علماء البلد وتكون لها استقلاليتها في السكن والنفقات في الحج ما أمكن.
2- اضافة إلى البعثة المذكورة يركّز من قبل المرشدين الآخرين على دراسة كتاب الحج دراسة دقيقة، ويطلب لهم أن يتوفروا على شهادة تأهل للارشاد من جانب الحوزات العلميّة في البلد عدا من هم معروفون بأهليتهم في هذا المجال.
3 – ربما قضت الحاجة بأن يكون المطوّف غير المرشد، وعليه فإن من يتم اختيارهم للتطويف يركّزون على تلقي فقه الطواف بدرجة عالية إلي جانب المامهم المتفاوت بأحكام الحج في مختلف مناسكه.
4- ينبغي أن يبتدئ الارشاد للحجاج في البلد من حيث فقهيات المناسك، ومعطيات الحج الكبرى، والتعامل مع الأخرين.
ب – المتعهدون: وظيفة المتعهدين في قوافل الحجيج لها إرتباطها بالبعد الديني والخلقي في واحدة من أقدس العبادات وأعظم الشعائر. ومن هذا المنطلق لا يصح تولي هذه الوظيفة من دون طابطة من خلق ودين. واذا روعي ذلك وكان هناك المصدر الامين، المستقل، المأمون على دين الله والذي يرشح أو يزكي المتعهدين لهذه الوظيفة كان خير كثير وتجنب شر كبير. والكلام هنا عما يتصل برعاية الحجيج دينيا وأخلاقيا من ناحية أحكام المناسك وليس من حيث الاكل والشرب.
ج – التسيب في الاخلاق: أود أولاً أن أذكر بقيمة هذا البلد العريق في الايمان وأنه بلد الاسلام والايمان والعلم والتقوى، والبلد الذي لم يفارق خندق الدفاع عن الاسلام في يوم من الايام، هذا البلد في معناه أكبر منه في حجمه بمرات، حين تدرسون تاريخه ورجلاته وتقفون على وقائعه وما كان لهذا الشعب وعلماء هذا الشعب من صمود في المحن والازمات، هذا البلد حين ما يسافر مسافره كان يحمل معه هدى للاخرين، واذا أقام في بلد أخر أسس الحسينية وأسس الحوزة وأسس الموكب الحسيني، ونشر شعائر الدين. تشهد بقاع من إيران المباركة بما كان للبحرين من دور علمي ومن حرص على خط الايمان والعلم والتقوى وما كان عليه هذا البلد من كفأة تؤهله الى أن يحي العلم في بقاع من بلاد عريقة كفؤة علمية عريقة. هذا الدور دور حمل الهدى للاخرين، تعليم الدنيا، هدىً ونوراً وخيرا. من المأساة أن ينقلب الى دور عكسي مخجل مشين في بعض الحالات النادرة، واوذ من جهة أخرى أن توضع الشكاوى والنقولات بشأن بعض المخالافات الخلقية في حجمها. الأمر لا يصل الى حد الطاهرة وأنما هو نفرُُ قليل، شردمة صغيرة لم يتم لها البناء الكافي وفي كل بلد من هذا كثير , هذه الشردمة الصغيرة هي التي قد تسئ الى السمعة وهي التي قد يحدث منها ما يُخجل، وقد تكون هي المترددة على أماكن الزيارة والحج والمناطق الآخرى لتسئ السمعة وتسجل ما لا يليق بشرف هذا البلد وكرامته وعفته وطهره وابائه، لكن النقطة السوداء اذا ترك لها أن تتمدد فستغطي مساحة كبيرة وستتمنع بعد ذلك على المحو فلا بد من مواجهة أي نقطة سوداء في بدايتها لتبقى الصفحة صفحة بيضاء بكاملها. وتأكدوا ما من بلد من البلدان الأ وفيها الخسيس الذي قد يقصد الحج وقد يقصد الزيارة ويسيئ الى سمعة بلده.
1- علاج المشكلة الخلقية يحتاج الى جهود مكثفة مستمرة طوال العام بل طوال الأعوام المتلاحقة من تربية ومشاريع عملية مخففة. وأقول مخففة لأن الجهود المبدلوه اليوم تواجه بسياسة عالمية مدبرة مدمرة بصديد الحضارة المادية الغربية الذي يفسد أجواء الروح وأجواء النفس ويحطم خلقيات الناس.
2 – ينبغي أن يدخل عنصر التركيز على الناحية الخلقية في نشاط المرشدين في البلد وفي الاماكن المقدسة.
3 – يطلب للمؤمنين من الحجًّاج أن لا يتخلوا عن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن طريق الكلمة.
4- في الحج المندوب على الأباء والأزواج أن لا يسمحوا للشابات وغيرهن عند القلق على الناحية الخلقية بالحج إلا في رفقة محرم حازم.

ثانياً: العلاقة بين حكومات البلاد الإسلامية وشعوبها

1- الظرف الذي يفترض التحدث فيه بشأن هذا الموضوع هو ظرف التدخل الأمريكي في البلدان الاسلامية عسكريّاً وعلى مستوى الأمن الداخلي والتربية والتعليم والاعلام والاقتصاد والتوجيه الديني، وصلت مسألة التدخل الأمريكي في الشأن الداخلي للبلاد الاسلامية الى الناحية الدينية، الى التوجيه الديني. ومعاملة الحكومات لشعوبها وما ينبغي لهذه المعاملة أن تلتزمه من مسارات تضمن الحفاظ على المصالح الأمريكية بأقصى درجة ممكنة.
2- المطلوب في هذا الظرف مع التزام الحكومات في البلاد الاسلامية بالتفرقة الواضحة بين الارهاب وبين المطالبة بالحقوق، والعمل على التخلص من طاهرة الارهاب إذا وجدت ؛ أن تتحد صفّاً واحداً من أجل الحد من هذا التدخل الواسع السافر الذي يكاد في بعض البلدان أن يلغي دور السلطة القائمة فيها تماماً، كما قد تشاهدونه في حالة باكاستان اليوم.
3- ينبغي أن تسعى هذه الحكومات ما استطاعة للعمل على التنمية الشاملة الايجابية للثروات والشعوب تمنيو ملتحمة بقيم الدين والخلق الكريم، وأن لا تسمح بتحول هذه الشعوب الى كّمٍ مهمل تفِرض عليه نتائج الاهمال والتسيب غير المسؤول، إلخروج من دائرة حركة التاريخ.
4- لا بد من العمل على استقرار العلاقة الإيجابية بين الشعوب والحكومات وثباتها من خلال أوضاع دستورية واضحة تستكمل بيان الحقوق والواجبات بصورة صريحة تأخذ بموازين الحق والعدل، وتكون مرجعاً للعلاقة بين الطرفين ؛ مصحوباً ذلك بحسن النبية في التفسير والتضبيق.
5- مطوب للشعوب أن تتفقف على المطالبة الدستورية والقانوينية بحقوقها بديلا ثابتاً عن الأساليب الأخرى. وهو أمر يتطلب أن تبرهن الحكومات على فعالية هذا الاسلوب وجدواه من خلال الاحترام لهذه المطالبة قطعا للطريق على تسلل أي أسلوب أخر يضر بمصالح الأمة جمعاء.
6- يمكن أن نقول بأن بلدنا الحبيب صارت أوضاعه مرشحة للاسلوب المطالبة الدستورية أكثر من ذي قبل ويمكن أن نتقدم كثيراً على هذا الطريق بتعاون أكثر بين طرفي الحكومة والشعب، وأستقرار صيغة دستورية عادلة تتقدم بمستوى حقوق المواطنين بالقياس الى الدستور القائم ولا تتأخر، وتقترب من قيم الدين والخلق الرفيع ولا تبتعد أو تتقهقر.

ثالثاً: الموقف من الجمعيات الاسلامية والإنسانية في البلد

1- لا شك أن الجمعيات الاسلامية القويمة الصادقة، والجمعيات الانسانية النظيفة المخلصة البعيدة عن الشبهات هي محل تأييد هذا الشعب واحترامه.
2- إن التأييد والاحترام والدعم المرغوب مراعى دائماً بالاستقامة على خط القيم والدينية والخلقية الرفيعة والتقيد بالحكم الفقهي في مقام التخطيط والتنفيذ، ومراعاة المصلحة العامة للمجمع وخدمته.
3- يؤمل في بعض الجمعيات الاسلامية القائمة ومن خلال واجهاتها العريضة في تمثيلها الاداري خير كثير نرجوا أن يكون أكبر مما يظن.
4- لا بد من الرقابة الاجتماعية لسير هذه الجمعيات من داخلها وفي الدائرة الاجتماعية الواسعة وذلك بملاحظة مشاريعها وتوجهاتها وخطواتها العملية التفصيلية دائماً “وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون “.
5- يطلب لاصحاب الكفاءات المخلصين بالحاح أن يلتحقوا الصالحة ليسهموا مع اخوانهم القائمين بالعمل فعلا في خدمة المجتمع وتحسين مستوى الوعي بجميع أبعادده النافعة، كما ينبغي دعم هذا النوع من الجمعيات من جميع فئات المجتمع في خارجها.
اللّهم صل على محمد وآل محمد واجعل محيانا محياهم، ومماتنا مماتهم، واحشرنا في زمرتهم ياكريم. ربنا اغفر لنا ولمن سبقونا بالايمان ولجميع اخواننا وأخواتنا المؤمنين والمؤمنات أجمعين ولآبائنا وأمهاتنا وأهل مودتنا وكل ذي حق علينا من أهل الايمان والاسلام يا أرحم الراحمين .

بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَىوَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون)

زر الذهاب إلى الأعلى