خطبة الجمعة (14) 14 ربيع الثاني 1422هـ – 6-7-2001م

مواضيع الخطبة:

محور العملية الحضارية – ولاية
المؤمن وولاية الكافر-المنافقون والمؤمنون

لأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مساحته كل الآخرة وكل الآخرة أيها الأخوة، ما من مشكلة تتصورونها وما من انحراف سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، أي انحراف من انحراف الأمة أو حكمها إلا وهو مسألة تدخل في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخطبة الأولى

الحمد لله الأول بلا أوليّة، والآخر بلا أخريّه، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
كلُّ ما عداه من شئ مسبوق بالعدم، مفاض عليه الوجود، يلحقه الفناء، يناله التغيير، تجري عليه الزيادة والنقص، لا يملك من ذاته أن يرد قضاءً، أو يؤخر أجلا، والله وحده لا تأتي عليه العوارض، ولا يحتاج إلى زيادة، ولا يمسه نقص، ولا يعتريه طارئ .
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ما جاء به من عند الله فهو الحق، وما عارضه فهو الباطل، شريعته لا تنقضي، ودينه لا ينطوي. كذب المرجفون فإن إنقاذ الأرض وأهلها لن يكون إلا بدينه، و السعادة لن تنال إلا بتطبيق شريعته، والحياة لن تزدهر إلا على يدي المذحور من ذريته.
اللهم صلِّ وسلم على النبي المسدد، والمصطفى الأحمد، محمد وآله الركع السجد، الأطهار الأخيار، الصالحين الأبرار.
عباد الله اتقوا الله الذي أوجدكم ولم تكونوا لتنالوا نعمة الوجود إلا بفضله، ورزقكم وما كان لكم أن ترزقوا إلا بفيضه، ودفع عنكم وليس لشئ أن يدفع عن نفسه إلا بإذنه. وتقوى الله أن تعطي الطاعة إليه ثم لمن كانت طاعته من طاعته، أو بإذن من شرعه، وأن لا توالي عدوّه، ولا تعادي وليّه، فكونوا عباد الله بقلوبكم وبكل ما تملكون من حول من عطائه مع الله وأوليائه، والسائرين على طريق طاعته، ولا تكونوا مع من عاداه وجحده، وناجز دينه، فيمسكم من الله غضب وعذاب شديد.
اللهم اغفر لنا مغفرة تامة، لا تبقى لنا بها ذنباً، ولا نقع بعدها في معصية، ولا نقارف سوءاً أو إثما.
أيها المؤمنون والمؤمنات إنما تنزل القرآن الكريم على قلب محمد(ص) من لدن العزيز الحكيم هدى ورحمة للعالمين وليصوغ العقول والأفئدة ويبنى حياة النّاس في ضوء هدى الله ومنهجه القويم. ولنقف عند هذه الآيات من الذكر الحكيم لنقتبس من هدى الكتاب ونبني وعينا في ضوئه:
الرسول صالح (ع) قال لقومه ثمود في كتاب الله المجيد ) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ
(151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152)-الشعراء .
((أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ)) سؤالٌ إنكاري مفاده النفي والإخبار المؤكدّ، بأن قوم ثمود لن يتركوا آمنين كما يشتهون، لن يترك لهذا الإنسان أن يعبث ويلعب ويخرج عن قوانين الله حتى النهاية، إن له حداً محدودا، إذا اصطدم انحرافه بالمسيرة الكونية، والحفاظ عليها بقدر الله غلبه قدر الله وأركسه، فلابد من ضربة قاصمة من الله سبحانه وتعالى ترد المنحرفين عن خط الكون وعن خط الإرادة الإلهية في الأرض ،(( أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ))، خططوا ما تخططون، حاولوا ما تحاولون، شوهوا ما تشوهون، إلا أن إرادة الله فوق كل شئ، ولن تنحرف المسيرة الكونية وما قررته الإرادة الإلهية حتماً في شؤون المجتمع والناس عن مسارها أبدا، هذا السؤال الإنكاري، هذا التقريع، هذا التهديد، هذا التوبيخ، هذا الوعيد، لماذا؟ الآيات الكريمة تقول (( أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ))، متداخل متراكم كثير، (( وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ))، بحذاقة أو مع بطرٍ وأشر، نحت البيوت من الجبال لا يقوم على وسائل بدائية جدا، فهناك تقدم صناعي، وهناك تقدم عمراني، وهناك تقدم زراعي كل ذلك قد شهدته ثمود، فماذا يهددهم بعد ذلك؟ وهل هناك جور اقتصادي؟ فيما يبدو من الآيات الكريمة، أن ليس هناك جور اقتصادي، وان ليس هناك خلل في العدالة الاجتماعية وإنما المسألة مسألة أخرى. منطلق التهديد والوعيد شئ آخر، ليست المسألة في جميع أبعادها هو النَصَف الاقتصادي وهو العدالة الاقتصادية، إذا ساغت هذه العدالة مقنعاً وقفت مقنعةًً البشر، فإن شرع الله لا يقف عند هذا الحد، ويفرض على الحكام ويفرض على المتنفذين أمراً آخر فالعدالة في الإسلام أشمل من هذا وأكبر وأكمل وأعمق، ومهمة الحكم في الإسلام مهمة ترتقي لصناعة الإنسان، الصناعة الإلهية، وتربيته على خط الكمال الإلهي حتى يأتي إنساناً سويا عقلاً ناضجاً روحياً قادراً إرادة مستقيماً إرادة نظيفاً ، مشاعر وأحاسيس ووجدانا.
محور العملية الحضارية في الإسلام الإنسان، الإنسان بحيث لابد للحكم من أن يبلغ به مستواه الكبير الذي خطط له الله سبحانه وتعالى في مشروع الإنسان نفسه، فإن الإنسان في داخله مشروع كبير من الله سبحانه وتعالى معدٌ لمستوى فعليٍ كبير يتقدم به الملائكة فلا يصح لدولة من الدول ولا لإطروحة من الاطروحات ولا لنظام من الأنظمة الرسمية أن تهبط بهذا الإنسان من غايته الكبرى إلى أن تنحط به إلى مستوى الحيوان حتى باسم التقدم الاقتصادي والرفاه المعيشي.
((المجيد ) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ))، الخطاب للجميع، فالجميع فيما يبدو انهم كانوا في جنات، الجميع كانوا آمنين، الجميع كانوا في زروع ونخل طلعها هضيم، الجميع كانوا في بيوت محصنة فنية، إذن ما النقص؟ ما الخلل؟ ما موجب التوعد و التهديد من قبل الله سبحانه وتعالى وعدالته الصارمة؟
((فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ))، صالح (ع) يقول ((فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ))، مع التقدم الاقتصادي، مع الرفاه المعيشي هناك فساد، هناك إسراف، والإسراف هو الميل عن خط الحق عن الاطروحة الإلهية المعصومة عن خط السماء عن الهدف الإلهي لهذا الإنسان، أي ميل عن هذا الهدف، أي ميل عن خط الله، في مسار الأمة، وفي مسار النظام الرسمي في الأمة، يعد إسرافا، ويعد انحرافا، ويعد ظلماً وزيغا، ولابد أن تطالب الأمة نفسها، وتطالب حكامها بالاستقامة على خط الله وعلى خط الهدف الإنساني الذي خطط له المشروع الإنساني من صنع اليد المبدعة الإلهية ، (( وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ))، ما النقص يا أيها الأخوة؟ لا نقص إلا الخلل الروحي، إلا تقديم طاعة المسرفين على العادلين، الظالمين على العادلين، والمسرفين على المعتدلين، الخط الحضاري حين ينشغل بالنواحي المادية وبقضاء الحاجات البدنية فقط، ويضحي بحاجات الروح، وبالقيم الروحية من أجل البدن، فهو خط حضاري منحرف، يستحق أهله عقاب الله ووعيد الله وتهديده.
((وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ))، المطلوب من الإنسان مجتمعاً وحكومة، المطلوب من الإنسان فرداً وجماعة أن يتحمل مسؤولية مهمة الإصلاح في الأرض، ويتفرغ لمسؤولية الإعمار الصحيح الزكي الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، هذه هي المهمة الصحيحة، وهناك أمم وهناك شعوب وهناك حكومات، تتخلى عن وظيفة الإصلاح وعن وظيفة الإصلاح والإعمار، وأول ما ينبغي أن يعمر ويبنى ويزكى هي النفس البشرية، هو ضمير الإنسان، هو قلبه، هو عقله، هو روحه، حين يكون تخلٍ عن هذه الوظيفة الكبرى، لا يكفي بناء العمارات، ولا تكفي الزروع، ولا تكفي المصانع، أول ما يجب أن يبنى الأرواح والأنفس والأفئدة، وإلا كان فساد، وفساد كبير، وكان توعد من الله وتهديد.
قيادة ثمود كانت متحملة مسئوليتها بشكل لائق فيما يبدو من سياق الآيات الكريمة على المستوى المعيشي والاقتصادي، ولكنها كانت في تخلف شديد، وإسراف كبير من ناحية البعد الإنساني، وبعد الروح في الإنسان، والإنسان بروحه لا ببدنه أيها الأخوة والأخوات، البدن من تراب وسيتحول إلى تراب ، البدن يأكل الحيوان، وسيأكله الحيوان وأخسه الدود، ومن رأى أن قيمته في البدن فهو يضع نفسه على صعيد واحد مع الحشرات ومع الديدان، والديدان أكبر منه لأنها ستأكله، الإنسان بروحه، الإنسان عملاق حين تتعملق روحه وذاته الإنسانية، الإنسان كبير حين يمتلك عقلاً متفتحاً، يمتلك رؤية ممتدة دائمةً على عدل الله ولطفه وقدرته وإحسانه عدله وحكمته، الإنسان هو ذلك الشعاع المتعلق بنظر دائم إلى عظمة الله،الإنسان هو ذلك الإنسان القبسة من نور الله التي إذا ما انطفأت في ذاته أنطفأ كل شئ من كرامته ووزنه الكبير.
على هذا من يمثل المسلم الحقيقي على المستوى السياسي؟ هل تمثله الفئات المادية والتي لا تملك مطلباً إلا على مستوى المادة؟ وإذا أخلصت لندائها فهي إنما تخلص لنداء مادي بحت يركض وراء الشهوات، ووراء إشباع البطون. المسلم الحقيق الذي يمثله سياسياً هو هذا النمط من التكتلات والفئات أم أن الذي يمثله هو الإنسان المسلم الحقيقي وعياً ورشداً وتوجهاً هدفاً وقيمةً ودوراً ورسالة، هم الرسالتيون، هم المبدأيون، هم الذين يقدمون المبدأ على كل شئ، ولا يبيعون الذي هو أغلى بالذي هو دون، لا يقنعون برفاه اقتصادي يحطم في الشعوب الروح ويحطم في الإنسان قدسيته، نعم هم يطالبون بالتحسن الاقتصادي، ويطالبون بالتقدم المعيشي، ويطالبون بكل حق من حقوق البدن، لكن لا على حساب الروح، إنهم يقدمون اطروحة منتظمة، منظومة من الأسس، منظومة من الخطوط العريضة ثم التفصيلية التي تنسجم مع حاجات الروح وتنسجم مع حاجات البدن، لتدخل بالانسجام على الأمة كل الأمة على المجتمع على الأسرة على النفس في داخلها، والتمزق هو نصيب الأمة وهو نصيب الشعوب، وهو نصيب الأسرة، وهو نصيب النفس الواحدة، الانشطار، التمزق، الضياع هو نصيب كل ذلك، حين يبتعد سير الناس ومسارهم عن خط الله وعن اطروحة الدين، لن ترتقب الدنيا اليوم رفاهاً اقتصاديا كما كانت عليه ثمود يوم أمس وبحسب مستواها الزمني الغابر، إلا أن ذلك لم يقنع الشريعة، لم يرضِ الله سبحانه وتعالى حين ضاعت القيم وحين نسيت الروح.
كيف نطرح مطالبنا السياسية أيها الأخوة؟ هل نطرح مطالبنا السياسية من منطلق وطني؟ من منطلق قومي؟ من منطلق ديمقراطي؟ من منطلق ليبرالي؟ من منطلق التقدم العالمي؟ أم أن علينا أن نطرح مطالبنا السياسية على مستوى الروح والبدن من منطلق حضاري متميز يفوق كل المنطلقات ويستوعب كل العدل وينطلق من الرؤية الكونية الصحيحة، ومن قيم لا تتزلزل، ويرفع لافتة غير كاذبة، هي لافتة الدين، ولافتة تقوى الله سبحانه وتعالى، ولن يردع في الأرض شئ أكبر من تقوى الله سبحانه وتعالى في نفس الإنسان.
((وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ)) الشعراء، طالبهم بالتقوى، طالب الدنيا حتى الكافر، طالبه بالتقوى، علمه أنه عبدٌ لله، إزرع في النفوس ثقافة الإيمان لتحاسب النفوس على أساس الإيمان، سوق الثقافة الإسلامية، الوعي الإسلامي، أعط الشياع، أعط الانتشار للوعي الإيماني للوعي الإسلامي، رب مجتمعاً مؤمناً، ثم طالب مدراءه وطالب وكلاء وزاراته وطالب وزراءه وطالب حكامه بالعدل على أساس من منطلق الدين، إن ضمانة العدل، وإن ضمانة الاستقامة، لا تكمن في شئ كما تكمن في الدين، ولا تكمن في شئ كما تكمن في تقوى الله، الله عز وجل يرسل موسى لأطغى رجل في الأرض يوم ذاك ليواجهه ويواجه به لفيفه كله، بدعوة تقوى الله، بالتذكير بسلطان الله، ليشيع وعياً في الأمة يرتبط بالله بتقدير الله بتقديس الله بالخشية من الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ لان الناس لا يستقيمون على الدرب إلا حين تنطلق إرادتهم من إرادة الله، ولن ينصف أحدنا الآخر كما ينصفه إذا اتقى الله سبحانه وتعالى، أنت لا تنصف زوجك الإنصاف الكامل إلا أن تؤمن بالله، أنت لا تنصف ولدك الذي هو فلذة من كبدك لا تنصفه الإنصاف الكامل التام عند الغضب عند الإنفعال عندما يأتي بما يكره، إلا حين تتقي الله، فكيف تنصف أهل الأرض كل أهل الأرض بلا تقوى من الله.
((إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ)) يستمر السياق فيقول ((أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) )) الشعراء، شعيب النبي (ع) ، يحمل دعوة للتصحيح الاقتصادي، للعدل الاقتصادي ولكنه ينطلق في هذه الدعوة مأموراً من الله سبحانه وتعالى من تقوى الله والتخويف بالله، فنحن أصحاب مطالب سياسية، وعلينا أن نعيش الحركة السياسية، وعلينا أن تكون لنا مطالبنا الواضحة السياسية، وعلينا أن نتقدم الآخرين سياسياً في الطرح السياسي سياسياً والمطلب السياسي، ولكن ليس من منطلق القومية ولا الوطنية ولا الإمبريالية ولا أي عنوان آخر، يجب أن نطالب بذلك كله بالعدل السياسي، بالعدل الاقتصادي، بالعناية التربوية، بعدم التجنيس الجائر، بكل مفردة من مفردات العدل من منطلق الدين، وأن هذا كله واجب في دين الله، أرأيتم شعيباً وما يأمر به من أمر قومه بتقوى الله سبحانه وتعالى وذلك لخلل اقتصادي، لخلل في العدالة الاقتصادية، عجباه، كيف يقال إن الدين لا يحمل هم الدنيا، وكيف يقال إن الدين يغفل الدنيا، هذا رسول وخط عريض من خطوط رسالته الكبرى هو أن يعالج الوضع الاقتصادي الجائر، والاستغلال الاقتصادي، وتعتبر الآيات الكريمة ذلك فساداً في الأرض، فالفساد في نظر القرآن الكريم قد يكون لانحراف سياسي، وقد يكون لانحراف اقتصادي، وقد يكون لانحراف روحي، وأي انحراف عن خط الله العادل المستقيم المربي هو فساد يجب أن تواجهه رسالات السماء في تنزلها، في امتداداتها، على يد الرسل، وعلى أيدي الأجيال الرسالية كهذا الجيل الرسالتي العظيم.
اللهم اغفر لنا وارزقنا البصيرة والهدى والعمل بما تحب وترضى واجعلنا ذاكرين لك شاكرين لأنعمك يا كريم.
((بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)

الخطبة الثانية

الحمد لله ملاذ اللائذين، وناصر المستضعفين، العزيز من انتصر به، ولاذ بحماه، واعتصم بحبله، وفاز بولايته. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يرضاها، وينظر بعين لطفه، ورعايته لمؤديها، وأسأله تبارك وتعالى أن يبقيني ما حييت عليها، ويجعلها ذخراً لي ومنجاة عنده يوم ألقاه، وفي قبري وحشري ونشري وهو المؤمّل دون سواه، والمرجوّ دون من عداه.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. دلّ به على الطريق، وأقام به الحجة، وأنار به المحجّة، وجعل فيه القدوة للقيادة في أمة الإسلام والإيمان. اللهم صلّ وسلم على رسول الهدى، ونبيّ السلام، الداعي إلى صراطك، القائد إلى مرضاتك، من اصطفيته وكرمته وشرفته الصادق الأمين محمد خاتم المرسلين. اللهم صلّ وسلم على محمد وآل محمد.
اللهم صلّ وسلم على المشهود له بالفداء، المجاهد في الله أعداءه، الباذل لنصرة الدين مهجته، المضحي بين يدي رسولك بنفسه، الشهيد في محرابه، الشديد في ذات الله، علي أمير المؤمنين وليّ الله، اللهم صلّ وسلم عليه. اللهم صلّ وسلم على ذات الوقار والبهاء أمتك الصابرة، الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء، اللهم صلّ وسلم عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها. اللهم صلّ وسلم على الإمامين الواجبي الطاعة إن قاما وإن قعدا، والسيدين للناس إن قالا وإن صمتا، الحسن الزكي والحسين سيد الشهداء، اللهم صلّ وسلم عليهما. اللهم صلّ وسلم على من فرضت على العباد طاعتهم، ورضيتهم أئمة للناس، وساسة للعباد وأمناء على السلم والجهاد علي بن الحسين السجاد ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري، اللهم صلِّ وسلم عليهم أجمعين. اللهم صلّ وسلم على الإمام الزكي، والولي التقي، والثائر الأبي محمد بن الحسن المهدي، اللهم صلّ وسلم عليه وعجل فرجه وسهل مخرجه.
اللهم ادحر به أعداءك، وانصر به أولياءك، واشف به صدور المؤمنين. اللهم اجعلنا جنده، والمنتظرين له بالقول الهادي والعمل الصالح والسيرة المرضية. اللهم اقبلنا في الممهدين لدولته الكريمة وأيامه الميمونة. ومكّن للمقتدي بعدله، السائر على هديه، والمسلّم بإمامته، الممهد لدولته، ومن باعد عنه فباعد بينه وبين رحمتك، ومن صدّ عن طريقه فصدّ عنه رعايتك.
اللهم إنا نستغفرك فاستغفر لنا، ونستهديك فاهدنا، ونتوكل عليك فلا تخذلنا، أنت مولانا ونعم المولى ونعم النصير.
عباد الله اتقوا الله ولا تنسوا يوم تقوم الخلائق بين يدي الله للحساب فتجزئ كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون، يوم تشهد على الناس ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون. فلا تطلبوا رضى مخلوق بسخط خالق، ولا يخرجّنكم من رضى الخالق سخط المخلوق.
أما بعد أيها المؤمنون والمؤمنات ففي قول الله عز وجلّ الفصل، وبه يعرف الحقّ وباتباعه يطلب الفوز والنجاة، وقد قال عزّ من قائل:
((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75))) الانفال-، هنا أيها الأخوة مقابلة بين الولاية بين المؤمن والمؤمن، هذا في طرف وهناك ولاية أخرى تقابلها، هي ولاية الكافر للكافر، والكفار كلٌ واحد لا يتجزأ، والذين كفروا بعضهم أولياء بعض، إنهم كيان واحد، إنهم كتلة واحدة، شرقيهم غربيهم، انجليزيهم، امريكيهم، روسيهم، عربيهم ، كل أولئك كتلة واحدة يعملون ضد الإيمان ويقاومون الإسلام، فلابد من كتلة أخرى، لابد من تيار متعاظم كبير في الأرض يحمل راية الله، لابد من ولاية، لابد من تناصر، لابد من محبة، لابد من تعاون، لابد من تواف في الجهود، لابد من تنظيم بين المجهودات المختلفة على مستوى الأفراد وعلى مستوى المؤسسات داخل كتلة الإيمان وتحت ظل راية الله سبحانه وتعالى، تقول الآية الكريمة إن لم تعتبروا الكفار بعضهم أولياء بعض، وتقفوا بولايتهم عند هذا الحد لا تتعدى إليكم، وإن لم تواجهوا هذه الولاية بولاية بينكم هذا فيما يفهم من تفسير. هنا قضيتان.
القضية الأولى : أن لا تمتد الولاية بين الكافرين إلى المؤمنين، فلا تسترق منكم أولياء، ولاية القائمة بين الكفار لا تنتهب الصف الإيماني، لا تأخذ أولياء منهم على مستوى الشعور ولا على مستوى العمل، ولا على مستوى الفكر.
القضية الثانية: أن يقوم كيان كبير راسخ ، ممتد، شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، هي كتلة الإيمان والمؤمنين، وأن تعيش هذه الكتلة الولاية ، ولاية المحبة، وولاية النصرة، وولاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في داخلها.
القضيتان معاً إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، لأن كتلة الفكر إذا تمددت على حساب كتلة الإيمان، وكان التيار الغالب في الأرض هو تيار الكفر، لا يقاومه ولا يناهضه تيار الإيمان، فهو فساد في الأرض يستوجب غضب الله وسخطه، ولابد من أن تحل النقمة، ذلك أن هذا الدور في الأرض، دور الفساد الذي يطغى، دور الفساد الذي لا يقاوم، دور الفساد الذي لا يناهض، هو مواجهة صريحة صارخة لإرادة الله ولخط الكون الذي يحمد ليل نهار، ويحمد كل لحظة ، ويسبح كل لحظة باسم الله، فهذه إرادة أرضية شيطانية تصطدم بإرادة الله سبحانه وتعالى بقوة، وبالخط الكوني كله بمسار الكون، فأقوى الطرفين لابد أن يدك الطرف الآخر، والقوة لله وحده، والعزة لله وحده.

مقابلة أخرى أيها الإخوان، تلك مقابلة قرأناها بين صف الكافرين، وصف المؤمنين، هل انتهى الأمر؟ لا، هناك مقابلة أخرى
( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)….. ، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)))- التوبة -، هذه مقابلة أخرى هناك كتلة أخرى، تعيش في داخل الأمة، في داخل أمة الإسلام والإيمان، هي كتلة المنافقين والمنافقات، وهي كتلة منظمة، كتلة تتحرك على أساس التخطيط والدعم الخارجي، كتلة لا تفتر أبداً عن مواجهة الإسلام والإيمان وبشتى الأساليب وبأنواع المكر والكيد، إنها تدخل في الصفوف، قد تدخل المسجد وتدخل الحسينية، وقد ترفع لافتة الإسلام يوماً ما، وقد تهادن الإسلاميين لحظة لكن لتنقض عليهم في وقت قريب أو بعيد، كتلة المنافقين كانت موجودة في صدر الإسلام وفي حياة الرسول الأعظم (ص)، وكانت تتعامل مع اليهود ومشركي مكة، وتكيد بالإسلام من داخل مكة ومن داخل الصف الإسلامي، وهذه الكتلة اليوم، أيضاً لها امتداداتها العالمية، تعيش لحساب ومصالح إنجلترا، وأمريكا وروسيا والغرب والشرق الكافرين معا، هذه الكتلة وزنها اليوم غير وزنها أمس، هي اليوم بحجم كبير مستطيل من ناحية الإمكانات والقوى المادية والتنظيم والتقنين والتوجيه والقيادة الممولة، أيقف المسلمون فرادى؟ أشتاتا في مواجهة هذا الوجود الطاغي الكبير والغدة السرطانية في هذه الأمة؟ أم لابد أن تتوحد الجهود، ولابد أن تتبلور الرؤى الإسلامية، ولابد أن ينقى الفكر الإسلامي في ذهن أبناء الأمة، ولابد أن تكون الراية ناصعة واضحة جلية لا غبش فيها، هي راية الإيمان و الإسلام والتوحيد، وكل شي يمكن أن يتنازل عنه إلا نقاوة المفاهيم، وإلا صحة الرؤية، وإلا قضية الإيمان لا يدخلها الغبش ولا الضبابية.
أيها الأخوة الكرام، تقول الآية عن كتلة الإيمان ((يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)) فلا تستوحشوا أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر، ومنكرٌ أن تنكروا أمراً بمعروف، وأن تنكروا نهياً عن منكر، ((وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ))، قبل ذلك أرجع إلى الأمر بالمعروف، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مساحته كل الآخرة وكل الآخرة أيها الأخوة، ما من مشكلة تتصورونها وما من انحراف سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، أي انحراف من انحراف الأمة أو حكمها إلا وهو مسألة تدخل في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،ربما تصورت عقول أن مساحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو المخالفة في الصلاة، التخلف عن حكم جزئي من أحكام الصلاة فقط، هذا كبير وهذا أصل، وهذا مقدر، وهذا لابد منه وهو الإنكار على المخالفة التي قد تتراءى لبعض الأعين أنها صغيرة مما يتعلق بشأن الصلاة، ولكن هل كل مساحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي هذه المساحة، أم أنها تمتد مع مساحة الحياة؟ وتستوعب كل امتداداتها وتشعباتها. الحق الثاني ،(( وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ))، لابد أن نصر على التواجد في مساجدنا كل مساجدنا، لابد أن نصر على الصلاة وقيم الصلاة ووعي الصلاة وروحية الصلاة، والاشتغال بذكر الله فإن المسار خاسر ما لم يرتبط بالصلاة ويمون من الصلاة وقيم الصلاة وروحية الصلاة وذل الصلاة وخضوع الصلاة أمام جبار السماوات والأرض.
((وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ))، لا يتخلفون عن دورهم الاقتصادي، عن واجبهم الاقتصادي، عن بناء الحالة الاقتصادية الصحيحة المتقدمة، ((وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ))، قيادتكم الله، قيادتكم رسول الله، فإذا كان الله سبحانه وتعالى يجل قدره ويعظم شأنه عن معايشة الناس في أحوالهم المعيشية كوجود يرونه بحسهم على الأرض، وكان رسول الله (ص) قد انتقل إلى جوار ربه، فإن هناك قيادة بعده، هي قيادة المعصوم، والمعصومون (ع) لم يتركوكم في فراغ ولفراغ، دلوكم على القيادة ، إن لم تكن هذه القيادة تمتلك موقع القيادة الفعلية التي تتمع بكل الإمكانات فإنها قيادتكم ومرجعكم في الفتوى وفي إعطاء الرأي السياسي في ما يجوز وفي مالا يجوز، وفي ما يصح أن يؤخذ من الأجنبي وما لا يصح أن يؤخذ من الأجنبي، هذه الصفة ضرورية ومنها تنتطلق كل الصفات وهو أن هذه الكتلة، هذا الصف، هذا البناء، يطيع الله ويطيع رسوله (ص)، طاعة رسول الله (ص) على مستويين : طاعة على مستوى التعبد بالتشريع الآتي عن طريقه، وطاعة تتمثل في تلقي أوامره التنفيذية الإجرائية وهي الأحكام الولائية، تلقي بقبول وتسليم ورضى، وهذا أمر ينسحب على منصوب رسول الله (ص) ومنصوب رسول الله هو أمير المؤمنين (ع) والأحد عشر من بعد (ع)، وينسحب على منصوب الإمام المعصوم وقد نصب الإمام المعصوم في النص عن الإمام جعفر الصادق (ع) وفي النص عن الإمام القائم (عج) : الفقهاء العدول، الصائنين لدينهم المخالفين لهواهم الذين لا يأخذون إلا بما قام عليه الدليل وأنه من حكم الله, لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، هنا ولاية مرفوضة أيها الأخوة ، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ …….. (51)) – التوبة -، كفى، كفى، كفى لمتعقل ، كفى لمن في قلبه ذرة إيمان، أيها الأخوة ألا يعيش حالة ولاء داخلي في النفس، على مستوى الشعور ولو بمقدار ذرة على أعداء الله، وذلك شأن غير شأن تلاقي الجهود الخارجية في الوقوف في موقف واحد في قضية عادلة وفي رد ظلم ظالم، وانتصار لمظلوم، ذلك أمر آخر غير ما أقوله، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23)) – التوبة -، أبوك الذي قرنت طاعته بطاعة ربك، أمك التي قرنت طاعتها بطاعة ربك، اللذان طاعتهما جاء بها قرآن صريح هذان والأخوة الأعضاد الأجنحة ليس لك أن تحبهم، الحب الذي يفصلك عن الله ، ليس لك أن تنتصر لهم النصرة التي لا يرضاها الله ، ليس لك أن تقربهم التقريب الذي يبعدك عن الله عز وجل ، فكيف اليهود؟ فكيف النصارى ؟ فكيف الشيوعيون؟ فكيف العلمانيون ؟ فكيف أعداء الله ، هؤلاء لا تدخل مع محبة أحدهم في قلب مؤمن ، وإن دخلت محبتهم في قلب مؤمن فإما أن يكون ذلك لخطأ في تصور، أو لنقص في إيمان أعاذنا الله من ذلك .اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا ومن يعنينا أمره وإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، واجعل ولاءنا لك ولأوليائك، ولا تجعل لنا من ولاء الكافرين والمنافقين شيئاً أبداّ وتولنا فيمن توليت وبارك لنا في ما أعطيت وقنا شر ما قضيت ، يا من هو بعباده رؤوف رحيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون

زر الذهاب إلى الأعلى