خطبة الجمعة (384) 14 رمضان 1430هـ – 4 سبتمبر 2009م

مواضيع الخطبة:

*الاعتبار سمة العقلاء *الوضع المحلي

ليطالع أحدنا ما أمضى من عمره للدنيا في شهواتها ورغباتها ولذائذها من غير تقوى فبما كسب أو أنفق، وماذا بقي له من هذا الحصاد غيرُ الآثار الجسمية السيئة لما أسرف في أكل، وشرب، ولذائذ ماديَّة أخرى، وغيرُ الظّلمة الروحيّة لما كان منه من نهب وغصب وسرقة وبغي، وغير الهبوطِ النفسي لما تكرّر عنده من الهزيمة أمام الصَّبوة والشهوة.

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي لا يُطلب الخير إلا من عنده، ولا يُستدفع الشرّ إلا باللجأ إليه، ولا مَخلَصَ من غضبه إلاّ بالتذلّل بين يديه، ولا مفرَّ منه إلاّ إليه، ولا يُنال الهدى إلاّ من عنده، ولا حظَّ من كمالٍ لأحدٍ إلاّ بإخلاص العبوديَّة له.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله الذين لا ناصر لكم من دونه ونفسي أنا الفقير إليه بتقواه التي فيها النَّجاة من النّار، والفوز بالجنّة، وفيها العزّةُ والكرامة، والأُنْسُ والسّرور. أمّا من عصى واستكبر فمردّه إلى النّار، وما أدراك ما النّار!! دار غضب الجبَّار، فبئس المأوى، وبئس القرار.
وفي التّقوى كبحٌ للنّفس عن الضّار من مشتهاها، والقبيح الُمسقِطِ لقيمتها، وعن التورّط في خسارة القلوب، وأسوأ الهلكات. وفي التقوى دفعٌ للنّفس لمعالي الأمور ومكارمها، وتقوية على الخير، وبلوغ إلى الكمال.
وهي تعني الجدَّ والاجتهاد والمثابرة في طريق الصّالحات ومراقي المجد والسّموّ الذي لا يُنال إلا بسلوك طريق العبوديَّة الخالصة لله العليّ الكبير العظيم الجليل.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا الؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اسلك بنا طريق أوليائك، وجنّبنا طريق أعدائك، ولاتجعل لنا عدولاً عن محجّتك، ولا ميلاً عن صراطك، ولا زلةَ قدم عن دينك، ولا زهداً في ثوابك، ولا استخفافاً بعقابك، واجعلنا ربّنا من أخلص أهل طاعتك ومودّتك يا كريم يا رحيم.
الاعتبار سمة العقلاء:
أما بعد أيُّها الأعزاء من المؤمنين والمؤمنات فإنَّ من أحكم الحكمة، وأعقل العقل، وأنفع الانتفاع من الخبرة والتجارب الاعتبارَ. وهو أن يُستفاد من دروس الحياة، وما تقدّمه تجاربُها في دائرة الذّات، ودائرة الغير من نتائجَ تتكرّر طبيعةً لو تكرّرت تلك التّجارب.
وإنّما تكون الاستفادة من التجارب بحفظها، وحفظ نتائجها المترتّبة، والبناء في الحياة عليها، واستحضارها في المواقف الجديدة، والمحاولات المستجِدّة، والخيارات اللاحقة، واستخلاص القواعد والقوانين التي تربط بين التّجارب المتكرّرة ونتائجها المستتبَعَة، لتكون هذه القواعد والضوابط هادياً للسّلوك الجديد، وملحوظةً في خطط المستقبل.
وتاريخ الأشخاص والجماعات والدولِ وكلِّ العالم يختزن كمّاً هائلاً ضخماً ومتنوِّعاً من التّجارب ومحاولات الفشلِ والنجاح، والقفزات والنّكسات، ويُلخِّص في بعض هذه التجارب عطاءَ عبقريّات كبيرة، ويُعطي للعقول المتفتِّحة صورة جليَّة عن طبيعة سير الحاضر والمستقبل التي لا تفارق سير الماضي على مستوى كليات الأمور والقواعد العامة أي مفارقة. ويبقى التاريخ كلّه وكل ما يجري في هذا الكون العريض محكوماً لإرادة الإله الحقّ وهو الله الواحد القهّار.
وعقل التّجارب، وما يُقدّمه سجلّ التاريخ من عبر ودروس وعظات لا يستغني عنه عاقل.
وما أكثر ما قدّمته حياةُ الأخيار والأشرار على مدى القرون وفي الأمس البعيد جدّاً والأمس القريب، وما تُقدّمه حاضراً وفي كلّ يوم من تجارب ودروس حقَّ لها أن تُرشِّد عند المتَّعِظِ خياره في الحياة، وأن يكون هذا الخيار الإيمان، والعمل الصالح، والنية الصادقة، وطلب العاقبة الكريمة الحميدة، وتقديمَ الآخرة على الدَّنيا، والسعيَ إلى مرضاة الله. إنّها تجارب تكشف جليّاً عن تفاهة الهدف الدنيوي، وسفه الخيار المنشدِّ إليه، والمقدّمِ له، وتسلّط الضوء المكثّف على ضياعه وسرابيِّتِه، {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}(1).
فمن كان له بصرٌ لابد أن يعتبر، وغيرُ المعتبر عَمِيُّ القلب، وليس له حظٌّ من نورٍ يهتدي به في سيره الإنساني في هذه الحياة {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى}(2)، وعن علي عليه السلام:”لافِكْرَ لِمَنْ لاَاعْتِبارَ لَهُ(3)، ولااِعْتِبارَ لِمَنْ لااِزدِجارَ لَهُ”(4).
فعدمُ استفادة الدرس مما حملته الأيام الماضية من تجارب ونتائج، وتَحجُّر العقل أمام عطاءات مدرسة الحياة في مختلف ميادينها يدلّ على غباء كبير، وتعطّل في الفكر، وتبلّدٍ في الشعور.
والذي لا يفيده فشل التجارب وخطورة النتائج ولا يأخذ موقفه بعيداً عن تكرار الخطأ، والوقوع في الخسارة فهو غير معتبر وإن أكثَرَ التحليل، والتنظير، والمقارنة والمقايسة، وأعطى دروساً جمّة في التاريخ على المستوى النظري.
وإذا سلّمنا بالعقل والفكر لغير المعتبر، فإن المعتبر أوفر عقلاً وأسدُّ رأياً ففي الكلمة عن علي عليه السلام:”أفضل العقل الاعتبار….”(5).
والجاهل هو الأقلُّ حظّاً في الاتّعاظ بتجارب حياته فضلاً عن تجارب حياة الآخرين. “من جهِل قلّ اعتباره”(6)
وهذا الجهل ليس فقدَ معلومات، فقد تكون معلومات صاحبه أكثر من غيره بكثير، ولكنّه جهلُ مَنْ فَقَدَ الحكمة، وَوَقَعَ تحت تأثير الغفلة، وسَلَبَ قدرتَه على الانتفاع بالعلم الغُرور. إنّه جهلُ فطاحل من علماء كبار، ومجرّبين كثيراً، ومحلِّلين قادرين، وأصحاب رأيٍ نظريّ ناضج، وقدرةٍ جدليّة فائقة، وأصحاب نظرياتٍ علميّة مُبرهَنة لكنّهم ضعفاء أمام الدّنيا، مهزومون لِبَرِيقِها، مَغلوبون لهوى النفس، قلوبُهم منفصلة عمّا تَثْقُل به العقول من حقائق(7).
وليطالع أحدنا ما أمضى من عمره للدنيا في شهواتها ورغباتها ولذائذها من غير تقوى فما كسب أو أنفق، وماذا بقي له من هذا الحصاد غيرُ الآثار الجسمية السيئة لما أسرف في أكل، وشرب، ولذائذ ماديَّة أخرى، وغيرُ الظّلمة الروحيّة لما كان منه من نهب وغصب وسرقة وبغي، وغير الهبوطِ النفسي لما تكرّر عنده من الهزيمة أمام الصَّبوة والشهوة.
إنَّ وقفةً مع تاريخ من هذا النوع، ومراجعةً جادّة له في تفكّر وتأمّل، ومحاسبة دقيقة من أجل مصلحة الذّات للنّفس الأمّارة بالسّوء بقلبٍ لم يخسر قابليّة الهُدى والاعتبار لَيُمكِنُ أن تتحوّل بالمرء إلى خيارٍ غير خيار، وأخلاقيّة غير أخلاقيّة، وثورة لا تُبقي من سوء النّفس وعار الماضي شيئاً إلاّ وأتت عليه، ليحتفظ هذا المرء بقيمةِ ما تبقّى من حياته بعد ضياع الكثير، ويصرِفَ ما يستقبله من بقيّة المُهلة في ما ينتهي به إلى كريم الغاية، وحسن المآل. فعن علي عليه السلام:”لَوِْ اعْتَبَرْتَ بِما أضَعْتَ مِنْ ماضي عُمْرِكَ لَحَفِظْتَ ما بَقِيَ”(8).
وإنَّ مشاعر الحيّ لتهتزُّ أمام الكلمة الآتية الواعظة المنقولة عنه عليه السلام لتحمل صاحبها على مراجعة واقِعِهِ، والخروج من حالة الغفلة والسّهو والاستسلام للعادة السّيئة، والشّهوات الرّخيصة، والأهداف الواهمة، والإسراف في الانشداد للدّنيا، والتّفريطِ في أمر الآخرة “إنّ لكم في القرون السالفة لعبرة، أين العمالقة وأبناء العمالقة؟(9) أين الفراعنة وأبناء الفراعنة؟(10) أين أصحاب مدائن الرّس الذين قتلوا النبيين، وأطفؤوا سنن (سير) المرسلين، وأحيوا سُنَنَ الجبَّارين؟”(11).(12)
أين الوجود أين الحياة، أين الهيبة، السلطان، القوة، الإرادة النافذة، الغطرسة، الاستكبار، الجند الأنصار، التعظيم، والتفخيم، مظاهر البذخ والترف، والقهر والجبروت، أين اللعب والعبث والعربدة واللهو والمجون، أين كلّ ذلك من كلّ أولئك؟
نعم بقي الذّكر السّيء، والعار والشّنار، والمَثَلُ السّيء، وقلوبٌ قد ترجّست، وعقول قد تعفّنت، وأروح متقذِّرة، وخزيٌ مقيم، وعذاب أليم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعلنا ممن يسمع القول فيتّبع أحسنه، ولا يُقدّم على الهدى الضّلال، ولا على الحق الباطل، ولا على الخير الشّر، ولا يرضى من فِعلِ الخير بالقليل، ولا يأنس لشر أبداً. اللهم اجعلنا من أهل الرأي الرَّشيد، والنّظر السّديد، ومِمَّن يتّعظ قبل البلاء، ويعتبر قبل الشِّفاء.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي فتح بصائِر أهلِ الصَّلاح بما وفّقهم إليه من طاعته، والأخذِ بمنهاج دينه، فزادهم هُدى جزاءَ العبادة والطّاعة، وضاعف لهم النّور، ورزقهم الحُبور، والذي أعمى أهلَ الضلال بما كسبت أيديهم وبما أقاموا عليه من المعصية والعِناد مما لا يزيدهم إلاّ ضلالاً، ولا يصير بهم إلاّ إلى عمى، وذلك بعد ما فتح لهم بابَ الهُدى، وحذّرهم من العدول إلى طريق العمى والرَّدى؛ فله المنّة في مثوبته، والحُجّة في عقوبته، وهو العدلُ الحكيم، الرّؤوف الرَّحيم، ذو القوّة المتين.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله المحكومين لقضائه وقدره، ونفسي أنا العبدَ المملوكَ له المقهورَ لقدرته بتقواه، والفِرارِ من مُوجبات غضبه، ومواطن سخطه، وما يُبعِّد عن رحمته، ويُدني من ناره فإنه لا يُقيل أحدٌ أحداً من نارٍ كتبها الله على أهل معصيته، والمضادِّين لأمره ونهيه، ولن يجدَ عبدٌ شفيعاً له من العذاب من دون إذن الله مالكِ الأمرِ كلّه، وكلِّ شيءٍ من خلقه، ولا خلقَ لِمَنْ دونه أبدا.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم. اللهم اغفر لوالدينا وأرحامنا وقراباتنا وجيراننا وأصحابنا ومن كان له حقّ خاصّ علينا من المؤمنين والمؤمنات أجمعين.
اللهم اجعلنا من أهل رحتمك ورأفتك ولطفك وإحسانك ومنّك وكرمك، وزدنا رحمةً يوم الفاقة الكبرى، وكُفّ وجوهنا عن النّار السّعير، ولا تخزنا أبداً يا رحيم يا كريم.
اللهم صلّ وسلِّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله خاتم النبيين الصادق الأمين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الهادين المعصومين أئمّة الهدى من أهل بيت نبيّك صلّى الله عليه وعليهم: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، وعجل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحفّه بملائكتك المقرّبين، وأيّده بروح القدس ياربّ العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك، وسدّد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصرا عزيزا مبينا ثابتاً مقيماً.
أما بعد فهذه كلمة مختصرة:
الوضع المحلي:
البحرين بلد صغير يعيش في محيط عالميّ كبير يعاني من اضطرابٍ كثير متصاعد في العديد من نقاطه وبيئاته المحيطيّة الداخلة فيه، والبحرين نفسها واقعة تحت طائلة التوتر والاضطراب وبما تستتبعه هذه الحالة من سلبيات ضخمة وخسائر كبيرة، وتعطيل لطاقات إيجابيّة فاعلة منتجة.وهو شئ يأسف له كل مواطن عاقل مخلص.
لكن يمكن لهذا البلد الصغير أن يخرج من وضعه السّلبي، ويستعيد عافيته، ويأمن ردّات الفعل السيئةَ التي قد تُسبّبها مشاكل المحيط البيئي، أو يتخفّف منها بدرجة ملحوظة(13).
وأساس ذلك أن تأخذ الحكومة بسياسة عادلة جادّة تعيد للبناء الاجتماعي متانته الطبيعية، وتُعطي للثقة بين الشعب والحكومة، وكذلك بين فئات الشعب نفسه وضعاً مقبولاً ومستقرّاً يساعد على التعاون الإيجابي الخيِّر في صالح هذا الوطن.
وهي مسؤولية حكومية محتّمة لا يمكن للوطن الاستغناء عنها، ولا النأي به عن الهزّات، والشّروخات، والمنزلقات بدونها.
هذه فكرة طُرحت في الزيارة التي تجشّم عناءها سموّ ولي العهد مشكوراً، وهي فكرة غير قابلة للاختلاف، وغير قابل للاختلاف كذلك أن يتعاون الشعب مع هذه السّياسة يوم أن توجد.
وعلى طريق هدف الاستقرار والوئام، وتمتين الثقة لابدّ من التخلص من المشاكل العالقة التي تفرض نفسها على وضع العلاقة وتثقله وتربكه وتزعزعه، ويَستمرُّ بها توالد التوتّرات والهزّات وإنسالُ الأزمَات.
وملفاتُ المشاكل متنوّعة، وكلّها يحتاج إلى سرعة الحلّ وجدَّيته، وإن كان منها ما يحتاج إلى تداول جادّ على أن لا يَتَراخى للوصول إلى توافقات عادلة مرضية بين طرفي الخلاف.
أما مثل قضية متهمي كرزكان والمعامير والتي كان التخلّص منها بما يهدّئ الأوضاع، ويأخذُ بخاطر الأطراف، ويُخرج المتهمين من محتهم، ويطلق سراح حرّيتهم محلّ وعدٍ مطمئنٍّ جميل سابق فإنهاؤها طِبْقَاً للوعد وعلى طريقته لا يحتاج إلى تفاوض أو تشاور، بل التأخّر به كلّ هذه المدّة لا يُعرف له وجه، وقد أضرّ بالوضع كثيراً.
واتجه الحديث في جلسة الزيارة إلى استبشاع ورفض ما تقع فيه بعض الوزارات من تأزيم للوضع، وفتح الفرص للفتن، وتفتيت وحدة الشّعب بخلق الخلافات غير المتوقعة بين فئاته كما في حالة إسكان النّويدرات، ورُكِّز على لزوم تصحيح ما وقع بالنسبة لهذه الحالة مع التأكيد على حقّ المواطنين في المناطق الأخرى بأن تُسدّ لهم حاجات الإسكان التي يُعانون منها، وتُحترمَ لهم حقوقهم في هذا المجال وغيره. فكلُّهم مواطنون يجب أن تُرعى مصالحهم، ولا يُتركوا للظّروف السيئة الضّاغطة.
وجرى التأكيد على أنّ المذاهب الإسلامية المستندة إلى كتاب الله الكريم والسّنة المطهّرة لا تعتمد حالةَ العنف والإرهاب المجنون، ولا تحوّل حياة المسلمين إلى حياة احتراب وقتل واستئصال ورعب وفزع دائم. وإنّنا لانجد ما يُبرّر هذه الفرقة القاتلة المستنزفة للجُهد والمال والأمن والدّم المسلم من ثوابت الدّين، ومقتضيات المصلحة المشتركة، وقواعد الخُلُق الإنسانيّ الكريم.
وكان من الحديث أنَّ وليَّ العهد ومن خلال موقعه الرسميّ المتقدّم يستطيع أن يُسهم كثيراً في حلّ مشكلات البلد بصورة مُريحة تجنّبُه المتاعب، وتأخذ به على الطريق الصحيح، وتشيع فيه أجواء الثّقة والاحترام والمحبَّة، وأن يتعاون مع والده جلالة ملك البلاد في ذلك، فإنّه من التعاون على الخير، وهو تعاون محبوب مطلوب مقدور، ولا زلنا نطالب ولي العهد بهذا الدور الفاعل.
ولفت أحد النواب الحاضرين بتركيز لموضوع المدينة الشمالية والحاجة الملحّة إليها.
واتُّفق على أنّ تخلف الوعود ولو لعذر يهدم قيمتها ويسلب قيمة كل وعد قادم في نفوس الناس، وأن معوّل النّاس دائماً على لغة الفعل والواقع وليس على أيّ شيء آخر.
وكل الأمل أن ينعم هذا الوطن بخير الدين والدنيا، وأن يوفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وإلى جنب حديث ولي العهد في اللقاء كانت له تعاليق جيدة مرضية يرجى أن يترتب عليها أثر إيجابي من ناحية الواقع العملي، ولا توفيق إلا بالله تبارك وتعالى.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله خاتم النبيين والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
اللهم إنّا نسألك علماً لا يشوبه جهل، وهدى لا يخالطه ضلال، وإيماناً لا يعتريه شك، وصحة في عبادة، وعبادة في إخلاص، وإخلاصاً في رضى، ورضى في حبور، وحبوراً في سعادة. اللهم الطف بنا في أمر الدّنيا والآخرة، واحملنا على عفوك ولا تحملنا على عدلك يا كريم يا رحيم. اللهم انصر من نصر الدّين، واخذل من خذل الدين، وأحلل غضبك بالقوم الظالمين.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – 2/ الحشر.
2 – 72/ الإسراء.
3 – كأنه لا فكر له من لم يتعظ، من لم يعتبر كأنه لا فكر له.
إذا لم يكن هناك موقف عمليّ معتبر متّعظ فكأن القلب لم يحمل من العظة شيئا.
4 – هداية العلم في تنظيم غرر الحكم.
5 – ميزان الحكمة ج3 ص1808.
6 – ميزان الحكمة ج3 ص 1808.
7 – عقول مشحونة بالحقائق، لكن ما بجانَبَها قلوب منغلقة، ونفوس بعيدة في محتواها عما عليه العقل.
8 – هداية العلم في تنظيم غرر الحكم.
9 – كم بنوا وأشادوا، كم صرعوا وغلبوا، كم تبذّخوا وأترفوا، كم ملكوا من الدنيا، كم بسطوا من سيطرة وهيمنة، كم تعملقوا وهم عمالقة الأرض فيها؟!
10 – أين ترفهم، غناهم، طاغوتيتهم، استكبارهم، استئسادهم على الضعيف والفقير والمحروم، سحقهم للجماعات والفئات الأخرى، ما أتوه من فساد عريض في الأرض.
11 – نهج البلاغة ج2 ص107.
12 – ومن النّاس أغنياء ومترفون وحكّام ودول همّهم في هذه الحياة أن يطفئوا سنن المرسلين، وأن يحيوا سنن الجبّارين.
13 – ويستطيع لو أراد أن يكون البلد النموذجيّ في أمنه واستقراره وأخوّة أبنائه.

زر الذهاب إلى الأعلى