خطبة الجمعة (216) 17 شهر رمضان 1426هـ – 21 كتوبر 2005م

مواضيع الخطبة:

الذنوب +قانون الأسرة + مركز البحرين للدراسات والبحوث


وإذا كان الاستفتاء الشعبي مُعتَمداً لديكم فإنَّ الشارع الإسلامي وهو الشارع الواسع الذي تعرفونه مستعدٌّ في أي لحظة أن يخرج تحت السماء بعشرات الألوف ليقول لكم: لا عدول عن الشريعة.

الخطبة الاولى

الحمدلله المحيي المميت، الباعث الوارث، الحيّ القيّوم، لا تأخذه سنة ولانوم، القاضي بالحق، العزيز الحكيم.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه و آله وسلم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي التي تُخادعني بتقوى الله، و{خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}(1)، ومن عرف الله اتّقاه، وما تخلّى عن التقوى إلا جاهلٌ مغرورٌ بدنياه، مأسورٌ لهواه، فاقدٌ لنور الحكمةِ وهدى البصيرة.
وماذا خسر من اتّقى محارم الله وله في الحلال سَعة، وله من وعد الله الجميل الصادق ما يُغريه؟! وماذا ربح من ترك الحلال إلى الحرام، واستغنى عن الطيب بالخبيث، وعن الحسن بالقبيح؟! سفهٌ وأيُّ سفهٍ أيُّها المؤمنون والمؤمنات أن يخالف عبدٌ ربّه، ويختار خِلاف ما أحلّه له من الطيبات، وما حرّم عليه من الخبائث. فلنُحِلَّ ما أحلّ الله، ولنحرمّ ما حرمّ الله، ولا نستبدل عن الحلال الحرام ولا عن الطيّب الخبيث.
اللهم إنّا نعوذ بك أن يكون لنا رأيٌ على خلاف دينك، وسُنةٌ على خلاف سنة رسولك، وهوىً على خلاف طاعتك، وغايةٌ لا تلتقي مع رضوانك.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ربنا آمنا في الدنيا والآخرة ولقّنا خيرهما ياكريم.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد، وعلى جميع أنبياء الله ورسله وملائكته وأصفيائه وأوليائه.
أما بعد فمع موضوع الذنوب في النقاط التالية:
1. آثار مخصوصة:
تقدَّم أنَّ للذنوب آثاراً في النفس والحياة تأتي على قابلية الخير في النفس، وتُفسد أجواء الحياة، وتُشقي الإنسان في داخله ومن الخارج. وهذا العنوان يتحدث عن آثار سيئة يُنتجها هذ الذنب، وأخرى من نوعٍ آخر تترتّب على ذنب من نوع غير ما هو الأول.
في الحديث عن الرضا (عليه السلام):”إذا كذب الولاة حُبِس المطر،(2) وإذا جار السلطان هانت الدّولة،(3) وإذا حُبِست الزّكاة ماتت المواشي(4)”(5).
نأخذ هذه العلاقة في الحديث السابق على ظاهرها الذي قد لانستطيع تفسيره، ولكن من الواضح أنّ منع الزكاة من هذا وذاك يُعطّل كثيراً من نشاط أفراد المجتمع ويُقزِّمهم ويحوِّلهم عالة على المجتمع الكبير، ولو صُرِفت الزكاة ربما استغنى بها عدد كبير وتوفر على شيء من رأس المال الذي يدخل به حركة الاقتصاد وبذلك ينشط أعضاء كثيرون من أبناء المجتمع كان يُكتب عليهم التعطُّل لولا الحصول على رأس المال.
الذنوب التي تغير النعم في الحديث عن الصادق (عليه السلام):”الذّنوب التي تغيّر النّعم البغي، والذّنوب التي تورث النّدم القتل،(6) والتي تُنزل النّقم الظلم، والتي تهتك الستور شرب الخمر،(7) والتي تحبس الرّزق الزّنا، والتي تُعجِّل الفناء قطيعة الرّحم، والتي تَردّ الدّعاء وتُظلم الهواء عقوق الوالدين”(8).
في الحديث عن زين العابدين (عليه السلام):”الذنوب التي تردّ الدعاء سوء النّية وخبث السريرة والنفاق مع الإخوان(9) وترك التّصديق بالإجابة(10) وتأخير الصّلوات المفروضات حتّى تذهب أوقاتها،(11) وترك التّقرب إلى الله عزّ وجلّ بالبرّ والصّدقة واستعمال البذاء والفُحش في القول…”(12) فهناك شروط لاستجابة الدعاء وهناك موانع، وعلى المُكلَّف الراغب في استجابة دعائه أن يُراعي توفُّر الشروط، وتجنُّب الموانع.
2. عقوبة معجّلة:
هناك ذنوب تُؤخّر عقوبتها للآخرة، وما أشد عقوبة الآخرة، وهناك ذنوبٌ تُوجع ظهورَ أصحابها وتشقيهم في الدنيا، وعلى صعوبة تعجيل العقوبة إلا أنها ربما كانت درساً يقود إلى الهداية من جديد، ويُحدث في نفس المتهاون توبة.
ولكن وبحسب طبيعتنا الدنيوية وانشدادنا إلى الأرض وحسيَّاتها نخاف من عقوبات الدنيا أكثر من خوفنا من عقوبات الآخرة، ووراء ذلك خلفية خطيرة من ضَعفٍ في الإيمان باليوم الآخر، وبجدِّية وعيد الله تبارك وتعالى.
يقول الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله):”ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة:(13) عقوق الوالدين والبغي على الناس وكفر الاحسان”(14) لمن أحسن إليك حق، وحقٌّ كبير، وكفران الإنسان في قبال ذلك ذنبٌ تُعجّل عقوبته.
“أربعة أسرع شيء عقوبة: رجلٌ أحسنت إليه ويكافيك بالإحسان إليه إساءة، ورجل لا تبغي عليه(15) ورجل لاتبغي عليه وهو يبغي عليك، ورجل عاهدته على أمرٍ فمن أمرك الوفاء به ومن أمره الغدر بك(16) ورجل يصل قرابته ويقطعونه(17)”(18).
“ثلاث خصال لايموت صاحبهنّ حتى يرى وبالهنّ: البغي(19) وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة”(20).
3. حذار من الفضيحة:
في الحديث عن الصادق (عليه السلام):”إن لله تبارك وتعالى على عبده المؤمن أربعين جُنّة(21) فمتى أذنب (كبيراً) رُفع عنه جُنّة(22) فإذا عاب أخاه المؤمن بشيء يعلمه منه(23) انكشفت تلك الجُنن عنه(24)، ويبقى مهتوك السّتر، فيُفضح في السماء على ألسنة الملائكة وفي الأرض على ألسنة النّاس….”(25) الإسلام مدرسة عملاقة، ذات أصول خلقية نابتة وثابتة وأصيلة، مدرسة رسم منهجها الله تبارك وتعالى.
في الحديث عن علي (عليه السلام):”ما من عبد إلا وعليه أربعون جُنة حتى يعمل أربعين كبيرة، فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن”(26) فلو أخذنا بالحديثين مجتمعين لوجدنا أن إعابة المؤمن للمؤمن وكشف ستره يُساوي ارتكاب أربعين كبيرة في هذا الأثر.
الإنسان في شخصيته في ظل الحضارة المادية وفي ظل قيمها وعلى مسار مطامعها لايُساوي ذبابة. أما عند الله فقد خلقه كريماً، وكلما اتقى ازداد كرامة، ولكل مؤمن كرامة.
“للمؤمن اثنان وسبعون سترا(27) فإذا أذنب ذنبا انهتك عنه ستر(28) فإن تاب ردّه الله إليه وسبعة معه”(29) تكريم له. ما أرحمك يارب، ما ألطفك بعبادك، ما أكرمك.
4. عصمتك لا تهتكها:
“ثلاث من حفظهن كان معصوما من الشيطان الرجيم(30) ومن كل بلية:(31) من لم يخل بامرأة ليس يملك منها شيئا،(32)ولم يدخل على سلطان،(33) ومن لم يُعِن صاحب بدعة ببدعته(34)”(35).
عن الصادق (عليه السلام):”إن صلة الرحم والبر ليهوّنان الحساب(36) ويعصمان من الذنوب(37)”(38).
وعن علي أمير المؤمنين عليه السلام:
“لولم يرغب الله سبحانه في طاعته لوجب أن يطاع رجاء رحمته، لو لم ينه الله سبحانه عن محارمه لوجب أن يجتنبها العاقل”(39) هذا باب عصمة يدخله العبد برجاء رحمة الله. تركيز رجاء رحمة الله في النفس يعطي للنفس عصمة، وكلما ساء الظن بالله وانقطع الرجاء من الله ارتمى العبد في أحضان الشيطان وجنده الغاوين.
وعنه (صلوات الله وسلامه عليه):”اذكروا انقطاع اللذات وبقاء التبعات”(40) إنما نُؤتى في الكثير من الغفلة، وإنما تُسقطنا في المستنقعات الغفلة، أما من ذكر ربه، وذكر قيمة نفسه، وذكر آخرته فهو على عصمة كبيرة من فضل الله تحول بينه وبين الهزيمة والانسحاق أمام المعصية.
اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا إنك انت التواب الرحيم.
اللهم اجعل لنا هدى لانضل معه أبدا، ويقيناً بالدين الحق لا يعتريه شك، ورغبة صادقة في الطاعة، وزهداً بالغاً في المعصية، وقوة في العمل الصالح لايشوبها ضعف ولا يمسها فتور، وأسبغ علينا من نعمك الظاهرة والباطنة ما يسدّ منا كل حاجة، ويرفع كل نقص، ويحول بيننا وبين الذنب يارحيم ياكريم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)}

الخطبة الثانية

الحمدلله أجلَّ وأجمل وأكمل حمد، نحمده حمدا فوق كل حمد، لايصله حمد، حمدا يرضاه وتنال به الكرامة عنده.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تسبح له السموات والأرض وما فيهنّ من شيء وهو العلي العظيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا كثيرا.
علينا عباد الله بتقوى الله، ووضع النعم موضعها، ومواضع النعم مواضع طاعة الله، ومن انحرف بها عن مواضع الطاعة الى مواضع المعصية فقد أساء إلى نفسه، وحوّل نعم ربه عليه نقما، ورضي لنفسه عن الخير شرا، واشترى بما للجنة نارا.
كل النعم أعطيت الانسان ليصعد بها الجنة، وما أعجب أمرنا نحن عباد الله يغدق علينا ربنا النعم ونقابله بالمعاصي، ويدعونا إلى الجنة ونصرّ على النار. ألا قد قبح من قابل النعمة بالمعصية، وسفه من قدَّم النار على الجنة. أعاذنا الله وإخواننا المؤمنين والمؤمنات من سفه الرأي، وقبح العمل، وخبث النية وسوء المصير، وغفر الله لنا ولهم إنه هو الغفور الرحيم.
اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله خاتم النبيين والمرسلين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين، الحسن بن علي الزكي والحسين بن علي الشهيد وعلي بن الحسين زين العابدين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري ومحمد بن علي المهدي المنتظر القائم.
أما بعد أيها الأعزاء الكرام من المؤمنين والمؤمنات فإلى الحديث الآتي:
قانون الأسرة:
تجري على الأرض حملة اعلامية ودعائية واسعة، تتغذى على مخزون مالي ضخم ودعم رسمي هائل وتتعلق برغبة الاستصدار لما قد يسمى بقانون أحكام الأسرة.
هذا القانون قال الساعون لاستصداره، الراغبون فيه، الباذلون كل شيء من أجله، قالوا عنه: يلبي طموحات المرأة – المرأة معصومة كانت أو غيِر معصومة- ويوافق متطلبات العصر- العصر ما وافق الحق من متطلباته ومالم يوافق الحق من متطلباته- ويتمتع بمرونة حضارية- لابدّ أن تكون مفقودة في الاسلام- ويدخله رأي أصحاب الدراسات النفسية والاجتماعية إلا أنه شرعي، لا يخرج قيد شعرة عن الشريعة.
اجمع بين شرعيته الدقيقة وبين كل هذه المقدمات إذا كان عقلك يقبل هذا الاجتماع، وهذا الاعلام يمرّر على الذقون، ويخلق رأياً عاماً، ولو ترك له الجوّ بدون مقابل لتحول إلى رأي عام ساحق.
نسأل: إذا كان شرعيا ما دور الدراسات النفسية والاجتماعية فيه وهو لا يعالج الناحية التطبيقية وإنما هو تشريع على مستوى الكليات، كليات الأحكام الشرعية؟ ما دور الدراسات النفسية والاجتماعية والإحصائية في وضع الأحكام الشرعية الكلية؟ في التطبيقات قد تأتي حسابات خاصة.
وإذا كانت الأحكام الشرعية مراعية للمرونة الحضارية ومتطلبات العصرفلماذا هذه الضجة؟ وإذا كنتم ترون الأحكام الشرعية قاصرة من هذه الناحية أو أنها لا تجاري عصر التغرب فلماذا لا تقولون بصراحة أننا نريد قانونا بأحكام جديدة مخالفة للشرع؟ لماذا هذه المواربة؟ لماذا هذا الالتفاف؟ لماذا هذه المغالطة؟ لماذا تخليق رأي عام بتزوير فاضح؟ وقالوا عنه إنه يستمد أحكامه من مبادئ الشريعة، وأحيانا يقولون من أحكام الشريعة وهم لا يضبطون المصطلحات، وفرق كبير بين أن يستمد قانون من مبادئ الشرعية وبين أن يستمد من أحكام الشريعة وأن يتقيّد بها التقيد الكامل. الأحكام نوع من التفصيل يقوم على أرضية المبادئ، والمبادئ كليات اوسع من قضية الأحكام في هذا الباب أو ذلك الباب. مبادئ الشريعة مبادئ تحكم كل أبواب الفقه، وكل أبواب الفقه كليات من الدرجة الثانية تقوم على أرضية المبادئ الاسلامية. هذا الخلط في المصطلحات يضيع الحقيقة كثيرا.
المبادئ العامة كقضية العدل والاحسان وأهمية الدين والحياة والأعراض والأموال وهذه غير تفصيل الأحكام في الأبواب المختلفة والتي تكفلت بها الشريعة وقامت عليها في الكثير نصوصها ودخلت فيها عملية الاجتهاد الفني المشروط بشروطه المعروفه وأوجب على المكلفين الاخذ بها. والاعتماد على مبادئ الشريعة من الأحكام حسب الرأي البشري فيه خروج على الدين، فإذا جئنا نعتمد على قضية العدل الذي أوصى به الله عزوجل، هل نستيطع أن نعين ماهو العدل في هذا المورد من موارد أحكام البشر؟ العدل معروف والاحسان معروف ولو كان كل ما جاء به الدين وصية بالعدل، ووصية بالاحسان، لما كانت حاجة للشرائع، ولما كانت حاجة لرسل ولا أئمة. الرسل والأئمة جاءوا يفعلون العدل في صورة أحكام موحى بها. الرسول(ص) ليس له ان يضع تشريعا من غير إذن الله ومن عند نفسه اعتمادا على ما يفهمه من كلية العدل، ليس له ان يشرّع نظاماً أسرياً في نظره أنه هو المطابق للعدل. فمن يعلم أن هذا النظام الأسري أو ذاك مطابق للعدل او غير مطابق إنما هوالله تبارك وتعالى.
وقالوا لا يمكن تعديل مواده إلا بالآلية التي تعدل بها مواد الدستور. وهذا تمرير لمشاريع عن طريق الاستغفال. لا يرضون أن يضعوا ضمانة دستورية لعدم تغيير الشرعية الالهية للقانون، ولعدم تعديله إلا عن طريق المرجعية الفقهية. لا يرضون بوضع هذه الضمانة لكن يقولون إن مواده لا تعدل إلا بالطريقة التي تعدل بها مواد الدستور، وأن يحصل التغيير على نسبة الثلثين ويوقع عليه نهائياً من الجهة المعنية. قوانين جائرة بكاملها مررت في المجلس الوطني، قانون المؤسسات السياسَّية قد مرِرّ، وفي فرصة أخرى يمكن أن يمرر قانون الإرهاب، ويمكن أن يمررأيّ قانون آخر، وهناك أصوات تشترى. أفيؤمن على دين الله مثل هذا الوضع؟
ومواد الدستور فيماعدا ما نصّ على أنه غير قابل للتعديل والتغيير آليه تعديله يسيرة. ما أسهل ان يحصل التعديل على الثلثين فلو كان مجلس نيابي وحده لامكن أن يحصل على نسبة الثلثين في بعض المواقع وكيف وأن المجلس يضمّ أربعين صوتاً تضمنها الحكومة؟! فأيُّ ضمانة في هذا الأمر حتّى لايتغير الحكم الشرعي اليوم في هذا القانون إلى حكم غير شرعي غدا؟ وكم من قانون جائر يمررّ في المجلس النيابي بأغلبية الثلثين وأكثر من نسبة الثلثين.
وقالوا إنه سيولد شرعيا وسيستمر شرعيا لا يخالف الشريعة في شيء، ولكن لا نعطي ضمانة دستورية غير قابلة للتغيير توثق هذا الوضع. والجواب ألم تنفضح للشعب قيمة مثل هذه الوعود؟! أولم يمثل الاعتماد على هذه الوعود كارثة؟!
وقالوا إنه لن يخالف الشريعة ولكن نرفض أن يربط إقراره وتغييره بجهة دينية مرجعية. ونقول أليس هذا القول مع هذا الرفض من اللعب على الذقون، ويدلل على أن مثل هذه الوعود لتمرير المشروع، ثم مجانبة الشريعة؟!
وقالوا إنما يكون التغيير القانوني بالراجح الشرعي، ونسأل من المعين للراجح الشرعي؟ النيابي هو الذي يعين هذا الراجح الشرعي ليعطي نفسه وزن الحاكم على الفقهاء، والمرجح لرأي على ثان من آرائهم؟!. إنها مجموعة مغالطات وآراء متهافتة يراد لها أن تستغفل الرأي العام وتمرر عبر الضوضاء الإعلامية المصطنعة مشروعا يستخفّ بحلال الشريعة وحرامها وينتهك حرمتها في مساحة من أكثر المساحات احتياطاً وتحرجا في موازين الشريعة وفي حياة المتشرعة.
وإن المرء ليعجب متسائلا أين الجهة التي تقود الحملات الإعلامية المتواصلة وتوظف الميزانيات الضخمة، وتستثير الهمم وتناشد الغيرة والضمير وتحشد الآراء من أجل قانون الأسرة… أينها في القضايا الأخرى التي تمثل همّ المرأة والرجل، وتقضّ مضجع الجميع، وتؤرق المواطن من مثل القضية الدستورية وقضايا التجنيس والتمييز الطائفي والبطالة والفساد الإداري والمالي وسرقات الشواطئ واقتسام أعماق البحروالأرض وحرمان الشعب؟! أينها من القوانين الجائرة المكبلة والمصادرة للحريات والتي يضج منها الناس كقانون الجمعيات وقانون التجمعات والمسيرات وقانون الارهاب؟!
ثم إنه لم يبق صاحب هوى في قانون للأسرة خال من الضمانات الكافية للشرعية الإلهية وبقائها ونقائها إلا ورفع عقيرته للدفع في اتجاه هذا الأمر، ولكن أين الرأي الآخر وإن لم تكن له إذاعة ولا تلفاز ولا صحيفة أين هم ائمة الجماعة والجمعة والخطباء والشعراء والمنشدين الحسينين( الرواديد) ممن يهمهم أمر الدين، ومستقبل الحياة الدينية، ويؤمنون بقيمة الشريعة وقدسيتها؟!
إن الرأي العام يتعرض للتضليل والاستغفال والمغالطة ولابدّ من التصحيح والتوضيح والإنارة والنصيحة. وأذكر أن عشرات الألوف من المواطنين ذكورا وإناثا قد وقّعوا احتجاجا على أي قانون للأسرة يرجع احكامها إلى تصويت المجلس الوطني وسلطته.
مركز البحرين للدراسات والبحوث:
جاء في خطاب موجه إلى مركز اداري في وزارة التربية والتعليم: أتقدم لكم بأطيب التحيات وخالص التقدير ويسرني إفادتكم علما بأن مركز البحرين للدراسات والبحوث متمثلا في إدارة استطلاع الرأي يقوم بتنفيذ دراسة تعاقدية لصالح المجلس الاعلى للمرأة، تتعلق باستطلاع رأي طلبة وطالبات المرحلة الثانوية حول إصدار قانون الأحوال الشخصيةً والشريحة المنتخبة للاستبيان هي شريحة من مدارس ثانوية اختيرت ربما بعناية خاصة، وهذا الاستبيان شمل عشرين مدرسة.
كان الكلام في المقدمة عن قانون الاحوال الشخصية وفي الاستبيان اعطي عنوان قانون احكام الأسرة، وعرف قانون أحكام الأسرة للطلبة والطالبات الذين يراد لهم أن يجيبوا على الاستبيان: هو مجموعة القواعد القانونية المستمدة من أحكام الشريعة الاسلامية، التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم من حيث صلة النسب والزواج والمصاهرة والحقوق والواجبات التي تنشأ عن هذه العلاقة في جميع مراحلها.
ماهو السن المستفتى؟ حسب المذكور في البند الثاني من بيانات اولية: سن الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشرة.
وألفت النظر إلى أن سن الثامنة عشرة في نظر الدولة غير صالح لإكساب صاحبه عضوية جمعية سياسية، لكن هذا السن يعطي حقا في الإفتاء فيما ستقفون عليه، الثامنة عشرة يساوي صفرا في قضية عضوية الجمعيات السياسية إبعادا للشباب الحيوي عن المسرح السياسي، أما هنا فسن الخامسة عشرة سن رشد وسن حكمة، وسن تشريع، وسن تخطيط للمجتمع.
من بنود الاستبيان: يجب أن يكون القانون مستمدا من أحكام الشريعة، هذه جملة في الاستبيان، لكن الإفتراضات المطروحة: أوافق بشدة، أوافق، غير متأكد، لا أوافق، لا أوافق بشدة. نجد في هذا الطرح استدراجا واغراءا للشاب بان تكون له آراؤه وقناعاته المخالفة للشريعة، الاستبيان بهذه الطريقة فيه تحفيز للاعتراض على الشريعة وردّها والكفربها، بينما مسؤولية وزارة التربية والتعليم أن تركّز القيم الدينية في نفوس الشباب والشابات، وأن تغرس احترام الشريعة في قلوبهم وأن تعدهم جندا للاسلام وتضعهم على الطريق الصحيح. وهذا الاستفتاء يأخذ بيدهم وفي طريقة اختلاسية إلى أن يسلكوا مسلك المعترض على الشريعة، والاعتداد بالرأي في قبال حكم الله تبارك وتعالى.
والنتيجة لو أتت الإجابة من طلاب الخامسة عشرة بأني لا أوافق بشدة على أن يكون القانون مستمداً من أحكام الشريعة، لأُلغيت الشريعة؟!
هذا خطاب للمجتمع الاسلامي الإيماني؟! وهكذا قال الله تبارك وتعالى عن أحكامه أن استفتوا عليها في بلاد الاسلام طبقة سنّ الخامسة عشرة، أو حتى طبقة الستين سنة؟!
في نقطة اخرى من الاستبيان: في رأيك من الجهة المخولة باعداد قانون الاحكام الأسرية؟ ثلاثة فروض: مجموعة من الفقهاء الشرعيين وعلماء الدين من المذهبين، هذا احد الفروض الذي قد يختاره الطالب أولا يختاره، الفرض الثاني قانونيون وحدهم وبعيدا عن شرع الله، الفرض الثالث لجنة مشتركة تشكل من اعضاء من الفئات السابقة بالإضافة الى اعضاء المؤسسات المجتمع المدني بما فيها من المؤسسات النسوية العلمانية، وغيرها من المؤسسات العلمانية الأخرى .
ما دخالة مؤسسات المجتمع المدني في تحديد أحكام الشريعة إذا كانت هذه الاحكام هي المطلوبة؟ ولكن الشعار المرفوع وراءه مضمون آخر، ويتمسح بالاسلام من أجل التمرد على الاسلام .
وأقول إذا أردتم استفتاء في الموضوع، وكانت الاحكام الشرعية قابلة للاستفتاء وهي ليست قابلة لذلك في بلد اسلامي إيماني إذن فلتستفتوا الشعب في الدستور ، وفيما تمارسونه من تمييز طائفي، ومن تجنيس جائر، ومن نهب للأراضي، ومن مظالم كثيرة.
وإذا كان الاستفتاء الشعبي معتمداً لديكم فإنَّ الشارع الإسلامي وهو الشارع الواسع الذي تعرفونه مستعدٌّ في أي لحظة أن يخرج تحت السماء بعشرات الألوف ليقول لكم: لا عدول عن الشريعة(41).
وأستغفر الله لي ولكم، ولإخواني المؤمنين والمؤمنات أجمعين.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على محمد وآل محمد، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
 – 197/ البقرة.
2 – ربما كان عنواناً لحبس التدفُّق لمختلف الخيرات.
3 – يضعف الشعب، تضعف الأمة، وفي ضعف الأمم، وفي ضعف الشعوب هوان الدول، فإن الدولة القوية لاتقوم على تحكّم سلطان غاشم.
4 – يمنع حقَّ الله ليربو ماله، ولكنّ منع حقّ الله كما في هذا الحديث عن أحد الصادقين (ع) يُعطي أثراً عكسياً.
5 – ميزان الحكمة ج3 ص468.
6 – وربما أورثتْ ندما دنيويا ساحقا، وندما أخرويا أكبر. فإن القتل الظلم يجلب القتل وتسيل الدماء الكثيرة، فالندم لا يقف عند أهل المقتول وإنما يعمّ القاتل وأهله.
7 – وهناك صورة لهتك ستر المخمور حيث يفقد عقله، ويرتكب الشناعات أمام غيره وعلى عين ملأ من الناس.
8 – ميزان الحكمة ج3 ص468.
9 – النفاق مع الإخوان غير المداراة والمجاملة الخلقية المطلوبة.
10 – إجابة الله تبارك وتعالى، أن يدعو ظاناً بالله سوءاً وأنه لا يجيبه.
11 – إن شاء الله لا أحد منا يتهاون فتتأخر عنده صلاة الصبح عن وقتها.
12 – ميزان الحكمة ج3 ص468.
13 – وليس معنى عدم تأخيرها إلى الآخرة أن ليس في الآخرة عقوبة على هذه الذنوب، وإنما مع ما قد يكون من عقوبة الآخرة هناك عقوبة ثانية تُعجّل في الدنيا، ولا يلزم من تعجيل العقوبة في الدنيا أن لاشيء في الآخرة.
14 – ميزان الحكمة ج3 ص469.
15 – ليس لك ظلم له، تتجافى وتتجنب ظلمه.
16 – موقفك الوفاء وموقفه الغدر.
17 – يا قاطع الرحم فلتترقب دائما عقوبة دنيوية قد لاتعفيك عن عقوبة الآخرة.
18 – ميزان الحكمة ج3 ص469. عن الإمام الباقر عليه السلام.
19 – تركيز على الظلم، وهناك ظلم فرد، وهناك ظلم أمة، وظلم شعب، والظلم حيث يعمّ أكبر وبالاً على صاحبه.
20 – ميزان الحكمة ج3 ص469. عن الإمام الباقر عليه السلام.
21 – أربعين غطاءً من أغطية الستر ووقاية الشرف والسمعة والموقع.
22 – يرفع ستر، يرفع غطاء، تنفتح نافذة سوء، نافذة هتك، نافذة تدهور موقع.
23 – يعلم أخي مني عيبا، فإذا عابني، وكشف ذلك، والنصُّ بلا قيد الكشف، وربما انصرف إلى أنه إعابة عند الناس تنكشف كل أستاره.
24 – لنسمع نحن الذي يحتقر بعضنا البعض ونحن إن شاء الله في العموم مؤمنون، ويغتاب بعضنا البعض ونحن إن شاء الله مؤمنون. ربما ارتكب العبدُ كبيرة بينه وبين الله فتنكشف عنه جنة، وانظر إلى موقعك عند الله، إلى رأفة الله بك، إلى عظمة هذا الإسلام، الذي لايحمي الاشخاص فقط وإنما يحمي الشخصيات كذلك، يحمي منك شخصك، ويحمي منك شخصيتك وسمعتك وشرفك فإن إعابة المؤمن وكشف ستره يرفع عمن تعدَّى على شخصيته كل الجنن والأستار.
25 – ميزان الحكمة ج3 ص471 عن الإمام الصادق عليه السلام.
26 – ميزان الحكمة ج3 ص471. عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام.
27 – لا تهافت أن يُذكر العدد القليل من الأستار وأن يشير حديث آخر إلى عدد أكبر، هذا لا ينفي الأول والأول لاينفي الثاني.
28 – وهذا الذنب فيه إطلاق ولم يقيد بالكبيرة، وقد يكون بعض الاستار ترفعها الصغيرة وقد تكون بعض الأستار لاترفعها إلاالكبيرة.
29 – ميزان الحكمة ج3 ص471. عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
30 – اطلب العصم، هذه وقايات وقوة مناعة وإسناد في الموقف من المغريات، والتحديات، وموجبات الخطايا. مرة نضعف المقاومة، ومرة نضيف إلى المقاومة مقاومة، مرة نهتك العصم فتضعُف النفس وتسقط في الخطيئة. وعلى العكس يُوفّق عبد إلى أن يطلب العصمة على العصمة فيرتفع قدره ويكون صاحب الإرادة القوية التي لايقف في وجهها الشيطان ولاوسوسة النفس.
31 – أظهر هذه البلايا بلايا الذنوب.
32 – امرأة أجنبية، مجالسة المرأة الأجنبية في خلوة من أبواب الفتنة الشيطانية وتحدٍّ كبير لعصمة النفس وسبب اختراق يخاف منه.
33 – دخول العمالة، ودخول الذيلية ودخول الانتفاع الدنيوي على حساب الدين.
34 – وفي أرضنا بدعة وعلينا أن لا نعين صاحب بدعة.
35 – ميزان الحكمة ج3 ص 479. عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام.
36 – أثر أخروي.
37- صلة الرحم تكسب به الثواب العظيم وينضاف إلى ذلك أن نفسك تشتد قدرة على المقاومة، وأنك تستطيع بزاد جديد من قوة الثبات، وقوة الاستقامة أن تواجه تحديات كثيرة جديدة ما كنت تستطيع أن تواجهها إلا وتنهار. أثر في الذات وآثار الآخرة لا تنفصل عن آثار الذات.
38 – ميزان الحكمة ج3 ص479.
39 – ميزان الحكمة ج3 ص479.
40 – ميزان الحكمة ج3 ص479.
41 – هتاف الجماهير بشعار (معكم معكم ياعلماء)، وهتاف سماحة الشيخ (معك معك يا إسلام.. أبداً أبداً لاعدول عن الإسلام)

 

زر الذهاب إلى الأعلى