خطبة الجمعة (5) 10 صفر 1422 هـ – 4-5-2001 م
مواضيع الخطبة:
الدنيا
مزرعة الآخرة – الولاية التكوينية –
معالجة الوضع المعيشي
المحاولة
الأخيرة التي تنتظر التطبيق الكامل ، والداخلةُ في معالجة الوضع المعيشي لبعض
المواطنين وإنقاذهم من ملل البطالة ، وآثارها القاتلة خطوة على الطريق الصحيح
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء عددا ، وملأت كل شئ قدرته ، ولا شئ مهرب من قدره ، ولا مفر له من ملكه ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك مهربُ من قدره ، ولا مفر له من ملكه ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يُقصد ولا يقصد ، ويرزق ولا يرزق ، كل الأشياء مفتقرة إليه ، قائمة به ، مستجيبة إليه . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أدّى الأمانة ووفى حق الرسالة صلى الله عليه واله وسلم وضاعف له ولهم الجزاء ، وزاد إكرامهم إكراماً وإنعامه عليهم إنعاماً .
اللهم أنا نستغفرك ونتوب إليك ونعود بك من الوهن في الطاعة ، والرغبة في المعصية ومن سو المصير ، وخسارة الآخرة ، وأن تكون أعمارنا وصلتنا إلى النار .
أيها المؤمنون والمؤمنات ألا إن للدنيا شأناً ، وللآخرة عظيم شأن . وإن شأن الدنيا إذا قوبل بما للآخرة من شأن لهو قليل وحقير وتافه . ذلك لأن جليل نعمها بازاء نعيم الآخرة ضئيل ، وخطير محنها قياساً لأهوال الآخرة يسير ، وأن لذتها منقطعة ، وعذابها إنما يمتد إلى حين ، وفي الآخرة لذائذُ دائمة ، وعذابٌ مقيم .
ولكنّ النظرة إلى الدُّنيا بما هي مزرعة للآخرة ، وجسرٌ لشقائها الذي يبقى ، وسعادتها التي تدوم تعطيها قيمة عظيمة ما للآخرة من شأن ، ومنزلة جليلة من سنخ ما للآخرة من وزن . وأن اللحظة الواحدة من هذه الحياة بهذا المنظار ، لتكبر الدنيا الفانية وما فيها ، إذ يمكن لعبد من عبيد الله يستوفيها طاعة مخلصة لوجه ربه الكريم ، أن يتخذ منها معبراً لسعادة الأبد ، هي لحظة واحدة ، ونعيم الخالدين . كما أنه لعبد أخر ، يستوفيها معصية لجبّار السماوات والأرض أن يهوي بها إلى أسفل سافلين ويخلد بها في قعر جهنم في الشقاء الأليم . فالدنيا على هذا وعلى ذاك كبيرة خطير شأنها بمنظار ، صغيرة حقير وزنها بمنظار آخر . وإنك لا تفقد أن تجد من طلاب الدنيا كثيراً ممن صرعتهم شهواتها فصاروا لا يتمتعون بدنيا ولا دين ، ولا ينتظرون إلا ساعة الرحيل إلى حساب عسير ، وأهوال العظام ، وحسرة تطول ، وندم يبقى ، وشقاء يمتد . إنهم من غرتهم الدنيا ، وسخرت بهم من بعد أن اختلست منهم زهرة شبابهم ونضارة أعمارهم ، وأذهبت بجلدهم في لذات أعقبت سقماً ووهناً وآلاماً وحزناً ، وصارت بهم على باب المنايا ليتسلمهم المنون وهم وهنٌ لسوء ما قدموا ، وقبيح ما كسبت أيديهم من قبل ، لا يستنقذهم من عذاب الله مستنقذ ، ولا يفكّ أسرهم في النار من شفيع من دون إذن الله الملك الحق القدير العزيز العظيم الجبّار .
فلتنظر نفسٌ ما قدمت لغد ، ولتنظر نفسٌ ما هي مقدمةٌ عليه عند الله بعد قليل ، ولن يُنقذ أحداً من أخذ الله إلا أن يكون محلاً لرضاه ، ولا يمكن أن تشترى جنته إلا بطاعته ، ولا قرب سبحانه بالتجافي عن أوليائه ، والتداني من أعدائه . ولا يملك أحدٌ أن يعقب نفساً نفسا ، ولا طرفة عين أخرى ليسوّف التوبة ، ويتأخر بالتراجع عن الذنب . فالحزم الحزم ، والمبادرة المبادرة للعودة عن السوء والرجوع إلى الجادّة ، ولنستبق إلى صراط الله اليوم قبل الغد ، والساعة قبل أختها ، واللحظة قبل الأخرى . وكلّما طال زمن المعصية والبقاء على القبيحة صعب النهوض ، وشق على النفس أن تقوم من سقطتها ، وأن تغادر المنحدر السحيق . وإنه كلما تباعد بين الإنسان والحق بسوء ما يفعل كلما خفتت أنوارُ الهدى أمامه حتى لا يرى الطريق ، ولا تعرف نفسه المخرج . فلنحذر عواقب السوء ، والكبوات الطويلة التي يمتنع بعدها النهوض ، وتأنس بها النفس مواطن القبح و مز الق الرذيلة والضلال فلا تريد أن تقوم ، ومُنتظر المشيب وهو عمر الوهن ، ومرحلة الانحطاط في القوى ليتوب ويُؤدب فاقد رشده ، ظالم نفسه ، باخسٌ خطه ، جاهل بقدر ربّه ، أللشيطان يوم شبابك وجلدك ونشاطك ؟ أولربك الغني الكريم العظيم المتعال يوم وهنك ومشيبك وعجزك وكسلك ؟ ألنراك يومٌ بيدك ، وللجنّة يوم ليس لإحرازه من سبيل ؟! تعطي أغلى ما فيك وأشدَّ قوتك ، وأعزّ العمر ليوم شقائك ؟! وتُبقى ليوم سعادتك ما هو أرذلُ العمر ، وأقله قيمة ونشاطاً وحيويّة وإنتاجاً وقد يكون ، وقد لا يكون ؟! فقدُ العقل أن لا يَعرف الإنسان ما يقدّم ، وما يؤخر ، وما ينبغي أن يفعل ، وما لا ينبغي أن يفعل ، وأن يشتري الذي هو أدنى بالذي هو خير . وفقد الإرادة أن يعرف هذا وذلك ولكن تغلبه النفس على فعل ما يضره وترك ما ينفعه ، وكثيرون هم الذين يعرفون ما فيه مضرة البدن ولا يصبرون عنه ، وما فيه منفعة ولكن يمنعهم عنه عدم الموافقة للشهوات وهؤلاء مغلوبون للهوى ، ومبتلون بسقوط الإرادة ، وأشد منهم ضعفاً وأبعد في السقوط بما لا يقاس أن يقدم امرء شهوة عابرة ، على نعيم مقيم ، ورضى عبدٍ لئيم ، على رضى ربٍ كريم ، وهو يرى مصارع الأحياء كل يوم ، وأفواج الراحلين إلى مقابر الغابرين ، اللهم أرنا الحقّ حقاً فنتبعه ، والباطل باطلاً فنجتنبه . اللهم ما أريتنا من الحق فحملناه ، وما قصرنا عنه فبلغناه ، اللهم سلم لنا عقولنا التي نصل بها إليك ، وإرادتنا التي نبلغ بها رضاك ، اللهم ارزقنا بصيرة الدين والدنيا ، وأنّ إذا نافسنا في هذه الحياة ، ننافس من أجل دينك ، وإذا غالبنا نغالب من أجل المستضعفين من عبادك وإمائك لا طمعاً في الدنيا ولا اغتراراً بزخارفها المهلكة العابرة .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي تسبح له السماوات و الأرضون وما فيهن وما بينهن وهو ربّ العرش العظيم ، كل الأشياء منشدة بفقرها إلى غناه ، وبحاجتها إلى مدده ، وبعدمها إلى فيض وجوده . أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، برحمته تقوم السماوات والأرض ، ومن قدرته يتّسق نظامها وتتخذ أجزاؤها وأبعاضها مواقعها ، وبتدبير تدور أجرام الفضاءات الرحبة منتظمة في مداراتها . وتسير الأشياء كلها إلى غاياتها ، ويدوم ائتلاف الذرة بمحسوب نظامها وموزون أبعادها ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله لم تأخذه في الله لومة لائم ، ولم يرده عن طاعته شيطان رجيم ، ولا طاغية غاشم ، ولم يستزله عن طريق الرسالة إغراء ، ولم يحرفه تهديد ولا وعيد . اللهم صل وسلم على البشير النذير الذي جعلته رحمةً للعالمين ، ودليلاً للسائرين . اللهم صل وسلم على الطاهرة الرضيّة والعابدة المرضية الزهراء الصديقة الزكية . اللهم صل وسلم على إمام المتقين ، ووصي آخر المرسلين ، البكاء في محرابه ، المقدام في حروبه ، المجاهد في ذات الله ، الأمين على الوحي الذي جاء رسول الله ” ص” من عند ربه الجليل ، اللهم صل وسلم على الأئمة الهداة من ولده ، والسلالة الطاهرة من بعده الحسن الزكي والحسين الشهيد وعلي بن الحسين زين العابدين ، ومحمد الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر إمام الزمان ، والقائد إلى الأمان ، والمؤيد من الرحيم الرّحمن ، المحفوظ للعدل ، والموعود بالنصر ، والدالّ على ما اختلف فيه من الحق .
اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك “ص” وأقم به العدل ، وأحي به الحق وأمت الباطل وأعز المؤمنين وأخذل الكفار والمنافقين .
اللهم انصر المدافعين عن دينك الداعين إلى سبيلك الطالبين التمكين لشريعتك في زمننا هذا وفي كل زمان هو آت ، وادرأ عنهم ، وكد لهم وسدد خطاهم وصوب فعلهم وقولهم ، ورد كيد الكائدين عنهم يا كريم .
أيها الأحبة في الله لقد دخلنا جميعاً الحديث عن الولاية التكوينية الشاملة المستوعبة لهذا الكون ، وكل شيء فيه ، وكلّ ذرة من ذراته ، وشأنٍ من شؤونه وأثرٍ من آثاره . وهذه الولاية أصلاً وأساساً إنما هي لله وحده ، لا يَستقل بها أحد من دونه في أي شيء من هذا الكون ، ولا يُشركه فيها أحدٌ أبداً ، وهي ولاية الخلق والرزق والتدبير والحفظ وإعطاء الوجود ابتداء واستمراراً ، وإقامة النظام الكوني حدوثاً وبقاء فبالإضافة إلى ما تقدم من آيات قرآنية بهذا الصدد ، نمر بمنظومة أخرى من الآيات في المجال نفسه بصورة عابرة :
” فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ -116سورة المؤمنون .
” الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ” 1 / سورة الأنعام
” ) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ” 2 / سورة الملك
” ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (3) ” / سورة يونس .
( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) (58)سورة الذاريات
” قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ” 11 / سورة الفتح .
( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى…) ” 42 / سورة الزمر .
الكون وما شمِل ، والظلماتُ والنّورُ ، والموت والحياة ، والإرادة والتدبير ، وحفظ الوجود وإيصال الأشياء إلى غاياتها الوجودية ، وامداد النظام بما يبقيه ، ويحافظ على صيغته ، وصيغة كل جزيء وكل دقيقة فيه ، وما يتنزّل على شيء من رزق ، وما يُقدَّر من أقوات وما به من معايش الأحياء ، والضّر والنفعُ كل ذلك بقدرة من قدرته سبحانه ويفيض من فيضه ، وبحكمه وتقديره وحكمته .
فهي سلطة عامة شاملة مطلقة في الخلق والتكوين والصنع الإدارة والتدبير الفعلي لا يخرج منها شيء ولا يكون بدونها شيء ، ولا يمتنع منها شيء . ( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) الروم .
وهذه الولاية التكوينية الشاملة المهيمنة الأصل يتفرد بها الله الواحد الأحد الفرد الصمد ، ولا يشركه فيها أحد من خلقه وما خلق أبداً أبداً ، كيف وكلّ شيء من دونه مفتقر إليه ، مستجدٍ من فضله وعطائه ؟!
نعم هناك ولايات تكوينية تابعة تتحدر من تلك الولاية الأصل وتكون برفدها ، وهي محكومة لها ، مقدّرة بتقديرها ، مفيّاة بغاية من تحديدها . والآيات الكريمة الآتية تقدّم لنا أمثلة من هذه المرتبة من الولاية التابعة المحكومة المحدودة الناقصة :
” نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)
سورة فصلت .
” نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (32) / سورة فصلت .
” وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) ” 75 / النساء .
“( قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) … / سورة السجدة .
” إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27) ” / سورة الأعراف .
” …َ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي “110/ المائدة
تلاحظون من الآيات الكريمة التي طرحتها الآن كلها إنها تُرجع هذه الولايات القاصدة الناقصة المحدودة إلى الله عز وجل ، كل واحدة من هذه الآيات تنطق بهذا الإرجاع وبالمدد الإلهي والبعطاء الإلهي لتؤكد شديداً على أن ولاية تكوينية في الكون ولو على ذرة واحدة من ذرات هذا الكون لا تكون إلا بإذن الله ومدده ورفده
وتمثل الولاية التكوينية الأصل الشاملة المطلقة قاعدة في المطروح القرآني ، والنظر العقلي ، وحكم الوجدان ، والارتكاز العقلائي ، والفهم القانوني ، تبتني عليها الولاية التشريعية المطلقة لنفس من له الولاية التكوينية الحقّة ذاتاً وأساساً ، مختصّةً به ، مقصورة عليه كما تنطق به آيات الذكر الحكيم التي يرجأ استعراضها لحديث آخر .
أما الآن فأقف وقفات عابرة مع بعض قضايا الساحة المحلية المعاشة فعلاً : –
فأولاً : الإسلاميون مع توعية المرأة على حقوقها وواجباتها والعادلة ، وتنقية قوانين الأسرة من كل ما يتعارض مع مبدأ المساواة والعدالة ولكن يتركّز خلافهم مع الآخرين في العلم والعدل والإحاطة التي يُرجع إليها في تشخيص المساواة والعدالة في مختلف الموارد التي تنظمها الأحكام الشرعيّة وتتعرض إليها والقوانين الوضعيّة . فهل المرجع هو علم الله عز وجل أو علم الإنسان ؟ وإحاطة الله أو تجربة الإنسان ؟ وعدل الله المطلق أو ما قد يدّعيه الإنسان من عدل وما يمكن أن يكون عنده منه وهو قليل محدود مضطرب غير ثابت ولا مأمون ؟
ثانياً : المحاولة الأخيرة التي تنتظر التطبيق الكامل ، والداخلةُ في معالجة الوضع المعيشي لبعض المواطنين وإنقاذهم من ملل البطالة ، وآثارها القاتلة خطوة على الطريق الصحيح ، والمعالجة الجذرية تحتاج إلى منهج متكامل ؛ منه لا كله أن ينظر بعين الجدّ والإصلاح والتوزيع العادل والثروة الأولية من مثل الأرض والماء ، والثروة الناتجة بضم الجهد البشري ، والحركة الاقتصادية في صورة خدمات متساوية ، وإلى مجال الإدارة والتوظيف بما يكفل تقديم الكفاءة الأقدر ، وإلى إعداد الكفاءات الإدارية والوظيفية بما يأخذ بمبدأ المساواة وعدم التمييز على الأسس التي لا تمت إلى مراعاة القدرة والمصلحة العامة بصلة . كما تحتاج المعالجة الجذرية إلى الترشيد الإنفاق إعلاماً وعملاً ومن ذلك أن لا يخطط لاستعادة ما يدخل في جيب الشاب والشابة عن طريق المشاريع التي تفتك بالدين والجسد والإنسانية .
ثالثاً : أسيكون مقياسُ الدول الإسلامية والعربية هو المقياس الذي تأخذ به أمريكا والغربُ في مسألة الإرهاب حيث توصل به الفلسطينيين المدافعين عن أنفسهم وأرضهم وكرامتهم ، ومن تستثيره مظلوميتهم وحرمانهم ، وتبرّئ منه إسرائيل التي تتفنن في أساليب القتل والتعذيب والتجويع وسحق الكرامات والاستخفاف بالقيم والمقدسات ، أم ستتخذ هذه الدول المقياس الذي يفرضه العدل والحق ويبّرئ المستضعف المظلوم ويدين الطاغية الظالم ؟
اللهم أبدلنا عن ذلنا عزا ، وعن ضعفنا قوة ، وعن هزيمتنا نصراً ، وعن فرقتنا اجتماعاً ، وعن ضلالنا هدى ، وعن تباعدنا عن دينك قرباً ، وعن أخذنا برذائل الخلق السقيم ، تمسكاً بفضائل الخلق القويم يا أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين .
اللهم إنّا نستغفرك ونتوب إليك فاشملنا بمغفرتك ، ومنّ علينا بتوبة منك تطهّرنا ، وتزكينا ، ونستحق بها كرامتك ؛ إنك التّواب الرحيم .
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .