خطبة الجمعة (441) 28 ربيع الأول 1432هـ – 4 مارس 2011م
موضوع الخطبة:
الخطبة الأولى: متابعة موضوع النبوة والرسالة
الخطبة الثانية: الوضع المحلي
عن النوّاب الموافقين في الرأي لسقف الحكومة في الحوار، وفي ما تريد أن تعترف به وتعطيَه، وما تتنكر له، وتستكثره، بما أنهم يتوافقون مع الحكومة كل هذا التوافق فلو كانت المسألة مسألة تصويت فلا شك في حقهم في التصويت لأنهم مواطنون كسائر المواطنين أمّا وأن المسألة مسألة حوار بين الحكومة ومن يختلف معها في الرأي؛ فلا موضوع عند أولئك النواب مع الحكومة للحوار.
الخطبة الأولى
الحمدلله الذي تعالى عن الحدود، وتباعدَ عن إدراكَ العقول، وتنزَّه عن نيلَ الأوهام، وامتنعَ عن مَسرح الأَخْيلة، ولا يُدرك كنهه شيء، ولا يخفى عليه شيء، ولا يَسَعُ أحداً إنكارُه، ولا ظهورَ لشيء كظهوره.
الحمدلله الذي أرسل أنبياء ومرسلين مبشّرين ومنذرين إنقاذاً للعالمين، وهداية للمهتدين، وإلزاماً للمُبطلين.
أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي الأمَّارة بالسوء بتقوى الله الذي ليس بنا من نعمة إلا منه {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}(1).
والله هو القادر وحده على سَلْبِ ما أنعم، واسترجاع ما أعطى، وبِقُدرته ورحمته تدوم النّعم، ولا سالبَ لشيء منها من دون إذنه وهو العزيز الحكيم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين. اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم اجعل رجاءنا فيك لا في غيرك، وتقوانا منك لا من سواك، وطاعتنا وسعينا إليك، وطلبنا رضوانك لا نُشرك بك أحداً، ولا نضِلّ عن طريقك أبداً برحمتك يا أرحم الرَّاحمين.
أمَّا بعد أيّها المجتمع الكريم فالحديث حول بعض التساؤلات المتعلّقة بموضوع النبوّة والرسالة:
تقدّم أحدها وهذا هو الآخر:
المعجز والسُّنّة الإلهية:-
يقول القرآن الكريم {… فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً}(2).
{سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً}(3).
{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }(4).
{سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً}(5).
والآيات تفيد أن لله سنناً في الأرض، والناس، وقوانينَ ساريةً لا تتخلّف، ولا تنقلب، ولا تغيير فيها.
وقد يُقال بأنّ المعجز يمثّل تغييراً في السنّة الإلهية، وخروجاً على مألوفها، إذ في المعجز ترتيب لمسبّب على غير سببه المعتاد، ولمعلول على غير علّته المرتقبة.
فحدوث المعجز فيه نقض للسنة الإلهية التي ينفي القرآن الكريم صراحةً نقضها وتغييرها.
وللإجابة على هذه الشبهة علينا أن نعرف السّنة التي ينفي القرآن تحوّلها ونقضها.
وهذه السّنة ليست هي أنّ قدرة الله عزّ وجلّ قد انحصرت في أن لا تُنتج أيَّ معلول إلا من علّة واحدة لا يمكن أن تقوم مقامها علّةٌ أخرى من صنعه، وإنما هي(6) أصل مبدأِ السببيَّة الذي يرتبط به وجود كلّ الممكنات، وأن لا شيء يوجد منها من غير سبب يكون به وجوده في الابتداء والاستمرار.
وأمَّا الآيات الكريمة المتقدّمة فكلّها تتحدّث عن أنّ سنّة الله عز وجلّ قاضية بأنّه إذا حصل السّبب حصل في طوله رتبةً المسبَّب بإفاضةٍ منه سبحانه، ولا مفاد فيها على الإطلاق بأنّه لا يحصل شيء في الوجود إلاّ من طريق علّته المعتادة، وأن الباب مسدود أمام القدرة الإلهية المتعالية في اختيار الأسباب، وتنويعها.
وكلُّ المعجزات الإلهية الجارية على يد أنبيائه ورسله لا تنتجها الأسباب المعتادة، وفي الوقت نفسه لم تَحْدُث من غير سبب على الإطلاق.
فالأسباب لا تحكم القدرة الإلهية، وإنما القدرةُ الإلهية هي التي تحكم الأسباب، ولا حدَّ عليها في إيجادها وتنويعها.
{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}(7).
إذاً ليس في المعجز خَرْقٌ للسنة الإلهية، وإنما الجديد فيه عن غيره من الحوادث أنَّ سَبَبه من نوع فوق قدرة البشر، وما يصل إليه علمُهم، وأنّه من نوع غيب يتجاوز إدراك العقول والتجارب.
وانحصارُ العلَّة لأيّ ظاهرة في أمر واحد ليست مسألة عقليّة في المعجز ولا غيره فالحرارة مثلاً كما هي أثر للنار، فإنها أثر للاحتكاك.
تساؤل آخر:
إنَّ النبيّ محمداً صلّى الله عليه وآله لم يستجب لعدد من خوارق العادة التي اقترحها المشركون؛ فكيف يستقيم عدم استجابته لذلك مع كون الطريق إلى إثبات نبوّته هو المعجز؟
والجواب أنّ اللازم لإثبات النبوّة هو إقامة الحجة عليها بحيث تكون مُلزِمة للعقل، ولا يجد العقل مفرّاً من التصديق بها مع شرط تخلّي صاحبه عن العناد، ولا يقتضي إثباتُ النبوّة الاستجابةَ لأيّ مقترحٍ مشتهىً لحالة المكابرة والعناد والجدل العقيم.
وقد ثبتت نبوّة الرّسول الخاتم صلّى الله عليه وآله وسلّم بأكثر من طريق؛ منها دلائل الصِّدْق الصارخ لمضمون رسالته، والسموُّ المتميّز في شخصيّته، وبشاراتُ الأنبياء السّابقين المعيّنةُ له، والقرآن العظيم، وهو المعجزة الحيَّة القائمة المتحدّية للإنس والجنّ جميعاً ما دامت الحياة، وبقي موضوع للرِّسالة فيها.
ويجب أن نُدرِك بأن المعجزات إنما هي لإلزام العقل كما سبق، وليست لقهر إرادة الإنسان وإجباره على التصديق بالنبوّة(8)، كما أنّها ليست حالة من حالات الاستعراض البهلواني ولمجرّد التلهية والتسلية، ومجاراة الرّوح الصبيانية عند الكثيرين.
ويُنبَّه على أنَّ معجزات الرّسول الخاتم صلَّى الله عليه وآله قد تعدَّدت، والمثبتُ لنبوّته ولنبوّة من قبله من الأنبياء للأجيال المتلاحقة المتباعدة عنهم زمناً إنما هو ما يصلها بطريق متواتر يوجب يقينها بتلك المعاجز.
والقرآن الكريم هو أكبر معجزة باقٍ تواترها لكلِّ الأجيال من بين كلّ معاجز الأنبياء والمرسلين على الإطلاق، والقرآن الكريم هو المثبت لنا بثبوته القائم دائماً لمعجزات الأنبياء السابقين مثل إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، والتي يُنبئ بها، وبنبوّة أولئك العِظام.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم أخرجنا من الظلمات، وادفع عنا الشبهات، وارزقنا النور والبصيرة، وفقِّهنا في دينك، واشرح صدورنا بهدى آياتك، واجعلنا من الموقنين برحمتك يا أرحم الراحمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}(9).
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي يُلجأ إليه في النّوازل، ويُستغاث به في الشّدائد، وأمره في كلّ شيء نافذ، ولا يتعاظمه أمر، ولا يخرج عن قدرته خارج. كلّ الأمور بيده، وكلّ الأشياء طَوْعُ مشيئته، ولا يملك أحدٌ من دونه تقديراً، ولا تقديماً، ولا تأخيراً. خاب الوافدون على غيره، وخسر الواثقون بغير قدرته ورحمته، والمعتمدون على من سواه.
هو الله ربُّ السماوات والأرض، وربُّ العرش العظيم.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
عباد الله علينا بتقوى الله، وأن نكون على ذكرٍ دائم من عظمته وعلمه وقدرته وأخذه وبطشه، وكرمه وعفوه ورحمته، وأن لا ننساه لشدّةٍ أو رخاء، أو تَرَح أو فَرَح، أو في ملأ أو خلأ، وانفراد أو اجتماع، فمن ذكر الله صانه الله بذكره عن العمى والضّلال، والتّيه والضّياع، ومن نَسِيَه استبدَّ به الشيطان، وارتكس في الغي، وضلّ الضّلال المبين {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ، وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ}(10).
فلنتّق الله عباد الله فإنّ التّقوى تردّ صاحبها إلى الهدى حينما يُحاول معه الشّيطان، وعندما يمرّ به طائفٌ منه، ومن دونها يكون الاستسلام والمتابعة والانهزام.
اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم اجعل ذكرنا لك لا انقطاع له، وشكرنا لنعمك لا فتور فيه، واستقامتنا على طاعتك لا تعطّل فيها، ولا ميل يعتريها، وألبسنا من تقواك ما يسترنا ويزيننا، واجعل علينا واقية تنجينا من الهلكات، وتُجنّبنا دواهيَ المصيبات، وشرَّ البليات إنّك على كل شيء قدير، وبالإجابة حقيق جدير.
اللهم صلّ وسلّم على خاتم النبيين والمرسلين الصادق الأمين محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين، اللهم صلّ وسلم عليه صلاة كثيرة نامية. اللهم صل وسلم على علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر، وحفه بملائكتك المقربين، وأيده بروح القدس يارب العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريق.
أما بعد أيها الأعزاء من المؤمنين والمؤمنات فالحديث في الوضع المحلي:
أولاً: كلمة في الحوار:
كلامي ليس في الحوار وعدمه، ولا في سقف الحوار ومستواه، وإنما كلامي من حيثيّة أخرى.
هناك طرفان متقابِلان مطالِبٌ وهو الشعب، ومطالَبٌ وهو النظام، ومن يُقرِّر الحوار أو عدمَه هما الطرفان لا طرف ثالث. والحوار يحتاج إلى موافقة الطّرفين، ويُعطّله عدم الجدّية أو عدم الوثوق من أحدهما.
وأيُّ حوار على خلاف رغبة الشّعب، وخارجَ إرادته، ويأتي بعيداً عن طرحه لا قيمة له، ولا يؤدّي إلى حلٍّ أو تهدئة، وهو من نوع عقد الفضولي الذي يحتاج إلى إمضاء الشعب ومباركته.
فالحوار بين الطرفين المختلفين(11)، ولا يمكن أن يحاور عن أحدهما أحد من غير إذنه.
وعن النوّاب الموافقين في الرأي لسقف الحكومة في الحوار، وفي ما تريد أن تعترف به وتعطيَه، وما تتنكر له، وتستكثره، بما أنهم يتوافقون مع الحكومة كل هذا التوافق فلو كانت المسألة مسألة تصويت فلا شك في حقهم في التصويت لأنهم مواطنون كسائر المواطنين، أمّا وأن المسألة مسألة حوار بين الحكومة ومن يختلف معها في الرأي فلا موضوع عند أولئك النواب مع الحكومة للحوار.
وإذا عُدّوا طرفاً فيه فهم الطرف الحكومي نفسه، لا أنهم طرف ثالث. وفي المقابل يكون كل الممثّلين في الحوار للشعب طرفاً واحداً لا أكثر. فلو اشتركت عشرون مؤسسة في الحوار بوجهة نظر موحّدة فهم طرف واحد، وكذلك لو اتّحدت وجهة نظر واحدة واجتمع مع الحكومة فيها عشرون طرفاً فهم طرف واحد لا غير.
ومسألة التصويت مسألة أخرى، فذلك حقّ لكل الشعب لا لهذه المؤسسة وحدها أو تلك المؤسسة، ولا لهذه الطائفة ولا تلك الطائفة، ولا لهذا الحزب أو غيره ولا لنوّاب دون غيرهم.
ثانياً: استعمال القوّة:
استعمال القوّة في وجه أيّ تظاهر أو اعتصام أو أي نوع من الاحتجاج السلمي ولمجرد أن النّاس يطالبون بحقوقهم هو عدوان سافر ظالم مدان عقلاً وديناً، ومن منطلق الضمير الإنساني، وحقوق الإنسان، ومقررات الأمم المتّحدة.
ثالثاً: ماذا يحكم التحرّك؟
ما يحكم التحرك وهدفه إنما هو حلال الله وحرامه، وما يجوز وما لا يجوز في شرعه، والعدل الذي قضى به حكمه، ومصلحة الوطن التي يجب الحفاظ عليها، والوحدة الوطنية التي تجب مراعاتها(12).
وليس من الصحيح أن يُسمع لأي لغة طائفية، وشحن طائفي شيعي أو سني من الداخل أو الخارج.
وفي الوقت الذي نرحّب فيه بالدعم الإعلامي العالمي لقضايا هذا الشعب، وتحقيق مطالبه المشروعة على حدّ الدعم للشعوب الأخرى في قضاياها نطالب الداخل والخارج من قريب أو بعيد، ومن مناصر لهذا أو ذاك بالتخلّي عن اللغة الطائفية والشحن الطائفي الذي من شأنه أن يضرّ ولا ينفع، ويفسد ولا يصلح.
وعلى كلّ أطراف الداخل أن تلتفت إلى أن تسميم جو المدارس أو الساحة الاجتماعية العامّة بالروح الطائفية والكراهية والحقد والفتنة والنزاع الطائفي جريمة شنيعة، وفاجعة كارثية تُرتكب في حق الأجيال القادمة، والوطن في حاضره ومستقبله.
ومن أراد أن يغتال أمن الوطن واستقراره، ويُشقي الأجيال القادمة من أبنائه فليفعل ذلك وإنه لإثم كبير، وسوء من أعظم السوء، وضرر من أبلغ الضرر؛ ضرر بالوطن في حاضره ومستقبله(13).
رابعاً: دوار اللؤلؤة:
يكتسب دوار اللؤلؤة أهمية كبرى في سير التحرّك الشَّعبي في اتجاه أهدافه بحكم واقع التجمّع الجماهيري الحاشد فيه ومرابطته.
وهو ينعكس بكل ما يتوفر عليه من إيجاب، وما يعتريه من سلب على تحقيق هذه الأهداف.
ولابد أن نرتقب من الذين يعادون هذا التجمع وأهدافه أن لا يتركوا وسيلة لإفشاله وتشويهه والإساءة إليه إلاَّ وظفوها في هذا السبيل، وإن كانت من أقذر الوسائل وأخبثها.
ومن ذلك إحداث النزاعات الداخلية المفتعلة بين أبناء الدوار وفصائله بواسطة المندسّين والعملاء وبعض الجهلة، ودفع بعض العناصر الساقطة أخلاقيّاً لإحداث بعض الظواهر الشاذّة، لتلويث الجو النظيف لهذا التجمّع وتشويهه، والتنفير منه.
وعلى التجمع العام الكبير من شرفاء هذا البلد وغياراه وصادقيه ومناضليه أن يكونوا على نباهة تامة، واحتياط كامل لمثل هذه الأمور التخريبية المتعمّدة، وأن يعملوا بحكمة ووعي واتزان على إنجاح تجمعهم بالوقاية من هذه المشوّهات وعلاجها بالطرق المدروسة.
وعلى عموم الشعب أن يعي هدف هذه الدسائس، ولا يعمّم أيّ ظاهرة سلبية على التجمّع، ولا يصرفه ذلك عن المشاركة النافعة لتقويته وإنجاحه.
خامساً: دعاة الديموقراطية العالمية:
هناك دول تتزعّم الدعوة إلى النظام الديموقراطي عل مستوى العالم كلّه، وتراه ضرورة للسياسة العادلة في مختلف المجتمعات، وتشنّ حروباً باسم الدفاع عن قدسية هذا المبدأ.
لكنّك تجد من هذه الدول أنها تبرُد حتى في دعوتها اللفظية للأنظمة الصديقة بالتزام الديموقراطية الحقيقية، وتضغط على الشعوب عند تحرّكها للمطالبة بهذا المبدأ في اتجاه القبول بأرباع الحلول، أثمان الحلول، أعشار الحلول، وما هو أقلّ مما قد يعيد الشعوب إلى حالة الصّمت والتسليم للأمر الواقع، وحالة الهيمنة والتصرّف المطلق للأنظمة الحاكمة التابعة.
وهذا ما يجعل أساس دعوة تلك الدول إلى النظام الديموقراطي في العالم متّهماً عند الشعوب المختلفة بأنّه لأغراض سياسية ومصالح ذاتية خاصة بتلك الدول، ورؤوس السياسة فيها.
سادسا: السجناء المحكومون:
هناك سجناء محكومون لا زالوا يقبعون في السجون، والمعروف أن حكمهم لم يأت طبقا لمقتضيات الشرع والقانون، ولم يثبت ما يُجرّمهم بالنظر إلى هذه الموازين، ولبُّ ما اعتمدت عليه إدانتهم الاعتراف تحت الإكراه.
وبذلك يكون بقاؤهم في السجن مَعْلَماً من معالم الخلل السياسي، وشاهداً صارخاً على التمسّك بأخطاء الماضي وتوجهاته السيئة.
وأمّا تغيّب محمد البوفلاسة لإبداء رأي سياسي فهو شاهد جليّ على حرية التعبير السياسي عن الرأي، وترسّخ قيمته عند الحكومة في الوقت الحاضر، وعلى شفافية التعامل مع مختلف القضايا للمواطنين. تفهم هذا أو تفهم العكس؟!
اللهم صلّ وسلّم على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم انصر كلّ ناصر للحقّ، محارب للباطل، واخذل كلّ خاذل للحقّ، ناصر للباطل، واجمع كلمة المؤمنين على التقوى، وانصرهم نصراً قريباً عزيزاً مبيناً، وانتقم للمظلومين من عبادك، وأذلّ الظالمين يا جبار يا قهّار يا قوي يا شديد.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(14).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- 20/ لقمان.
2- 43/ فاطر.
وهناك آيات أخرى في تقرير أن لله عزّ وجل سُنناً لا تتبدّل.
3- 62/ الأحزاب.
4- 23/ الفتح.
5- 77/ الإسراء.
6- أي السنة الإلهية.
7- 47/ آل عمران.
8- فاختيار الإنسان غير مسلوب في مسألة التصديق بالرسالة.
9- سورة التوحيد.
10- 201، 202/ الأعراف.
11- والاختلاف هنا بين النظام وبين الشعب.
12- هذه ضوابط للتحرّك وقيوده، وما له الحاكمية عليه.
13- هتاف جموع المصلين بـ(لا للفتنة الطائفية).
14- 90/ النحل.