خطبة الجمعة (391) 9 ذوالحجة 1430هـ – 27 نوفمبر 2009م
مواضيع الخطبة:
*متابعة موضوع التربية الروحية *معارك كبيرة وهدف صغير
هناك عمليّة استغفال عالمية واسعة وصرفٍ وإشغال تمارسها حكومات كثيرة جدّاً ضدّ شعوب الأرض باختلاق أهداف وهمية ومكاسب خيالية تلهيةً لها عن هدفها الحقّ، ودورها الكريم، وحقّها المسلوب، وذاتها المضيّعة، وكرامتها المهانة، وعن ربّها العلي العظيم.
الخطبة الأولى
الحمد لله المبدئ والمعيد، ولا مبدئ ولا معيد غيره، ولا بدء إلا لما أبدأ، ولا عود إلا لما أعاد. وهو القديم الذي لا بدأ له، الدائم الذي لا غاية لديمومته، الوجود الحقّ الواحد الأحد الذي لا وجود يشبهه يُثنّيه ويزاحمه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي نحن المملوكين له، ومَنْ حياتنا ومماتنا بيده بتقواه التي هي سبيل الطّهر والزّكاة والرِّفعة والعلوِّ الحقِّ، والنجاة والسعادة والإكرام، وهي حقٌّ ثابت على العبيد المخلوقين المملوكين المرزوقين المدبَّرين للخالق المالك الرازق المدبِّر.
ألا من أهمّه أمر نفسه، ومصلحته ومفسدته، ودينه وديناه، وسعادته وشقائه فليتّق الله تحقيقاً لمصلحته، وخير دينه ودنياه، وسعادته، وفراراً من الشّرّ والمفسدة، وسوء الدنيا والآخرة، والشّقاء الدّائم، والعذاب المهين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم. اللهم ذُدنا عن موارد الهلكة، واسلك بنا سبيلاً سهلاً إلى طاعتك، ويسِّر لنا بُلوغَ مرضاتك، وافتح علينا أبواب بركاتك، وانظر إلينا بعين رحمتك ورأفتك، ولا تحرمنا عفوك ومغفرتك يا غفور يا رحيم يا كريم.
أما بعد فالحديث عودةٌ إلى موضوع “التربية الروحيّة”:
تقدّم أنّ الإنسان كيان ذو أبعاد منها البدنيّ والفكريّ والروحيّ وهو أعلا أبعاد الإنسان، وبه التميُّز الأكبر لوجوده، وفيه سرّ تقدّمه قدْراً على كثير من المخلوقات.
ويمكنك أن تفرِّق بين طَرَبٍ تعيشه الروح الحيوانية في إنسان لحفل غنائي راقص ماجن، تكون منهارة فاقدة للوعي تحت تأثيره، وبين أُنْسٍ وحالة من الانتعاش المعنوي الراقي والرضى القلبي الطافح الممزوج بلذة التألق والسموّ الذي تغنى به الروحُ العليا الجماليّة في إنسان قام بعبادة لله العظيم موفَّقة حقيقيَّة.
ساعة الطرب الحيواني الساقط تنعكس على الروح الحيوانية في الإنسان بلون من الطرب والاستفزاز الذي يفقده إرادته، ويجعله منهاراً أمام دوافع المادة والشهوة البدنية المتأجّجة العارمة.
وساعة اللقاء القلبي المنفتح على الله سبحانه وتعالى تنعكس بالأنس والسرور، والثقة والاطمئنان والرضى الطافح على الروح الجمالية العليا في الإنسان وتزداد وعياً وبصيرة وانفتاحاً على الحق والقيم العليا، وتعيش القوة والإرادة الخيِّرة والسمو والعروج.
بُعدان في ذات الإنسان(1) ولكن أين أوّلُهما من الآخر؟!
الإسلام وتربية الإنسان:
ويتّجه الحديث في التربية الروحيَّة إلى الكلام عن تربية الإسلام للإنسان. وقد جاء الإسلام في كلِّ رسالاته للأرض لتربية الإنسان وتزكيته، والوصول به إلى أعلى مستوى من الفاعلية الكريمة المنتجة، وأسمى غايةٍ يمكن أن ينالها وجودُه، وترقى إليها إمكاناتُه.
وتربيةُ الإسلام للإنسان تربيةٌ شاملة تستوعبه بكُلِّ أبعاده، وتدفع بكل طاقاته إلى الأمام وعلى الطّريق السّويّ إلى أقصى غاية عُليا ممكنة في صورة متكاملة متّسِقة لا تُعاني من التّهافت والإرباك والقلق، وتَفِي بكامل حاجاته، وتُعطي الأهميّة الكبرى، والشّأن الأعظم للجانب الروحي العلوي في وجوده.
وإنَّ للتربية لمقوّمات سواء كانت تربيةَ بدن، أو فكر، أو روح.
وهذه المقوّمات نجدها في الآتي:
1. التّغذية.
2. الوقاية.
3. التّرويض.
4. العلاج.
فما من بدن، ولا فكر، ولا روح إلا ويحتاج في نُموّه إلى الغذاء الصالح الذي يتناسب وطبيعته، ولو فسد الغداء لعاق عملية النمو وعطّلها، وربما قتل وأتلف.
وهناك من المضادِّ الضَّار الفتّاك بحياة هذه الأبعاد ووجودها فضلاً عن نمائها وصلاحها الكثير الكثير من الأشياء والأمور؛ فكان لابد للحفاظ عليها وسلامتها من وقاية. وكما أنَّ مما يواجه الأجسام ما يفتك بها، فكذلك مما يتعرّض له الفكرُ والروحُ ما يأتي عليهما.
وعلى حدّ ما يُعرف من حاجة البدن إلى الترويض والمكابدة، وبذل الجهد من أجل صحّته وسلامته وقوّته وتحمّله وتناسقه تجد الفكرَ والروحَ لابد لهما من ترويض، وخوضِ تجاربَ مناسبة، وممارسة أنشطةٍ تقوم على المجاهدة، واختبار القُدرة، ومحاولة رفع المستوى باستثارة ما تختزنه ذاتهما من استعداد، وتحفيز ما يتوفر لهما من قابليّة.
وكما أن هناك رياضةَ بدن، فهناك رياضةُ فكر، ورياضةُ روح، ولكل رياضة من الرياضات الثلاث طبيعتها الخاصة المناسبة لها.
وتدخل على البدن علل لا يتعافى منها إلا بالعلاج، وكذلك الفكر والروح ليسا بمنأى عن الإصابة بالأمراض، وتأثير البيئات المسمّمة، وما قد يؤدّي إليه الإهمال في التغذية والوقاية والرياضة من تدهورات.
وعليه يأتي دور العلاج في حياة الفكر والروح كما يأتي في حياة البدن.
عناصر لابد منها:
هذه عناصر لابد منها للتربية الناجحة، ومن مراعاتها في مقام التربية لكلٍّ من الأبعاد الثلاثة.
1. سلامة الهدف.
2. المادة التربوية الصالحة.
3. المنهج الصائب.
4. الأستاذ الكفوء.
ويأتي قبل ذلك معرفة المستهدَف للتربية(2) المعرفةَ الدقيقة الجيّدة، فمع عدم معرفته لا تتأتّى دقة التشخيص والاختيار في أي من العناصر الأربعة المتقدّم ذكرها.
بعد هذا التقديم يأتي الكلام إن شاء الله تحت عنوان: مكانُ التربية الروحيَّة.
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد، اللهم عافنا بعافية الدنيا والآخرة، واكفنا شرّ الدنيا والآخرة، وارزقنا خير الدّنيا والآخرة، وآمنّا في الدنيا والآخرة، وبارك لنا فيهما، ولا تذقنا ذلاً، ولا هواناً ولا خزياً أبداً، واستُرنا بسترك الجميل يا رحمن يا رحيم يا كريم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}
الخطبة الثانية
الحمد لله الوجود الحقّ، والكمال المطلق. كان الله عزّ وجلّ ولا شيء قبله، ولم يسبقه عدم، ولا يأتي عليه فناء، ولا ينال منه شيء. وكيف تنال منه الأشياء وأمرُها وجوداً وعدما، ابتداء واستمراراً بيده؟! وكيف للحدود أن تصل إليه وتنال من قُدسه وهو الواضح لها، والحاكم لأمرها؟!
تنزّه عن مجانسة المخلوقين، ومحكومية المحدودين، ومحدودية المحكومين.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وزادهم تحية وبركة وسلاما.
عباد الله علينا بتقوى الله وتنقية حياتنا من معاصيه فإن حياة المعاصي موتُ إنسانية الإنسان، وهُويٌّ إلى المنحدر السحيق. وفي كلّ معصية خسارةُ عقل، وخسارة قلب، وخسارة روح، وهي بعدٌ عن الله العلي العظيم، واستسلام للهوى، والنفس الأمّارة بالسوء، وكيد الشيطان الرّجيم.
والتمادي في المعاصي استمرار في الخسارة حتى يخرج الإنسان من تمام إنسانيته، ويخسر كل الهدى، ويكون أضلّ من الأنعام سبيلا، وأقلّ شأناً، وأسوأ حالاً. أما عاقبته فشؤم، ومصيره فأسود، وآخرته فشقاء يطول.
اللهم أعنّا على أنفسنا ولا تكلنا لغير رعايتك وكلاءتك وحراستك ورحمتك طرفة عين، واسلك بنا طريق طاعتك، وانأ بنا عن طريق معاصيك يا من هو على كل شيء، وبالإجابة حقيق جدير.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله الصادق الأمين خاتم النبيين والمرسلين، وعلى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر، وحفه بملائكتك المقرّبين، وأيده بروح القدس يارب العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصرا عزيزا مبينا مقيما ثابتا دائما.
أما بعد فهذه كلمة:
معارك كبيرة وهدف صغير:
في مباراة كرة القدم الأولى بين مصر والجزائر في مصر عشرات المصابين كما نقلت الأخبار وذلك من بين شباب شعبين عربيين مسلمين شقيقين، وعشراتُ الألوف من المشجّعين من حضور اللعبة، وملاسناتٌ حادّة وأعصابٌ متوترة، ومهاجمات واشتباكات يدوية دامية.
وفي المباراة الثانية بينهما على أرض السّودان عشرات الطائرات التي تنقل المشجّعين، والأستاد الذي تجري فيه اللعبة يغصّ بعشرات الألوف من المشجعين وميادين وساحات متعدّدة تحتشد فيها الجموع لمتابعة المباراة عبر قنوات النّقل السمعيّ والبصريّ المنصوبة لأجل هذا الغرض، وخمسة عشر ألف جنديٍّ للحراسة ولمواجهة الطوارئ بين مشجعي البلدين.
والإعلام في المباريتين كأنه إعلام حربيّ بلغة متشنّجة متوترة، والاستعدادات النفسيّة والتّفاؤل والتّشاؤم يسود النّفوس على حدّ ما في الحروب، وحالة طوارئ طاغية، وتبادل اتهامات، ونبشُ أوراق، وتصاعد في اللغة السياسية المتبادلة بنحوٍ عدائي. ثم جرحى في ضبط الشارع من السلطة في هذا البلد أو ذاك في اندفاعته العارمة للانتقام، وتعدٍّ على ممتلكات ومؤسسات رسمية، وعلى هذه الجالية أو تلك.
واستدعاءُ كل بلد سفيرَ البلد الآخر للاحتجاج. وأفراحُ النّصر المؤزّر في اللعبة تتسبب في مصرع 14 شخصاً وإصابة 254 آخرين بجروح في حوادث سير خلال تظاهرات الفرح العارم في الجزائر.
ولو تتَّبعت أخبار المعركة الضارية بالتفصيل لم يبعد عليك أن تجد أعاجيب وأهوالاً كثيرة.
وما هي النتيجة التي يمكن أن تحققها لعبة كرة القدم والهدفُ الكبير من الانتصار فيها؟ عزة، كرامة، تقدّم مادي، تخلص من الضغط الأجنبي، استقلالية، سيادة الحق، ورواج العدل، انتشار الفضيلة، كمال لإنسانية الإنسان؟ لا شيء من ذلك، وإذا قيل هي عزّة بلد وكرامته وشرفه، فالصحيح أنَّ العزة والكرامة والشرف إنما يكتسبها الإنسان بالارتباط بمعدن العزِّ والعظمة سبحانه وتعالى لا بما هو أدنى من هذا الإنسان(3)، ولا يأتي له وزن بالقياس لهذا الموجود الكريم كصنم، أو كرة قدم، أو مبنى وما إلى ذلك، وكما هو الكثير مما يتخذه الناس بمنزلة المقدّس المعبود من أشياء الأرض وقضاياها الوهمية الدونية.
فلنتعلم أنه حين يكون المثل الأعلى للشخص أو المجتمع أو الأمة أو الإنسانية كلّها صغيراً يصغر كل أولئك(4)، وحين يهبط الهدف عندهم يهبطون. والأهداف الحقيرة تذهب بالطاقات الكبيرة، والإنسان مهما عظمت مواهبه وإمكاناته لا يتجاوز في النتيجة قيمةَ هدفه الذي يسخّر من أجله وجوده(5)، وكلُّ الناتج البشري لا يخرج في حدّه عن حدّ الهدف الذي يُوظَّف له(6).
فلو كان لإنسان أكبرُ الطاقات والمواهب من بين أهل الأرض واستهدف من حياته أن يكون ماهراً في معرفة حرفة عادية، أو في أن يجيد فنّ السرقة، فلن تكون له قيمة أكبر من ذلك. ومن سخّر طاقاته ومواهبه وهي كبرى للوصول إلى لاعب كرة متفوق فلن يكون إلا كذلك(7)، ولن يخرج من الدّنيا إلا بهذا الوزن والواقع والنتيجة(8).
ومن ظلم السياسة وإعلامها أن تُضخِّم لأغراضها السيئة الأهدافَ الصغيرةَ في عين الناس، وتُحقِّر الأهداف الكبيرة، وأن تصرف الشعوبَ عن المهامّ الضخمة إلى محقَّرات الأمور، وتشغلها عن الهدف الأساس الذي خُلِقت من أجله، وأداء الدور الخلافي في الأرض بعد التّأهّل له إلى أهداف واهمة، ومقاصد من مقاصد الخيال.
هناك عمليّة استغفال عالمية واسعة وصرفٍ وإشغال تمارسها حكومات كثيرة جدّاً ضدّ شعوب الأرض باختلاق أهداف وهمية ومكاسب خيالية تلهيةً لها عن هدفها الحقّ، ودورها الكريم، وحقّها المسلوب، وذاتها المضيّعة، وكرامتها المهانة، وعن ربّها العلي العظيم.
الفرد.. الشعب.. الأمة.. كل الناس تحتاج أبدانهم إلى رياضة، وتحتاج نفوسهم إلى ترفيه، وليس إلى ملهاة وتخدير واستغفال باسم الرّياضة، أو إلى محرَّمات وموبقات وفحشاء باسم التّرفيه.
لا يصح باسم الرياضة أن يحلّ اللعب محلّ الجدّ، أو أن يأخذ وزنه، ويقوم مقامه، ولا أن تتحوّل الانتصارات والمكاسب الوهمية في ذهن الناس، وفي شعورهم إلى مكاسب وانتصارات حقيقية، ولا يصح أن تُختلق معارك خياليّة لتشغَل عن معارك تفرض نفسها على الأمة كالمعركة من أجل إنقاذ القدس وتحرير الأرض الفلسطينية المغتصبة.
ولنتذكر قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً…}(9).
وإن من الحديث لما هو لهو، ويتخذه متخذون للإضلال عن سبيل الله: أكرم سبيل، وأنجح سبيل، وإنَّ من الفعل لما هو كذلك ويتخذه متخذون للإضلال عن سبيل الله أشرف سبيل، وأعلى سبيل، وأفلح سبيل.
أعذنا ربّنا من حياة اللهو والعبث والتيه والضلال، ومن ضياع العمر، وفوات الفرصة، وأن نكون من الغافلين المخدوعين.
وصلّ على محمد وآله الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(10).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – بُعد حيواني، وبُعد روحي.
2 – من هذا الحيّ أو ذاك، وهذا البعد من ذاته أو ذلك البعد.
3 – أنت الإنسان بقابلياتك الكبيرة، بمواهبك العظيمة لا يمكن أن تستقي العزّة من حجر، لا يمكن أن تستقي العزّة من كرة، لا يمكن أن تستقي العزّة من مبنى.
4 – العظماء الذين كانوا تخرّ أذقانهم للأصنام يقزّمهم السجود للأصنام، صاحب المواهب العظيمة الكريمة إذا كان مثله الأعلى الذي يحاول اللحاق به، وتتجه حياته في اتجاهه إذا كان صغيراً فهذا العظيم لا يبقى على عظمته، وإنما ينزل إلى مستوى ما اتخذه في حياته من مثل يقتدي به ويحتذي، ويحاول أن يقترب من حجمه وواقعه.
5 – لو سخّرت حياتي كلها وما ملّكني الله عز وجل من طاقات من أجل أن تكون كل وجباتي ألذّ وجبات، فحياتي إذن ستساوي تلك الوجبات، ولذة تلك الوجبات ولن تزيد عليها بشيء.
6 – أيُّ حضارة قيمتها من الهدف الذي ترتبط به، ويكون إنتاجها من أجل الوصول إليه، فإذا كان الهدف البدن، ولذة البدن فستكون حياة الإنسان، وكل ناتجه الحضاري في قيمة لذة البدن.
7 – إذا كان له ذكاء كبير، وطاقات متعالية جدا في مستواها، ولكن ربط حياته بهدف أن يكون أكبر لاعب كرة قدم، فماذا ستعطي حياته؟ ستعطي حياته إذا نجح في الوصول إلى هدفه أن يكون أكبر لاعب كرة قدم، وهو يوم القيامة ليس أكثر من أكبر لاعب كرة قدم، أمّا أنه العادل، أمّا أنه العابد، أمّا أنه المحسن، وغير ذلك فلا. ما دمت قد كرّست كل حياتي من أجل تحقيق هذا الهدف فنتيجة حياتي – إذا نجحت في الوصول إليه – أن حياتي قيمتها قيمة ذلك الهدف.
منهم من يسخّر نفسه لأن يكون أكبر مجاهد في سبيل الله، وعلى طريق الله عز وجل، منهم من يسخّر نفسه لأن يكون أكبر عالم بأمر دين الله، وأكبر مطبّق لهذا الدين، إذا نجح في هدفه سيكون كذلك، وإذا لم يحقق هدفه فسيكون مقتربا من ذلك الهدف.
8 – الأمّة كلّها، أهل زمن كلّهم أهل حضارة كلهم لو انشدّت حياتهم إلى هدف أن يكون كلٌّ منهم لاعب كرة ماهر، فلن تخرج هذه الحضارة إلاَّ بهذه النتيجة إذا هي نجحت في تحقيق هذا الهدف، ولا شيء أكثر.
9 – 6/ لقمان.
10 – 90/ النحل.