خطبة الجمعة (386) 2ذي القعدة 1430هـ – 23 أكتوبر 2009م

مواضيع الخطبة:

*تكملة حديث جهاد النفس *دولة القانون

إنما يكون الجهاد للنفس وأيُّ جهاد آخر، وكل طاعة لله سبحانه بالطريق التي دلّ عليها ورضيها دون ما لا يرضاه. والطريق إلى استكشاف الإرادة الإلهية التشريعية وما يصح أن يعبد به الربّ تبارك وتعالى، وما يرضاه من السلوك إليه، وأسلوب المجاهدة في سبيله إنما هو التعرف على أحكام الشريعة وضوابطها وآدابها.

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي يحيي الأرض بعد موتها، ويحيي العظام وهي رميم، ويبعث من في القبور، ويقضي بالحقّ بين عباده، ويجزي كلّ نفس بما كسبت، ولا تزر في عدله وازرة وزر أخرى، ويعفو عن الكثير، ويزيد من فضله المحسنين.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وزادهم تحية وبركة وسلاما.
أوصيكم عباد الله ونفسي المقصِّرة بتقوى الله الواجبة على عباده الذين خيرهم وشرّهم بيده، وخلقهم منه، ومصيرهم إليه، ولا حول ولا قوّة لهم إلا من عنده، ولا تنقطع حاجتهم إليه، ولا مفرّ لهم من ملكه، ولا مخرج لهم من سلطانه.
ألا وإن التقوى في ملازمة الحقّ والأخذ به على الإطلاق، وهو صعب مستصعب يُستعان عليه بترويض النفس، والتصبّر بعد التوكّل على الله. ومن وصايا أمير المؤمنين علي لابنه الحسن عليهما السلام:”وعوَّد نفسك الصبّر على المكروه، ونعم الخلق التصبّر في الحق”(1).(2)
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم اجعلنا ممن اخترتهم لولايتك ومودّتك وطاعتك ونصرة دينك، وسعادة الدارين يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين.
أما بعد أيها الجمع المؤمن الطيّب من الإخوة والأخوات الأعزّاء فإلى تكملة للحديث السابق عن جهاد النفس:
انتهى الحديث في الموضوع سابقاً إلى العنوان التالي:
على طريق الجهاد:
من هنا يبدأ جهاد النفس:
1. من التفكّر والتدبُّر، والنظر المركّز، وفحص الحقائق ومقارنتها يبدأ جهاد النفس. وجهاد النفس هو بداية كلّ جهاد، وركيزته، ومنطلقه.
البداية الجادّة لجهاد النفس ونجاحه التفكّر في حقائق طبيعية كبرى هي:
‌أ. عظمة الخالق، قدرته، مالكيته، سلطانه، هيمنته، رحمته، لطفه، كرمه، فيضه، إنعامه، حلمه، أخذه، بطشه، وقوّته، حقّه الثابت قبل كل حق، والذي لا حقّ لأحد على أحد إلا مما قام عليه، وعاد إليه، ولا حرمة لحقّ إلا من حرمة حقّ الله.
‌ب. عبودية الذات، وكل ذات أخرى وإن تفاوتت مراتب الذوات بعد الاشتراك في وصف الإمكان والفقر الذاتيّ، حتى نصل إلى رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله، وأقرب المقرّبين من الملائكة الكرام.
‌ج. قيمة الذات الإنسانية الموهوبة من الله عز وجل، وطاقاتها وقابلياتها التي منحها إياها بمنّه وكرمه(3).
‌د. ما يتناسب مع واقع الذات الإنسانية المتميّزة في مواهبها وقابلياتها وطاقاتها من وظيفة، وما يتلاءم معها من غاية.
شتّان بين وظيفة حجر وبين وظيفة إنسان، من يساوي بين جماد ونبات، أو نبات وحيوان، أو حيوان وإنسان، بين جاهل وعالم، ضعيف وقوي، فقير وغني، إلا ساقط غافل؟!
‌ه. قيمة الدنيا والآخرة:
لا تقاس دنيا بآخرة، لا يقاس عَالمٌ فان بعَالمٍ لا يفنى، ولا تقاس حياة مختلطة من الآلام والآمال، وكثير من آمالها كاذب، حياة فيها غصص الظّلم، وغصص الفقر والمرض، والخوف والقلق، والتسقيط، والاعتداء على الأعراض، على الشرف، وبين آخرة خالصة في لذّة بدن وفي لذّة روح، ولا يتهدد وضعها الآمن أي شيء.
‌و. في تقلّبات الأحوال، وما جرى للماضين، وما يجري للحاضرين، وما ينتهي إليه طلاب الدنيا وطلاب الآخرة، وما يصير إليه الخلق وما يبنون ويشيدون من عواقب. دنيا وكون ماديّ ينتهي إلى تفكّك، وإلى تبعثر، ويفقد الإنسان أرضيّته التي يطلبها صلبه من كل هذا الكون إلا من التعلّق بربّ الكون تبارك وتعالى.
والتفكر في هذا كلّه ليس ليوم دون يوم، ولا لساعة دون ساعة.
وكلما دام الإنسان على هذا التفكير، وكان له منه نصيب ملحوظ تركّزت عنده البصيرة، وصحّت وجهة نظره، ورشدت خياراته، واهتدى إلى الغاية، وقويت مجاهدته للنفس على طريقها، وقرب من الوصول.
2. ومع التفكّر التذكّر:
والتذكر للحقائق النافعة لاستضاءة النفس بها فعلا عند خوضها لمعركة الموقف الصعب: موقف الفعل أو الترك مما فيه خيرها أو شرّها، رفعتها أو سقوطها لتأخذ بهذا أو ذاك هو المكمّل للتفكّر ونتائجه المخزونة في النفس، والمفعِّل لدورها في الأخذ بالخيارات الكريمة والرشيدة، وتحمّل النفس لكلفة هذه الخيارات الحقّة وإن ثقلت كلفتها.
حين تكون النفس على حضور قويّ كافٍ لهذه الحقائق في جوِّها تتحمل الكثير، ويكون الثقيل عليها خفيفا، وتهون على طريق طلبها لله عز وجل كل التحديات.
ومن علم وأَنْسَتْهُ ضغوط المواقف وإغراءاتُها علمه فهو جاهل.
3. إنما يكون الجهاد للنفس وأيُّ جهاد آخر، وكل طاعة لله سبحانه بالطريق التي دلّ عليها ورضيها دون ما لا يرضاه. والطريق إلى استكشاف الإرادة الإلهية التشريعية وما يصح أن يعبد به الربّ تبارك وتعالى، وما يرضاه من السلوك إليه، وأسلوب المجاهدة في سبيله إنما هو التعرف على أحكام الشريعة وضوابطها وآدابها. وكلما انفصل الموقف العملي أو القلبي عن خطّ الشريعة فهو ليس في اتجاه الله تبارك وتعالى.
إذاً لابد لمن أراد أن يصيب في جهاد نفسه، ويجد طريقه إلى رضى ربّه أن يطلب علم الشريعة، ويأخذ برأيها، ويوافق بين سلوكه وبين أحكامها، ومن عدل عن ذلك فهو بعيد عن طريق الله، وواقع في بدعة أو ضلالة.
4. وإن التفكّر والتذكّر ليثير الإرادة والعزم على لزوم الطاعة، ومفارقة المعصية. فمعرفة الله حقّ معرفته لابد أن تضع العبد على طريق طاعته. النتيجة للتفكّر والتذكّر أن تقوم مشاعر في النفس على خطّ معطيات هذا التفكّر والتذكّر، وهي معطيات ومشاعر لا تضعك إلا على خط العبودية لله، والسعي في سبيل رضاه.
5. مع الإرادة والعزم، والتصبّر والتحمّل لمعترضات الطريق الثقيلة، وهو تصبر وتحمل تعين عليه البصيرة بقيمة القضية، وحسن العاقبة، ولذة النتائج، تتم الاستقامة، ويتوافق صوغ المواقف، وواقع المشاعر مع إرادة الله التشريعية ورضاه، وليس فوق رضى الله شيء. ولا كمال يُطلب لهذه النفس أبعد من أن تكون مرضية عند ربّها الكامل المطلق.
أسلوب مجاهدة:
ذكروا أن العبد في بداية يومه وإلى آخر يومه أمامه ثلاث مراحل في تعامله مع النفس ينبغي له أن يشتغل بها:
المشارطة: وهي أن يأخذ على النفس في أول يومها أن تستقيم يومها على الأقل على خط الإيمان ومقتضاه، وأن تتمشّى في داخلها قبل خارجها مع زادها من المعرفة الحقّة بالله وبالقضايا الكبرى المترتبة على معرفة الله عز وجل.
يا نفس!! اعرفي ربّكِ، اعرفي قيمتك، تذكّري آخرتك، قارني بين آخرتك ودنياك، التفتي إلى شرفك، أمامك مصير مهول.
يا نفس تأدّبي، واستكيني لله، وتذلّلي بين يديه، واسلكي الطريق إليه. أمامك يوم جديد، وهو في العمر ذو وزن كبير، يوم إما أن ينتهي بك إلى النار، أو أن ينتهي بك إلى الجنة، وأنت لا تدرين أنك تقطعين مسافته أو لا تقطعينها.
فاتقي الله، واصبري وصابري، وكوني قوية أمام التحديات، واحذري من المنزلقات فإن منزلقا واحدا يهوي بك إلى النّار. أمامك واجبات وأمامك محرمات، خط الواجبات يأخذ بك إلى الله، وخط المحرمات ينزل بك إلى الهاوية.
سأخوض معك معركة صعبة، وأحاربك كل المحاربة وأنت عدو لدود حين لا تستقيمين على خط الله. اعطني عهدا، وأكبر من وعد بأن تستقيمي على خط إرادة الله عز وجل سحابة هذا اليوم كلّه.
وتنطلق مسيرة اليوم؛ تنطلق على مستوى الفكر، وعلى مستوى القلب، وعلى مستوى الجوانح والجوارح، وتكثر على الطريق التحديات والإغراءات وما يسبب الغفلة، ونداءات جند الشيطان تتوالى أن تعال معنا. فأنت كل يوم تخوض معركة مع الشيطان وكل جنده، مع النفس الأمّارة بالسوء.
وكان لك من النفس عهد في أول اليوم، وشرط، وقد أخذت عليها الشرط وأكثر مما تأخذه على الطفل الذي ترسله إلى معترك الحياة في المدرسة مثلاً، أوفي إطار أعم من أطر الحياة، وبعد العهد تحتاج إلى المراقبة، واليقظة، والالتفات، وأن لا تتكأ إلى عهد أخذته على النفس في بداية الصلاح مكتفياً به.
تكون المراقبة والمتابعة حتى ينتهي الليل، فترجع إلى النفس وتأخذ معها جلسة مطوّلة من المحاسبة التي تنتهي إلى المعاتبة والتوبيخ والتقريع والتغليظ على النفس فيما كسبت من سوء، وإلى التشجيع، والدفع، والتحريك بدرجة أكبر على خطّ ما كان لها من إحسان.
تأتي بعد ذلك معالجة إخفاقات اليوم وغير اليوم، وهذه المعالجة إنما تكون بالتوبة الصادقة الخالصة.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم أخرجنا من ظلمات المعصية إلى أنوار الطاعة، وأبقنا على الهدى ما أحييتنا، ولا تُمتنا إلاّ على رضاك، وانصرنا على أنفسنا الأمّارة بالسّوء، ولا تجعل لها غَلَبَة علينا أبداً، وارض عنّا فإن مَنْ لم ترضَ عنه كان من الخاسرين. ربنا افعل بنا ما أنت أهله، ولا تفعل بنا ما نحن أهله برحمتك يا أرحم الراحمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي لا خلق مع خلقه، ولا رزق دون رزقه، ولا حدَّ لملكه، ولا سُلطان غير سلطانه، ولا أمانَ إلاّ أمانه، ولا امتنان أو إنعام مثل امتنانه وإنعامه.
أشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
ألا فلنتّقِ الله عباد الله العزيز الحميد، وإنّ للنّاس في التّقوى لحياةً ونجاةً، وفوزاً، وكرامة ورفعة شأن، وإنّها لسبيلُ الله إلى مرضَاته، وليس فوق رضى الله لعباده مقام.
والتقوى حالة مَخبَر عرف الله فخشيَه وهاب عظمته، وأحبَّه وعشِقَه، ورجاه وأمَّله، وانقطع إليه، وتعلّق به، وأشفق من غضبِه وهَجْرهِ، قبل أن يكون صورة مظهر يعيش الالتزام، والذي لو خالف ما عليه مخبرُ المرء بأن حسن مظهره، وساء مخبره لكان ضرباً من النفاق.
فعن النبيّ صلّى الله عليه وآله:”من خالفت سريرته علانيته فهو منافق، كائنا من كان”(4) يعني ولو بدا في ظاهره من أتقى الأتقياء، وأورع الورعين5.

اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا إنك أنت التوّاب الرَّحيم. اللهم ارزقنا صدق الطاعة، وإخلاص النيّة، وطُهْر السريرة، وخالص التقوى، وناجح السعي، وبلوغ الغاية من رضوانك والجنّة يا أكرم من سُئل، وأجود من أعطى، وأغنى غني، وأرحم من كلّ رحيم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله الصادق الأمين خاتم النبيين والمرسلين، وعلى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك، والطريق إلى جنتك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر، وحفه بملائكتك المقرّبين، وأيده بروح القدس يارب العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصرا عزيزا مبينا قريبا ثابتا مقيما.
أما بعد فهذه كلمة:
دولة القانون:
يوجد كلام كثير رسمي في البحرين في التفاخر بدولة القانون، فهل هذا التفاخر في مكانه؟
حتى تكون الدولة دولة القانون لابد من أمور:
أولاً: دستور شرعيّ وقانون شرعيّ. والشرعية شرعيتان: شرعية إلهية تأخذ بها الدولة الإلهية القائمة على أمر الله وإذنه، والمتّجهة في كل خطواتها إليه. وهناك شرعية وضعية تأخذ بها الدولة الوضعيّة كالدولة الديموقراطية.
والشرعيّة في الفرض الثاني صفة تثبت بشرطين:
‌أ. دستور من وضع الشعب كأن يكون عبر نوّابه الذين يضعون دستور حياته السياسية والاجتماعية.
‌ب. مجلس نيابي قائم على أساس ديمقراطي سليم وبقانون انتخابي صادر من إرادة شعبية يتكفّل بوضع القوانين الفرعية المترتبة على الدستور، والمنشقّة من رحمه، ويراقب السلطة التنفيذية على أساس الدستور والقانون ويحاسبها.
ثانياً: عدم استثناء مساحات مهمة تشريعية من طائلة التشريع وربطِها بالإرادة الفردية.
ثالثاً: أن تكون الدولة أوّل الملتزمين عملاً بتطبيق القانون فيما يخصّ حقوق الشعب وفئاته عليها. ولا تدخل في التطبيق المحسوبية والمغالطة والمحاباة أو التمييز.
ولتجرِ المحاسبة هنا للدولة في البحرين في ظل الشعار الذي ترفعه وهو أنها دولة ديمقراطية تتجه اتجاه الديمقراطيات العريقة:
– الدستور ليس من وضع الشعب، ولا استجابة لحدّ الآن لمطلب أن يأخذ الدستور صفة الشعبية باستحقاق.
– المجلس النيابي لم يأتِ بالطريقة الديمقراطية المطلوبة إذ لا قانون انتخابي بإرادة شعبية، ولا عدل في الدوائر الانتخابية مع وجود مراكز انتخاب عامّة متّهمة تصر عليها الدولة لحدّ الآن.
– تصر الدولة على أن تكون مسألة التجنيس بعيدة عن إخضاعها للتقنين والإرادة الشعبية حتّى الممثّلة تمثيلاً ناقصاً ومشلولاً كثيراً والمحكومة للمجلسّ المعيَّن.
– التمييز القائم على الأرض بصورة فاحشة فاضحة مدان دستوريا وقانونيا أو لا؟ إذا كان مداناً فأين التطبيق، وكيف تدين الحكومة التمييز عملاً وهو سياسة عامّة ثابتة من سياساتها؟
– سدُّ باب الكلام في التجنيس المضرّ بمصلحة المواطنين من جهة الديوان برفض العرائض المرفوعة بشأنه، ومن ناحية النيابي لوجود الحراس الحكوميين المواجهين له فضلاً عن الشورى الذي لا صلة له باختيار الشعب وخياراته.
بعد كل هذا ما هو وزن الديمقراطية عندنا، وما نسبتها للديمقراطيات غير العريقة فضلاً عن العريقة؟!
وكم نُودي بالحوار الوطني، وكم كتب عنه؟ وهل يناسب الأجواء الديمقراطية، والتوجه الإصلاحي إذا كان أن تواجه نداءات الحوار الوطني على قاعدة إرادة الإصلاح والتوافق على الأمور المهمّة بالصمت الدائم والإعراض المستمر، بل وحتّى قطع الطريق دون المواصلة كلما كانت بداية؟!
إننا مع وضع أمني هادئ مستقر تعمل الحكومة من خلال عملية الإصلاح الجدّي على التأسيس له وبنائه، ويحرص المواطن على التفاعل معه وعدم الإضرار به.
وعلى طريق هذا الهدف الذي يحتاجه الوطن أيما حاجة، ولا يستريح أهله من غير الوصول إليه نأخذ بموقف المعارضة الصريحة معتمدين كل الأساليب السلميَّة المتاحة، وما يمكن توفيره منها لمواجهة كلّ ما يضر بالوطن من السياسات الحكومية الظالمة وغير القانونية، وما يمثّل خروجاً على الإسلام ثم الميثاق.
أما أساليب العنف فلا تعامل لنا معها، ولا نرشحها، ولا نرضاها. والحكومة تخطئ لو أخّرت الإصلاح فدفعت إلى مثل هذه الأساليب، ونقول هذا من باب قراءة الواقع في كل الأرض، وليس من باب الدعوة والتحريض وتمنّي العنف.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم جنّب هذا الوطن وكل أوطان المسلمين الفتن والمحن، واجعلها ربوع عدل وإصلاح وصلاح ودين متين، وخلق قويم، وأمن وسلام، ورخاء وعزّ وكرامة برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم افعل بنا ما أنت أهله، ولا تفعل بنا ما نحن أهله يا أهل الرحمة والعطف والحنان.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – شرح نهج البلاغة ج16 ص65. وجاءت في كتاب ميزان الحكمة (وعوّد نفسك التصبّر على المكروه) ج2 ص1565.
2 – ولا ننسى أن من الناس من يتصبّر في الباطل.
3 – ألا من فرق واسع هائل كبير بين حشرة وما تملك من طاقات، وبين هذا الإنسان؟! بين حجر، شجر، حيوان بهيم، وبينك أيها الإنسان الذي تكتنز كثيرا كثيرا من قابليات السمو والتحليق في آفاق الكمال؟! أيضع أحدنا نفسه والحشرة على صعيد واحد في الوظيفة والهدف والدور؟! كما تقضي الحيوانات كل حياتها أكلا وشربا ونوما وسفاداً هكذا يقضيها الإنسان؟! تفكير!!
4 – بحار الأنوار ج69 ص208. وتكملة الحديث “… كائناً من كان، وفي أي أرض كان، وعلى أي رتبة كان”. وجاء الحديث في مصباح الشريعة ص 147.
5 – تنبيه: بين النفاق والتقية فارق جوهري: النفاق أن تظهر الحق، وتبطن الباطل، والتقية أن تكرهك الظروف المنحرفة الضاغطة الغالبة على أن لا تظهر الحقّ الذي تؤمن به، أو على أن تجاري الآخر في طريقة عبادة مثلا لا تراها؛ وصاحب التقية لا يسكت عن بيان الحق، ولا يجاري في ما يخالف اعتقاده إلا بإذن الشرع فهو يبطن الصحيح، ويظهر الخطأ

زر الذهاب إلى الأعلى