أولويات التبليغ في الفترة المقبلة
آية الله قاسم في لقاءٍ مفتوح حول أولويات التبليغ في المرحلة الراهنة: السفارةُ مصبُّها مصبُّ التطبيع.. التطبيعُ غرضه الأصل نسف الدِّين، والسفارةُ أيضاً غرضها الأصل نسف الدِّين، فلا يُقلَّل من هذه الهجمة ولا تلك الهجمة
المطلوبُ أن تنسَّق الجهود، أن نبحث في كل ساحةٍ عن رجالها، أن يُدفع بهؤلاء الرجال للعمل الجاد في مواجهة المشكلة التي تخص هذه المجالات.
فيديو اللقاء:
• المحور الأول: أولويات التبليغ في الفترة المقبلة:
1. سماحة الشيخ.. ينتقد البعض حالة الانشغال ببعض الملفات التبليغية وإشغال الساحة بها، ولا ينبغي ذلك كملف السفارة. فهل الانشغال بملفٍ حيويٍّ هو إشغال للساحة أم ماذا؟ وهل وجهة النظر هذه صائبة وما هو توجيهكم؟
الجواب: الاشتغالُ بملفاتٍ تبليغيةٍ تفرض المشاكل المتعلقة بها نفسها على الساحة إشتغالٌ بما يجب الاشتغال به. التركُ إهمال، والاشتغال وظيفة، والمشاكل حين تتكثّر مرّةً تتسع القدرة لتغطية حلّها، ومرّة لا تتوفّر القدرة الكافية لهذه التغطية، وتواجه المشاكل المتعددة والهجمات من الأعداء بجهود منسّقة، وبفرقٍ متخصّصة، وباختصاصاتٍ مناسبة.
حين لا يكون تنسيقٌ وتوزيعٌ للأدوار وتخصصٌ في كل مجالٍ من رجاله، حينئذٍ يكون الارتباك، وتُفقد القدرة على المواجهة الكفوءة الصحيحة.
المطلوبُ أن تنسَّق الجهود، أن نبحث في كل ساحةٍ عن رجالها، أن يُدفع بهؤلاء الرجال للعمل الجاد في مواجهة المشكلة التي تخص هذه المجالات.
نعم، قد تكون مشاكل معقّدة والمتحدية والهدّامة، متفاوتة في شدة ضغطها، وفي قوّة خطرها، وهنا يجب إدخال عنصر آخر وهو عنصر تقديم الأولويات، وهو تقديم الأهم على المهم.
2. من الأسئلة في هذا الإطار، ما هي الضوابط والمعايير للأولوية وللأهم على المهم؟ عندنا ملفات كثيرة هذه الأيام كملف السفارة مثلا، أو الشذوذ (المثلية) والنسوية والحجاب والتسامح الديني والنص الديني والأسرة والتربية، التكافل الاجتماعي، المخدرات، والتدبير، التطرف الديني، الغلو والتقصير، الصهيونية، هوية التشيع في البحرين، الروحانية الزائفة، الانحرافات الجنسية؟ كيف يحدد المبلغ الأهم من بين هذه ليتصدى له قبل غيره؟
الجواب: قد يوكل التحديد إلى المبلغ، وقد لا يوكل إلى خصوص المبلغ. يجب أن تتظافر الجهود في دراسة هذه المشكلات وتعيين ما هو الأكثر خطورةً وأهميةً، ويدخل في حساب الأهميّة عدد من العناصر والأمور، قد يحضرني من هذه العناصر:
1. عمق المشكلة، تغلغلها في المجتمع.
2. قوّة ضغطها وتأثيرها السلبي على الناس على العقيدة والشريعة، قدرتها على تفكيك المجتمع.
3. الجبهة التي وراء هذه الشبهة والهجمة، تتفاوت الجبهات قوّةً ودقّةً وإمكانات، وكلما عَظُم شأن الجبهة في قوّتها المادية وفي قدرتها على المغالطة وفي استجماع عناصر النجاح بدعواتها عن طريق الأسلوب الساحر والمؤثر كلما مثّل هذا عنصراً من عناصر دراسة الأهمية والأولوية للمشاكل المتعددة.
4. مدى استجابة المجتمع وانخداع المجتمع بمثل هذه المشكلة.
5. اللغة، الأسلوب، قد يأتي اسلوباً عاطفياً وهو مؤثر أيضاً بقوة، وقد يأتي اسلوباً علمياً، ولكلٍّ من هذين الأسلوبين شريحته الخاصة التي يتفاعل معها وتدخل عقله وقلبه، والآخرون المهاجمون يميزون بين فئات المجتمع وبين توجهاتها ومستوياتها العلمية وتفاعلها العاطفي مع هذه القضية أو تلك القضية، هناك شريحة لا تنفع فيها اللغة العلمية وإذا نفعت فالنفع فيها قليل، وهناك شريحة أخرى لا تتأثر بالكلام العاطفي والمغازلات النفسية التي تخادع النفس وتسترق أو تستطيع أن تجد طريقها إلى القلب، هذه الفئة لا تتأثر كثيراً بمثل هذه الأمور، وإنما هي قادرة على فهم اللغة العلمية، واللغة العلمية إذا جاءت بدرجة معينة هزمتها عقول هذه الفئة واستطاعت أن تبطلها، وإذا جاءت وبقت تأتي بعض الشبهات البالغة في التعقيد الفكري والتي تحتاج إلى نفرٍ خاص ومستوىً خاص متميز حتى من بين أهل الفكر، وتحتاج إلى وقتٍ دراسي أطول، فلكل نوعٍ من المشاكل رجاله والفريق القادر على مواجهته، ولابد من توزيع العمل.
3. أحسنتم سماحة الشيخ، يوجد سؤال من ضمن الأسئلة التي وصلت في هذا المحور، وهو: لماذا لا نجد الاهتمام بقضية التطبيع الخطيرة جداً كالاهتمام بقضية السفارة مثلاً؟
الجواب: السفارةُ مصبُّها مصبُّ التطبيع، التطبيعُ غرضه الأصل نسف الدِّين، والسفارةُ أيضاً غرضها الأصل نسف الدِّين، فلا يُقلَّل من هذه الهجمة ولا تلك الهجمة، ولا تَعارضَ أبداً بين مواجهة التطبيع ومواجهة السفارة، ولا ينبغي التقليل من شأن أيٍّ من المشكلتين.
على أنَّ الجبهةَ التي تُشارك في مواجهة التطبيع أوسعُ بكثير من الجبهة التي تتحمل مواجهة السفارة.
4. أحسنتم شيخنا.. بالنسبة لما ذكرتموه قبل هذا السؤال، فيما يتعلق بالخطاب النخبوي والخطاب الجماهيري أو الخطاب العام، هناك جدلية في بحث التبليغ، أن هناك من يدعو أن يكون خطاب المبلغ علمياً ثقيلاً، وهناك من يقول بأن ذلك يضيع على شريحة كبيرة من شرائح المجتمع، ماهو رأيكم في ذلك؟
الجواب:
– في المجالس العامة كالحسينيات وخطبة الجمعة وهذه الاجتماعات الواسعة، تحتاج إلى لغة مشتركة بين اللغتين، بين لغة العمومية واللغة الخاصة. واللغة الخاصة العلمية الدقيقة طبعاً في الغالب لا تصلح في هذه المجالات، ولكن ليس معنى هذا أن تهبط اللغة وأن تأخذ طريقاً غير الطريق العلمي.
– نعم يبسط العلم، الفكرة التي تطرحها مع جماعة متخصصة على تعقيدها قد تحتاج فيها إلى خمس دقائق، بينما فكرة ثانية أقل مستوىً علمياً وتعقيدياً من هذه الفكرة حين تتحدث بها إلى العامة وتريد أن توصلها إلى عقول العامة قد تحتاج إلى ساعة وأكثر من ساعة، وهذه المجالات الواسعة التي يحضر فيها صاحب الدكتوراة، ويحضر فيها طالب الابتدائي، وطالب الثانوي، والجامعي، وقد يحضر فيها العامي، ويحضر فيها أيضاً نسبة من العوام.
– طبعاً هذه المجالس تتعب الخطيب تعباً كثيراً، وهو يعاني في إفادة هذه المجاميع على تعددها واختلاف مستوياتها، وعليه أن يراعي هذا الشيء بحيث لا تخرج فئةٌ من مجلسه الذي يمكث فيه ساعة أو أقل أو أكثر، أن لا تخرج فئة محرومة من أي فائدة، يحاول أن يوصل فائدةً لكلّ فئةٍ من هذه الفئات.
– نعم هناك فرق بين الخطابة، الحديث العام المستنهض، وبين الحديث العلمي في مستوى حضوره، هناك نوعان:
– حديث للخاصة، للمتخصصين، يجب أن يكون للمتخصصين، وأن يكون المنظور في هذا المجلس لخصوص المتخصصين، أن تعقد ندوات خاصة لحل المشاكل الفكرية المعقدة وردّ الشبهات العلمية.
– هناك شبهات يُمكن أن تطرح على المستوى العام ويرد عليها ويفهم المستوى العام الرد على هذه الشبهة، وهناك شبهات فلسفية معقدة محبوكة حبكاً معقداً ودقيقاً وقادراً على المغالطة والالتفاف على الفهم الصحيح، هذه الشبه لا يصلح أن تطرح في المجالس العمومية.
5. مداخلة شفهية: شيخنا الحبيب أطال الله عمركم، بالنسبة لنزول الطلبة للبحرين في الصيف، خصوصاً في مرحلة المقدمات للطلبة الجدد، ما هي الأولويات التبليغية بالنسبة لهم؟ هل يدخلون في مختلف مجالات التبليغ؟ أو هناك أولويات؟ بعض المجالات؟ بعض المواضيع؟ أو بعض الحدود التي ينبغي أن يتوقفوا عندها؟ هل هناك توصيات عامة لهؤلاء الطلبة الذين ينزلون البحرين؟
الجواب:
“رحم الله امرء عرف قدر نفسه”.
1. قدر النفس بسلبه وإيجابه، ماذا عند هذا الشخص من إيجابيات من ناحية علمية ومعرفية، وما عنده من قصور فرضته عليه قلة مدة الدراسة ولأنه مبتدء بالدراسة.
2. وينبغي أن يعينه إخوانه العارفون به على ما ينبغي له أن يطرحه.
3. وعلى المهتمين بالساحة وتوجيهها أن يعدوا لكل مستوىً من الدارسين مستوىً من التبليغ، يعني يرشدونهم إلى مستوىً من التبليغ والمسائل المناسبة، قد يطرحون الأخوان -جزاهم الله خير الجزاء- في قم أو داخل البحرين برامج تبليغية، موضوعات تبليغية للعموم.
4. أيضاً أظن نحتاج إلى شيء من التطوير، وهو أن هذه الموضوعات يجب أن يلحظ فيها مختلف الناس، كل مستوى تكون له موضوعات التبليغية المتناسبة معه.
6. سؤال يقول: هناك طرفان للمبلغين في مواجهة القضايا التبليغية، الطرف الأول هم القائمون على الفساد، والطرف الثاني هم عامة الناس، أيهما أهم في المواجهة إن كان النوع والعدد قليلاً من ناحية المبلغين؟
الظاهر أنه يقصد إما أن يلتفت إلى المنحرفين ويهديهم أو أنه يخاطب عموم الناس، مع أن المبلغين قلة، فإما ينشغل بقضية جماعة منحرفة وهم القائمون على الفساد…؟
الجواب: هذا سبق جوابه بأنه حسب الإمكانات المتاحة، وقد تكون الإمكانات مرةً واسعة وقد تكون قليلة ضيقة، حتى الإمكانات الضيقة يجب أن توزّع، ولا يقتصر على مجالٍ واحد، أن يضحى بمئات الألوف من أجل عشرة أشخاص، هذا طبعاً غير صحيح. عشرة أشخاص لأنهم بؤرة فساد قابل للانتشار وقادرون على نشره أيضاً هذا لا يصح أن يهمل، ويجب مواجهة الأمرين لكن مع التنسيق وتوزيع الأدوار.