التآخي الإيماني الشامل سدّ منيع ( آية الله قاسم )
التآخي الإيماني الشامل سدّ منيع
آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم
إننا نمرّ في هذا الشهر الكريم بعدد من ذكريات الإسلام والمسلمين، ومن ذلك يوم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، التي جاء أن رسول الله (ص)، قد عقدها بينهم على مستوى ثنائي بين الأفراد على قاعدة صلبة من الإيمان واللقاء في محبّة الله، ونصرة دينه، والمؤمنون كما في الكتاب الكريم أخوة ﴿إنما المؤمنون أخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلّكم ترحمون﴾ (الحجرات).
ويذكر هنا أمران:
أوّلاً: ضرورة التآخي الإيماني العام في الظروف الحالية العصيبة، التي تواجه المؤمنين في العالم، وتنزل بمجتمعاتهم وجماعاتهم الضربات القاصمة، فأمامنا ظروف الأفغان والشيشان والعراق كأمثلة من أمثلة المحنة الإسلامية العامة، وضرورة التآخي الخاص على مستوى القطر والمدينة والقرية والمحلّة، فإن التآزر والتعاضد بين المؤمنين معيشيًا وثقافيًا واجتماعيًا وعلى كل المستويات لهو من أكبر الضرورات وخاصة في مثل الظروف الحالية التي يواجه الإسلام والمسلمون فيها الهجمة الشرسة المنظّمة، المستمرة المدعومة بالتخطيط والرصيد الماليّ الضخم.
هادفية مؤاخاة النيّرين
ثانيًا: ما يشير إليه عقد الرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله) المؤاخاة بينه وبين ابن عمّه أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال ابن هشام عن ابن إسحاق من السيرة النبوية له ص172: فقال – يعني رسول الله (ص) – فيما بلغنا، ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل: تآخوا في الله أخوين أخوين، ثم أخذ بيد علي ابن أبي طالب (ع)، فقال هذا أخي، فكان رسول الله (ص) سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول ربّ العالمين، الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعلي ابن أبي طالب (رضي) أخوين. انتهى كلامه.
أقول: نلتفت إلى أن حمزة ابن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله (صلّى الله عليه وآله) وعمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في المحضر، ولم يختره (صلّى الله عليه وآله) له أخًا والأنسب أن يختار عمّه أخًا، فذلك أقرب في العرف من أن يختار من لا زال في عُمر مبكّر له أخًا.
نعم من أكبر وجوه بني هاشم يوم ذاك حمزة ولكنه (صلّى الله عليه وآله) لم يختره أخًا وإنما اختار أمير المؤمنين (عليه السلام) أخًا، وهي أخوّة إيمان وأخوّة تقوى، ولها دلالاتها الخاصة حيث يترك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أهل عشيرته وكبار أصحابه من متقدّمي السنّ، وكل الشخصيات ليقع اختياره على أمير المؤمنين (عليه السلام) ذلك ليقدّمه نموذجًا إسلاميًا أوّلاً من بعده، وقد كان ليمهّد له التمهيد بعد التمهيد، لخلافته من بعده (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، هذا وإذا تمّ الحديث “أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبيّ بعدي” قد تمّ المطلوب بصورة أجلى.
من خطبة الجمعة بتاريخ 14 رمضان 1422هـ – 30/11/2001م