كلمة آية الله قاسم في الذكرى الرابعة عشر لثورة ١٤ فبراير المجيدة

كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في في الذكرى الرابعة عشر لثورة الشعب البحريني في ١٤ فبراير لعام ٢٠١١ – ١٣ فبراير ٢٠٣٥ – قم المقدسة

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم 

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين 

الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين

 

المقتضي لحراك 14:

كان وراء “14 فبراير” في حراكه مقتضٍ، ما تحرّك من فراغ، ما تحرك الشعب من فراغٍ، ولم يكن الحراكُ عن منطلقٍ عاطفيٍ، ولا حباً في التعب، وإنما كان لمقتضٍ موضوعيٍ دافع، أو كان -هذا المقتضي- من شأنه أنّ يولد مطالب و يأخذ الناس إلى حراكٍ في سبيل تحقيق هذه المطالب.

مقتضي هذا الحراك في وقته لازال قائماً والحقوق لا تتقادم، يعني التقادم لا يسقطها، والحقوق لا ينبغي أنّ تنسى لطول الزمن، وكيف يتقادم حقٌ مقتضيه زاد اقتضاءً؟ وكيف ينسى حراكٌ كانت أسبابه على مستوى وارتفع مستواها اليوم؟

الدوافع لذلك الحراك زادت، المشاكل التي دفعت الناس إلى المطالبة بالحق ارتفع مستواها، زاد الظلم طغياناً، وزاد الوضع ظلمةً وتعدى السلب إلى أكثر ممّا كان عليه، وكرامة الإنسان ضُيعت بأكثر ممّا ضيعت من قبل، ومشاكلُ جديدةٍ انضمت إلى المشاكل القديمة وكادت المشاكل القديمة أن تصغرَ أمام المشاكل الجديدة.

التطبيع الصهيوني:

مشكلة الارتماء في أحضان الصهيونية والدخول في تحالفٍ شيطاني واسعٍ بطبيعته معادٍ للأمة .. معادٍ للدين .. مسقطٍ لإنسانية الإنسان .. مفسدٍ في الأرض، هذا يعني مشكلةٌ فوق كل المشاكل، مشكلةٌ لا تبقي لأيّ شعبٍ شريفٍ شرفه، ولا تبقي للدين حرمة، ولا للإنسان كرامة.

المشاكل القائمة اليوم الرؤساء الأمريكيون وخططهم التخريبيةالمفسدة واستهزائهم بالإنسان واسقاطهم لكل كرامة، ومثل بايدن ومثل ترامب رئيسان يأخذ الفساد على يدهما موجاتٌ طاغيةومداً عالياً بحيث يغرق الحياة ويذهب بقيمة الانسان وكرامته ويقطع الطريق على أيّ إصلاحٍ وعلى أيّ أملٍ في الإصلاح.

وحين ينضم بلدٌ من البلاد الإسلامية .. ينضم نظام سياسيٌ إلى التطبيع الذي تقوده أمريكا معنى ذلك العذاب للأمة.. للشعب وللأمة واسقاط قيمتهما وانهاك وجودهما، وهو طريقٌ فيه قضاءٌ على أيّ أمةٍ مجيدة وأيّ دينٍ قويم وأيّ كرامة في الأرض.

حين تزيد المشاكلُ التي حركت الناسَ إلى المطالبة بحقوقهم فهنا يستحيلُ أنّ يكون تراجعٌ عن المطالبةِ بالحقوق، ولا يعني التراجعُ عن المطالبةِ بالحقوق إلاّ التسليم بالموت .. بالموت الحسي والموت المعنوي، يعني تسليم بالذل .. بقبول السقوط .. بقبول الانحراف والمهانة والدخول في العبودية للآخر.

يستحيل على هذه الأمة -ومنها شعب البحرين- أنّ يكون منهم تراجعٌ ما دام الإسلامُ ينبض في عروقهم، ما دام للإسلام وجود في قلوبهم، ما دام لهم شيءٌ من الذكر لله تبارك وتعالى، والإسلام لم يأتِ ليقضى عليه ولم يأتِ ليُحكَم إنمّا أتى ليَحكُم وليقيم الحضارة الشامخة الإلهية في الأرض ليجد الانسان في ظلها إنسانيته وكرامته وعزته وفاعليته القادرة.

بقاء المقتضي ومسؤولية رفع المانع:

مقتضي الحراك باقٍ فالحراك لابد أن يبقى، المانعُ من نجاح الحراك أو حتى من أصل الحراك يعطله أو يعطل فاعليته ولكن لا يسلبه مقتضاه، لا يسلب المقتضى مقتضاه أن يكون مانعٌ قوي ومن أيّ درجة كبيرة. 

الموانع يكون من مسؤولية الإنسان أن يسعى بجد لرفع مانعيتها، والمقتضي أو المقتضيات إذا كانت حقيقية فإنّ مقتضاها -كما سبق- لا يمكن أنّ يرفعه مانع. 

قلتُ بأنّ المانع يعطل فاعلية المقتضي ولكن لا يمكن له أنّ يرفع مقتضاه؛ ذات المقتضي يلازمها مقتضى فما دام المقتضي في ذاته موجوداً يبقى مقتضاه ودافعيته ومطلوبيته مستمرة ، المانع كما أتى يمكن أن يرفع بالجهد وإن كان جهداً جهديا، أمّا المقتضي فيبقى. هذا من جهة. 

حرمة التنازل عن الحق:

من جهة أخرى، الإسلام لا يرضى لأمته -لا للفرد من الأمة ولا للأمة ولا شعبٍ شعوب الأمة- أنّ يتنازل عن الحق تنازلاً تضيع به الحقوق، وتسقط الحقوق، ويحلُ الباطل محل الحق. 

أيّ تنازل عن حقٍ .. يتيح للباطل أنّ يستمر وأن يتفاحش وأن يحكم هو تنازل حرام، وتنازلٌ لا يرضاه الإسلام، فإذا اشتكى الناس من التعب، من تعب المواصلة على طريق المطلب، وفي طريق الحراك، وحدثتهم أنفسهم بأن يتراجعوا فإنّ الإسلام يقول لأتباعه، لمن أسلم إسلاماً حقاً: ليس لك أن تتراجع. 

السكوت على المطالب التي تؤثر، التي هي من صلب الإسلام، السكوت عن المطالبة بالكرامة، بالحرية، باستيفاء الحقوق التي تُعطي للإنسان القدرة على الدور الإلهي الذي يمارسه الإنسان في الأرض، السكوت على هذه الأمور هو خذلان للإسلام، وتعطيل للإسلام وعون على الإسلام، ورضا بانقضاء الإسلام من الأرض، وارتفاع كلمة الله عز وجل من الأرض، وتحولها إلى كلمة محكومة لا كلمة حاكمة، وكلمةُ الله لابد أن تكونَ هي الحاكمة والحاكمة الوحيدة في الأرض.

بالتخلي عن المطالبة بالحقوق -التي لا يرضى الإسلامُ بالتخلي عنها- يعني هذا سعياً من نوع آخر للقضاء على الإسلام، والمسلمُ إذا كان له إسلامٌ حق وبأيّ درجةٍ لا يمكن أنّ يساعدَ على قضاء الإسلام ويحاربَ الإسلام. في ظل وعي إسلامي في ظل إرادةٍ إسلاميةٍ على الحكومات أنّ تيأس من أنّ تقف الشعوب عن المطالبة بالحقوق التي فرضها الله تبارك وتعالى على الإنسان، ففرضها للإنسان وعلى الإنسان.

لا حلّ إلا بالموائمة مع الشعب لا القوة:

البحرينُ -وغير البحرين- لا يمكن أنّ تخرج من أزماتها ما دامت السياسة فيها تضاد الشعب، تضاده في دينه .. تضاده في كرامتة .. تضاده في حريته .. تسعى لإفساده .. تُفشلُ أيّ حركة منه في سبيل إصلاح وضعه. 

الأمن والهدوء والاستقرار والعلاقة الايجابية بين أيّ حكمٍ حكومة وشعبها تحتاج بالضرورة إلى موقفٍ من الحكومة يخدم الشعب، لا أنّ يتحول الشعبُ إلى خادمٍ للحكومة .. لأشخاص الحكومة .. للكيان الحاكم القائم بصورةٍ لا تأبه بدين الناس، ولا بلقمتهم، ولا بأمنهم، بل تسعى ضد ذلك كله.

لن تستطيع أيّ حكومة بالقوة -والقوة تأتي وتذهب وتَقلُ وتكثر- وفي كل أحوالها لا تستطيع أنّ تقضي على إرادة الإنسان الكريم، ولا أكرم من إنسان يعتنق دين الله الحق، وليس هناك طريقٌ للارتفاع بمستوى الكرامة عند الإنسان، والعزة، و بالدفع بإرادته على طريق الصمود، والسمو، والعلو كما يمكن أن يحدث ذلك في ظل الإسلام.

 
ما مِن طريق لأن يذل الانسان إلاّ بأن تسلبه بقناعةٍ منه لأن يستجيب لك بقناعة منه، لأن يدخلَ في العبودية لك، والحضارةاليوم الاستكبار العالمي اليوم ترامب، بايدن وأمثالهم يسعون إلى هذا الشيء، يرون حتى استعمال القوة .. استعمال القوة كمقدمة عندهم لإحداث قناعة بأن أدخلَ في عبوديةالطاغوت، والمطلوب الأصلي والأهم هو أنّ تتولد عندي قناعة بأنّ أدخل في عبودية الطاغوت، وعبوديةٌ بدافع الألم الجسدي .. بدافع المتاعب الخارجية لا يمكن أنّ تكون باستقرار عبوديةٍ تنشأ عن قناعةٍ ذاتية. 

و[المطلوب في] القناعة الذاتية يعني يكون المطلوب الأعمق في أمر الذلة هو أنّ تنخلق عندي جاذبية للدخول في عبودية فلان أو الآخر، أن تنخلق عندي انجذاب .. حب .. شوق .. قناعة رضا تام .. شعور بالربح حين أدخل في عبودية فلان أشعر بالربح، مطلوب الحضارة المادية القذرة الساقطة هو أن يكفر الإنسانُ المسلم بحضارته الإسلامية الشامخة الإلهية النزيهة القوية العظيمة، تسقط قناعته بهذه الحضارة .. بانتمائه لله عز وجل، يعشق بايدن .. يعشق ترامب .. يعشق الحضارة الغربية .. يعشق سخفها .. عبثيتها .. انحدارها .. يذوب في حب الشهوات التي تثيرها، حينئذ أملك ملكاً حقيقياًعميقاً، حينئذٍ لا أقاوم، حينئذٍ استسخف المقاومة لأمريكا، حينئذٍ أفرح بأن يرضى عني ترامب .. يرضى عني بايدن، حينئذٍأشعر بالسعادة لأني أرضيت سيدي ومولاي ترامب أو بايدن. هذه الدرجة من التسليم .. من الانجذاب .. من الإيمان بالدخول في الخدمة المخلصة الصادقة لترامب الطاغية .. أيّ هذا الطاغية أو ذاك الطاغية، طاغيةً شرقية أو طاغيةً غربية، طاغيةً من داخل بلاد الإسلام.

هذا العشق لا يتم إلاّ بالكفر بالله والإيمان بهذا الطاغوت،والإيمان لا يقوم إلا على أساس الإعجاب .. أساس الاستعظام .. أساس الإيمان بأنّ هذا الانسان عظيم .. هذا الإنسان قائد كبير مخلص منقذ، السير وراء خطاه سيرٌ يؤدي الى أكبر سعادة، هذا ما يراد ، يراد صناعة عقلية نفسية .. صناعة روح .. صناعة عزيمة .. صناعة ارادة كل ذلك من النوع الذي يُسلم للطاغية يؤمن بمقامه الكبير العظيم.

السياسة الظالمة لا يهمها مذهب المعارض أو دينه:

على مستوى البحرين أو أيّ بلد آخر ، فيه مسيحيٌ ومسلم أو سني وشيعي، يخطئ المسيحي ويخطئ المسلم حين يرى أن أحدهما في هزيمة الآخر وبالانضمام إلى السياسة الظالمة، السني في البحرين مخطئ كل الخطأ والشيعي في البحرين مخطئ كل الخطأ حين يرى هذا أو ذاك أنّ مصلحته في إضعاف الطرف الآخر لتقوى كلمة السياسة الظالمة، ولتستطيع السياسة الظالمة أن تستمر في طريق الظلم وتستمر في إضعاف الشعب. 

كما يخاف أي حاكم، أي حكومة، أي نظامٍ من قوة هذا الطرف يخافُ من قوة الطرف الآخر، في قوة أيّ طرفٍ من أطراف الشعب وحتى في قوة المواطن الأصلي أو المواطن المستورد في قوته التي يمكن أنّ تناهض قوة الحكومة باعث لخوف أيّ حكومة من الحكومات.

الحكومات لا تخاف من قوه الشيعي في بلد فيه شيعة وسنة فقط وإنمّا كما تخاف من قوة الشيعي تخاف من قوة السني، بلادٌتخاف من الاخوان المسلمين وبلاد تخاف من الشيعة، بلادٌ تخاف من النصارى وبلادٌ تخاف من المسلمين. المسيحيون في لبنان لو كانت لهم قوة ذاتية غير مستمدة من قوة أمريكا و الصهاينة فإنهم لا يمكن أنّ يرضوا بالدخول تحت الهيمنة الامريكية يريدون أنّ يكونوا مهيمنين، ولو أمكنهم أنّيهيمنوا على أمريكا لهيمنوا على أمريكا، لو أمكن المسيحي الشرقي أنّ يهيمن على المسيحي الغربي لسعى إلى ذلك. فإذا المسالة ليست مسالة ماذا؟ يعني حتى شيعيٌ مع شيعي إذا لميكن لهم تقوى من الله عز وجل، سنيٌ مع سنيٌ هذا يضاد ذاك وذاك يضاد هذا، إذا كنا دنيويين فليس أمامنا إلاّ أنّ نتغالب وإلاّأنّ نتنافس على الدنيا ونتقاتل في سبيلها ويستبيح أحدنا من الآخر كل ما يمكن من أجل ماذا؟ أنّ يسود وأنّ يهيمن وأنّ تكون له الكلمة الحاكمة هذا في الطائفة الواحدة فضلاً عن الطوائف المتباينة.

وجوب نصرة السجناء الشرفاء:

في البحرين هناك سجناء سياسيون شرفاء، يعيشون في السجن لسنوات وما أدخلهم السجن إلاّ المطالبة بالحق والانتصار للشعب بقاء هؤلاء السجناء في سجونهم كل هذه المدة وإرهاقهم و معاملتهم المعاملة القاسية، سلبهم حريتهم الدينية ، إذلالهم الاذلال الكبير كل ذلك شاهد صارخ على عدم صحة السياسة القائمة وعلى عدائها للحرية .. للشعب .. للقيم .. لدين الله عز وجل. 

حين تحارب الشعائر في داخل السجن وفي الساحة العامة للشعب هذا يعني العداء للدين .. مكابرة الله عز وجل .. الدخول في حربٍ ضد الله تبارك وتعالى.

ما هذا يعني تعذيب هذا الشاب الضعيف في السجن وذلك الشيخ الكبير في السجن يعني عدم الرحمة يعني جفاف القلب يعني قسوة القلب يعني الهز بانسانية الانسان، كل هذا يعاش في داخل بحريننا العزيزة.

بقاء السجناء في سجنهم لو أمكن كلما أمكن للشعب أنّ يخرجهم عارٌ على الشعب، عارٌ على الشعب، والشعبُ مسؤول أمام الله عز وجل عن كل لحظة يبقى فيها سجين ظلماً في سجنه، فلو أمكن للشعب أنّ ينقذ إخوانه وأبناءه من سجونهم لوجبَ عليهم أن ينقذهم في هذه اللحظة فضلاً عن اللحظة التالية.

 

لا حل إلا بالإفراج عن السجناء:

هذا الوضع لا يمكن أن يعطي استقراراً ولو حُلت كل المشاكل .. مشاكل الشعب الذي يعيش خارج السجن وبقي السجناء يستحيل أيضا الاستقرار في الوضع الأمني .. الوضع السياسي في داخل البحرين، كما هي كما هو الحال في أيّ بلد آخر. إذا كانت الحكومة تفكر في الاستقرار السياسي فعليها أن تحل المشاكل .. مشاكل الشعب التي تسببت فيها هي، أما إذا كانت تبحث عن الاستقرار السياسي عن غير طريق حل هذه المشاكل فهي واهمة. 

قوة الشعوب وضعف الحكومات:

والشعب لن يموت، الشعوب كما هي الحكومات قد تضعف، ولكن تبقى على ضعفها، وكما أن الحكومات يمكن أن تقوى بعد ضعف،كذلك الشعوب يمكن أن تقوى بعد ضعف. والظروف المواتيةلسياسة الظلم قد تتغير، الظروف المواتية لسياسة الظلم قد تتغير، ويوم أن تتغير الظروف المساعدة على الظلم و تسقط الآلهةالأرضية ويوم تسقط الآلهة الأرضية التي تعتمد عليها أيُّحكومةٍ من الحكومات فحينئذٍ لا يفيد ماذا؟ لا يفيد أسف الحكومةولا تراجع الحكومة ولا استرحام الحكومة، فالأمر يكون غير ذلك،كما تُعذَب الشعوب تُعذَب الحكومات إذا انقلبت معادلة القوة إذا كانت الحكومات تصرُ على طريق الظلم حتى تضعف. مِن الحكومات يمكن أن تستعيد ثقة الشعب فيها أو توجدها بعد عدم ،حيث تتاح لها الفرصة بعد الفرصة أن تعدل عن سياسة الظلم ..أن تقلل من المبالغة الظلم ولكنها لا تفعل منتظرة حالة الضعف عندها، حين يحين الضعف يأتي ذل الحكومةواسترحام الحكومة وتقرب الحكومة للشعب إلا أن تلك اللحظة ليست لحظة تدارك ما سبق.

لماذا انتظار حالة السقوط؟ لماذا انتظار تغير الأجواء؟ لماذا انتظار ضعف الإله الأرضي الآلهة الأرضية؟ حتى ماذا؟حتى تأتي محاولات استرضاء الشعوب بهذا الشيء أو بذلك الشيء ، حينئذ يكون ماذا؟ قد فاتت الفرصة ومرت السحابة بلا إمطار.

الحل إما الاستجابة أو السقوط:

فعلى كل حال الطريق الوحيد الذي لابد أن تنتهي له خلافات الشعوب مع الحكومات هو: إمّا أن تستجيب الحكومات لمطالب الشعوب، وإمّا أن تقوى الشعوب تخرج من ضعفها، والخروج من الضعف كما هو طريق مفتوح للحكومات هو طريق مفتوح كذلك للشعوب، فليس مستحيلٌ على أي شعبٍ أن يسعى على طريق طلب القوة فيصل إليها، وكلمة الشعب القوي عند قوته غير كلمته عند ضعفه، وليس من دافعٍ ولا مانعٍ للحكومات وليس من فرصة لها لأن تستعبد الشعوب إلاّ مع بقاء الشعب على ضعفه. 

ومن مسؤولية الشعوب أن تطلب القوة في كل مجالات القوة لتنقذ نفسها من حياة الذل والهوان والمتاعب الجمة.

هذا شيءٌ عن انتصار الثورة الإسلامية:

هذه الدولة الإسلامية المباركة ليس هناك ما ينبغي أن تعتز به إيران، بل ما تعتز به الأمة الإسلامية وليس هناك ما ينبغي أنيستفيد منه العالم شيءٌ أكبر من هذه الدولة الاسلامية الإلهية،وجود هذه الدولة الإسلامية الالهية مكسبٌ لإيران .. مكسبٌللامة الاسلامية .. مكسبٌ للعالم كله، تضيعه تضيع فرصةٌ فوق الفرص الذهبية في سبيل إصلاح العالم .. لإصلاح العالم .. لراحة العالم للأخوة العالمية الانسانية في العالم .. للكرامةالانسانية العامة .. للقوة المادية الصالحة .. القوة المادية بحيث توضع على طريق ماذا؟ طريق الصلاح.

العالم كله اليوم محتاج إلى الحفاظ على الجمهورية الاسلاميةالإيرانية بما فيها من هدى .. بما لها من توجه للمضي على طريق الله تبارك وتعالى هو الطريق الواحد البناء لإنسانيةالإنسان .. للقوة الصالحة للإنسانية .. لربح الدنيا وربح الآخرة.

كما هي الحاجة للإمام القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه توجد حاجة نسبية أو الحاجه تكون ماذا؟ ملحةً نسبياً لقيام .. لاستمرار الجمهورية الإسلامية. حاجة ملحة جدا لاستمرار الجمهورية الإسلامية وخاصةً أنّها مقدمة ضرورية بلحاظ النظر الواقعي لقيام الإمام القائم عليه السلام، هذه الجمهوريةالإسلامية أو أيّ جمهورية إسلامية مماثلة.

لم يأتِ ذكرُ النصرِ للإمام القائم عجل الله فرجه كشيءٍ غيبي تقدمه السماء للأرض بلا جهدٍ من أهل الأرض مطلقاً، هناك تركيزٌ على الإعداد .. على التمهيد ، وليس من ممهدٍ لظهور الإمام القائم عليه السلام .. لانتصاره لقدرة حكومته .. لإظهار كنوز الأرض .. ليس مِن مُمَهدٍ أكبر وأنجح من الدولة الإسلامية .. من اقتراب الأمة من اسلامها .. من الرشد الإسلامي … من رفعةالنفسية الإسلامية .. من العزة التي يعطيها الإسلام .. من القدرةعلى المقاومة التي هي صفة من صفات الإنسان المسلم،  لو كان التمهيد على يد الأفراد فإنّ الأفراد جهودهم مشكورة ولكنها جهودٌ لا تكاد تساوي شيئاً من مجهود الدولة على طريق التمهيد، و الدولة تجمع الأفراد .. ترفع مِن مستوى جهود الأفراد .. تنسقبين جهود الافراد .. تدفع بالأفراد .. تخلق الأجواء التي ماذا؟تقوي الأفراد على طريق الاعداد، فليس لك طريقٍ آخر للإعدادلحدث كحدث يوم الظهور لحمل مسؤولية كمسؤولية يوم الظهور تحقيق الوعود الكبرى التي ترتبط بيوم الظهور، ليس لك أن تحول جهنم في الأرض إلى جنة قريبةٍ من جنة الخلد إلاّ بماذا؟ إلاّبالإسلام وبالتمهيد للإسلام وبالتمهيد لوجود الإنسان المسلم القوي الذي لا يخاف في ذات الله مِن أيّ شيء.

 

كلمة للشعب الإيراني: 

أقول ينبغي للشعب الإيراني أنّ يعتز بالثورة ونتائج الثورةوسيجد نفسه في ضياع وسيجد نفسه في حالة من الضعف وفي حالة من الذل والهوان لو استسلم لأمريكا، لو دخل في الصلح مع أمريكا كما تريد وأمريكا ترى نفسها قوية ولا ترضى بمن يريد أنّ يصالحها وينال رضاها إلاّ بأنّ يذل ويهون ويخسأويتنازل عن كرامته وذاته الإيمانية وذاته الإنسانية. فالذين يطالبون بإعطاء اليد لأمريكا بأيّ وجهٍ من الوجوه إنّما يطالبون بذلتهم وهوانهم وغداً بفقرهم وبمملوكيتهم.

على الشعب الايراني أنّ يعتز بثورته وأنّ يذود عنها ويذود عن قيادته، بل على الأمة الإسلامية كلها بشيعيها وسنيها أنّ يحوطوا هذه الجمهورية بالعناية والتكريم والاحترام ويعطوها النصرةويقفوا معها الموقف الجاد المناصر والذي لا يلين. قوة هذه الجمهورية قوة الأمة والواقعُ يشهد والواقع يشهد، والوقوف مع الأمة المسلمة .. مع قطاعات الأمة المسلمة .. مع حركات الأمةالمسلمة من هذه الجمهورية .. الوقوف معها واسنادها لم يُشهد من أيّ دولةٍ أُخرى كما هو الحال بالنسبة للجمهورية الإسلاميةالمباركة.

كلمةٌ للأمة الإسلامية:

نعم ينبغي للأمة أنّ تقف الموقف المناصرَ لهذه الجمهورية كما هو حزب الله، ولحزب الله كذلك لأنّه على خط الإسلام الذي تحرص عليه هذه الجمهورية في قيادتها وفي إنسانها الصالح.

الموهوم المجنون ترامب:

هناك رجل مملوك للوهم هو ترامب وإذا تركه العالم لوهمه ففي ذلك دمار أمريكا ودمار العالم.  

لتُنقذ أمريكا من مصيرٍ أسود سيء، وهلاكٌ محتم، ولينقذ العالم أيضاً لابد مِن أن يقف العالم اليوم وقبل أن يفرض هذا الشيطان سيطرته عليه أن يقف في وجهه ليكبحه عن المضي في طريقه التدميري.

ترامب كأنّه نسي أنّه آدمي ونسي أنه مخلوق ونسي أنه مرزوق ورأى نفسه أنه يملك الكرة الأرضية ومَن عليها هذه الرؤية.

هذه النظرة من ترامب لنفسه لابد أنّ تجعله شيطاناً ولابد أن تجعله جاهلاً وأحمقاً ومجنوناً كما قالوا. 

هو مجنونٌ جنونَ الغرور.. مجنونٌ جنونَ فرعون حين ادعى الألوهية وكل من رأى نفسه أنّ له من صفاتِ الله شيئاً مستقلاً .. شيئاً محدوداً مستقلاً فإنّه مجنون، فكيف إذا رأى أنّه إلهٌ بعظمة الله، بجلال الله، بعلم الله؟! 

كأنّ ترامب نسي نفسه أنّه ابن فلانة وابن فلان، ونسي يوم جنينيته ويوم جاء الحياة واهناً لا يملك شيئاً، لا يملك أن يذب عن نفسه ذبابة، نسي هذا، ولو فكّر لوجد نفسه إلى الآن لا يملك أن يدفع عنه ذبابة إلى الآن.

قوتك التي بيد غيرك ليست قوةً لك، كلُ ما عند الإنسان من قوة.. من أسباب عظمة .. من علم.. ما إلى ذلك ليس مملوكاً له هو يأتيه من قدرة الخالق، فهذا القوي المفتول العضل وذاك العالم الجامع الكبير العميق المتعمق الذكي وما إلى ذلك، هذا ذكاء معار هذا ذكاءٌ معار ، وليس معارًا على نحو الإعارة التي عندنا، أنا استقل بما أعرتني، تعيرني الدينار فيكون تحت سيطرتي ، المال الذي عندك .. العقل الذي عندك .. الإرادة التي عندك .. نعمة صغيرة سمع بصر أيّ نعمةٍكبيرةٍ صغيرةٍ لا تملكها طرفة عين، ما في ملك أبداً، هي ممسوكة بيد الله عز وجل، وصولها لك إنّما تصل بإذن الله،في أيّ لحظة لا تصل .. لا تبقى عندك هذه إلاّ بإمداد من الله عز وجل. فلو رأى أحدنا نفسه على واقعها وأنّها مملوكة وأنّ كل شيء فيها مملوك لله و الإمداد به لنا من الله عز وجل لما أصابته ذرةٌ من غرور.

نسي الرجل أنّه عبدٌ من عبيد الله وأنّ حياته وموته بيد الله عز وجل وأنّ ضره ونفعه بقدرة الله عز وجل فصار في نفسه إله، ومَن يصير في نفسه إلهاً وهو في ذاته ليس بإله فلا ترتقب منه إلاّالشر. مجنونٌ مجنون، يقولون عنه مجنون صحيح مجنون، [يقولون عنه] سفيه سفيه، شيطان شيطان، والعَالَم إذا لم يقف في وجه هذا الشيطان ويجبره على العدول عن منهجه ويكسر غروره فإنّالعَالَم ومِنهُ أمريكا ، أمريكا ما يمكن أنّ تبقى بلا العالم،والعالم كله لا يمكن أنّ يتحول إلى ذباب وإلى حشرات لا تملك فعلاًعلى مستوى الإنسان وأمريكا هي التي تبقى ماذا؟ تبقى على القدرة الإنسانية .. تبقى قادرة على الفعل الإنساني والسعي والكسب وبناء القوة. فسقوط العالم معناها سقوط أمريكا بلا أدنى إشكال. وترامب واحدٌ وكأنّه يَعد نفسه لإسقاط ماذا؟ لإسقاط بلده والعالمِ كله.

ترامب ومَن هو أقل مِن ترامب بطراً وعلواً كاذباً استعلاءً، مَن هو أقل منه طاغوتية هؤلاء صناعة انتمائهم، ترامب صناعة حضارة، ترامب يفكر بمحتوى حضارته التي عاش فيها والتي آمن بها والتي صنعته، هدفه هدفها، تقييمه للإنسانِ تقييمها، كفره بالله كفرها، رؤيته تصوراته تصديقاته كلٌ ذلك ماذا؟ كل ذلك يأتيانعكاساً مِن المحتوى الحضاري المزروع في داخله.

الحضارة المادية الغربية الكافرة لا تستطيع أنّ تصنع شخصيات إلاّ مثل شخصية ترامب. تسألني في هذا الموقف إذا كيف نجد في الغرب مَن له شفقة على الإنسان، قد نجد مَن له شفقةٌ على الإنسان .. من له احترام للإنسان .. من يفكر في مصلحه الإسلام كيف نجد هذا؟

أقول لك هو في الغرب صحيح، ولكن انتمائه ليس كاملاً للحضارةالغربية، هذا هو ميراثٌ من مطالعاته .. من معايشاته، ميراثٌ آخر جاء من الحضارة الإسلامية .. من الحضارات الإلهية، وعندهثقافة .. عنده نوع من التربية الخاصة .. عنده أجواءً خاصة أبقت فيه شيئاً من إنسانيته .. وأبقت له ولو خيطاً ضعيفاً واهناً بماذا؟ بالقيم الإلهية التي تنضبط بها مسيرة الإنسانية في الأرض. إذا وجدت إحساناً فقل وراءه شيئاً ولو خفياً من الإيمان .. فقل وراءه شيئا ولو ضعيفاً من استقامة النفس على الطريق الفطري، أمّا وأنّ تخلص النفس في تربيتها .. يخلص العقل في تربيته للتربيةالمادية الكافرة الجاحدة بالله تبارك وتعالى فلا يمكن أنّ يأتي هذا المتربي على الحضارة المادية الشيطانية إلاّ شيطانا وإلا سخيفاًومنحطاً وعدواً للإنسانية.

ائتِ بألفٍ متوالين من رؤساء الجمهورية في أمريكا مِمَن تربوا تربية الحضارة المادية وتشبعوا بقيم هذه الحضارة ومَلكَتهم نظرة هذه الحضارة فلن يأتوا إلاّ ترامب أو بايدن. والديمقراطية البعيدةعن الإسلام ماذا تعطيك؟ خطيرة جداً قد تقدم لك حتى في البلاد الإسلامية من هو شبيه ترامب .. حتى في البلاد الإسلامية تقدم لك رئيساً لجمهوريتك شبيها بترامب.

وصيّة للاخوة المؤمنين:

فلا بد أنّ نمسك بالإسلام يا أخوان .. أنّ نربي أبنائنا منذ الصغر على الإسلام والارتباط بالقيادة الإسلامية.

ترامب وهو صناعة الحضارة المادية لا يمكن أنّ يأتي إلاّ ساقطاًوإلاّ شيطاناً وإلاّ سخيفاً وإلاّ عدو الإنسانية وإلاّ متجبراً وإلاّمملوكا لماذا؟ لهواه، والمشكلة ليست ترامب مشكلة شعب، الشعب الامريكي الذي سبق أنّ ماذا؟ أنّ رَأّسَ ترامب وعاش تجربته ثم يأتي مرة ثانية لينتخبه، هذا الانتخاب .. هذا الاختيار أيضاً ماذا؟ أعطاه الانتماء الحضاري السخيف .. أعطته الحضارة الساقطة القذرة الغبية التي انتمى إليها هذا الإنسان،يعني هذا الشعب الذي يُعجبَ بترامب وبسياسة ترامب وتوجهات ترامب وبجنون ترامب، مجنون أو لا؟ مصابٌ بالجنون .. فاقد للوعي .. غبي وإنّ كان ماذا؟ وإنّ كان يملك مِن مادةٍ ما يملك.

أخواني الكرام أعزائي إذا كنا نحب الإنسانية كلها إذا كنا نريد لأنفسنا لأهلينا للأجيال التي ستعقبنا للإنسانية كلها إذا كنا نحب لهم خيراً فعلينا أنّ نمسك بالإسلام .. أنّ نفهم الإسلام .. أنّنطبق الإسلام .. أنّ ننشر الإسلام .. أنّ ندافع عن الإسلام.

غفر الله لي لكم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

زر الذهاب إلى الأعلى