كلمة آية الله قاسم نصرة للمقاومة الاسلامية في لبنان ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٤

*نص خطاب سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم الذي ألقاه في تجمع الحوزات وأساتذة الحوزة بقم المقدسة نصرة للمقاومة الاسلامية في لبنان وتنديداً بالعدوان الصهيوني عليه – يوم الأربعاء 25 سبتمبر 2024/ 21 ربيع الأول 1446هـ:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا النبي الكريم وآلهالطيبين الطاهرين. 

بسم الله قاصم الجبارين.

بسم الله مبير الظالمين.

بسم الله مذلّ المستكبرين.

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. 

الموت لأمريكا.

الموت لإسرائيل.

الموت للطاغوت كلّ طاغوت.

الموت للاستكبار العالمي.

العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين.

 

بدأ الهجوم الجنوني في سلسلة الاعتداءات الإجرامية الوحشية الصهيونية على لبنان بهجومٍ عنون إسرائيل بعنوان الدولة الإرهابية على المستوى العالمي. 

أسلوبٌ فوضويّ ينشر الفوضى والخوف والرعب والفساد والدمار في الأرض من غير حساب. 

 

إخوتي الكرام.. 

ليس من يوم غزّة، ولا من يوم لبنان؛ يبتدئ واجب اجتماع الأمة الإسلامية على ردّ العدوان على الإسلام، على القيم، ردّ العدوان على الروح الاستكبارية في الأرض بكلّ امتداداتها وبكلّ تلاوينها وأساليبها وصورها. 

كان على الأمة الإسلامية لو كانت على الرُشد الإسلامي المطلوب، والغيرة الإسلامية المطلوبة، والوعي الإسلامي المطلوب، والروحية الجهادية الإسلامية، كان عليها من أول يوم أن تُقبر العدوان وأن تنهيه على هذه الأمة العملاقة الكريمة التي أُريد لها إلهياً أن تكون الأمة الرائدة في الأرض. 

كان على الأمة أن تجتمع كلمتها على ردّ العدوان ودحر العدو وإحداث الهزيمة الكبرى به من أوّل يوم، وللأسف الشديد أنّ الأمة قد خسرت من رُشدها الإسلامي، وخسرت من علمها بالإسلام واعتزازها به، وتوحّدها على أساس كلمة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بوعيٍ وصلابةٍ وعزيمةٍ وقوّة جأش ورباطة قلب وإيمانٍ عميقٍ لا ينفلّ، خسرت من هذا الكثير مما أضعفها وأدخل عليها شيئاً من الوهن وشيئاً من التردّد، وشيئاً من نسيان الذات الرساليةالعملاقة، وذهب من غيرة الإنسان المسلم ما ذهب. 

واليوم يوم الإسلام، يوم العودة الجدّية للإسلام، يوم النهضة الإسلامية، يوم المقاومة الإسلامية، يوم الجهاد الإسلامي الذي لا يتوقّف حتى النصر الأخير. هذا أمر. 

 

كان هدف الصهيونية هو الأمة الإسلامية كلّها، ويجب أن يكون المُواجِه لهذه الهجمة الشرسة القذرة الصهيونية التي لا تُعطي حساباً لمقاتلٍ أو غير مقاتل، لمرأةٍ، لرجلٍ، لطفلٍ، لعجوزٍ، لبريء؛ هذه الهجمة الشرسة لابد من مواجهتها ليس على مستوى لبنان فقط، ولا على مستوى غزّة فقط، ولا على مستوى أيّ بلدٍ من البلدان الإسلامية، ولا على مستوى محور المقاومة، وكما أنّ القضية قضية أمة فمواجهتها لابد أن تكون بكلّ قوى الأمة وبكلّ إمكاناتها، وباجتماع الأمة على كلمة التوحيد المُقاوم. 

 

لو كان باب النُصرة للقتال مفتوحاً على مصراعيه لما كان لأحدٍ من شباب الأمة، ولا لأحدٍ من قادري الأمة على التأخر عن الزحف للقتال، وعن بذل كلّ جُهدٍ في سبيل مقاومة العدوّ، وكان على الأمة ألاّ تدّخر قطرة دمٍ دون نصرة لبنان وغزة، أعني نصرة الإسلام قبل كلّ شيءٍ آخر. 

 

وإذا لم يكُن باب القتال أو المشاركة القتالية في الجهاد ضد العدوّ الصهيوني واليهودي المتعصّب مفتوحاً، فإنّ باب البذل المالي، وباب البذل الإعلامي، وباب التوعية، وباب الاجتماعات الساجدة العابدة الهائجة لله تبارك وتعالى لطلب نصر المؤمنين، نصر المجاهدين؛ كلّ ذلك أبوابٌ مفتوحة، وهذه المشاركة لها طعمها ولها فعاليتها ولها جدّيتها الكبيرة في تعزيز موقف المجاهدين وفي تحفيز كلّ النفوس للاستعداد التامّ والفوريّ لأيّ نداءٍ من القيادة الإيمانية العليا في يوم الجهاد. 

 

على النفوس أن تتهيأ كلّها، وفي كلّ مستوى من مستوى الأعمار، على هذه الأمة أن تتهيأ لـ”لبيك” الصادقة، “لبيك” الجهادية العارمة، “لبيك” الجهادية اللامبالية، لنداء يوم الجهاد من الناحية الشرعية المقدّسة. 

 

إخوتي الكرام.. إخوتي المؤمنين والمؤمنات.. 

كلّكم على معرفة بأنّ اليوم لا مكان للهلع، لا مكان للوهن، لا مكان للتردُّد، لا مكان لقبض اليد، لا مكان لهيبة العدوّ. اليوم يوم البسالة، يوم الشجاعة، يوم البذل، يوم السخاء، يوم الثورة العارمة العامّة القويّة المُتكئة إلى ثقتها بالله تبارك وتعالى، والله مع من نصره، -وإنْ تأخّر النصر إنما يكون بتأخّر نصر عباد الله لله. انتصار عبيد الله لله وللإسلام انتصارٌ لأنفسهم، انتصار لعزّتهم، لكرامتهم، لدنياهم، لآخرتهم-. 

 

فلتبذل الأمة ما تبذل، وتعطي ما تعطي.. تعطي من مالها، من وقتها، من دمها، من كلّ جهدٍ من جهودها لله، وعليها كلّما أعطت لله عزَّ وجلّ، وهو العطاء لنفسها، أن تشكر الله على هذا التوفيق وعلى هذا التسديد، وعلى هذا الحظّ الكبير في الجهاد الإسلامي. 

 

نريد لأنفسنا كما أرادنا لنا الإسلام أن نكون المجاهدين، أن نكون المقاومين، أن نكون أنصار الحقّ في الأرض، أن نكون القادة لحركة الحقّ في الأرض، أن نواصل الجهاد حتى ظهور الإمام القائم “عجّل الله فرجه”، وأن يعزّ الحق في الأرض، وتعلو كلمة الله تبارك وتعالى في كلّ الآفاق، وتخضع كلّ الأعناق لجمال الله وجلاله ونوره وعزته وعظمته تبارك وتعالى. 

 

ليس أقوى منكم، ليس أقوى من هذه الأمة يوم أن تكون نصيرةً لله عزَّ وجلّ، مخلصةً لله عزَّ وجلّ. النصرُ قريب لأنّ من وعد بالنصر لا يُعجزه شيء، ويملك كلّ شيء، ووعده لا يُخلَف. 

 

ثوروا في سبيل الله تبارك وتعالى، واهزئوا بالصهيونية، واهزئوا بقوّة أمريكا. الآيات الكريمة من آيات الكتاب الكريم ما يقول: (جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ)، يعني جنداً حقير، كان جنداً عريضاً قوياً متحزباً كما تجتمع كلّ الأحزاب، التقت كلّ القوى على حرب الإسلام في يومٍ من الأيام، لكن القرآن الكريم عن مثل هذه الحوادث وعن هؤلاء الناس: (جُندٌ مَّا هُنَالِكَ)، أي بعيدون عن الحقّ، عن رحمة الله، عن لطف الله، عن رضا الله تبارك وتعالى، مهزومٌ هذا الجند، مهزومٌ من الأحزاب، وأمريكا وإسرائيل وأوروبا، وضاعفهم مرّات، وضاعف قوّتهم التسليحية عدّة مرات، كلّ ذلك -وهو شيءٌ عظيم مرعب في النظرة البشرية- إلا أنّه شيءٌ تافه، شيءٌ لا قيمة له، لا يملك مقاومة، لا يملك ردّ ضرٍّ، ولا يملك نفعاً عند الله تبارك وتعالى. 

صحيحٌ أن أمريكا ذات جيش، وهو من أكبر الجيوش، أنّ أوروبا لها جيوشها، أن الترسانة القتالية، التسلُّح في أوروبا وفي أمريكا يتقدّم التسلُّح في بقاع كثيرة من الأرض، وهذا قوّة، ولكن لا قوّة إلا بالله تبارك وتعالى. هذا السلاح في حجم قوته محكوم لإرادة الله، محكوم لحكم الله تبارك وتعالى، قلوب أولئك كلّها محكومة بتصرّف الله عزّ وجلّ. موجة من الرعب، موجة من الخوف، موجة من احتقار الذات، كلّ ذلك موجات يمكن أن يسحق بها الله عزَّ وجلّ هؤلاء المستكبرين، وهؤلاء الطغاة في الأرض. 

أمريكا قوية، ضعيفة، أوروبا قوية، ضعيفة. قوية بالموازين البشرية ربما، وضعيفة كلّ الضعف أمام إرادة الله وقدرته ووعد الله للمؤمنين، وقد وعد الله عزَّ وجلّ المؤمنين بأنّ النصر منه لمن نصرَ دينه، فقولوا عن أمريكا أنها قويّة ولكن عليكم أن تقولوا أيضاً بأنها ضعيفة، قولوا عن أوروبا بأنّها قوية، ولكن قولوا بأنها ضعيفة تحت يدي الله تبارك وتعالى، وإذا كان الله معي فلن يستطيع أن يكون أحدٌ ضدّي -كما هي كلمة لأحدهم-، وقد وعدنا الله بهذه المعيّة، فكونوا مع الله يكُن الله معكم، وإذا كان الله معكم فلا خوف على من كان الله معه، وكان الله ناصره. 

 

هذا يوم يسمّى تعطيل للحوزة، والحوزة لا تعطّل عن دورها الضخم، ودورها الكبير، هذا الإعلان عن التعطيل للحوزة، هو لبيان أنّ الحوزة من أجل الجهاد، وأنّ الحوزة في خدمة الجهاد والجهاديين، وأنّ المهمة الأولى والأكبر عند الحوزة هي مهمّة الجهاد وبناء الأمة وعزّ الأمة وكرامتها وهيمنتها وحاكميتها في الأرض، هذا يومٌ ليس للخمول، وليس للبكاء، إنما هو يومٌ من أجل الثورة، ونصر الثورة، ومباركة الثورة، وفداء الثورة. 

 

اليوم أكبر ما يجب صرف الوقت في دعمه هو قضية الدفاع عن الدين والأمة وأمنها وقوّتها وعرضها وعزّتها وكرامتها. القضايا التي تشغل بال الأمة كُثر، عندنا قضايا كثيرة محلية وغير محلية، ولكن أكبر مهمّةٍ اليوم للأمة يجب أن ينصرف البال إليها هي مهمّة انتصار لبنان وغزّة، تحرير الأرض، تحرير الإنسان، تحرير الإسلام من حاكمية الطواغيت. 

أكبر مهمّة تتوجه للمؤمنين في كلّ مكان؛ هو أن تجتمع الجهود من الكبير والصغير، من القويّ والضعيف، من أجل أن نخرج من هذه المعركة الضارية بنصرٍ عزيزٍ مبين. 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى