كلمة آية الله قاسم للشعراء والرواديد ومداحي أهل البيت (ع) – 4 يناير 2024
نصّ كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في لقائه مع الشعراء والرواديد ومداحي أهل البيت (عليهم السلام) في مقر إقامته بمدينة قم المقدسة – 4 يناير 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وحبيب قلوبنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
كُلّنا لنا من الله هدى -والحمد لله-، هدىً نعرف بهأنّنا مملوكون، أرقّاء لله عزَّ وجلّ، يملك منّا كلّ شيء، وكلُّ شيءٍ منّا مملوكٌ إليه، وما هو ملكٌ لغيري لا تصرّف لي فيه إلا بإذنه، ولا أكون معطياً حين أعطي للطريق إليه كلّ ما عندي، لأنّه ليس منّي، وليس ملكي.
وحقٌّ عليَّ لا شكّ فيه أن أسلِّم ذا المُلك ملكه، وأن لاأضعه في طريقٍ إلاّ الطريق الذي يختاره لي.
الإنسان مواهب وقدرات، وكفاءات جاهزة واستعدادات لكفاءاتٍ أكبر، كلّ ذلك هو ليس له، هو ليس منه فإذن هو ليس له، وإنّما هو للمُعطي تبارك وتعالى الذي ينتهي إليه كلّ عطاء، وكلّ موهوب، وكلّ موجود.
وحياةُ الأمّة بالأمس، وحياة الأمّة اليوم؛ حياة معركةٍ مع الكفر، مع الفساد، مع الطاغوتية، مع الضلال، مع السقوط، مع التخلّف، وهي معركةٌ تستوعبُ كلّ أبعاد الذات الإنسانية، كما تستوعب كلّ ساحات الحياة، وتتجاوز ذلك لتمتدّ معركتها إلى يوم يقوم الحساب.
هذا الشيء يفرض أن يكون الموهوبون من الله عزَّ وجلّ من المواهب المختلفة -كبُرت أو صغرت- من أيّ نوعٍ ماديٍّ أو معنوي، يعرفون ويقرّون بأنّ هذه المواهب من الله عزَّ وجلّ ولا دَخْل لهم في إيجادها، ولا في إعطائها لهم، وإنّما هي تفضُّل وتكرُّم وجودٌ خالصٌ من الله عزَّ وجلّ، هؤلاء وبمعرفتهم هذه يتوجّب عليهم أن يُعطوا كلّما في حوزتهم، كلّ ما يملكون من مُلكٍ اعتباري -الذي اعتبره الله عزَّ وجلّ لهم-، أن يعطوا كلّ ذاتهم وكلّ ما فيها وقوداً بلا مِنّةٍ ولا فخرٍ إلا فخر التوفيق من الله لهذا العطاء، عليهم أن يعطوا كلّ شيءٍ من أجل معركة الإسلام مع الكفر، معركة الحياة مع الموت، والحياة في الإسلام ولا حياة بغيره، لا حياةً في الدنيا، ولا حياةً في الآخرة، لا حياة إلا بالإسلام، لا إنسانية إلا بالإسلام، لا مجد ولا فخر إلا بالإسلام، لا هدى على الإطلاق إلا في الإسلام.
معركة تستوعب -كما سَبَق- كلّ أبعاد الذات، وكلّ الساحات النفسية والعقلية والخارجية، هذه المعركة الواسعة يخوضها الكفر ضد الإسلام بكلّ ما يملك من عطاء الله عزَّ وجلّ ومواهبه ومِننه، ولا حركة لمؤمنٍ ولا لكافرٍ إلا بما أعطاه الله عزَّ وجلّ، وهذا العطاء للاختبار والابتلاء.
وكما هم يعطون كلّ شيءٍ بما يأخذونه من الكفر والتيه والسفه والسقوط والتميُّع وما إلى ذلك، فما أولى بالمؤمنين وما أجدر بهم أن يعطوا كلّ شيءٍ مما شرّفهم الله به في سبيله، لأنّ أولئك يعطون ليخسروا والمؤمنون يعطون ليربحوا لا في الآخرة فقط، وإنما ليعيشوا عيشةً مرضيّة في النفس المؤمنة بالله في هذه الحياة الدنيا قبل ما يطلبونه من اطمئنان أبدي وسعادةٍ في الآخرة. الكافر يعطي ليمنّ على مَن دونه، والمؤمن إذا أعطى إنّما يعطي شاعراً عارفاً موقناً أنّ عليه الشكر لما أعطى، وأنّه إنّما يحصل منه الضعيف لإعانته يحصل نصيبه هو في كلّ عملٍ صالح، في كلّ خدمةٍ ليتيم، كلّ خدمةٍ لضعيف أو مستضعف، في كل مكانٍ للنضال، هذا النصيب من الربح والفوز بالعلوّ أعظم وأعظم من كلّ ما يصل للآخرين من عطاء إحسانه.
الأمة محتاجة للنجار والبنّاء في معارك الجهاد، إلى العالم، إلى كلّ صاحب ذي فن وذي موهبة، وأمثالكم الذين تربيتم التربية الإيمانية والأجواء الإيمانية والجهاد الإيماني، وعشتم بيئتكم هذه المتجّهة إلى الله تبارك وتعالى، الآخذة على أنفسها أن لا تميل قيد شعرة عن خطّه الكريم، العطاء على أمثالكم سهل، والعطاء على من هم أمثالكم مؤمّل، والعطاء على طريق الحق والوصول إلى الله عزَّ وجلّ لا يتوقّع له أن يفتر فضلاً عن أن ينقطع.
أنتم سِناد الأمة، أنتم رجالها الصنّاعون لمستقبلها العظيم، أنتم الذين يؤمّل فيكم أن تسقطوا إسرائيل، أن تلغوا الوجود الإسرائيلي من هذه المنطقة، ومن القدرة على الفاعلية المفسدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.