كلمة آية الله قاسم لأمانة مؤتمر جبهة المقاومة للشعر والقصة 2023
• كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في لقاءه مع رئيس وأمين سر وأعضاء أمانة مؤتمر جبهة المقاومة للشعر والقصة الذي تنظمه بلدية طهران :
التقى سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم برئيس وأمين سر وأعضاء أمانة مؤتمر جبهة المقاومة للشعر والقصة التي تنظمه بلدية طهران، وذلك في مقر إقامته بقم المقدسة – 18 سبتمبر 2023.
وقال سماحته في كلمة موجهة لهم “في ما تبذلونه من جهود بناء نفسيّة أهل المقاومة، وبناء فكر وإنتاج أهل المقاومة”.
وأكد سماحته في كلامه لهم “أنتم تقومون بوظيفتين، وظيفة المقاومة، ووظيفة تطوير المقاومة للجميع. أنتم مقاومون، ولكن لا تكتفون بمقاومتكم الذاتية، وإنّما تحاولون أن تدفعوا بمستوى المقاومة العام -على مستوى البلاد الإسلامية كلّها- إلى الأمام، وهذه وظيفة أخرى غير المقاومة نفسها، أو هي نوع آخر يُكمِّل المقاومة”.
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا النبي الكريم وآله الطيبين الطاهرين
توكلتُ على الله، وعلى الله فليتوكل المتوكلون، اللهم بك نستهدي ومنك نستعطي وفيك رجاؤنا وعليك معوّلنا وأنت الولي العظيم الكريم.
جهودكم جهودٌ كريمة وموفّقة إن شاء الله، ومؤثرة تأثيراً إيجابياً في حركة الأمة الناهضة، ومقاومتها النشطة. هذه الجهود التي تبذلونها من قلوبٍ مؤمنةٍ بالله، واثقةٍ بنصره، طامعةٍ في ثوابه، هذه الجهود المباركة ذاتُ تأثيرين:
كلما اجتمع كمٌّ أكبر من التجارب والمقالات والمواقف في مختلف جبهات المقاومة ومواقعها؛ كلّما أعطى ثقةً أكبر لرجال المقاومة، شباب المقاومة، نساء المقاومة، ناشئة المقاومة.
انتشار هذه الأخبار بين هذه المجموعات المتنوعة، ذات التجارب المتعددة والمختلفة، هذا الانتشار يعطي وثوقاً أكبر في النفوس بمتانة الصف، بجدية القضية، بأهمية المقاومة، بثقة أكبر بأنّ المقاومة على طريق النصر، وأنّ هذه الجهود لها ثمرة ليس هناك من ثمرة كما هي أهميةً وحجماً وتأثيراً في عالم الإنسانية جمعاء على مستوى الدنيا وعلى مستوى الآخرة.
الأثر الثاني البارز في دائرة ما تبذلونه من جهودٍ مشكورة من الله تبارك وتعالى، هو أنّ هذه التجارب تُعطي تبادل خبرة، وتبادل معرفة، وهي سبب للتنضّج والتمامية لنمو هذه التجارب، أنت تستفيد من تجربة الآخر، والآخر يستفيد من تجربتك. تجارب الآخرين تفتح بال هذا البلد على أبعاد أخرى في المسألة، تفتح أبواباً من أبواب التفكير في التطوير، وكذلك أي بلدٍ آخر من بلدان المجموعة العاملة في ميدان المقاومة، يستفيد من تجارب الآخر.
ومهما كان غنى هذا البلد بالقدرة على إعطاء دروس، والتوصُّل إلى خطط لتطوير المقاومة وتنشيطها والأخذ بها إلى مستويات أعلى، هذا البلد أو ذاك البلد وإنْ كان غنياً بذلك، ومتقدماً على هذا الخط، إلا أن لكلّ تجربةٍ عطاءها، ولكل مجموعةٍ بشرية تجارب خاصة يستفيد منها الآخرون.
فكل بلدٍ من البلدان الإسلامية، وكل مجموعة من مجموعات العمل الإسلامي في البلد الواحد؛ محتاجٌ إلى أن يقف على تجارب الآخرين وعطاءاتهم، الإنتاج النظري والإنتاج العملي لهذه المجموعة ولتلك المجموعة.
ربما أصاب الإنسان وحشة العمل من دون نصير، طبيعة البشر حتى مع ثقته بالله عزَّ وجلّ أنّه يحتاج إلى من يعينه، ومن يقف معه، ومن يعيش قضيته، وربما حتّى يقدّر جهوده، هذا كله يحصل بالعمل التكاملي بين البلدان المختلفة، وبين المجموعات العاملة داخل البلد الواحد.
لو كان العاملون في إيران المباركة جهة واحدة فقط، سيختلف الوضع عن كون العاملين جهات متعددة وفرق كثيرة، وجبهات مختلفة، ولكن كلّ عملها يصبُّ في اتجاهٍ واحد.
نعرف أنّ الأنبياء “صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين” مع كونهم أعظم الشخصيات قدرةً على العطاء والإبداع والإنتاج، ولهم من الصفات العقلية والنفسية والإيمانية ما لا يملكه الآخرون، برغم ذلك لم ينفردوا في صناعة التاريخ، النبي الواحد لم ينفرد في صوغ التاريخ الإيماني الإسلامي والتحضير للدولة الكبرى.
الأنبياء استعان بعضهم ببعض، وكلٌّ منهم أوصى باتّباع الآخر، والأنبياء احتاجوا لمن هم يدعونهم، هم دعاة الحق، وهم المبلغون الحق، مع ذلك يصنعون رجالاً يعينوهم في مهماتهم.
الأنبياء دأبوا وجَدّوا واجتهدوا وحرصوا على أن يصنعوا رجالاً قريباً فكرهم من فكرهم، نفسيتهم من نفسيتهم، إيمانهم من إيمانهم، إرادتهم من إرادتهم، عزمهم من عزمهم، شخصيتهم من شخصيتهم، لأنّ الجهد الشخصي الواحد لا يغطي الدنيا كلّها وكلّ الحاجات، بل لابد من جهود، وعلى كل قيادة أن تصنع قياداتٍ ظليّة لقيادتها، وقيادات آخذة في وعيها وفكرها حتى تكون يدها الضاربة والنشطة في القيام بالمهمات الرسالية المختلفة.
التجارب المختلفة للعمل المقاوم -حسب الجماعات والأقطار- هي مدارس فيها المشترك وفيها الخاص، هناك خطوط مشتركة بين كل التجارب، ملامح مشتركة بين التجارب، ولكلّ تجربةٍ خصائصها، اجتماع هذه التجارب المختلفة لكلّ طرفٍ من أطراف المقاومة، ولكلّ جبهةٍ من جبهات المقاومة تعطي فسحة لتنضيج كلّ تجربةٍ من هذه التجارب، للمقارنة بين هذه التجارب لانتخاب الأكثر نجاحاً والأكثر تأثيراً.
مطالعة كلّ هذه التجارب تجعلك أمام خيارات مختلفة تدرسها، تقارن بينها، تختار الأحسن والأجدر من بينها، تُريك أنّك شيءٌ ولستَ كلّ شيء، تُري كلّ فريق، وكلّ جبهة أنّها شيءٌ، وربما شيءٌ كبير، ولكنها ليست كلّ شيء، لأنها ستجد في مطالعة التجارب المختلفة أن عند الغير ما لم تصل له، وما لم تلتفت إليه، ولهذا نشعر بالحاجة الشديدة لبعضنا البعض، لتعاوننا المشترك، ولدراساتنا المشتركة، ولتبادل الخبرات، وتتعزز النفس، وتقوى درجة التفكير فيما هو الأصلح والأرشد والأشد عطاءاً، وهذا ما تحتاجه كل حركة في كل بلد، سواء كانت الحركة حركة حق أو حركة باطل، أي حركة لا ستغني بعطاء فريقٍ واحد، وبنجاحٍ عند هذا الفريق وحده، تحتاج إلى نجاحات كل الفرق، وتحتاج إلى ما تحتاج تعاون.
في ما تبذلونه من جهود بناء نفسيّة أهل المقاومة، وبناء فكر وإنتاج أهل المقاومة، فأنتم تقومون بوظيفتين، وظيفة المقاومة، ووظيفة تطوير المقاومة للجميع. أنتم مقاومون، ولكن لا تكتفون بمقاومتكم الذاتية، وإنّما تحاولون أن تدفعوا بمستوى المقاومة العام -على مستوى البلاد الإسلامية كلّها- إلى الأمام، وهذه وظيفة أخرى غير المقاومة نفسها، أو هي نوع آخر يُكمِّل المقاومة.
بارك الله جهودكم، وجزاكم الله خير الجزاء.