التبليغ في الموسم العاشورائي
• المحور الثالث: التبليغ في الموسم العاشورائي:
1. ما هو المقدار الذي يمكن استفادته من مضامين زيارات أهل البيت عليهم السلام على مستوى إثبات المقامات والعقائد الدينية؟
الجواب:
حتى نثبت عقيدةً، حتى نستخدم هذه الزيارة في خدمة العقيدة وفي بيان المقام العظيم للإمام أو النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”؛ لابد أن ندرس الزيارة:
1. مرةً زيارة من معصوم ومرةً زيارة من وضع عالم، فتختلف الزيارتان.
3. ومرةً سند الزيارة قوي جداً، ومرة دون ذلك، فلكلِّ زيارةٍ من هذه الزيارات مستواها الخاص والاستفادة منها بمقدار مستواها، وبمقدار الثقة بأن هذه كلمة الإمام المعصوم عليه السلام، لماذا امتاز القرآن على غيره من بين المصادر -مصادر التشريع والعقيدة وما إلى ذلك-؟ لأنه لا نقاش فيه ثبوتاً وإثباتاً، ثابت ومتنزل من عند الله عزّ وجلّ، ودليل تنزله من عند الله لا يمسه ريب، هذا يختلف عن حديث الثقة، طبعاً يختلف في قيمته في الاعتماد عليه عن حديث الثقة. حديث الثقة له قيمته التعبدية، والقرآن قيمته وجدانية، يبقى الفهم أيضاً، فهم الآية الكريمة يتفاوت عند الناس، وكلما تلقينا هذا الفهم من المعصوم بحيث نعلم أنه صادرٌ من المعصوم كان الاعتماد على هذا الفهم أكبر، فكيف بزيارة كتبها عالم عادي، فعلى كل حال ليست الزيارات مستوى واحد،
4. وليس الدارسون للزيارات على مستوىً واحد، فالزيارات المعتمدة بدرجة أكبر هي الزيارات التي تمتلك صدورها وثوقاً أكبر إنْ لم يكن قطعياً، وأن يكون الدارسون لهذه الزيارة والمدللون على مضامينها الذين يستشهدون على عقيدة معينة مثلاً، أن يكون هؤلاء من النخبة وليسوا من الناس العاديين.
2. هناك بعض الكرامات التي وصلتنا عن علماء إلا أنه يوجد فيها رؤية أو مكاشفة، فهل يناسب طرحها على المنبر؟
الجواب:
إذا كان المضمونُ سليماً غير مخالف لثابتٍ من الثوابت، وكان المصدرُ أهلاً وأميناً، فيمكن أن تنقل قول هذا المصدر عن نفسه.
أما أن تُقسِم بأنّ هذا واقع، وأن تقيم عليه عقيدةً أو تكليفًا، فليس هذا موجود.
[وكذلك] أن تعتقد أو تتحمل تكليف -ولو كان ذلك عن أحد الأتقياء الورعين الكبار في الفقه والتقوى والورع- وما إلى ذلك، لا توجب عليه تكليفاً ولا توجب على غيره تكليفاً، [نعم، يمكن أن] تُنقل للجانب التربوي بحيث يكون أداؤها التربوي أداءً سليماً، وأداؤها العقيدي أداءً سليماً، والله العالم.
3. سؤال يقول: بالنسبة للطرح المنبري التاريخي في الوقائع التاريخية في المصرع الحسيني سواء على مستوى الموضوع أو الأبيات الحسينية، هل ترون أنه لابد من التثبت العلمي قبل طرحها باعتماد الكتب المعتبرة أو يصح طرح كل شيء ورد ما دام لا يخل بمقام المعصوم عليه السلام؟
الجواب:
على كل حال، مرة يكون المروي التاريخي غير مخالف للعقيدة، غير مخالف لثوابت الشريعة، غير مخالف لمقام المعصومين عليهم السلام، ليس فيه ما يفسد تربية المجتمع المسلم، فأنقله كتاريخ لا أحلف عليه، ولا أتعبد به. أتعض، أستفيد، أتربى، هذا شيء، لكن لا يجب عليّ أن أأخذ بذلك إلا أن يكون متواتراً سليم الأداء معنىً، ومتواتراً، مثل ثورة الإمام الحسين عليه السلام، هذا الشاهد الذي لا يمكن أن يناقش أبداً، لا تشكيك في ثورة الإمام عليه السلام، حتى في بعض خطبه، ولكن ليس كل ما ينقله التاريخ حتى في ثورة الإمام الحسين عليه السلام هو محل تسليم تماماً، هذا لا نستطيعه، هذه ليست مسألة رياضية، والثابت التاريخي غير الثابت العقيدي والشرعي، طبعاً الثبوت الشرعي أصعب من الثبوت التاريخي، وحتى العدالة المأخوذة في خبر الثقة لا يلزم أن تؤخذ في قول المؤرخ، في قول المؤرخ يمكن أن نعتمد على قرائن وما إلى ذلك، وجه اختلاف هنا في قضية قيمة خبر أهل الخبرة، وبعضهم يحتاج إلى أن يكون موثوقاً أو غير مخالف للوثوق بدرجة أقل وبعضهم يقبل به وبما هو خبر ثقة فقط، لمجرد خبر ثقة يقبل به.
4. السؤال يقول، هناك في الآونة الأخيرة تضييق على المآتم في قراءة زيارة عاشوراء، فهل تنصحون بقراءتها في الملأ العام؟
الجواب:
“ليس كلّ ما يعرف يقال” -حتى في الأمور الشرعية-.
“كلمة حقٍّ عند سلطانٍ جائر”، يقول هذه كلمة حق أقولها عند سلطانٍ جائر، هذه الكلمة إذا كانت ستهدم الإسلام، ستقضي على الإسلام عملياً، يجوز أن يقولها ليسفك دماء مئة شخص؟ ألفي شخص؟ أن يسد منافذ دينية كبيرة جداً ومتعددة؟
هي كلمة حقٍّ لكي تبني الحقّ، وليس لكي تهدم الحقّ، أنت تقول كلمةَ الحقّ عند السّلطان الجائر من أجل أن تَنصر الحقّ، وتُبقي الحقّ، وتَدعم الحق، أمّا إذا كانت هذه الكلمة قولها سيهدم الحق سيضعف الحق سيقضي على الحق، هل يصح هذا الشيء؟
5. السؤال يقول، ماذا تقولون في مسألة طرح زفاف القاسم، مع التنبيه أنه من باب المواساة وليس من باب صدور الحدث فعلاً؟
الجواب:
مواساة؟ المواساة يعني الإبكاء؟
لا أعرف إن كان هناك نصٌّ -إطلاعي قليل وضعيف وضيق، وعلى قدري-، لا أعرف بوجود سماحٍ شرعيٍّ بالكذب من أجل الدمعة، لا أعرف هذا الشيء، أنا لا أعرف.
[كـ]الذين يختلقون في الأحاديث، يختلقون أحاديث يعرفون أنها مختلقة، لكن فيها كرامة لعليٍ عليه السلام، فيها كرامة لأحد الأئمة عليهم السلام، فيها تخويف من عقاب الله عزَّ وجلّ، [يختلقون مثلاً] “يأتون خمسين ألف ثعبان ويحيطون بفلان في الجناية الفلانية إذا فعل كذا، خمسين ألف ثعبان في النار”، [مع أنَّ] هذا غير موجود، لكن يقوله من أجل أن أخاف أنا وأعقل، هذا الإسلام لا يرضاه أبداً، الإسلام ليس محتاجاً إلى الباطل أبداً، الإسلام يصر على نظافة الأداء، المضمون، ونظافة الأسلوب.
و [كـ]كيل تُهم لعدوِّك المعادي للدِّين من غير حساب بالمرّة، المطلوب عدل، هناك قول “أكثروا فيهم القالة”، لكن غير معروف أنّه إذا ظُلمت جاز لك أن تظلم بشكل مضاعف إلى عشر مرات أو إلى عشرين مرّة.
على كلّ حال، الإسلام أبداً ليس محتاجًا إلى التقوّل والكذب.
6. مداخلة شفهية: أثيرت خلال هذه الأيام جدلية طرح الشأن العام خصوصاً السياسي في قصائد الموكب الحسيني العزائي مع مزامنتها للطم، فما هو نظركم في ذلك؟
الجواب:
المزامنة في اللطم، فهو لمصيبة الإسلام من الانحرافات السياسية، واللطم لقتل الحسين عليه السلام قد يكون على مستوى المشهد الموجع، وقد يكون بكاء لتمكن الظلم والاستهانة بالعدل وبالقيم وبالرموز الإلهية، أيهما أرقى؟ أي الدمعتين أرقى؟ المربوطة بالمعاني الكبار أو بالمشهد الحسي المثير؟ بالمعاني الكبار، ذاك له ثوابه وهذا ثوابه أكثر، ذاك عاطفة إنسانية رقيقة طبيعية وتألم للمشهد الحسي، لكن هذا البكاء الثاني منطلق من روح شفافة وعشّاقة للكمال عارفة بقيمة الإنتماء لله عزَّ وجلّ، بمضرة جهل الإنسان بحيث يقدم على القادة الكبار المعصومين بالقتل والتعذيب.
كلما ارتبطت الدمعة بالجمال الروحي، بالتعدّي على الجمال الروحي، على قيمة الروح، على قيمة الانتماء لله عزَّ وجلّ، على قيمة الدين المنقذ، كلما اكتسبت هذه الدمعة مستوىً أكبر وثواباً أعظم، والله العالم.
7. مجموعة من الأسئلة حول الموكب شيخنا، حول مقومات الموكب، وحول الألحان التي يختلف فيها الفضلاء، أحياناً بعضهم يستشكل فيها وبعضهم لا يرى فيها أي إشكال، وسؤال عن شخصية الرادود الرسالية، وسؤال عن موكب العاصمة المنامة وخلوه من المعممين؟
الجواب:
قضية الألحان يا أخوان سبق الكلام فيها، أنا رادود -فرضاً- أستجيز اللحن الفلاني، لكن الموكب فيه عشرة آلاف يختلفون في تقليدهم، والبعض منهم يرجع إلى من يحرم هذا اللحن، هل من الصحيح، على الأقل من الذوق، من إنصاف الآخرين، ليس من الواجب أن آتي بهذا اللحن، ولا مستحب بالنسبة لي، فلابد أن أراعي الآخرين، فينبغي للرواديد أن يجتنبوا الألحان المختلف عليها.
8. السؤال عن مقومات الموكب الحسيني؟
الجواب:
“يكون خوش إسلامي”.
1. لا يتعدى خط الإسلام والمصلحة الإسلامية.
2. ويعرف ظرفه، ويعرف التصرف الذي يخدم الإسلام في هذا الظرف، والتصرف الذي لا يخدم الإسلام في هذا الظرف.
3. وطبعاً مقوم كبير وهو الخلوص لله عزَّ وجلّ، ويلتفت لنفسه الرادود، ورئيس المأتم، وغيرهم، ومحاربة نفسه الأمارة بالسوء التي قد تطلب منه أن يسعى ما استطاع لتوظيف هذا الموكب وهذا الجمع من أجل شهرته ومصلحته الخاصة.
هذا من مقوماته.
9. هناك مجموعة من الأسئلة ذات مضمون متقارب تقريباً، تتعلق بطلاب العلم أو الخطباء أو المبلغين، ومسألة وسائل التواصل الاجتماعي، ومسألة الاختلاف في وجهات النظر، والتراشق بتعبير أحد الأسئلة، والمشاكسة في وسائل التواصل، ما هي نصيحتكم للعلماء والخطباء وعموم المؤمنين في التعاطي مع الإثارات الإعلامية كالمقاطع القصيرة التي تسبب تشنجات بين المؤمنين؟
الجواب:
هذا سؤال يتكرر كثيراً في أوساطنا داخل البحرين وخارجها، والصواب في الأمر لا يخفى على مسلم. كلنا يعرف أنّ إهانة المؤمن حرام، ورعاية المصلحة الإسلامية واجب، تحريف الإسلام، الكلمة المحرفة للإسلام ولو عن خطأ لا تُترك، لكن الكلمة الخطأ لها جوابها الذي يوصله المعترض أو المتكتشف للخطأ لصاحب الخطأ، ويحسن من صاحب الخطأ أن يصحح أمام الملأ خطئه، بدل أن يصحح لي أنا أصحح لنفسي بعد أن أنبه على خطأي، نبهني على خطأي وإن شاء الله أكون أهلاً بأن مجلسي السابق مرّ به خطأ عندي، لا يهدم من الشخصية أبداً، ولا يثلمها ولا يؤثر عليه أبداً، هذا شرفٌ له، فالطريقة هي هذه، إما أن يُترك على جهله يكرر هذا الخطأ في كلّ مكان، طبعاً المجتمع مسؤول عن التصحيح له، لكن مرّة يقف أمام الملأ ويقول أنت مخطئ، يحاسبه الحساب القاسي، أنا المتكلم لقولي أنت مخطئ كم أخطئ أنا؟ هذا خطأ، الصحيح أن يفهّم من موضع خطئه، وأن يمتلك الشجاعة والأمانة الإلهية، الوفاء بالأمانة الإلهية بتصحيح ما أخطأ فيه. إذا أخطأ مدرس وقال 1+3=15 يضطر أن يصحح أو لا؟ يعتذر بأنه يستحي بأن يصحح؟ وهي تمشي على أطفال وتعلق في ذهنهم، الخطأ في العقيدة والشريعة أكبر.