كلمة آية الله قاسم في مؤتمر القدس تراث الأديان المشترك 2023
ألقى سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم كلمة في المؤتمر الدولي “القدس تراث الأديان المشترك” في صحن قدس بحرم الامام الرضا (ع) في مشهد المقدسة 13 ابريل 2023م – ٢٢ رمضان ١٤٤٤ هـ
*فيديو الكلمة:
*نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا النبي العظيم وآله الطيبين الطاهرين.
السلام على الأمّة الإسلامية الكريمة جمعاء.
السلام على عشّاق القدس.
السلام على كلّ المهتمّين بقضايا الإسلام والمسلمين.
-على طريق القدس-
حتى لا تضيع القدس ولا تُنهب، وحتى يعزَّ المسجد الأقصى ويُحفظ له دوره الديني التوحيدي، حتى تُستردّ الحقوق الفلسطينية وتسترجع الأرض لأهلها ويأمنوا في وطنهم؛ لابد من يوم القدس العالمي ومن تحشيد الأمّة على طريق الجهاد والمقاومة، وتفعيل الكفاح الجهادي المتنوّع بأشدّ مستوى، والانخراط العام إلى ميادين المواجهة والتضحية، وتوحيد كلّ القوى لمقارعة العدو الاسرائيلي المحتل من أجل طرده من المنطقة نهائياً، وتخليصها من شرور احتلاله.
جميعاً مع القدس، جميعاً على طريق القدس، جميعاً من أجل القدس ونصر القدس، جميعاً على طريق تطهير فلسطين من الاحتلال وآثاره المدمّرة.
الضفة الغربية درع القدس، وكلّ الفلسطينيين الشرفاء، وكلّ أمتّنا الكريمة، كلّ رجلٍ وامرأة، كلّ مسلمٍ ومسلمة، كلّ عربيٍ وعربية، كلّ ذي ضميرٍ إنسانيٍّ حي؛ درعُ القدس، وكلّ القوى والإمكانات درعها، وكلّ الاعدادات والتجهيزات والمقاومة من أجل المسجد الأقصى والقدس وفلسطين، وكلّ شبرٍ محتلٍّ من الأرض الإسلاميّة، كلّ شيءٍ من ذلك في مواجهة أيّ تغلغلٍ في بلدٍ إسلامي، والتسلل لأيّ موقعٍ فيه، ولأيّ محاولةٍ تدنيسية لأيّ شبرٍ من أشبار الأرض الإسلامية.
وإنّه لابد من اقتلاعٍ جذريٍّ لأيّ وجودٍ عدوانيٍّ على أرض الأمّة، ولامتصاص خيراتها، ومسخ هويتها، والهيمنة على وجودها المعنوي والمادي.
إنّها المعركة التي لا يصحّ أن تهدأ أو تلين ضد كلّ طامعٍ في نهب هذه الأمّة وتركيعها وإذلالها وسحق كرامتها، وفصلها عن تاريخها الرسالي الطاهر المجيد وفصلها عن هويتها العظيمة المتميّزة.
المعركة يجب أن تبقى مستمرة ومتصاعدة، حتى تنكسر كلّ الأطماع العدوانية المستهدفة لأمّتنا، ولإيقاف الحركة الحضارية الإسلامية النشطة فيها، وحتّى ييأس كلّ الأعداء من النيل بشيءٍ مما تذهب إليه أطماعهم في إنساننا وأرضنا وديننا وقيمنا وأخلاقنا واستقلالنا، وكلّ شيءٍ من ذلك مرادٌ للعدو من إنسانٍ وما يرتبط بهذا الإنسان من مقدساتٍ ومصالح وخيرات وأمنٍ وما إلى ذلك.
ها قد أقدم يوم القدس العالمي لهذا العام في آخر جمعةٍ من الشهر الفضيل؛ لتوحيد صفوف الأمّة بكلّ مذاهبها وقومياتها وأقطارها، ورجالها ونسائها؛ على طريق استرداد الأرض الإسلاميّة وحماية المقدسات في فلسطين واسترداد هيبة الأمّة والذود عن كلّ حبّة ترابٍ في الوطن الإسلامي الكبير.
إنّه يومٌ من أجل أن يهبّ غيارى الأمّة من أجل الانتصار على الأعداء الغزاة المحتلّين، وتحصين الأمّة من أيّ خطرٍ يتهددها في المدى القريب أو البعيد أو المتوسط.
وفي اليوم العالمي اختبارٌ كبير لإرادة جماهير الأمّة ومدى جدّية هذه الجماهير وحماسها، وللروح الجهاديّة والفدائيّة التي تغنى بها على طريق المقاومة من أجل القدس وكلّ فلسطين، وكلّ الأرض لكلّ الأمّة.
وكلّ الأعداء من خارج الأمّة عينهم على مستوى الحضور في هذا اليوم انتصاراً للقدس وفلسطين، ومدى ما يمثله هذا الحضور من حماسٍ وثوريّةٍ وكثافة وعزمٍ وتصميمٍ وإخلاصٍ لقضية تحرير كلّ المقدسات والإنسان والأرض، وانتصارٍ للهويّة أشرف وأقدس هويّة، وهي هويّة الإنتماء لدين الله العليّ العظيم تبارك وتعالى.
خيّبي يا جماهير الأمّة المسلمة كلّ أملٍ للأعداء في ذبول روح الحماس والغيرة والمقاومة والثورة، حتى يتحقق نصر الله للمؤمنين وتتحرر القدس وفلسطين وكلّ أرضٍ إسلاميّة محتلّة.
وسيكون في كثافة حضوركم -أيتها الجماهير المسلمة-، وشدّة حماسكم في إحياء يوم القدس؛ صفعةٌ قوية لآمال الأعداء في تراجع العزم على مواصلة طريق التحرير والنصر المؤزّر.
رهان الأعداء ومن خلال الضغط الشديد، واجتماع كلمة الكفر في الغرب وأمريكا من خلال التعذيب والتضييق على المقدسات، وطرد المواطن الفلسطيني، وتحويل الأرض الفلسطينية المسكونة من الشعب الفلسطيني إلى بؤرة عذاب، وإلى غابة خوف، وإلى تهديدٍ دائمٍ بالموت، كلّ ذلك من أجل أن تكسر إرادة الإنسان المسلم، وأن تسيطر عليه الهزيمة من داخله، وأن ييأس من النصر أن يأتي في أيّ يومٍ من الأيام على المستوى القريب أو البعيد.
كَذِّبوا هذه الآمال، كَذِّبوا هذا التطلُّع عند الإسرائليين، كَذِّبوهم أنّكم ستذبل نفسيّـكم، ستفتر حركتكم، ستهزم أنفسكم. وأمامكم هذا الدرس لإسرائيل، وهو درسُ اليوم العالمي القريب، أروهم أنّكم على أكبر استعداد، وأشدّ عزيمة، وأقوى تصميم على مواصلة طريق النصر مهما تكُن التضحيات، ومهما تكون التفدية والبذل، ومهما تكون المصائب، والمصائب إن شاء الله هي من حظّ إسرائيل، والنصر والغنائم من حظّ هذه الأمّة ونصيبها إن شاء الله.
يا جماهير أمّتنا المؤمنة..
عَلِّمي كلّ الحكومات في البلاد الإسلاميّة والعربيّة، أنّ قرار التطبيع وبقاءه يعزلها عمليّاً تماماً عن الأمّة، ويدينها على مستوى المستقبل التاريخي الممتدّ، ويقضي على أي علاقة، وعلى كلّ علاقة تتصفُ بشيءٍ من الإيجابية للجماهير بها -أي بالحكومات-.
ولو كان للتطبيع مكاسب دنيوية للحكومات -وهو ظنٌّ مرجوح جدّاً جدّاً بالنظر الصحيح- لما ساوى هذا شيئاً من خسائره الفادحة -من خسائر التطبيع- دنياً فضلاً عن الآخرة.
على الحكومات كلّ الحكومات أن تأخذ درساً من صمود الشعوب، ومن شدّة المقاومة، ومن المضيّ على طريق الموت في سبيل الله عزَّ وجلّ من أجل تحقيق النصر، ومن هذا العزم الشديد عندها على أن لا تتوقف حركتها أمام أيّ ظرفٍ من الظروف، وأمام أيّ سدٍّ من السدود.
هدى الله كل مؤمنٍ ومؤمنة ومسلمٍ ومسلمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.