كلمة آية الله قاسم في يوم القدس العالمي “الضفة درع القدس” عبر منبر القدس الموحد – 1444هـ
شارك آية الله قاسم عبر المنبر الموحد بمناسبة يوم القدس العالمي “الضفة درع القدس” والذي شارك في هذا المنبر قادة محور المقاومة – 1444هـ
*فيديو الكلمة:
*نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.
السلام على الأمة الإسلامية المجيدة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يومُ القدس العالمي له أهدافه الكبرى، ونتائجه الضخمة، إذا أحسنت الأمّة الحضور فيه، وأحسنت التعامل معه، وأعطته حقّه، واستقبلته بقلوبٍ ملؤها الإيمان بالله، والإرادة التغييرية على خطّ الله.
من بين ما يستهدفه هذا اليوم الكريم هو توحيد الأمّة توحيداً على الحقّ لا الباطل، امتثالاً لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان).
يوم القدس بعطاءاته الكبيرة الكريمة يُعطي إجماع الأمّة على نصرة القضيّة الفلسطينية، إنقاذ فلسطين من براثن القبضة الإسرائيلية الباغية، إرجاع الحرية على الأرض للشعب الفلسطيني، تأديب الوجود الإسرائيلي الهشّ المؤقت؛ بأن لا يتطاول على هذه الأمّة، وأن لا يمتدّ بصره ونظره إلى شبرٍ من أشبار الأرض الإسلامية ليستولي عليه كما استولى على فلسطين.
ولماذا يستطيع يوم القدس العالمي أن يجمع الأمة ويوحّدها؟
مسجدان كريمان عظيمان -المسجد الأقصى والبيت الحرام-، مسجدان يستهويان قلوب الأمّة، يتغلغلان في أعماق مشاعرها بالتقدير والاحترام لهذيْن المسجديْن. كلّ المذاهب الإسلامية تُجمع على تعظيم المسجد الأقصى والمسجد الحرام، المسجد الأقصى له ارتباطه وإلتحامه بالدور الرسالي لرسول الله “صلَّى الله عليه وآله” والشخصية العظيمه لرسول الله، والإسلام الذي جاء على يد رسول الله.
المسجد الأقصى هو أولى القبلتين للمسلمين، وبذلك لا يمكن أن ينساه مسلم.
والمسجد الأقصى نقطةُ انطلاق رسول الله في معراجه الكريم، المعجزة ذات الوزن الثقيل، وللإسراء خصوصيّة، وهي أنّه يُعطي صورة للناس عن منزلة رسول الله “صلَّى الله عليه وآله” من الله عزَّ وجلّ وقربه له، وما بلغه من تكريمٍ في رحلته السماويّة المقدّسة لملاقاة قلبه العظيم لله العظيم الأعظم تبارك وتعالى.
هناك انشداد قلبي بين كلّ المسلمين وبين المسجد الأقصى ومدينته وأرضه فلسطين، ولذا يكون ما يُنتجه من توحّدٍ بين المسلمين من هذا النسق والطبيعة، وعطاؤه الأوّل توحيد الجهود المكثّفة الجادّة المخلصة للأمّة مجتمعةً للدفاع عن قضية التوحيد والإبقاء عليها بصورتها الخالصة الصافية من أيّ فهمٍ جاهلي، من أي شوْبٍ جاهلي، من كلّ شعورٍ طاغوتي، من كلّ ماديّات الأرض، من كلّ الأنانيات والعنديات البشرية، وفي ذلك خير الناس كلّ الناس مسلمين وغير مسلمين دنياً وآخرة.
بأخذ المسجد الأقصى وظيفته الحقيقية ونشاطه الكبير، وانطلاقه بشعلة الإيمان والتوحيد إلى آفاق الأرض -هو والمسجد الحرام-، تصحّ أوضاع الدنيا بكاملها، وتصحو النفوس، وتتربى العقول، وتنطلق في مسيرة إيمانية عالمية تكتسح كلّ سوءٍ وكلّ باطلٍ وكلّ تخلُّفٍ في الأرض.
ولا اندفاعة ولا جدّية لأحدٍ في الأرض لحماية خطّ التوحيد من المسلمين ممن يمتلك صورةً نقيّةً خالصةً للتوحيد الإلهي، ولا أكثر من المسلمين عطاءاً وتضحيةً على هذا الخط -خط التوحيد، وخط التوحيد هو خط الكمال والرفعة في الأرض، خط التوحيد يرتفع بمستوى الأرض وأهلها وينطلق بالإنسان إلى آفاقٍ بعيدةٍ من الكمال الذي لا يحصل إلا في ظلّ هذا المبدأ العظيم، مبدأ التوحيد-.
وسَبَقَ في هذا الحديث أنّ توحُّد المسلمين لا يكون على ظلم، وأنّه لا يوحّدهم أخذاً بكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله، وهذا الأخذ لا ينتهي بهم إلى توحّدٍ إلا على الحقّ وضد الباطل.
هذه كلمةٌ قصيرة عن علاقة اليوم العالمي لفلسطين والقضية الفلسطينية، وقبل كلّ شيء ارتباط هذا اليوم بالمقدّسات الإلهيّة في فلسطين.
*وكلمة قصيرة أيضاً عن دور الشعب البحريني في نصرة القضية الفلسطينية:
قضية المسجد الأقصى والقدس وفلسطين؛ يُدرك شعب البحرين بأنّها ليست قضيةً غير قضية الإسلام والمسلمين، وليس النصر فيها إلا نصراً وعزّةً وقوّةً وهيبةً للإسلام والمسلمين، ورحمة بالإنسانيّة جميعاً.
النصرُ في القضية الفلسطينية فيه رحمةٌ وأيّ رحمة للإنسانية كلّها، لأن في هذا النصر تعزيزٌ لخطّ الإيمان، إعلاءٌ لكلمة الله، نشرٌ لدين الله الحقّ، حدبٌ وعدلٌ في حكم الإنسانية، تخلّص من السفاسف والهراء العلماني وغيره، واحتلال الإيمان والعلم المحلّ العظيم والموقع الكبير القيادي في الأرض ولإنسان الأرض، والهزيمة في هذه القضية هزيمةٌ على الأرض للإسلام، -الإسلام في نفسه لا ينهزم، لكن هناك نصر وهزيمة للإسلام على الأرض-، والهزيمة في القضية الفلسطينية هزيمةٌ على الأرض للإسلام والمسلمين، وشرٌّ كبيرٌ للإنسانيّة.
نصر القضية الفلسطينية فيه خيرٌ للإنسانية كلّها، الإنهزام في القضية الفلسطينية فيه شرٌّ كبير للإنسانية كلّها.
وأعزُّ ما يعتزُّ به شعب البحرين المؤمن هو الإسلام، ولا انتماء أعزّ عليه من انتمائه للأمّة الإسلامية، وهو شعبٌ مؤمنٌ بحقّ الإنسان وكرامته وبقيمة العدل الكبرى. وليس من قضيةٍ إسلامية، وأيّ قضية ترتبط بالمسلمين إلا وهي قضية هذا الشعب، ولا قضية لهذا الشعب مفصولة عن قضية الإسلام وانتصار الإسلام وعزّة وكرامة الإسلام، والقيادة العالمية للإسلام.
وصحيحٌ أنَّ الشعب البحراني مُسْتَغْرَقٌ في المتاعب الموجعة من وضعه السياسي السيّء المتردّي -الرسمي إلى حدٍّ كبير-، لكن ومع ذلك، وأكثر من ذلك، وأكثر مما تقدَّم، للإسلام والبلاد الإسلامية في عقليّة هذا الشعب ونفسيّته وإرادته مكانةٌ لا تسمح له أن تشغله آلامه ومشاكله وشرّه المستطير ولا خيره، عمّا يمسّ مصلحة الإسلام والمسلمين، أو يتساهل في نصرة الحقّ وأهله، -لا شيء يشغل الشعب البحريني عن انتصار الإسلام، الفرح لفرح المسلمين، الحزن لحزن المسلمين-.
ولذلك يبقى الشعب البحريني مع كلّ قضيةٍ من قضايا الإسلام والمسلمين والحقّ والعدل، معطاءً ومضحياً من أجلها بصورةٍ غير مشروطة ولا مؤقتة، ما مَلَكَ أن يُعطي شيئاً، أن يضحي بشيء، أن يبذل شيئاً.
سيبقى معطاءاً على هذا الطريق، باذلاً، مضحياً، لا ينظر إلى من غضب وإلى من رضي.
والموقف العملي لهذا الشعب من نصرة القضية الفلسطينية لا يستره غَيْم، وضريبة نصرته لهذه القضية مكشوفةٌ وتحت نظر العموم.
تحيّة للشباب المقاوم في الضفّة الغربية والقدس، تحيّة لكلّ المقاومة عن فلسطين، عن القدس، عن الأقصى، عن الصلاة، عن الاعتكاف في المسجد من المؤمنين بالله ورسوله “صلَّى الله عليه وآله وسلَّم”، تحيّة لكلّ مقاومٍ مرّةً أخرى في الضفة الغربية، وفي كلّ شبرٍ من أرض فلسطين ومن الأرض الإسلاميّة بكاملها.
دفاعكم أيُّها المقاومون عن كلّ الأمّة، عن دينها، أرضها وسمائها، عن خطّ حضارتها، عن عزّتها واستقلالها، عن حريّتها، وكلّ الأمّة الصادقة معكم لا اليوم فقط، ولا لغدٍ القريب فقط، وإنّما على طول الخط، وما دامت الحياة، والله وليُّ النصر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.