عاشوراء في البحرين: “إسلامٌ ثائر”.. وبيعةٌ صادقة متجدّدة للخطّ الجهادي
للطليعة: أحمد العصفور
إسلامٌ ثائر وخطٌّ جهادي، هكذا قال سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم من منفاه في قم المقدسة، في يوم العاشر من المحرّم، في السنة الحادية عشرة من حراك شعب البحرين المظلوم، ليؤكد من بين ركام سياسة الكبت والقمع والاخضاع، وجحيم التضييق على الدين وملاحقة الكلمة، وآلاف السجناء والمعتقلين، أنَّ إسلام كربلاء -الإسلام الثائر- هو الطريق لتصحيح كلّ أبعاد النفس الإنسانية، وأوضاع الحياة.
خطٌّ جهادي، يبايعه المؤمنون البيعةَ الصادقة، ويقود معركته الإمام الحسين الشهيد، وسليله الإمام المنتظر؛ حتى يوم النصر الشامل.
امتداداتٌ يرسمها آية الله قاسم لتكون ضمانات الواقع المُتقلِّب، وقفزات المنهجيّات الهشّة، والأصوات المستسلمة، الإسلام الخانع باختصار؛ لطريقٍ لن ينتهي في الغد، وإنما تنتظره معارك كبرى، وتحديات عظمى، وسنوات طويلة.
امتداداتٌ للتمايز مع إسلام السلطة المُطبّع مع الصهاينة، والخائن لشعبه ووطنه، وإلا أصبح الحسين الثائر الذي رفض التماثل مع يزيد، في خانةٍ واحدة معه، وصار الإسلام العلوي رديفاً للإسلام الأموي!
ولم ينسَ آية الله قاسم وسائل “الإسلام الثائر” أمام ذلك المعترك؛ ليشدّد أنَّ “البذل والتضحيات والعطاء” هي الأدوات الجادّة، والأسباب المجتهدة، ومن دونها، لا يمكننا بشكلٍ أجدى، الحديث عن هذا الإسلام.
وقد تنطلق الأسئلة في الهواء الطلق، لتستنكر ما تسميه عسكرة الساحة وتشطيرها، فتتسائل لماذا إسلامٌ ثائر وخطٌّ جهادي، يستفز الجبهة الأقوى، ويكشّر عن أنيابها؟
وفي ظلّ ذلك، تبدو الأمور في أماكنها الطبيعية، لكنها بشكلٍ واضح، ليست كذلك، وإنما تُدفع وتُجرّ قسراً، إمّا بدوافع وأجندة معروفة، أو بجهلٍ مخدوع؛ من أجل تعليب عاشوراء، لتكون واجهةً لسلطةٍ تحاول تدجين الذكرى، وتطويعها مع إسلام السلطان الجائر.
لا ثورة في عاشوراء، لا إباءَ للضيم ولا هيهاتَ للذلّة، لا مقاومة لإسرائيل الكيان الغاصب، ولا للطاغوت المُستحلّ للحرمات، وإنما موسم طقوسي روحاني لا تعكّر أجوائه مقاربات المعسكر الحسيني الجاهر بكلمة الإصلاح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في وجه المعسكر اليزيدي الساقط!
هكذا تريد السلطة موسم عاشوراء على لسان مسؤوليها، يتماهى فيه وجه يزيد زعيم جبهة الباطل، مع وجه الحسين قائد جبهة الحق، لتلتبس فيه الكلمة والموقف وصراع الإرادات.
موسمٌ تحت الرعاية الرسمية، يتسلّل فيه ضبّاط الأمن بأقنعةٍ تُخبّىء ملامحهم في غرف التحقيق، ليلتقطوا الصور مع رؤساء المآتم والحسينيات، بجانب منابر الحسين الوادعة، ومايكرفوناتها الخامدة، بينما تعتلي أفواههم ابتساماتٌ صفراء ماكرة!
وقبل ذلك، هو موسمٌ تحت الإمرة والنهي الرسمي، تتحكّم في مفاصله وزارة الداخلية، فتُقرِّر مثلاً، دون مبرّرٍ مقنع، سَدَّ أبواب السياحة الدينية أمام الحملات الخليجية الراغبة في حضور مراسم “كربلاء الثانية”.
هي صورة لا تُشرِّف السلطة طبعاً، التي ترعى اسبوعياً، وتُسهِّل منذ سنوات، السياحة الجنسية!
ليس هذا فقط، وإنما ترحِّل الرواديد الكويتيين المشاركين في الموسم لبلادهم، رغم حريّة التنقل بين الدول الخليجية، وعدم وجود تأشيرة دخول بينها!
“وجودُ إسرائيل في البحرين أمانٌ لها من كلِّ شر، وعددٌ قليلٌ من الرواديد الحسينيّين الكويتيّين ينعونَ الإمامَ الحسين عليه السلام يُهدِّدُ بوضعٍ أمنيٍّ خطيرٍ فيه. اِقْرَأْ ما وراءَ هذه السياسةِ من خطرٍ عظيم” يقول آية الله قاسم تعليقاً على الحدث.
رغبةٌ للسلطة تحدوها آمال عريضة، وتعويلاتٌ على مخاوف الانهزاميين، ويأس المتعبين، والخائرين أمام المدّ الأمني الكاسح، ليُعلنوا بيان الاستسلام للسلطة، في معادلةٍ قمعيةٍ قائمة على التالي: إما تدجين الشعائر أو محاربتها، وذلك ضمن مخطّط أوسع، من أجل إزاحة الإسلام الثائر من الساحة.
نحنُ إذن، أمام تمظهرات متجدّدة للمعسكرين، اليزيدي والحسيني، ومعارك تبدو لمن ينظر للسطح أنّها قد هدئت، لكنها تغلي على صفيح ساخن، ومن خلالها، يدرك أولئك الذين يمسكون بزمام معسكر حسينهم الثائر، أنّ عليهم أن يجدّدوا البيعة بصدق، مع خطّهم الجهادي الحسيني المهدوي.