آية الله قاسم يكتب : “كلمةُ عقلٍ ودين” – 3 نوفمبر 2021

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمةُ عقلٍ ودين

مَن أراد أن يجترئ فيعطي لنفسه الحقَّ في الإعابة على حكمٍ واحدٍ من أحكام شريعة الله عزَّ وجلّ؛ فعليه أولاً -على الأقل- أن يضيف إلى الكون حبّةَ رملٍ واحدةٍ من خلقه، أو ذرَّة من ذرّاته، أو يوجِد في جمادٍ حياة، أو يغيّر من مسار شمسٍ أو كوكبٍ من الكواكب، أو يعيش متمردًا على حاجةٍ من الحاجات التي لا تقوم له حياةٌ حسب قوانين الله التكوينية إلا بقضائها، فليتمرد على الحاجة إلى الطعام والشراب، والتنفّس والحمّام، والاحتماء من البرد القاتل، والحر المهلك، وعلى أي شيء من أمثال هذه الحاجات.
علمُ التشريع يتبع علمَ التكوين، ومن فَقَدَ علمَ التكوين فهو فاقدٌ لعلم التشريع، والعالِم بالتكوين لا يدخل على علمه بالتشريع جهل.

أيُّها الإنسان
اعرف ربّك، واعرف نفسك، واعدل في حكمك، وعندئذ لن تملك إلاّ أن تخضع اختيارًا لله العظيم، الجبّار، تشريعًا كما أنت خاضع له -جبرًا ورغمًا على أنفك- تكوينًا.

والإنسان متّخذٌ موضوعًا للتشريع الإلهي والبشري ولا يصيب التشريعُ إلاّ بالإحاطة التامّة بموضوعه، والعلم التام بكل دقائقه، وكل ما يحيط به ويؤثر على تفكيره ونفسيته، وما هو الصحيح من غاية حياته، وما فيه مصلحته ومفسدته، وما تغلب مصلحته على مفسدته، أو مفسدته على مصلحته، وإلى أي حدٍّ تكون هذه الغلبة، فهل هي غلبة تقتضي الحرمة أو الوجوب، أو أنّ ترجّحها إلى ما لا يصل إلاّ إلى استحباب أو كراهة؟

أنت أيُّها الإنسان تَعْلَم كلّ هذا أم الخالق العظيم المدبّر لك وللكون كلّه في کل لحظةٍ من لحظات الحياة والوجود؟!

وقد حرَّم الله الخمر والميسر في قوله عنهما في كتابه الكريم:

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) – البقرة / ٢١٩.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) – المائدة / ٩٠.

(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) – المائدة / ٩١.

فأنت ترى أن الخمر كما ذكرت الآيات الكريمات إثمٌ كبيرٌ، ورجسٌ من عمل الشيطان، ويوقع بينكم العداوة والبغضاء، ويصدّكم عن ذكر الله، مما أوجب تحريمه وإن كان فيه منافع للناس كما أشارت الآية، فليس كلّ محرَّم خالياً من الفائدة المرجوحة رجحاناً عظيما أمام المضرّة، وليس كل واجب خالياً من شيءٍ من ضرر.

والحمد لله رب العالمين

عيسى أحمد قاسم
٣ نوفمبر ٢٠٢١

زر الذهاب إلى الأعلى