مقال : الجهاد التعبوي للأمة | قراءة في خطاب ليلة العاشر لآية الله قاسم
الجهادُ التّعبويّ للأمّة: إعدادُ القُوّة
*مقال: تنفُّس عيسى
تتقلقَلُ الأمّةُ الإسلاميّة -في مَصافِّ مُواجهةِ الأمويّةِ السّياسيّة- ما بينَ ثلاثةِ قراراتٍ: إمّا الولايةُ التّامّةُ للحقِّ الإلهيّ من فَورةِ “حيَّ على”، وإلى فَتحِ “اللهُ أكبر”، أو الولايةُ التّامّةُ للباطِل الشّيطانيّ من رضُوخِ “سوَّلَ لهُم”، وإلى اندِحارِ “ارتدُّوا على أدبارِهِم”، أو الحيادُ المُخزي بينهُما من “فثبّطَهُم”، وإلى “وقيلَ اقعُدُوا معَ القاعِدين”.
إنّ استهتارَ السّياسةِ بالدّين، وعِداءَها المُتصاعِد لمُؤكّداتِه، وتطفُّـلَها المُتحايلَ على أحكامِه، وتصديرَها لغيرِهِ عليه في الذي لا يستقيمُ إلا به، كلُّ ذلك يستدعِي من الأمّةِ عقلانيّةَ الإعداد والتّهيئة، وشمُوليّةَ الإمدادِ والتّعبئة، وجدّيةَ المُدافعةِ والمُقاومة، وجلادةَ الصّدِّ والرَّدّ، وهل يُستطاعُ ذلك إلا استقاءً مِن، واستقامةً على “النّمُوذجيّة الخلّاقةِ” لكربلاء؟
بيومِ عاشُوراء، كانَ الحُسينُ (عليهِ السّلام) يتعاظَمُ بأسًا رُغمَ ما احتوَشَهُ من غُربةٍ، وتعطيشٍ، وإفجاعٍ، بل كانَ يثِبُ ثائِرًا على كلِّ أسبابِ المَذلّةِ التي طُوِّقَ بها حتّى بدّدَها، ويندفِعُ صائلاً وسطَ صَرصَرِ البلايا التي أحدَقَتْ به حتّى سيّجَها، وينبعِثُ قائِمًا على جيشِ الجِراحاتِ التي اكتنفَتهُ من كلِّ جانبٍ حتّى طوّعَها، وعلى مِثلِ ذلكَ قضَى خاصّتُهُ وفدائيُّوهُ من قبلِه، وكأنّ ما استُجمِعَ في صدُورِهم -جميعًا- كانَ بضعةً من معانِي “لا قوَّةَ إلا بالله”.
إنّ الخِطابَ القاسميّ في ليلةِ العاشِر من مُحرّم الحرام لهذا العام -١٤٤٣هـ – يُوقِظُ في الأمّة انتماءَها لجامِعةِ هذا الإمام الهُمام، والشّهيدِ المِقدام، وانتسابَها لمَدارِسِ أنصارِ القِيام، بكلِّ مُقرّراتِ العزّة، وكلِّ روحيّاتِ البسالة، وكلِّ مكاتِب الإباءِ فيها. إنّهُ جِهادُ المرحلةِ المُقبِلةِ لأمّةٍ رزَحَتْ طويلاً تحت نِيرِ القهرِ، والإذعانِ، والوجُوم: “إعدادُ القوّة”.
لقدْ أشارَ سماحتُه لمظاهِرِ هذه القوّة، من إصرارِ أبناءِ هذا الخطِّ على قراءةِ الإسلامِ عمَليًّا بعينِ عاشُوراءَ في معركتِها وثوريّتِها، وتلاقِي شعاراتِ المُقاومةِ -اليومَ- بشعاراتِ الثّورة الحُسينيّة -عامَ ٦١ هـ -، وحدّدَ -دامَتْ بركاتُه- ركيزَتَيْها، وهُما العِزّة بالله، والأخوّةُ الإيمانيّة، ووصَلَها -تتابعَتْ إفاضَاتُه- بالغايةِ الكُبرى: التّحقُّقُ الكامِل للإسلام مع الفرَجِ الأشرَف، والظُّهورِ الأقدَس، لصاحبِ النّصرِ الأبقَى (عجّلَ اللهُ تعالى فرجَهُ الشّريف).
فيا أمّةَ الإسلام: خُذِي كربلاءَ بقوّةٍ، خُذِي عاشُوراءَ بقوّةٍ، خُذِي الحُسينَ (عليهِ السّلامُ) بقوّة، وبَرهِنِي على هذه القُوّة ببُنيانٍ مَرصُوصٍ على تقوَى الله ورِضوانِه، وامضِي إلى حيثُ لا تُغلَبين، ولا تُهزَمين.
عظّم الله أجُورَكُم وأجُورَنا بمُصابِ سيّد الشّهداء وأنصارِه عليهمُ السّلام.