آية الله قاسم يكتب : المؤمن عند البلاء – 13 يونيو 2021
المؤمن عند البلاء
من آمن بأنّ له وللكون كلّه ربًّا قديرًا عليمًا رحيمًا رؤوفًا غنيًّا عن ظلم العباد وعذابهم، وأن الله عزَّ وجلّ قد قدّر لكل نفس أجلها وأنّ الناس لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون وأن الموت تعقبه الحياة وأنّ رحمة الله الواسعة في الدنيا أوسع منها رحمته في الآخرة، وأنّ العمر قد يمدّ فيه بالعمل الصالح، وقد ينقص منه بالسيئات والإهمال للأسباب … من كان كذلك فعليه أن يثق بالله كلّ الثقة، ويطمئن إليه كلّ الاطمئنان ويرضى بقضائه وقدره كلّ الرضا، ولا يهلع ولا يجزع ولا تتحطّم نفسيته عند البلاء، وأن يستمسك بكل ما وفّره الله من أسباب البقاء، وما يجعله محلًا لاستجابة الدعاء، ويتجنب أسباب السخط الإلهي، وأن يتوازن نفسيًّا في الموقف من العمل للدنيا والآخرة، فلا إهمال للآخرة ولا يأس من الدنيا أو تعطيل لدورها.
الإنسان دائمًا وليس في حال الشدّة فقط رِجلٌ منه في الدنيا، ورِجل في الآخرة، وربما كان في حال شدّته هو أبعد عن يوم رحيله من حال رخائه، وفي يوم مرضه من يوم صحته، ومن وصل يومُ وفاته توفي وإنْ لم يكن وباء، ومن كان له أجل لم تهدمه حرب أو بلاء، والفراغ مجلبة للهَمّ، وهو فتاك بالنفس في حالات ضيقها ينفر منه بالاشتغال النافع حتى يحتمي من اجتماع أثرهما القتّال لها.
والمؤمن متوازن التوازن الذي ذكرته الكلمة عن أهل بيت العصمة “عليهم السلام”: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا).
فلا ترتكب ذنبًا، ولا تهمل واجبًا، وليردعك عن ذلك خوفك من أن تلقى الله غدك القريب أو يومك الذي أنت فيه فتشقى بمخالفتك له الشقاء العظيم.
ومن جهة أخرى لا تتوقف عن إعمار الدنيا وإصلاح شأنك وشأن أهلك وشعبك وأمّتك وكأنّ الحياة لا انقضاء لها، ولا يعطّلك عن العمل الصالح للدنيا همّ الموت وضعف الأمل وهواجس الفراق فإنّ عملك الصالح للدنيا هو عمل للآخرة وذخر لك فيها، وبه قوة الحقّ، وقيام العدل، وعزّ الإيمان والمؤمنين.
أرأيت كيف هم المؤمنون حقّ الإيمان يواجهون الموت وجهًا لوجه بنفسٍ لا انكسار فيها، وصلابة لا لين يعتريها، لثقتهم برحمة الله الواسعة في الدنيا والآخرة، ويستشهدون وهم مستبشرون؟
عيسى أحمد قاسم
١٣ يونيو ٢٠٢١