مقال : في ظلال توصية القائد آية الله قاسم بالحفل البيتي لـ الشيخ عادل الشعلة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ.
قال الشيخ القائد آية الله عيسى أحمد قاسم (حفظه الله تعالى) في تغريدته الولائية: “مولد الإمام المنتظر في كل عام، وفي كلّ بيت مؤمن حفل ولائي بهيج، أهازيج الصغار وتوجيهات الكبار، تضرع ودعاء وربط بالولاء، وزينة وحلوى، لا تنسى الاحتياط الصحي في هذا الظرف”.
وفي هذا الاطار أوصي بأن يؤخذ توجيه الشيخ القائد (حفظه الله تعالى) بشكل جدي، وأن يكون لكل بيتٍ من بيوتات المؤمنين بشكل سنوي حفلا ولائيا بهيجاً، وقد اقترح سماحته عدة فقرات لهذا الحفل الولائي، أقف لبيان بعض آفاقها على أمل أن تنهض البيوتات بذلك بحسب الوسع المعرفي والمهاري والمادي كثرة وقلة:
الفقرة الأولى: “أهازيج الصغار”: أهازيج البهجة والفرح، وأهازيج فخر الانتماء والولاء، وأهازيج لوعة الفراق وتمنّي اللقاء، وأهازيج المآثر، وأهازيج التولي والتبري، وأهازيج الفداء.. الأهازيج أسلوب من أساليب إدخال الفرحة على الصغار وربطهم بصاحب المناسبة (روحي فداه)، ولتكن منطلقا للإبداع المتشرّع فيما يجعل الذكرى حاضرة ومُنتظَرة في أذهان الصغار ربطا للمادة بالمعنى، يُشارك الصغير الحفل بمقطع دعائي أو إلقاء أو إنشاد لقصيدة، لتعمر البيوت بالزينية والعطور والبخور والهدايا والألبسة الجديدة أو النّظيفة.
الفقرة الثّانية: توجيهات للكبار: وما أروع أن يقتني الأب أو الأم كتاباً يشرح أحدهما لأولاده منه ما يعزز عقيدتهم وبصيرتهم المعرفية والولائية، ويبني فيهم وعي التّحديات الفكرية والثقافية في قضيتهم المهدوية ليقيهم السقوط في مستنقع الشبهات والانحرافات، ولكي لا يُستثمر عطشهم لإمام زمانهم (روحي فداه) في طريق الضلالات.
الفقرة الثالثة: “تضرع ودعاء”، لأنّها ليلة يحسن التفرغ فيها للعبادة والتضرع والدعاء، عَنْ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَفْرَغَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ لَيَالٍ مِنَ السَّنَةِ: أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، وَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ، وَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ».
وعَنِ كُرْدُوسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ».
وعَنْ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: «سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلامُ) عَنْ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: هِيَ لَيْلَةٌ يُعْتِقُ اللَّهُ فِيهَا الرِّقَابَ مِنَ النَّارِ، وَيَغْفِرُ فِيهَا الذُّنُوبَ الْكَبَائِرَ: قُلْتُ: فَهَلْ فِيهَا صَلَاةٌ زِيَادَةً عَلَى سَائِرِ اللَّيَالِي؟ فَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُوَظَّفٌ، وَلَكِنْ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَطَوَّعَ فِيهَا لِشَيْءٍ فَعَلَيْكَ بِصَلَاةِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع)، وَأَكْثِرْ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنَ الِاسْتِغْفَارِ، وَالدُّعَاءِ، فَإِنَّ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلامُ) كَانَ يَقُولُ: الدُّعَاءُ فِيهَا مُسْتَجَابٌ».
نعم، ليُكثر من الاستغفار لأنّها ليلة للمغفرة، وطوبى لمن مدّ يد التضرع راجيا الغفران وحطّة الذنوب، فعَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلامُ) مَا تَقُولُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا مِنْ خَلْقِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ مِعْزَى [بَنِي] كَلْبٍ، وَيُنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَلَائِكَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِلَى الْأَرْضِ بِمَكَّةَ».
وهي ليلة الدعاء، وهي لحظات استثنائية في كسر عادة المؤمن بقراءة دعاء الخضر (عليه السلام)، وهو الدعاء الذي علمه أمير المؤمنين (عليه السلام) لكميل بن زياد، كسر العادة من حيث الزمان، إذ اعتاد المؤمن قراءته في كلّ ليلة الجمعة، وها هو الآن يقرأه في ليلة النصف من شعبان، وكسر العادة من حيث الهيئة، إذ ورد أنّ الأمير (عليه السلام) كان يقرأه في ليلة النصف من شعبان ساجداً، فطوبى لمن كان قادراً وقرأه على مثل هذا الحال، فعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: «إِنَّ قَوْماً أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اضْمَنْ لَنَا عَلَى رَبِّكَ الْجَنَّةَ. قَالَ: فَقَالَ: عَلَى أَنْ تُعِينُونِي بِطُولِ السُّجُودِ. قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَمِنَ لَهُمْ الْجَنَّةَ».
وعَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ): «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَلَيْكَ بِطُولِ السُّجُودِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْأَوَّابِينَ».
ومن أراد برنامجا عباديا وافياً لإحياء هذه الليلة، فليرجع إلى كتاب “مصباح المتعبد وسلاح المتهجد” للشيخ الطوسي (رحمه الله تعالى)، وينبغي مراعاة حال العائلة والأولاد في كلّ ذلك، لكي تكون ليلة محببة عند الجميع خاليا مما ينفر منها أو يوجب استثقالها.
الفقرة الرابعة: “ربط بالولاء” مودة ومحبة واعتقاداً في كون الإمامة في أهل البيت (عليهم السلام). واتباعا في الدين والامتثال لأوامرهم ونواهيهم، وتأسيا في الأعمال والأخلاق، وتسليما في لهم واحداً بعد واحد إلى قائمهم (روحي فداه)، فعَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا (ع) أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِناً حَتَّى يَعْرِفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْأَئِمَّةَ كُلَّهُمْ، وَإِمَامَ زَمَانِهِ، وَيَرُدَّ إِلَيْهِ، وَيُسَلِّمَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ يَعْرِفُ الْآخِرَ وَهُوَ يَجْهَلُ الْأَوَّلَ؟!».
وليكن في الحفل زيارتين:
إحداهما: لإمام الزمان (روحي فده)، ولتكن بزيارة آل يس (عليهم السلام).
وثانيتهما: للإمام الحسين (عليه السلام)، فعَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) قَالَ: «مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمَا تَأَخَّر».
وليُقدم ربّ الأسرة درساً ولائيا لأسرته في طريقة زيارة الإمام الحسين (عليه السّلام) فإن كان للسطح داراً فليصعد عليه مع أسرته، ويقرأ عليها هذه الخبر الذي أورد الكليني في الكافي، فعَنْ سَدِير، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ): «يَا سَدِيرُ، تَزُورُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) فِي كُلِّ يَوْمٍ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَا. قَالَ: فَمَا أَجْفَاكُمْ. قَالَ: فَتَزُورُونَهُ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَتَزُورُونَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَتَزُورُونَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ؟ قُلْتُ: قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ. قَالَ: يَا سَدِيرُ، مَا أَجْفَاكُمْ لِلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلامُ)، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَلْفَيْ أَلْفِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ وَيَزُورُونَ لَا يَفْتُرُونَ؟ وَمَا عَلَيْكَ يَا سَدِيرُ أَنْ تَزُورَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) فِي كُلِّ جُمْعَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَرَاسِخَ كَثِيرَة.ً فَقَالَ لِي: اصْعَدْ فَوْقَ سَطْحِكَ، ثُمَّ تَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ انْحُ نَحْوَ الْقَبْرِ، وَتَقُولُ: “السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ”، تُكْتَبُ لَكَ زَوْرَةٌ، وَالزَّوْرَةُ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ. قَالَ: سَدِيرٌ، فَرُبَّمَا فَعَلْتُ فِي الشَّهْرِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً».
الفقرة الخامسة: “زينة وحلوى”: هي من علامات الفرح والسرور، وتزيين الدار وشراء الحلوى تعبير عن مشاعر المحبة ومظهر من مظاهر المودة، واثرها في الأبناء كبير، فعَنْ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَاخْتَارَ لَنَا شِيعَةً يَنْصُرُونَنَا وَيَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَيَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا وَيَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِينَا، فَأُولَئِكَ مِنَّا وَإِلَيْنَا، وَهُمْ مَعَنَا فِي الْجِنَانِ».
أخيراً، رعاية السلامة في هذا الاجتماع أمر لا بد منه. والحمد لله على سبوغ نعمته، وله الشكر على ما خصنا به من معرفته وهدانا إليه من سبيل طاعته، ووقفنا من الاستبصار بحجته، ورزقنا من التمسك بحبله المتين وعروته الذين اصطفاهم من خيرته واجتباهم للحجة على بريته، محمد سيد أنبيائه وصفوته والأئمة الطاهرين من عترته عليهم أفضل صلواته ورحمته.
عادل الشعلة البحراني
13شعبان 1442هـ
27/3/2021